موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

استعراض الفقرات الفصل الأول في المعارف الفصل الثانى في المعاملات الفصل الرابع في المنازل
مقدمات الكتاب الفصل الخامس في المنازلات الفصل الثالث في الأحوال الفصل السادس في المقامات
الجزء الأول الجزء الثاني الجزء الثالث الجزء الرابع
يرجى زيارة هذا الموقع المخصص لكتاب الفتوحات المكية

الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية)

الباب:
فى معرفة منزل البكاء والنوح من الحضرة المحمدية
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
 

الصفحة 50 - من الجزء الثالث (عرض الصورة)


futmak.com - الفتوحات المكية - الصفحة  - من الجزء

وأغناني فروحني علوا *** وأفقرني فأصحبني ضريحي‏

فإن حضروا وضمهم مقام *** إليهم حين أبصرهم جنوحي‏

فبر الوالدين على فرض *** فيا نفسي على التفريط نوحي‏

أنا ابن محمد وأنا ابن نوح *** كما أني ابن آدم في الصحيح‏

فيا من يفهم الألغاز هذا *** لسان رموزنا بالعلم يوحي‏

[أن أصل أرواحنا روح محمد ص‏]

اعلم أيدك الله أن أصل أرواحنا روح محمد صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم فهو أول الآباء روحا وآدم أول الآباء جسما ونوح أول رسول أرسل ومن كان قبله إنما كانوا أنبياء كل واحد على شريعة من ربه فمن شاء دخل في شرعه معه ومن شاء لم يدخل فمن دخل ثم رجع كان كافرا ومن لم يدخل فليس بكافر ومن أدخل نفسه في الفضول وكذب الأنبياء كان كافرا ومن لم يفعل وبقي على البراءة لم يكن كافرا وأما قوله تعالى وإِنْ من أُمَّةٍ إِلَّا خَلا فِيها نَذِيرٌ ليس بنص في الرسالة وإنما هو نص في إن في كل أمة عالما بالله وبأمور الآخرة وذلك هو النبي لا الرسول ولو كان الرسول لقال إليها ولم يقل فيها ونحن نقول إنه كان فيهم أنبياء عالمون بالله ومن شاء وافقهم ودخل معهم في دينهم وتحت حكم شريعتهم كان ومن لم يشأ لم يكلف ذلك وكان إدريس عليه السلام منهم ولم يجي‏ء له نص في القرآن برسالته بل قيل فيه صِدِّيقاً نَبِيًّا فأول شخص استفتحت به الرسالة نوح عليه السلام وأول روح إنساني وجد روح محمد وأول جسم إنساني وجد جسم آدم وللوارثة حظ من الرسالة ولهذا قيل في معاذ وغيره رسول رسول الله وما فاز بهذه الرتبة ويحشر يوم القيامة مع الرسل إلا المحدثون الذين يروون الأحاديث بالأسانيد المتصلة بالرسول عليه السلام في كل أمة فلهم حظ في الرسالة وهم نقلة الوحي وهم ورثة الأنبياء في التبليغ والفقهاء إذا لم يكن لهم نصيب في رواية الحديث فليست لهم هذه الدرجة ولا يحشرون مع الرسل بل يحشرون في عامة الناس ولا ينطلق اسم العلماء إلا على أهل الحديث وهم الأئمة على الحقيقة وكذلك الزهاد والعباد وأهل الآخرة من لم يكن من أهل الحديث منهم كان حكمه حكم الفقهاء لا يتميزون في الوراثة ولا يحشرون مع الرسل بل يحشرون مع عموم الناس ويتميزون عنهم بأعمالهم الصالحة لا غير كما أن الفقهاء أهل الاجتهاد يتميزون بعلمهم عن العامة ومن كان من الصالحين ممن كان له حديث مع النبي صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم في كشفه وصحبه في عالم الكشف والشهود وأخذ عنه حشر معه يوم القيامة وكان من الصحابة الذين صحبوه في أشرف موطن وعلى أسنى حالة ومن لم يكن له هذا الكشف فليس منهم ولا يلحق بهذه الدرجة صاحب النوم ولا يسمى صاحبا ولو رآه في كل منام حتى يراه وهو مستيقظ كشفا يخاطبه ويأخذ عنه ويصحح له من الأحاديث ما وقع فيه الطعن من جهة طريقها فهؤلاء الآباء الثلاثة هم آباؤنا فيما ذكرناه والأب الرابع هو إبراهيم عليه السلام هو أبونا في الإسلام وهو الذي سمانا مسلمين وأقام البيت على أربع أركان فقام الدليل على أربع مفردات متناسبة وكانت النتيجة تناسب المقدمات فانظر من كانت هذه مقدماته وهو محمد وآدم ونوح وإبراهيم عليه السلام ما أشرف ما تكون النتيجة والولد عن هؤلاء الآباء روح طاهر وجسد طاهر ورسالة وشرع طاهر واسم شريف طاهر ومن كان أبو هؤلاء المذكورين فلا أسعد منه وهو أرفع الأولياء منصبا ومكانة ولما كانت النشأة ظهرت في الجنان أو لا واتفق هبوطها إلى الأرض من أجل الخلافة لا عقوبة المعصية فإن العقوبة حصلت بظهور السوآت والاجتباء والتوبة قد حصلا بتلقي الكلمات الإلهية فلم يبق النزول إلا للخلافة فكان هبوط تشريف وتكريم ليرجع إلى الآخرة بالجم الغفير من أولاده السعداء من الرسل والأنبياء والأولياء والمؤمنين ولكن الخلافة لما كانت ربوبية في الظاهر لأنه يظهر بحكم الملك فيتصرف في الملك بصفات سيده ظاهرا وإن كانت عبوديته له مشهودة في باطنه فلم تعم عبوديته جميعه عند رعيته الذين هم أتباعه وظهر ملكه بهم وبأتباعهم والأخذ عنه فكان في مجاورتهم بالظاهر أقرب وبذلك المقدار يستتر عنه من عبوديته فإن الحقائق تعطي ذلك ولذلك كثيرا ما ينزل في‏

الوحي على الأنبياء قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى‏ إِلَيَّ وهذه آية دواء لهذه العلة فبهذا المقدار كانت أحوال الأنبياء الرسل في الدنيا البكاء والنوح فإنه موضع تتقي فتنته ومن كان ذلك حاله أعني التقوى والاتقاء كيف يفرح‏


مخطوطة قونية
6327
6328
6329
6330
6331
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
  الفتوحات المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين.

 

البحث في كتاب الفتوحات المكية

الصفحة 50 - من الجزء الثالث (اقتباسات من هذه الصفحة)

[الباب: 560] - فى وصية حكمية ينتفع بها المريد السالك والواصل ومن وقف عليها إن شاء الله تعالى (مقاطع فيديو مسجلة لقراءة هذا الباب)



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!