موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

استعراض الفقرات الفصل الأول في المعارف الفصل الثانى في المعاملات الفصل الرابع في المنازل
مقدمات الكتاب الفصل الخامس في المنازلات الفصل الثالث في الأحوال الفصل السادس في المقامات
الجزء الأول الجزء الثاني الجزء الثالث الجزء الرابع
يرجى زيارة هذا الموقع المخصص لكتاب الفتوحات المكية

الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية)

الباب:
فى معرفة منزل التلاوة الأولى من الحضرة الموسوية
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
 

الصفحة 643 - من الجزء الثاني (عرض الصورة)


futmak.com - الفتوحات المكية - الصفحة  - من الجزء

الصورتان من جميع الوجوه وقد كان قدر تلك العين على كل ما أوجده قبل وجود الإنسان من عقل ونفس وهباء وجسم وفلك وعنصر ومولد فلم يعط شي‏ء منها رتبة كمالية إلا الوجود الإنساني وسماه إنسانا لأنه آنس الرتبة الكمالية فوقع بما رآه الإنس له فسماه إنسانا مثل عمران فالألف والنون فيه زائدتان في اللسان العربي فإن قلت فلما ذا ينصرف وعمران لا ينصرف قلنا في عمران علتان وهما اللتان منعتاه من الصرف وهما الزيادة والتعريف أعني تعريف العلمية والإنسان ليس كذلك فإن فيه علة واحدة وهي الزيادة وما لفظ الإنسان للإنسان اسم علم وإنما تعريفه إذا سمي بآدم فلما سمي بآدم لم ينصرف للتعريف والوزن وإنما سمي باسم معلول بعلة تمنعه من الصرف الذي هو التصرف في جميع المراتب ليعلم في صورته الإلهية أنه مقهور ممنوع عبد ذليل مفتقر إذ كانت الصورة الإلهية تعطيه التصرف في جميع المراتب ولهذا سمي بإنسان فرفع وخفض ونصب وما ثم في الأسماء مرتبة أخرى فهو إنسان من حيث الصورة ومنها يتصرف في المراتب كلها ومنع الصرف من حيث هو في قبضة موجدة ملك يبقيه ما شاء ويعدمه إن شاء فبالصورة نال الخلافة والتصريف واسم الإنسانية فمن إنسانيته ثبت أنه غير يؤنس به ومن الخلافة ثبت أنه عبد فقير ما له قوة من استخلفه بل الخلافة خلعت عليه يزيلها متى شاء ويجعلها على غيره كما قد وقع ولهذا قال تعالى هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ في الْأَرْضِ وهي محل الخفض إذ الخفض لا يليق بالجناب العالي فلهذا أقام له نائبا فيه ليعلم أنه عبد فلو استخلف الإنسان في السماء مع وجوده على الصورة لم يشاهد عبوديته في رفعته للصورة والمكان والمكانة فربما طغى ولو طغى ما وقع الأنس به ولهذا من زاحم قصم‏

قال الله الكبرياء ردائي والعظمة إزاري من نازعني واحدا منهما قصمته‏

فالعبد صغير في كبرياء الحق فإن هذا الكبرياء الإلهي ألبسه الصغار وهو حقير في عظمة الحق فإن هذه العظمة الإلهية ألبسته الحقارة فالصغار رداء العبد والحقارة إزاره فمن نازعه من الأناسي واحدة منهما أي طلب مشاركته فيهما عصم لا قصم ورحم ما حرم ولهذا خلق فتأمل أيها الإنسان لم سماك إنسانا وتأمل لم سماك خليفة وتأمل لم سماك آدم في أول صورة ظهرت ولا تتعد ما تعطيه حقيقة هذه الأسماء ولا تغب عنك فتكون من المفلحين ولهذا ختم الاستخلاف الكامل باسم منصرف وهو محمد صلى الله عليه وسلم ليجبر به ما منع آدم من التصريف فإنه ما منع إلا لعلة قامت به وهو أول في هذا النوع فعصم باسم غير منصرف ليعلم أنه تحت الحجر مقهور لا ينصرف ولا يتصرف إلا فيما حد له ثم بعد ذلك أعطى التصريف جماعة من الخلفاء كنوح وشيث وشعيب وصالح ومحمد وهود ولوط وغيرهم لأنه أمن بالأول وقوع ما كان يحذر ثم إنه تخلل هؤلاء الخلفاء أسماء لا تنصرف كإدريس وإبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب وسليمان وداود تنبيها للإنسان إذا سلك طريق الله ثم عاد بعد قطع الأسباب والاعتماد على الله إلى القول بالأسباب والوقوف عندها لكون الحق وضعها وربط الأمور بها وحاله الاعتماد على الله والطبع من عادته الألفة ويسرق صاحبه إلى الركون لمألوفه كما قلنا لأنه إنسان يأنس بمألوفه فربما يتخلله اعتماد على السبب فيضعف اعتماده على الله تعالى فيتفقد نفسه بقطع الأسباب وقتا بعد وقت كما فعل الله بأسماء الخلائف وقتا دعاهم باسم يقتضي لهم التصريف ووقتا دعاهم باسم يمنعهم التصريف تعليما لهم لئلا يقعوا في محظور محذور قال تعالى عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ فلهذا كانت هذه الأسماء التي تمنع الصرف في بعض الخلفاء وأما الذين أعطوا التصريف فهم على قسمين منهم من أعطى التصريف ظاهرا ومعنى وهو التصريف الكامل فلهم الاسم الكامل مثل محمد وصالح وشعيب وكل اسم منصرف ظاهر لواحد من هؤلاء الخلفاء والقسم الآخر أعطى التصريف معنى لا ظاهرا فليست له علة تمنعه من الصرف في المعنى وكان آخره حرف علة منعه ذلك الحرف من التصرف في الظاهر فكان مقصورا وسمي ذلك الاسم مقصورا كموسى وعيسى ويحيى فقصروا على المعنى دون الظاهر وسميت هذه بالمقصورة أي قصرت عن درجة التصرف في الظاهر وحبست عنه ومنه حور مقصورات في الخيام وإنما قصر من قصر منهم صيانة لا سجنا فصانوا مثل هؤلاء كما صين من لم ينصرف من الأسماء عناية ثم إن الله تعالى لما أراد أن لا يحجبهم عنهم طبا في حقهم لما يعلم ما تقتضيه هذه النشأة من العلل إذ كان الكمال لا يطاق حكمه إلا بالعناية الإلهية فكان من العناية الإلهية بهم إن أجرى عليهم الأسماء النواقص‏


مخطوطة قونية
5919
5920
5921
5922
5923
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
  الفتوحات المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين.

 

البحث في كتاب الفتوحات المكية

الصفحة 643 - من الجزء الثاني (اقتباسات من هذه الصفحة)

[الباب: 560] - فى وصية حكمية ينتفع بها المريد السالك والواصل ومن وقف عليها إن شاء الله تعالى (مقاطع فيديو مسجلة لقراءة هذا الباب)



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!