موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

استعراض الفقرات الفصل الأول في المعارف الفصل الثانى في المعاملات الفصل الرابع في المنازل
مقدمات الكتاب الفصل الخامس في المنازلات الفصل الثالث في الأحوال الفصل السادس في المقامات
الجزء الأول الجزء الثاني الجزء الثالث الجزء الرابع
يرجى زيارة هذا الموقع المخصص لكتاب الفتوحات المكية

الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية)

الباب:
فى معرفة منزل الألفة وأسراره من المقام الموسوى والمحمدى
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
 

الصفحة 603 - من الجزء الثاني (عرض الصورة)


futmak.com - الفتوحات المكية - الصفحة  - من الجزء

وما في الخلق من يملك سوى الإنسان وما سوى الإنسان من ملك وغيره لا يملك شيئا يقول تعالى في إثبات الملك للإنسان أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ وما ثم موجود من يقر له بالعبودية إلا الإنسان فيقال هذا عبد فلان ولهذا شرع الله له العتق ورغبة فيه وجعل له ولاء العبد المعتق إذا مات عن غير وارث كما إن الورث لله من عباده قال تعالى إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ ومن عَلَيْها وما ثم موجود يقبل التسمية بجميع الأسماء الإلهية إلا الإنسان وقد ندب إلى التخلق بها ولهذا أعطى الخلافة والنيابة وعلم الأسماء كلها وكان آخر نشأة في العالم جامعة لحقائق العالم مما اختص الله بها ملكه كله وصورته ومن نشأته أيضا الطبيعية القائمة من الأربع الطبائع مع القوة الناطقة التي اختص بها في طبيعته دون غيره مما خلق من الطبيعة كالصورة الإلهية القائمة على أربع الذي لا يعطي

الدليل العقلي غيرها وهي الحياة والعلم والقدرة والإرادة فبهذه صح إيجاد العالم له وكان هو إلها بها إذ لو جرد عن هذه النسب لما كان إلها للعالم وهو المثل المقرر في القرآن الذي لا يماثل في قوله تعالى لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ‏ءٌ أي ليس مثل مثله شي‏ء فأثبت المثلية له بالإنسان تنزيها له تعالى أي إذا كان المثل المفروض لا يماثل فهو تعالى أبعد وأنزه أن يماثل وفي السنة خلق آدم على صورته ونفى بهذه الآية أن يماثل هذا المثل وجعل له غيبا وشهادة ولما كان الإنسان بهذه المثابة كانت الألفة بينه وبين ربه فأحبه وأحبه ولهذا

ورد أن السماء والأرض يعني العلو والسفل ما وسعه ووسعه قلب المؤمن التقى الورع‏

وهذا من صفة الإنسان لا من صفة الملك هذا وإن شورك الإنسان في كل ما ذكرناه إلا إن الإنسان امتاز عن الكل بالمجموع وبالصورة فاعلم هذا فلا تصح العبودية المحضة التي لا يشوبها ربوبية أصلا إلا للإنسان الكامل وحده ولا تصح ربوبية أصلا لا تشوبها عبودة بوجه من الوجوه إلا لله تعالى فالإنسان على صورة الحق من التنزيه والتقديس عن الشوب في حقيقته فهو المألوه المطلق والحق سبحانه هو الإله المطلق وأعني بهذا كله الإنسان الكامل وما ينفصل الإنسان الكامل عن غير الكامل إلا برقيقة واحدة وهي أن لا يشوب عبوديته ربوبية أصلا ولما كان للإنسان الكامل هذا المنصب العالي كان العين المقصودة من العالم وحده وظهر هذا الكمال في آدم عليه السلام في قوله تعالى وعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها فأكدها بالكل وهي لفظة تقتضي الإحاطة فشهد له الحق بذلك كما ظهر هذا الكمال في محمد صلى الله عليه وسلم أيضا

بقوله فعلمت علم الأولين والآخرين‏

فدخل علم آدم في علمه فإنه من الأولين وما جاء بالآخرين إلا لرفع الاحتمال الواقع عند السامع إذا لم يعرف ما أشرنا إليه من ذلك وهو صلى الله عليه وسلم قد أوتي جوامع الكلم بشهادته لنفسه واختلف أصحابنا في أي المقامين أعلى من شهد له الحق أو من شهد لنفسه بالحق كيحيى وعيسى عليهما السلام فأما مذهبنا في ذلك فإن الشاهد لنفسه الصادق في شهادته أتم وأعلى وأحق لأنه ما شهد لنفسه إلا عن ذوق محقق بكماله فيما شهد لنفسه به مرتفعة شهادته تلك عن الاحتمال في الحال فقد فضل على من شهد له برفع الاحتمال والذوق المحقق فهذا المقام أعلى وليس من شأن المنصف الأديب العالم بطريق الله أن يتكلم في تفاضل الرجال وإن علم ذلك فيمنعه الأدب فلهذا قلنا الأديب وإنما يتكلم في تفاضل المقامات فيخرج عن العهدة في ذلك ويسلم له الحال عن المطالبة فيه إذ كانت المقامات ليس لها طلب وكان الطلب للموصوفين بها فالأديب حاله ما ذكرناه وهذا الذي ذكرناه كله يشهده من حصل في هذا المنزل وله من الحروف ألفة اللام بالألف وهو أول حرف مركب من الحروف فوحده الشكل فلم يعرف الألف من اللام فالحق بالمفردات فكأنهما حرف واحد لما تعذر الانفصال ولم يتميز شكل اللام فيه من شكل الألف فلم يدركه البصر فإن قيل إن السمع يدركه بقوله لا فليعلم إن اللام تحتمل الحركة والألف لا تحتمل الحركة فلم يتمكن النطق بالألف فينطق باللام مشبعة الحركة لظهور الألف ليعلم أنه أراد لام الألف لا لام غيره من الحروف حتى يرقمه الراقم على صورته الخاصة به فلا تمتاز الألف من اللام لتمكن الألفة كذلك الإنسان إذا كان الحق سمعه وبصره كما ورد في الخبر يرتبط بالحق ارتباط اللام بالألف ولهذا تقدم في حروف شهادة التوحيد في لفظة لا إله إلا الله فنفى بحرف الألفة ألوهة كل إله أثبته الجاهل المشرك لغير الله فنفى ذلك بحرف يتضمن العبد والرب فإنه يتضمن مدلول اللام والألف كما

قال عليه السلام آمنت بهذا أنا وأبو بكر وعمر

فشركهما معه بنفسه في الايمان ولم يكونا حاضرين أو كانا


مخطوطة قونية
5758
5759
5760
5761
5762
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
  الفتوحات المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين.

 

البحث في كتاب الفتوحات المكية

الصفحة 603 - من الجزء الثاني (اقتباسات من هذه الصفحة)

[الباب: 560] - فى وصية حكمية ينتفع بها المريد السالك والواصل ومن وقف عليها إن شاء الله تعالى (مقاطع فيديو مسجلة لقراءة هذا الباب)



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!