موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

استعراض الفقرات الفصل الأول في المعارف الفصل الثانى في المعاملات الفصل الرابع في المنازل
مقدمات الكتاب الفصل الخامس في المنازلات الفصل الثالث في الأحوال الفصل السادس في المقامات
الجزء الأول الجزء الثاني الجزء الثالث الجزء الرابع
يرجى زيارة هذا الموقع المخصص لكتاب الفتوحات المكية

الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية)

الباب:
فى معرفة القرب وهو القيام بالطاعات وقد يطلقونه ويريدون به قول قاب قوسين وهما قوسا الدائرة إذا قطعت بخط أو أدنى
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
 

الصفحة 559 - من الجزء الثاني (عرض الصورة)


futmak.com - الفتوحات المكية - الصفحة  - من الجزء

قرب من اسم إلهي صاحب بعد من اسم آخر لا حكم له فيه في الوقت فإن كان حكم ذلك الاسم الحاكم في الوقت المتصف بالقرب منه يعطي للعبد فوزا من الشقاء وحيازة لسعادته فذلك هو القرب المطلوب عند القوم وهو كل ما يعطي العبد سعادة وإن لم يعط ذلك فليس بقرب عند القوم وإن كان قربا من وجه آخر لا من حيث ما وقع عليه الاصطلاح‏

أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ربه في هذا الباب أن الله يقول ما تقرب المتقربون بأحب إلي من أداء ما افترضته عليهم ولا يزال العبد يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت له سمعا وبصرا ويدا ومؤيدا

وقال سبحانه في الخبر الصحيح من تقرب إلي شبرا تقربت إليه ذراعا ومن تقرب إلي ذراعا تقربت منه باعا ومن أتاني يسعى أتيته هرولة

وقال تعالى وإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ وقال في حق الميت ونَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ ولكِنْ لا تُبْصِرُونَ ومعناه عندنا لا تميزون يقول تبصرون ولكن لا تعرفون ما تبصرون فكأنكم لا تبصرون‏

[أن القرب من الله على ثلاثة أنحاء]

اعلم أن القرب من الله على ثلاثة أنحاء

قرب بالنظر في معرفة الله جهد الاستطاعة

أصاب في ذلك أو أخطأ بعد بذل الوسع في الاجتهاد في ذلك فقد يعتقد المجتهد فيما ليس ببرهان أنه برهان فيجازيه الله مجازاة أصحاب البراهين الصحيحة وقد نبه سبحانه على ما يفهم منه ما ذكرناه وهو قوله ومن يَدْعُ مَعَ الله إِلهاً آخَرَ لا بُرْهانَ لَهُ به وقد رأى بعض العلماء أن الاجتهاد يسوغ في الفروع والأصول فإن أخطأ فله أجر وإن أصاب فله أجران‏

[النوع الثاني قرب بالعلم‏]

والنوع الآخر قرب بالعلم‏

والنوع الثالث قرب بالعمل‏

وينقسم على قسمين قرب بأداء الواجبات وقرب بالمندوبات في عمل الظاهر والباطن‏

فأما قرب العلم فأعلاه توحيد الله في الوهته فإنه لا إله إلا هو فإن كان عن شهود لا عن نظر وفكر فهو من أولي العلم الذين ذكرهم الله في قوله شَهِدَ الله أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ والْمَلائِكَةُ وأُولُوا الْعِلْمِ لأن الشهادة إن لم تكن عن شهود وإلا فلا فإن الشهود لا يدخله الريب ولا الشكوك وإن وحده بالدليل الذي أعطاه النظر فما هو من هذه الطائفة المذكورة فإنه ما من صاحب فكر وإن أنتج له علما إلا وقد يخطر له دخل في دليله وشبهة في برهانه يؤديه ذلك إلى التحير والنظر في رد تلك الشبهة فلذلك لا يقوى صاحب النظر في علم ما يعطيه لنظر قوة صاحب الشهود وهذا الصنف إذا قضى الله عليه بدخول النار لأسباب أوجبت له ذلك فهو الذي يخرجه الحق من النار بعد شفاعة الشافعين وأما قرب العمل فهو علم ظاهر وهو ما يتعلق بالجوارح وعلم باطن وهو ما يتعلق بالنفس فأعم الأعمال الباطنة الايمان بالله وما جاء من عنده لقول الرسول لا للعلم بذلك وعمل الايمان يعم جميع الأفعال والتروك فما من مؤمن يرتكب معصية ظاهرة أو باطنة إلا وله فيها قربة إلى الله من حيث إيمانه بها إنها معصية فلا يخلص أبد المؤمن عمل سيئ دون أن يخالطه عمل صالح قوله تعالى فيمن هذه صفته عَسَى الله أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ وما ذكر لهم قربة فما تاب هنا في هذه الآية عليهم ليتوبوا وإنما هو رجوع بالعفو والتجاوز وعسى من الله واجبة عند جميع العلماء فالشرط المصحح لقبول جميع الفرائض فرض الايمان ثم يتقرب العبد بأداء الفرائض فمن حصل له هنا ثمرتها كان سمعا للحق وبصرا فيريد الحق بإرادته على غير علم منه أن مراده مراد لله وقوعه فإن علم فليس هو صاحب هذا المقام هذا ميزان أداء الفرائض وهو أحب ما يتقرب به إلى الله وأما قرب النوافل فإنه أيضا يحبه الله ومحبة الله أعطته أن يكون الحق سمعه وبصره هذا ميزانها في قرب النوافل ولما كانت المحبة لها مراتب متميزة في المحب قيل محب وأحب وقد وصف الله نفسه بأحب في قوله بأحب إلي

من أداء ما افترضته عليه وفي النوافل قال أحببته من غير مفاضلة وافترض عليه الايمان به وبما جاء من عنده فالمؤمن له مرتبة الحب والأحب وأما عمل الجوارح فإنه قرب أيضا ولا بد أن تجني الجارحة ثمرتها أي ثمرة عملها في حق كل إنسان من غير تقييد ولكن هم في ذلك على طبقات مختلفة في أي دار كانوا أو من أي صنف كانوا وسواء قصد القرب بذلك العمل أو لم يقصد فإن العمل يطلب ميزانه وقد وقع من الجارحة فهو حق لها والنية حق للنفس حتى أنه لو ذكر الله بيمين فاجرة يقتطع بها حق امرئ لكان للجارحة أجر ذكر الله لما جرى على اللسان وعلى النفس وزر ما نوته من ذلك والتنبيه على ما ذكرناه كون حكم ظاهر الشرع أسقط عنه بيمينه حق الطالب فإذا كان أثرها في الظاهر بهذه القوة في الدنيا فما ظنك بما تجنيه تلك الجارحة الذاكرة ربها في الأخرى فإن الجارحة لا خبر لها بما نوته‏


مخطوطة قونية
5577
5578
5579
5580
5581
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
  الفتوحات المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين.

 

البحث في كتاب الفتوحات المكية

الصفحة 559 - من الجزء الثاني (اقتباسات من هذه الصفحة)

[الباب: 560] - فى وصية حكمية ينتفع بها المريد السالك والواصل ومن وقف عليها إن شاء الله تعالى (مقاطع فيديو مسجلة لقراءة هذا الباب)



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!