موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

استعراض الفقرات الفصل الأول في المعارف الفصل الثانى في المعاملات الفصل الرابع في المنازل
مقدمات الكتاب الفصل الخامس في المنازلات الفصل الثالث في الأحوال الفصل السادس في المقامات
الجزء الأول الجزء الثاني الجزء الثالث الجزء الرابع
يرجى زيارة هذا الموقع المخصص لكتاب الفتوحات المكية

الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية)

الباب:
فى الجلال
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
 

الصفحة 541 - من الجزء الثاني (عرض الصورة)


futmak.com - الفتوحات المكية - الصفحة  - من الجزء

ما شهد وحمله على خلاف طريقه فلا بد مع التجلي من تعريف إلهي إما بصفاء الإلهام وإما بما شاءه الحق من أنواع التعريف وللانس بالله علامة عند صاحبه فإنه موضع يغلط فيه كثير من أهل الطريق فيجدون أنسا في حال ما يكون عليه فيتخيل إن ذلك آنس بالله فإذا فقد ذلك الحال فقد الأنس بالله فعندنا وعند الجماعة أن أنسه كان بذلك الحال لا بالله لأن الأنس بالله إذا وقع لم يزل موجودا عنده في كل حال ولذلك يقول القوم من أنس بالله في الخلوة وفقد ذلك الأنس في الملإ فأنسه كان بالخلوة لا بالله‏

[إن الأنس باسم إلهي خاص معين‏]

واعلم أنه لا يصح الأنس بالله عند المحققين وإنما يكون الأنس باسم إلهي خاص معين لا بالاسم الله وهكذا جميع ما يكون من الله لعباده لا يصح أن يكون من حكم الاسم الله لأنه الاسم الجامع لحقائق الأسماء الإلهية فلا يقع أمر لشخص معين في الكون إلا من اسم معين بل ولا يظهر في الكون كله أعني في كل ما سوى الله شي‏ء يعمه إلا من اسم خاص معين لا يصح أن يكون الاسم الله فإنه من أحكامه أيضا الغني عن العالمين كما أنه من أحكامه ظهور العالم وحبه سبحانه لذلك الظهور والغني عن العالم لا يفرح بالعالم والله يفرح بتوبة عبده فالاسم الله تعلم مرتبته ولا يتمكن ظهور حكمه في العالم لما فيه من التقابل وهذه مسألة عظيمة جليلة القدر صعبة التصور في الإلهيات فإن الشي‏ء إذا اقتضى أمرا لذاته فمن المحال أن تتصف الذات بالغنى عن ذلك الأمر كما لا تتصف بالافتقار إليه وقد ورد الغني عن العالمين فإن جعلناه غنيا عن الدلالة كأنه يقول ما أوجدت العالم ليدل علي ولا أظهرته علامة على وجودي وإنما أظهرته ليظهر حكم حقائق أسمائي وليست لي علامة على سوائي فإذا تجليت عرفت بنفس التجلي والعالم علامة على حقائق الأسماء لا علي وعلامة أيضا على أني مستنده لا غير فالعالم كله ذو أنس بالله ولكن بعضه لا يشعر أن الأنس الذي هو عليه هو بالله لأنه لا بد أن يجد أنسا بأمر ما بطريق الدوام أو بطريق الانتقال بأنس يجده بأمر آخر وليس لغير الله في الأكوان حكم فأنسه لم يكن إلا بالله وإن كان لا يعلم والذي ينظر فيه أنه آنس به فذلك صورة من صور تجليه ولكن قد يعرف وقد ينكر فيستوحش العبد من عين ما أنس به وهو لا يشعر لاختلاف الصور فما فقد أحد الأنس بالله ولا استوحش أحد إلا من الله والأنس مباسطة والاستيحاش انقباض وأنس العلماء بالله إنما هو أنسهم بنفوسهم لا بالله إذ قد علموا أنهم ما يرون من الله سوى صورة ما هم عليه ولا يقع أنس عندهم إلا بما يرون وغير العارفين لا يرون الأنس إلا بالغير فتدركهم الوحشة عند انفرادهم بنفوسهم وكذلك الاستيحاش إنما يستوحشون من نفوسهم لأن الحق مجلاهم فهم بحسب ما يرونه فيهم بل فيه من أحوالهم فيقع الحكم فيهم بالأنس أو بالوحشة وحقيقة الأنس إنما تكون بالمناسب فمن يقول بالمناسبة يقول بالأنس بالله ومن يقول بارتفاع المناسبة يقول لا أنس بالله ولا وحشة منه وكل واحد بحسب ذوقه فإنه الحاكم عليه ومن له الإشراف من أمثالنا على المقامات والمراتب ميز وعرف كل شخص من أين تكلم ومن نطقه وأنه مصيب في مرتبته غير مخطئ بل لا خطأ مطلقا في العالم والله يَقُولُ الْحَقَّ وهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ‏

«الباب الأحد والأربعون ومائتان في معرفة الجلال»

إن الجلال على الضدين ينطلق *** وهو الذي بنعوت القهر أشهده‏

له العلو ولا علو يماثله *** له النزول فكل الخلق يجحده‏

إني بكل الذي قد قلت أعرفه *** وليس غير الذي قد قلت أقصده‏

[أن الجلال نعت إلهي يعطي في القلوب هيبة وتعظيما]

اعلم أن الجلال نعت إلهي يعطي في القلوب هيبة وتعظيما وبه ظهر الاسم الجليل وحكم هذا الاسم من أعجب الأحكام فإن له حكم لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ‏ءٌ وسُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ وله حكم‏

قوله على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم مرضت فلم تعدني وجعت فلم تطعمني وظمئت فلم تسقني‏

فأنزل نفسه منزلة من هذه صفته من الافتقار إلى العبيد وكذلك نزوله في‏

قوله وسعني قلب عبدي‏

ومن هذا الباب فرحه بتوبة عبده وتعجبه من الشاب الذي لا صبوة له وتبشبشه بالذي يأتي إلى المسجد للصلاة هذا كله وأمثاله من نعوت التنزيه والتشبيه يعطيه حكم الجلال والاسم الإلهي الجليل ولهذا قلنا إنه يدل على الضدين كالجون ينطلق على الأبيض والأسود وكذلك القرء ينطلق على الحيض والطهر ومن حضرة الجلال نزل قوله تعالى وما قَدَرُوا الله حَقَّ قَدْرِهِ فمن وصفه إنما وصف نفسه ولا يعرف منه إلا نفسه لأن رب العزة


مخطوطة قونية
5502
5503
5504
5505
5506
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
  الفتوحات المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين.

 

البحث في كتاب الفتوحات المكية

الصفحة 541 - من الجزء الثاني (اقتباسات من هذه الصفحة)

[الباب: 560] - فى وصية حكمية ينتفع بها المريد السالك والواصل ومن وقف عليها إن شاء الله تعالى (مقاطع فيديو مسجلة لقراءة هذا الباب)



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!