موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

استعراض الفقرات الفصل الأول في المعارف الفصل الثانى في المعاملات الفصل الرابع في المنازل
مقدمات الكتاب الفصل الخامس في المنازلات الفصل الثالث في الأحوال الفصل السادس في المقامات
الجزء الأول الجزء الثاني الجزء الثالث الجزء الرابع
يرجى زيارة هذا الموقع المخصص لكتاب الفتوحات المكية

الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية)

الباب:
فى معرفة حال المرَاد
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
 

الصفحة 524 - من الجزء الثاني (عرض الصورة)


futmak.com - الفتوحات المكية - الصفحة  - من الجزء

[المراد هو المجذوب عن إرادته مع تهيؤ الأمور له‏]

اعلموا أن المراد في اصطلاح القوم هو المجذوب عن إرادته مع تهيؤ الأمور له فهو يجاوز الرسوم والمقامات من غير مشقة بل بالتذاذ وحلاوة وطيب تهون عليه الصعاب وشدائد الأمور وينقسم المرادون هنا إلى قسمين القسم الواحد أن يركب الأمور الصعبة وتحل به البلايا المحسوسة والنفسية ويحس بها ويكره ذلك الطبع منه غير أنه يرى ويشاهد ما له في ذلك في باطن الأمر عند الله من الخير مثل العافية في شرب الدواء الكرية فيغلب عليه مشاهدة ذلك النعيم الذي في طي هذا البلاء فيلتذ بما يطرأ عليه من مخالفة الغرض وهو العذاب النفسي ومن الآلام المحسوسة لأجل هذه المشاهدة كعمر بن الخطاب رضي الله عنه فإنه من أصحاب هذا المقام فقال في ذلك ما أصابني الله بمصيبة إلا رأيت أن لله علي فيها ثلاث نعم النعمة الواحدة حيث لم تكن تلك المصيبة في ديني والنعمة الثانية حيث لم تكن مصيبة أكبر منها إذ في الجائز أن يكون ذلك والنعمة الثالثة ما عند الله لي فيها من تكفير الخطايا ورفع الدرجات فاشكر الله تعالى عند حلول كل مصيبة وهنا فقه عجيب في طريق القوم تعطيه الحقائق لمن عرف طريق الله فإن البلاء لا يقبل الشكر والنعمة لا تقبل الصبر فإن شكر من قام به البلاء فليس مشهوده إلا النعم فيجب عليه الشكر وإن صبر من قامت به النعماء فليس مشهوده إلا البلاء وهو ما فيها من تكليف طلب الشكر عليها من الله وما كلفه من حكم التصرف فيها فمشهوده يقتضي له الصبر والحق سبحانه يردف عليه النعم وهو في شهوده ينظر ما لله عليه فيها من الحقوق فيجهد نفسه في أدائها فلا يلتذ بما يحسب الناس أنه به ملتذ فيصبر على ترادف النعماء عليه فهو صاحب بلاء فليس المعتبر إلا ما يشهده الحق في وقته فهو بحسب وقته إما صاحب شكر أو صاحب صبر فهذا حال القسم الواحد من المرادين وأما القسم الآخر فلا يحس بالشدائد المعتادة بل يجعل الله فيه من القوة ما يحمل بها تلك الشدائد التي يضعف عن حملها غيرها من القوي كالرجل الكبير ذي القوة فيكلف ما يشق على الصغير أن يحمله فما عنده خبر من ذلك بل يحمله من غير مشقة فإنه تحت قوته وقدرته ويحمله الصغير بمشقة وجهد فهذا ملتذ بحمله فارح بقوته يفتخر بها لا يجد ألما ولا يحس به كما قال أبو يزيد في بعض مناجاته‏

أريدك لا أريدك للثواب *** ولكني أريدك للعقاب‏

وكل مآربي قد نلت منها *** سوى ملذوذ وجدي بالعذاب‏

فطلب اللذة بما جرت العادة به أن يثمر عذابا خرقا للعادة فما طلب العذاب يقول أهل الله ليس العجب من ورد في بستان وإنما العجب من ورد في قعر النيران يقول صاحب هذا الكلام ليس العجب ممن يلتذ بما جرت العادة أن يلتذ به الطبع وإنما العجب أن يلتذ بما جرت العادة أن يتألم به الطبع ذكر أن بعض المحبين جنى جناية فجلده الحاكم مائة جلدة فما أحس بتسع وتسعين منها فما استغاث فلما كان في السوط المكمل مائة استغاث فقيل له في ذلك فقال العين التي كنت أعاقب من أجلها كانت تنظر إلي فكنت أتنعم بالنظر إليها فما كنت أحس بمواقع السوط من ظهري فلما كان في السوط الموفي مائة غابت عني فأحسست بموقع السوط فاستغثت ورأيت المرأة الصالحة بمكة فاطمة بنت التاج ضربها أبوها ضربا مبرحا من غير جناية فما أحست بذلك وكانت تحس بشي‏ء يحول بين ظهرها ومواقع السياط فيقع السوط في ذلك الحائل وتسمع وقع السوط بإذنها وتتعجب حيث لا تحس به وقد جرى لنا مثل هذا في بدايتنا في حكاية طويلة فهذا المراد قد يعطيه الله اللذة دائما بكل شي‏ء يقوم به من بلاء ونعمة فإن النعيم ليس بشي‏ء زائد على عين اللذة القائمة بالشخص كما إن البلاء ليس بشي‏ء زائد على وجود عين الألم وأما الأسباب الموجبة لهما فغير معتبرة عندنا فليس صاحب البلاء إلا من قام به الألم وليس صاحب النعمة سوى من قامت به اللذة ويكون السبب ما كان معتادا أو غير معتاد وهذا القسم قد يجعل الله فيه إن يكون مرادا له في نفسه جميع ما يريد الله أن ينزله به فإذا أعطاه الله مرادة ولا بد من ذلك فإن ذلك مراد لله تعالى فإنه يتلذذ بوقوع مراده فتكون الشدائد والمكاره المضادة مرادة له فتحل به فيحملها

بما عنده وما جعل الله فيه من القوة فقد يكون حال المراد بهذه المثابة وأهل البداية في هذا الطريق كلهم عند حصول التوبة ملتذون بكل شدة تطرأ عليهم فهي شدة عند غيرهم وهي ملذوذة هينة


مخطوطة قونية
5432
5433
5434
5435
5436
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
  الفتوحات المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين.

 

البحث في كتاب الفتوحات المكية

الصفحة 524 - من الجزء الثاني (اقتباسات من هذه الصفحة)

[الباب: 560] - فى وصية حكمية ينتفع بها المريد السالك والواصل ومن وقف عليها إن شاء الله تعالى (مقاطع فيديو مسجلة لقراءة هذا الباب)



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!