موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

استعراض الفقرات الفصل الأول في المعارف الفصل الثانى في المعاملات الفصل الرابع في المنازل
مقدمات الكتاب الفصل الخامس في المنازلات الفصل الثالث في الأحوال الفصل السادس في المقامات
الجزء الأول الجزء الثاني الجزء الثالث الجزء الرابع
يرجى زيارة هذا الموقع المخصص لكتاب الفتوحات المكية

الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية)

الباب:
فى معرفة البسط وأسراره
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
 

الصفحة 511 - من الجزء الثاني (عرض الصورة)


futmak.com - الفتوحات المكية - الصفحة  - من الجزء

[البسط عبارة عن حال الرجاء في الوقت‏]

اعلم وفقك الله أن البسط عند الطائفة عبارة عن حال الرجاء في الوقت وقال بعضهم القبض والبسط أخذ وارد الوقت بحكم قهر وغلبة والبسط عندنا حال حكم صاحبه أن يسع الأشياء ولا يسعه شي‏ء حقيقة البسط لا تكون إلا لرفيع المنزلة رفيع الدرجات فينزل بالحال إلى حال من هو في أدنى الدرجات فيساويه وهو في الجناب الإلهي في مثل قوله تعالى وأَقْرِضُوا الله قَرْضاً حَسَناً وأعظم في النزول من ذَا الَّذِي يُقْرِضُ الله ولأجل هذا البسط قال من قال إِنَّ الله فَقِيرٌ ونَحْنُ أَغْنِياءُ وهذا القول تصديق قوله تعالى ولَوْ بَسَطَ الله الرِّزْقَ لِعِبادِهِ لَبَغَوْا في الْأَرْضِ ومن البسط الإلهي قوله تعالى يَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ ولو لا البسيط الإلهي ما تمكن لأحد من خلق الله أن يتخلق بجميع الأسماء الإلهية وأعظم تعريف في البسط الإلهي إِنَّ رَبَّكَ واسِعُ الْمَغْفِرَةِ ويا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَراءُ إِلَى الله فلما تمكن مثل هذا البسط في قلوب العباد ربما أثر في قلوبهم بغيا فتعدوا منزلتهم فلما علم الحق أنه ربما أثر ذلك مرضا في قلوب بعض العباد جعل دواءه تمام الآية وهو قوله والله هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ فأنزل الداء والدواء وهذا من نشر رحمته لأن الأدنى في مرتبة تقتضي أن لا يكون صاحب بسط فإن انبسط فليس له إلا أن يجول في غير ميدانه فيكون البسط من الأدنى سوء أدب ولما علم الحق هذا أمر عباده بالتخلق بمكارم الأخلاق وأثنى عليهم بها وجعل ذلك من أعظم أعمال العباد فظهروا بها عن الأمر الإلهي فكان بسطهم عبادة وقربة إلى الله وهذا من نشر رحمته واتساع مغفرته وعموم تفضله فبسط العباد بسط عن قبض وبسط الحق لا عن قبض بل له البسط ابتداء ثم بعد ذلك يكون القبض الإلهي وهوقوله صلى الله عليه وسلم إن رحمة الله سبقت غضبه‏

فمن رحمته وبسطه أوجد الخلق ولا يكون حكم القبض والبسط إلا مع ثبوت الأغيار ولو لا الأغيار لم يتحقق بسط ولا قبض فتحقق ذلك‏

[إن من أعظم بسط العبد أن يكون خلاقا]

واعلم أن أعظم بسط العبد أن يكون خلاقا فإن تأدب في هذا البسط فهو المذكور الداخل في عموم قوله تعالى فَتَبارَكَ الله أَحْسَنُ الْخالِقِينَ فأضاف الحسن إلى الخالقين غير إن الله أحسن الخالقين إذ كان هذا النعت من خصوص وصف الإله لأنه قال تعالى في الرد على عبدة الأوثان أَ فَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ فنفى الخلق عن الخلق فلو لم يرد عموم نفي الخلق عن الخلق لم تقم به حجة على من عبد فرعون وأمثاله ممن أمر من المخلوقين أن يعبد من دون الله ولم يكن هؤلاء ممن يدخل في عموم الخالقين من قوله أَحْسَنُ الْخالِقِينَ فإنهم لم يتصفوا بالإحسان في الخلق فإن الإحسان في العباد أن تعبد الله كأنك تراه فتعلم من هو الخالق على الحقيقة فلما كان هذا النعت من خصوص وصف الإله وقد أضاف الخلق إلى الخلق انفرد هو بالنظر إلى ما أثبت من الخلق للخلق بالأحسن في ذلك فقال أحسن الخالقين وهو معنى قوله تعالى فَتَبارَكَ الله أَحْسَنُ الْخالِقِينَ والبركة الزيادة فزاد أحسن في قوله أَحْسَنُ الْخالِقِينَ وما أحسن قوله تعالى أَ فَرَأَيْتُمْ ما تُمْنُونَ أَ أَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخالِقُونَ ولم يقل أ أنتم تخلقون منه ولا فيه وإنما قال تخلقونه فأراد عين إيجاده منيا خاصة والاسم المصور هو الذي يتولى فتح الصورة فيه أي صورة شاء من الجنس أو غيره وهو قوله في أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ فهو الاسم المصور وهنا أسرار من علوم الطبيعة لما جعل الله فيها من الاشتراك في التكوين فهل هي سبب من جملة الأسباب التي تفعل لعينها بذاتها فيكون الحق يفعل بها لا عندها أو تكون من الأسباب التي يفعل الحق مسببها عندها لا بها ويتفاوت هنا نظر النظار وأما أهل الكشف فيعلمون ذلك ابتداء عند الكشف من غير نظر لعلمهم بمرتبة الطبيعة وأن منزلتها منزلة جميع الحقائق والحقائق لا تتبدل فيجرونها مجراها وينزلونها منزلتها فبسط العلماء بالله هو عين العلم بالله فإذا علموا علموا من انبسط ومن له البسط وعلموا من انقبض ومن له القبض فيبقى عندهم كل أمر على أصله وحقيقته لا تبديل عندهم في ذلك ولا تحويل لأنهم على سنة الله فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ الله تَبْدِيلًا ولَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ الله تَحْوِيلًا فأهل سنة الله لهم البسط المحقق لأن البسط نشر والنشر ظهور ولو لا الظهور ما أدركت الأشياء

فبسط العارفين على يقين *** وبسط الخلق تخمين وحدس‏

إذا خشعت الأصوات للرحمن فكيف يكون الحال مع الجبار

خشوع حياء لا خشوع مهانة *** وهيبة إجلال وقبض تأدب‏


مخطوطة قونية
5379
5380
5381
5382
5383
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
  الفتوحات المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين.

 

البحث في كتاب الفتوحات المكية

الصفحة 511 - من الجزء الثاني (اقتباسات من هذه الصفحة)

[الباب: 560] - فى وصية حكمية ينتفع بها المريد السالك والواصل ومن وقف عليها إن شاء الله تعالى (مقاطع فيديو مسجلة لقراءة هذا الباب)



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!