موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

استعراض الفقرات الفصل الأول في المعارف الفصل الثانى في المعاملات الفصل الرابع في المنازل
مقدمات الكتاب الفصل الخامس في المنازلات الفصل الثالث في الأحوال الفصل السادس في المقامات
الجزء الأول الجزء الثاني الجزء الثالث الجزء الرابع
يرجى زيارة هذا الموقع المخصص لكتاب الفتوحات المكية

الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية)

الباب:
فى معرفة الأرض التى خلقت من بقية خميرة طينة آدم عليه السلام وهى أرض الحقيقة وذكر بعض ما فيها من الغرائب والعجائب
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
 

الصفحة 127 - من الجزء الأول (عرض الصورة)


futmak.com - الفتوحات المكية - الصفحة  - من الجزء

لها قدرته وكثير من المحالات العقلية التي قام الدليل الصحيح العقلي على إحالتها هي موجودة في هذه الأرض وهي مسرح عيون العارفين العلماء بالله وفيها يجولون وخلق الله من جملة عوالمها عالما على صورنا إذا أبصرهم العارف يشاهد نفسه فيها وقد أشار إلى مثل ذلك عبد الله بن عباس رضي الله عنه فيما روى عنه في حديث هذه الكعبة وإنها بيت واحد من أربعة عشر بيتا وأن في كل أرض من السبع الأرضين خلقا مثلنا حتى إن فيهم ابن عباس مثلي وصدقت هذه الرواية عند أهل الكشف‏

[مجلس الرحمة في أرض الحقيقة]

فلنرجع إلى ذكر هذه الأرض واتساعها وكثرة عالمها المخلوقين فيها ومنها ويقع للعارفين فيها تجليات إلهية أخبر بعض العارفين بأمر أعرفه شهودا قال دخلت فيها يوما مجلسا يسمى مجلس الرحمة لم أر مجلسا قط أعجب منه فبينا أنا فيه إذ ظهر لي تجل إلهي لم يأخذني عني بل أبقاني معي وهذا من خاصية هذه الأرض فإن التجليات الواردة على العارفين في هذه الدار في هذه الهياكل تأخذهم عنهم وتفنيهم عن شهودهم من الأنبياء والأولياء وكل من وقع له ذلك وكذلك عالم السموات العلى والكرسي الأزهى وعالم العرش المحيط الأعلى إذا وقع لهم تجل إلهي أخذهم عنهم وصعقوا وهذه الأرض إذا حصل فيها صاحب الكشف العارف ووقع له تجل لم يفنه عن شهوده ولا اختطفه عن وجوده وجمع له بين الرؤية والكلام قال واتفق لي في هذا المجلس أمور وأسرار لا يسعني ذكرها لغموض معانيها وعدم وصول الإدراكات قبل أن يشهد مثل هذه المشاهد لها وفيها من البساتين والجنات والحيوان والمعادن ما لا يعلم قدر ذلك إلا الله تعالى وكل ما فيها من هذا كله حي ناطق كحياة كل حي ناطق ما هو مثل ما هي الأشياء في الدنيا وهي باقية لا تفني ولا تتبدل ولا يموت عالمها وليست تقبل هذه الأرض شيئا من الأجسام الطبيعية الطينية البشرية سوى عالمها أو عالم الأرواح منا بالخاصية وإذا دخلها العارفون إنما يدخلونها بأرواحهم لا بأجسامهم فيتركون هياكلهم في هذه الأرض الدنيا ويتجردون‏

[مراسم الدخول في أرض الحقيقة]

وفي تلك الأرض صور عجيبة النش‏ء بديعة الخلق قائمون على أفواه السكك المشرفة على هذا العالم الذي نحن فيه من الأرض والسماء والجنة والنار فإذا أراد واحد منا الدخول لتلك الأرض من العارفين من أي نوع كان من إنس أو جن أو ملك أو أهل الجنة بشرط المعرفة وتجرد عن هيكله وجد تلك الصور على أفواه السكك قائمين موكلين بها قد نصبهم الله سبحانه لذلك الشغل فيبادر واحد منهم إلى هذا الداخل فيخلع عليه حلة على قدر مقامه ويأخذ بيده ويجول به في تلك الأرض ويتبوأ منها حيث يشاء ويعتبر في مصنوعات الله ولا يمر بحجر ولا شجر ولا مدر ولا شي‏ء ويريد أن يكلمه إلا كلمه كما يكلم الرجل صاحبه ولهم لغات مختلفة وتعطي هذه الأرض بالخاصية لكل من دخلها الفهم بجميع ما فيها من الألسنة فإذا قضى منها وطره وأراد الرجوع إلى موضعه مشى معه رفيقه إلى أن يوصله إلى الموضع الذي دخل منه يوادعه ويخلع عنه تلك الحلة التي كساه وينصرف عنه وقد حصل علوما جمة ودلائل وزاد في علمه بالله ما لم يكن عنده مشاهدة وما رأيت الفهم ينفد أسرع مما ينفد إذا حصل في هذه الأرض‏

[حكاية الشيخ أوحد الدين الكرماني مع شيخه‏]

وقد ظهر عندنا في هذه الدار وهذه النشأة ما يعضد هذا القول فمن ذلك ما شاهدناه ولا أذكره ومنها ما حدثني أوحد الدين حامد بن أبي الفخر الكرماني وفقه الله قال كنت أخدم شيخا وأنا شاب فمرض الشيخ وكان في محارة وقد أخذه البطن فلما وصلنا تكريت قلت له يا سيدي اتركني أطلب لك دواء ممسكا من صاحب مارستان سنجار من السبيل فلما رأى احتراقي قال لي رح إليه قال فرحت إلى صاحب السبيل وهو في خيمته جالس ورجاله بين يديه قائمون والشمعة بين يديه وكان لا يعرفني ولا أعرفه فرآني واقفا بين الجماعة فقام إلي وأخذ بيدي وأكرمني وسألني ما حاجتك فذكرت له حال الشيخ فاستحضر الدواء وأعطاني إياه وخرج معي في خدمتي والخادم بالشمعة بين يديه فخفت أن يراه الشيخ فيحرج فحلفت عليه أن يرجع فرجع فجئت الشيخ وأعطيته الدواء وذكرت له كرامة الأمير صاحب السبيل بي فتبسم الشيخ وقال لي يا ولدي إني أشفقت عليك لما رأيت من احتراقك من أجلي فأذنت لك فلما مشيت خفت أن يخجلك الأمير بعدم إقباله عليك فتجردت عن هيكلي هذا ودخلت في هيكل ذلك الأمير وقعدت في موضعه فلما جئت أكرمتك وفعلت معك ما رأيت ثم عدت إلى هيكلي هذا ولا حاجة لي في هذا الدواء وما استعمله فهذا شخص قد ظهر في صورة غيره فكيف أهل تلك الأرض‏

[تربة أرض الحقيقة وثمرها]

قال لي بعض العارفين لما دخلت هذه الأرض رأيت فيها أرضا كلها مسك عطر لو شمه أحد


مخطوطة قونية
497
498
499
500
501
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
  الفتوحات المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين.

 

البحث في كتاب الفتوحات المكية

الصفحة 127 - من الجزء الأول (اقتباسات من هذه الصفحة)

[الباب: 560] - فى وصية حكمية ينتفع بها المريد السالك والواصل ومن وقف عليها إن شاء الله تعالى (مقاطع فيديو مسجلة لقراءة هذا الباب)



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!