موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

استعراض الفقرات الفصل الأول في المعارف الفصل الثانى في المعاملات الفصل الرابع في المنازل
مقدمات الكتاب الفصل الخامس في المنازلات الفصل الثالث في الأحوال الفصل السادس في المقامات
الجزء الأول الجزء الثاني الجزء الثالث الجزء الرابع
يرجى زيارة هذا الموقع المخصص لكتاب الفتوحات المكية

الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية)

الباب:
فى معرفة مقام السماع
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
 

الصفحة 367 - من الجزء الثاني (عرض الصورة)


futmak.com - الفتوحات المكية - الصفحة  - من الجزء

نتصرف مع السماع فهما مرتبطان لا يصح استقلال واحد منهما دون الآخر وهما نسبتان فبالقول والسماع نعلم ما في نفس الحق إذ لا علم لنا إلا بإعلامه وإعلامه بقوله ولا يشترط في القول الآلة ولا في السماع بل قد يكون بآلة وبغير آلة وأعني بآلة القول اللسان وآلة السماع الأذن فإذا علمت مرتبة السماع في الوجود وتميزه عن غيره من النسب فاعلم أن السماع عند أهل الله مطلق ومقيد فالمطلق هو الذي عليه أهل الله ولكن يحتاجون فيه إلى علم عظيم بالموازين حتى يفرقوا بين قول الامتثال وبين قول الابتلاء وليس يدرك ذلك كل أحد ومن أرسله من غير ميزان ضل وأضل والمقيد هو السماع المقيد بالنغمات المستحسنات التي يتحرك لها الطبع بحسب قبوله وهو الذي يريدونه غالبا بالسماع لا السماع المطلق فالسماع على هذا الحد ينقسم على ثلاثة أقسام سماع إلهي وسماع روحاني وسماع طبيعي فالسماع الإلهي بالأسرار وهو السماع من كل شي‏ء وفي كل شي‏ء وبكل شي‏ء والوجود عندهم كله كلمات الله وكلماته لا تنفد ولهم في مقابلة هذه الكلمات إسماع لا تنفد تحدث لهم هذه الأسماع في سرائرهم بحدوث الكلمات وهو قوله ما يَأْتِيهِمْ من ذِكْرٍ من رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ فمنهم من أعرض بعد السماع ومنهم من وقف عند ما سمع وهذا مقام لا يعلمه كل أحد وما في الوجود إلا هو ولكن يجهل ولا يعلم وهو يتعلق بأسماء الله تعالى على كثرتها فلكل اسم لسان ولكل لسان قول ولكل قول منا سمع والعين واحد من القائل والسامع فإن كان نداء أجبنا وامتثلنا وكان من قوله إن قال لنا ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ فكما قال وسمعنا أمرنا عند ما جعل فينا قوة القول أن نقول فيسمع هو تعالى فمنا من يقول به كما

قال إن الله قال على لسان عبده سمع الله لمن حمده‏

فكلام صاحب هذا المقام كله نيابة ومنا من يقول بنفسه في زعمه وما هو كذلك في نفس الأمر فإن الله عند لسان كل قائل فكما أنه ليس في الوجود إلا الله كذلك ما ثم قائل ولا سامع إلا الله وكما قسمنا قولنا بين من يقول بالله ويقوله بنفسه كذلك سماعنا منا من يسمع بربه وهوقوله كنت سمعه الذي يسمع به‏

ومنا من يسمع بنفسه في زعمه والأمر على خلافه فهذا هو السماع الإلهي وهو سار في جميع المسموعات وأما السماع الروحاني فمتعلقه صريف الأقلام الإلهية في لوح الوجود المحفوظ من التغيير والتبديل فالوجود كله رق منشور والعالم فيه كتاب مسطور فالأقلام تنطق وآذان العقول تسمع والكلمات ترتقم فتشهد وعين شهودها عين الفهم فيها بغير زيادة ولا ينال هذا السماع إلا العقول التي ظهرت لمستوي ولما كان السماع أصله على التربيع وكان أصله عن ذات ونسبة وتوجه وقول فظهر الوجود بالسماع الإلهي كذلك السماع الروحاني عن ذات ويد وقلم وصريف قلم فيكون الوجود للنفس الناطقة في سماع صريف هذه الأقلام في ألواح القلوب بالتقليب والتصريف وكذلك السماع الطبيعي مبناه على أربعة أمور محققة فإن الطبيعة مربعة معقولة من فاعلين ومنفعلين فأظهرت الأركان الأربعة أيضا فظهرت النشأة الطبيعية على أربعة أخلاط وأربع قوى قامت عليها هذه النشأة وكل خلط منها يطلب بذاته من يحركه لبقائه وبقاء حكه فإن السكون عدم فأوجد في نفوس العلماء حين سمعوا صريف الأقلام ما ينبغي أن يحرك به هذه النشأة الطبيعية فأقاموا لها أربع نغمات لكل خلط من هذه الأخلاط نغمة في آلة مخصوصة وهي المسماة في الموسيقى وهو علم الألحان والأوزان بالبم والزير والمثنى والمثلث كل واحد من هذه يحرك خلطا من هذه الأخلاط ما بين حركة فرح وحركة بكاء وأنواع الحركات وهذا لها بما هي نشأة طبيعية لا بما هي روحانية فإن الحركة في النشأة الطبيعية والسماع الطبيعي لا يكون معه علم أصلا وإنما صاحبه يجد طربا في نفسه أو حزنا عند سماع هذه النغمات من هذه الآلات ومن أصوات القوالين ولا يجد معها علما أصلا فإنه ليس هذا حظ السماع الطبيعي مع الحال الصحيح والوجد الصحيح الذي يطلبه الطبع وهو سماع الناس اليوم والسماع الروحاني يكون معه علم ومعرفة في غير مواد جملة واحدة والسماع الإلهي يكون معه علم ومعرفة في مواد وفي غير مواد عام التعلق يجده في السماع الطبيعي والروحاني لكن بالسمع الإلهي الذي يخص الطبع والعقل خاصة ومنهم من يعلم ذلك ومنهم من لا يعلمه مع كونه يجده ولا يقدر على إنكار ما يجد فسماع الحق مطلق كما أن وجوده مطلق وتمييزه عسير وللنغمات في الكلام الإلهي والقول أصل تستند إليه وهو أقوى الأصول ولهذا لها القوة والتأثير في الطباع فلا يستطيع أحد أن يدفع عن نفسه عند ورود النغمة وتعلق السمع بها


مخطوطة قونية
4799
4800
4801
4802
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
  الفتوحات المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين.

 

البحث في كتاب الفتوحات المكية

الصفحة 367 - من الجزء الثاني (اقتباسات من هذه الصفحة)

[الباب: 560] - فى وصية حكمية ينتفع بها المريد السالك والواصل ومن وقف عليها إن شاء الله تعالى (مقاطع فيديو مسجلة لقراءة هذا الباب)



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!