موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

استعراض الفقرات الفصل الأول في المعارف الفصل الثانى في المعاملات الفصل الرابع في المنازل
مقدمات الكتاب الفصل الخامس في المنازلات الفصل الثالث في الأحوال الفصل السادس في المقامات
الجزء الأول الجزء الثاني الجزء الثالث الجزء الرابع
يرجى زيارة هذا الموقع المخصص لكتاب الفتوحات المكية

الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية)

الباب:
فى معرفة مقام ترك الصحبة
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
 

الصفحة 287 - من الجزء الثاني (عرض الصورة)


futmak.com - الفتوحات المكية - الصفحة  - من الجزء

وأوحى إلى من أوحى إليهم أَلَّا تَتَّخِذُوا من دُونِي وَكِيلًا يقول لهم فالصحبة تطلب أعيان الأغيار ما يَكُونُ من نَجْوى‏ ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ ولا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سادِسُهُمْ ولا أَدْنى‏ من ذلِكَ ولا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ ما كانُوا والمعية صحبة عامة والخلة صحبة خاصة وسيرد بابها إن شاء الله غير إن في الصحبة أمرا يتعذر من وجه في الجناب الإلهي وهو المناسبة والمشاكلة إما من كل وجه وإما من أكثر الوجوه ولا مناسبة كما يرد في باب مقام ترك الصحبة فلا صحبة وقد وردت الصحبة فلا بد لها من وجه يستدعيها فإنه إخبار إلهي لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ من بَيْنِ يَدَيْهِ ولا من خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ من حَكِيمٍ حَمِيدٍ فلا تثبت الصحبة إلا إذا لم تأخذ في حدها الكفاءة فإذا أزلت الكفاءة في الصحبة ثبتت الصحبة في الجناب الإلهي فهو تعالى يصحبنا في كل حال نكون عليه ونحن لا نصحبه إلا في الوقوف عند حدوده فما نصحب على الحقيقة إلا أحكامه لا هو فهو معنا ما نحن معه لأنه يعرفنا ونحن لا نعرفه لذا أتى يصحبنا ولم يجي‏ء نصحبه فإنه يحفظنا له لا لنا من هذه الحقيقة نطلبه لنا لا له فإن طالبنا طالبناه فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ فشرع تعالى لنا ما شرع فقال من عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ وهو قولنا نطلبه لنا لا له وقال فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ تحقيقا لطلبنا إياه لنا لا له وحقيقة طلبه إيانا له لا لنا قوله تعالى وما خَلَقْتُ الْجِنَّ والْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ فأوجدنا له لا لنا فطلبناه لنا لا له بما خلقنا له ف الْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ فأمر الصحبة عظيم وشأنها كبير وما يرعاها إلا الأكابر وأحسن ما بلغني في رعى حقها والقيام به ما حكي عن الحجاج رحمه الله أنه أمر بضرب عنق شخص فقال لي أمر نحب أن أذكره للأمير قبل أن يقتلني فقال له الحجاج قل قال أيها الأمير لا أحب أن أقوله لك إلا حتى تتركني مكتوفا بحالي أمشي معك في إيوانك هذا من أوله إلى آخره وما على الأمير في ذلك من بأس ولا يحول ذلك بينه وبين ما يريده مني ويقضي لي بهذا حاجة فقال لحاجبه أصعد به إلي وقام الحجاج يسايره في الإيوان ويصغي إليه ليرى ما ذا يقول له فلما بلغ معه إلى آخر الإيوان وعاد إلى مكانه قال أيها الأمير إن الكريم يراعي حق صحبة ساعة وقد صحبني الأمير وصحبته في هذه المشية والأمير أولى من رعى حق الصحبة فقال الحجاج خلوا سبيله فو الله لقد صدق ولقد نبه عاقلا فلو قتلته لكنت ألأم الناس ثم أمر أن يجزل له في الأعطية وخيره في صحبته والإقامة عنده فما أدري بعد ذلك هل أقام عنده أم لا فهذا من حسن ما يسمع في حق الصحبة من الوفاء به والرعاية هذا من الحجاج فلا بد لعبيد الله أن يخلصوا مع الله نفسا واحدا يصح به إطلاق الصحبة مع الله فلا بد أن يرعى الله حق ذلك النفس وأما صحبة أهل الله بعضهم مع بعض أو صحبتهم للخلق أو صحبة الخلق إياهم فهم يطالبون أنفسهم بحق ما يجب للصاحب على الصاحب فإن كان عين الحق له حقا عنده لزمه الوفاء به امتثالا لأمر سيده ووقوفا عند حده وإن كان لم يأته في ذلك أمر وأبيح له وجعل له الاختيار في ذلك فليرجح مع صاحبه مكارم الخلق بترك غرضه وعمله لغرض صاحبه ما لم يسخط الله في واجب معين فصحبة الله أولى وكذلك في صحبة غير الأشكال وغير الجنس مثل صحبته لما يملكه من الدواب والأشجار وما يصحبه من ذلك وإن لم يملكه فإن رأى شجرة ذابلة لاحتياجها إلى الماء وإن لم يكن مالكها حاضرا وقدر على سقيها في صحبة تلك الساعة حيث استظل بها أو استند إليها طلبا لراحة من تعب أو وقف عندها ساعة لشغل طرأ له فهذه كلها صحبة وهو قادر على الماء فتعين عليه رعى حق الصحبة أن يسقيها لذلك لا لأجل صاحبها ولا طمعا فيما نثمر سواء أثمرت أو لم نثمر أو كانت مملوكة أو مباحة وكذلك الحيوانات المؤذية وغير المؤذية فإنه في كل ذي كبد رطبة أجر وقد وردت في ذلك أخبار نبوية من سقى البغي الكلب فشكر الله فعلها فغفر لها وكوالي‏

بخارى وكان ظالما فوهبه الله لكلب أحسن في صحبته ثلاثة أيام فنودي كنت كلبا فوهبناك لكلب‏

(الباب الحادي والسبعون ومائة في معرفة مقام ترك الصحبة)

من ترك الصحبة فهو الذي *** يراه من قيده الجاهل‏

وصحبة الحق على كنهه *** يحيلها العالم والعاقل‏

فهو مع العالم في أينه *** وما له أين ولا حامل‏

فانظر إلى الحكمة في قوله *** إني مع الأكوان يا غافل‏


مخطوطة قونية
4477
4478
4479
4480
4481
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
  الفتوحات المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين.

 

البحث في كتاب الفتوحات المكية

الصفحة 287 - من الجزء الثاني (اقتباسات من هذه الصفحة)

[الباب: 560] - فى وصية حكمية ينتفع بها المريد السالك والواصل ومن وقف عليها إن شاء الله تعالى (مقاطع فيديو مسجلة لقراءة هذا الباب)



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!