موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

استعراض الفقرات الفصل الأول في المعارف الفصل الثانى في المعاملات الفصل الرابع في المنازل
مقدمات الكتاب الفصل الخامس في المنازلات الفصل الثالث في الأحوال الفصل السادس في المقامات
الجزء الأول الجزء الثاني الجزء الثالث الجزء الرابع
يرجى زيارة هذا الموقع المخصص لكتاب الفتوحات المكية

الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية)

الباب:
فى معرفة مقام الأدب وأسراره
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
 

الصفحة 285 - من الجزء الثاني (عرض الصورة)


futmak.com - الفتوحات المكية - الصفحة  - من الجزء

فترجع إليه وتقبله ولا ترده ولا تحملك الأنفة إن كنت ذا كبر في السن أو المرتبة وظهر الحق عند من هو أصغر منك سنا أو قدرا أو ظهر الحق عند معتوه تأدبت معه وأخذته عنه واعترفت بفضله عليك فيه هذا هو الاتصاف وما رأيت من تحقق بهذا خلقا في عمري إلا سيد واحد يقال له أبو عبد الله ابن جبير لقيته بمدينة سبتة وقصر كتامة وهو جزء من آداب الشريعة فإن أدب الشريعة هو الأم لباقي الأقسام‏

«و القسم الرابع» أدب الحقيقة

وهو ترك الأدب بفنائك وردك ذلك كله إلى الله وسيأتي في الباب الذي يلي هذا الباب وهو في المقامات كالوهب في أصناف العطاء وهو أن يعطي لينعم لا لسبب آخر وكذا المأدبة الاجتماع على طعام ماله سبب إلا الدعوة إليه خاصة من غير تقييد من صفة وليمة أو ختان أو ضيافة أو عقيقة وغير ذلك وكذا جامع الخير لا لسبب بل لكون جامع ذلك له نفس فاضلة خيرة بالذات فذلك هو الأديب وللأدب حال ومقام وهذا باب معرفة مقامه فمقامه هو ما يثبت له دائما وليس ذلك إلا الأدب مع الحق فإنه له الدوام في الدنيا والآخرة وما فاز به إلا أهل الفتوة من الملامية لا غير سلكوا فيه كل مسلك واستخرجوا كنوزه وحصلوا فوائده كما قال الله تعالى إنه ما خلق السموات وهو كل عالم علوي والأرض وهو كل عالم سفلي السماء من عالم الصلاح والأرض من عالم الفساد ومنه اشتقت اسم الأرضة لما تفسده في الثياب والورق والخشب ويسمى أيضا السوس والعث وما بينهما إلا بالحق من العالم فهذا الحق المخلوق به هذا العالم هو الذي نتأدب معه فإنه سبب وجود أعيان العالم وبه يحكم الله يوم القيامة بين عباده وفي عباده وبه أنزل الشرائع فقال لرسوله داود يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً في الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ ولا تَتَّبِعِ الْهَوى‏ وإن كان مخلوقا بالحق فإنه مما بين السماء والأرض أو هو عين الأرض فمقام الأدب العمل بالحق والوقوف عند الحق وإياك أن تتوهم من هذا القول إن الصدق هو الحق من حيث إنك تقول قال حقا إذا صدق في قوله وقال صدقا بل الحق حاكم على الصدق وعلى الكذب بالحسن والقبح فالحق في موطن يحمد الصدق وفي موطن يذمه وينهى عنه ويثني على الكذب الذي هو ضده ويحرض عليه ويوجب العمل به وفي موطن آخر يذم الكذب وينهى عنه ويحمد الصدق ويأمر به وهذا مقام الأدب الذي ينفع صاحبه في كل موطن فألزمه وتتبع مواضعه ودلائله في الشرائع وفي أفعال الرسول المتأسي بها لا غير لا ما اختص به فإنه ليس بأدب مع الحق‏

«و أما مقام» أدب الخدمة

فهو أن يعطي ذات المخدوم كان ما كان ما تستحقه من حيث عينها خاصة وهو أن تقف مع ما تطلبه بذاتها فتبادر إليه من قبل أن تأمرك به أو تساءلك فيه حتى لا يظهر عليها ذلة المسألة ولو كان أكبر منك وسالك في أمر فهو من حيث سؤاله إياك في ذلك الأمر أن تفعله إظهار حاجة إليك ولو عادت عليك منفعته ولكن مقام السؤال يقتضي ذلك فمقام أدب الخدمة الحضور دائما مع كل ذات مشهودة لك تنظر فيما تستحقه بما يعطيه الزمان أو المكان أو الحال فتقوم لها بذلك من غير سؤال ولا تنبه من أحد سوى حضورك فهذا مقام أدب الخدمة

«و أما مقام» أدب الشريعة

فهو أن تقوم بأمرها خاصة لا بما تعطيك ذاتها إلا إن أمرتك بذلك فيكون قيامك بما تعطيك ذاتها من حيث أمرها لا غير قال تعالى وما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وقال تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا الله وأَطِيعُوا الرَّسُولَ وأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ وكل خدمة عن أمر فمن أدب الشريعة لا من أدب الخدمة

«و أما مقام» أدب الحقيقة

فإنا نذكره إن شاء الله‏

ومن أدب الشريعة أخذك لأحكامها المشروعة والوقوف عند رسومها وحدودها واتصافك بها لمجرد الخدمة والاشتغال لا لتحلية النفس بالعلم بها دون العمل ومن آداب الخدمة أن لا يشغلك ولا يبعثك عليها ما تنتجه لك من المخدوم من القبول وملاحظات التأميل فإن شغلك ذلك فما خدمت سوى غرضك ونفسك ومن آداب الحق أن لا يتعدى علمك في الأشياء علمه فيها وهو الموافقة وإن أعطاك علمك خلاف ذلك ولا سيما فيما أضافه الحق إلى الخلق من الأعمال فأضفها أنت إلى من أضافها الله واترك علمك لعلمه فإنه العليم وأنت العالم وهو الصادق فيما يخبر فما أضاف أمرا إلى من أضافه إلا وينبغي لذلك المضاف إليه تلك الإضافة فلا ترجح علمك على علمه من حيث قيام الدليل لك على أنه لا فاعل إلا الله فليس هذا من الأدب فصاحب الموافقة له كل تجل وشهود فاعلم ذلك‏


مخطوطة قونية
4470
4471
4472
4473
4474
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
  الفتوحات المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين.

 

البحث في كتاب الفتوحات المكية

الصفحة 285 - من الجزء الثاني (اقتباسات من هذه الصفحة)

[الباب: 560] - فى وصية حكمية ينتفع بها المريد السالك والواصل ومن وقف عليها إن شاء الله تعالى (مقاطع فيديو مسجلة لقراءة هذا الباب)



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!