قلت : الشيخ، رضي الله عنه، اعتمد في هذه الحكمة على قول النبي لوطی عليه السلام : ولو أن لي بگم ؛ أو آوي إلى ركن شديده (هود: ۸۰) أراد لوط، عليه السلام، قبيلة تحميه وأراد نبينا محمد، صلى الله عليه وسلم، أنه كان يأوي إلى الله تعالى فإنه شديد البطش ثم بین، رضي الله عنه، أن الضعف أصل لا يحتاج إلى فعل فاعل وأما القوة فيحتاج إلى ذلك ولذلك قال: ثم جل من بعير قوة فأشار

إلى أن القوة بالجعل فهي عرضية.

وأم قوله: و جعل من بعد قوة ضعفا وشيبه" (الروم:54) فذكر أن الجعل متعلق بالشيبة لا بالضعف، وللمجاورة شرك بينهما مجازا.

وفسره بالآية الأخرى وهو قوله تعالى: "ثم يرد إلى أرذل العمر"(النحل: 70) فهو رد لا جعل.

وأم قوله: وما بعث نبي إلا بعد الأربعين فهو عذر للنبي لوط، عليه السلام، في قوله: "لو أن لي بكم قوة" (هود: 80) فإنه كان بعد الأربعين فقد شرع في النقص كما قال الشاعر:

ثم أجاب عن الإشكال الذي أورده: بأن القوة وإن كانت هي الهمة إلا أن المعرفة لا تترك للهمة تأثيرا ولا تصرفا.

وقد قال القشيري، رحمه الله، في بعض كتبه: إذا برقت بارقة من التحقيق لم يبق حال ول همة.
وقد بين رضي الله عنه، ذلك بيانا شافيا وهو حق لا شك فيه إلا قوله: فما ظهر في الوجود إلا ما كان له في حال العدم، فإني مخالف له فيه وعند الاجتماع يقال مشافهة وهذه المسألة عظيمة الجدوى إذا حققت فقوله في الشعر:

عندي غير مقبول، بل منه فقط إلا في طور العلم لا المعرفة.

وأم قوله:

فإنه يتقرر على ما يقوله، ولا نقبله على ما يقوله، رضي الله عنه، فمن أراد تحقيق هذ يجده في المواقف التي للنفري، رضي الله عنه، ولو كان مرادنا العلم كنا نجده في كتب المتكلمين.