موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المفاتيح الوجودية والقرآنية
لفصوص الحكم

تأليف: الشيخ عبد الباقي مفتاح

فص حكمة ملكية في كلمة لوطية

  السابق

المحتويات

التالي  

فص حكمة ملكية في كلمة لوطية


13 - فص حكمة ملكية في كلمة لوطية .كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص الحكم الشيخ الأكبر للشيخ عبد الباقي مفتاح

كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم الشيخ الأكبر ابن العربي للشيخ عبد الباقي مفتاح
13 - فص حكمة ملكية في كلمة لوطية
المرتبة 13: لفص حكمة ملكية في كلمة لوطية من الاسم القاهر كوكب الأمر والسماء الخامسة ومعلة العوا وحرف اللام
ظهور النور قاهر للظلمات كما أن ظهور الحق قاهر للباطل. أي أن ظهور النور يستلزم ظهور الاسم القاهر. ولهذا نجد الاسم النهار في القرآن في ستة مواضع دائما مقترنا بالاسم الواحد، لأن نور الواحد القدم قاهر للمحدثات و السوی .
"سبحانه هو الله الواحد القهار " [الزمر، 4].
"قل الله خلق كل شئ وهو الواحد القهار" [الرعد، 16].
"و برزوا لله الواحد القهار" [ابراهيم، 48].
" أرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار" [يوسف : 39].
" وما من إله إلا الله الواحد القهار " [ص: 65].
"لمن الملك اليوم لله الواحد القهار " [غافر، 16].
وأم الاسم القاهر فورد مرتين في الآيتين 18 و 61 من سورة الأنعام : "وهو القاهر فوق عباده " .
وبظهور القاهر في المرتبة 13 توجه على إيجاد السماء الخامسة وفلك الكوكب الأحمر المريخ وليلة السبت ونهار الثلاثاء وهي سماء روحانية هارون عليه السلام الذي له فص الاسم المذل كما سبق بيانه.
والمذل والقاهر أخوان فریبان في المعين ولهذا كانت هذه السماء مختصة بالقهر والفتن وسفك الدماء .
وله معدن الحديد الذي يشكل أهم أجزاء کوکبها المريخ الأحمر، وللحديد بأس شديد...
ولهذ كانت حكمة هذا الفص ملكية لأن الملك هو الشديد القاهر للمملوكين ولإقتران الاسم الملك بالنهار في الآية " لمن الملك اليوم لله الواحد القهار" [غافر، 16].... وطبع هذه السماء طبع النار.
والنار هي ركن القهر والإفناء. وحيث أن الله تعالى جعل في كل عسر يسرا وفي كل محنة منحة فقد أسكن روحانية هارون عليه السلام في هذه السماء وهو المشهور بلينه وتواضعه
ورحمته خلافا لأخيه موسى عليه السلام المعروف بقوته في الحق وبطشه لإزهاق الباطل وسرعة انفعاله.
فجعل الله تعالى موسى في سماء اللين والرحمة والمودة والشفقة أي السماء السادسة كما جعل هارون في سماء البطش والبأس.
وأنسب أنفاس الأنبياء لهذه المرتبة هو نفس لوط عليه السلام لعلاقته المخصوصة بشدة القهر .
فقال تعالى عنه عليه السلام أنه قال: " لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد" [هود: 80].
قال الشيخ: فنبه عليه السلام أنه كان مع الله من كونه شديدا...
وقهر الحق تعالى قوم لوط أشد قهر فاستأصلهم بعد أن أرسل عليهم حجارة من سجيل منضود وجعل عالي أرضهم سافله
ولهذ فإن مدار هذا الفص حول مظاهر القهر.
ففي أول الباب ذكر الشيخ الشدة والتحطيم "قيس بن الحطيم" والطعن والقوة والركن الشديد.
ثم ذكر قهر الأمم الكافرة للرسل وقهر الله لتلك الأمم.
ثم انتقل إلى قهر الشيب وأرذل العمر للإنسان.
ثم تطرق إلى قهر الهمة: فأهل الأحوال لهم الهمة القاهرة في التصريف، أما الكمل فهمتهم مقهورة للمعرفة... ثم تكلم على قهر المعلوم للعلم حيث أن العلم تابع للمعلوم وكل تابع مقهور...
وفي إطار هذا القهر ذكر أبا طالب مرتين في هذا الفص لبيان حكم القهر :
فهو أقرب الناس للنبي صلى الله عليه وآله وسلم ومن أعلمهم بصدق رسالته، ومع هذا مات على ما مات عليه أي حسب ما سبق به العلم التابع لما هي عليه عينه الثابتة في حضرة القدم.
وهذ الفص هو الرابع من الأبواب الأربعة المتتالية التي تشترك في صفة الشدة والقوة والقهر لأن الأمم المذكورة في القرآن والتي قهرها الله بالدمار هي قوم هود وصالح وشعيب ولوط.
وأقرب الرسل لشعيب في الزمان هو لوط قال شعيب لقومه:
"وم قوم لوط منكم ببعيد " [هود، 89]. وناسبت حكمة لوط الملكية محكمة شعيب القلبية في الفص الموالي لأن القلب هو ملك قوى الإنسان وأقواه وأوسعها.
وللوط صلة بالقلب المالك لأن لفظ لوط يعني : ملصق.
ولهذ سماه الشيخ في الباب 14 من الفتوحات بالملصق أي الأقرب لصوقا بالحضرة الإلهية.
وألصق الحضرات الوجودية ما هو قلب الإنسان الكامل.
وقد تكلم الشيخ في الباب 361 من الفتوحات المخصوص مترل سورة المؤمنون عن هذ اللصوق فقال ما خلاصته:
"لم قضى الله أن يكون للبروج أثر في العالم جعل الله في نشأة الإنسان الكامل اثني عشر قابلا يقبل ها هذه الآثار.
فمنه لصوقها بالعالم حين حذيت عليه ولصوقها بحضرة الأسماء الإلهية وبه صح الكمال لهذه النفس".
وأخير فإن مزلة هذه المرتبة هي العواء.
والعواء في اللغة هو شدة الصياح فهو صوت قاهر أو معبر عن قهر.
وله حرف اللام وهو من الحروف المجهورة قريب من الشدة منفتح منسفل و مخصوص بصفة الانحراف.
وانحرف قوم لوط للفاحشة التي لم يسبقهم فيها أحد من العالمين فألصقهم القهار بأسفل سافلين انتقاما منهم.
يقول الشيخ في مثل هذا المعنى في الباب 198:
"إن هذا النفس الإلهي في إيجاد الشرائع قد جعل طريقا مستقیما و خارجا عن هذه الاستقامة المعينة ويسمى ذلك تحريفا وهو قوله: "يحرفونه. من بعد م عقلوه " (البقرة : 75). مع كون يرجع إليه الأمر كله يقول وإن تعدد فالنفس يجمعه ، فسمي ذلك التحريف في نفس المتنفس الإنساني الحرف المنحرف فخالط أكثر الحروف وهو اللام وليس لغيره هذه المرتبة".
وختم الفص بكلمة تفيد قهر الانتقام وهي كلمة : الوتر.
والوتر في اللغة الأخذ بالثأر انتقاما كما ذكره الشيخ في الباب 172 من الفتوحات :
والوتر هو الواحد الأحد.
والأحد هو يوم الشمس الذي لمرتبتها الفص العزيري المجاور.
ففي البيتين اللذين ختم بما تمهيد للدخول لذلك الفص حيث ذكر فيهما كلمة وتر وكلمة "بان" وكلمة "لاح" المثيرة للاسم النور المتوجه على إيجاد فلك الشمس العزيري الإدريسي :
فقد بان لك السر ….. وقد لاح لك الأمر
وقد أدرج في الشفع …… الذي قيل هو الوتر
والعلاقة بين الفصين هي علاقة القضاء بالقدر. ففي هذا الفص تكلم عن القضاء من حيث تبعية العلم للمعلوم.
وفي فص لوط تكلم عن القدر الذي هو توقيت ما هي عليه الأشياء في عينها.
13 - سورة فص لوط عليه السلام
سورة هذا الفص هي "القارعة" لأن القارعة في اللغة هي الشديدة من شدائد الدهر وهي الداهية ولهذا بدا الشيخ الفص بالكلام عن الشدة وتكررت في الفص مظاهر الشدة ككلمة القوة تكررت عدة مرات والهمة المؤثرة والتصرف.
وقد ذكرنا أن الاسم الحاكم على هذا النص هو "القاهر" المتوجه على إيجاد سماء المريخ الأحمر الخامسة وهي سماء القهر والشدة والحرب.
ولهذ نجد الشيخ يخصص في الفتوحات الباب "283" للقارعة فيسمى متلها: "منزل القواصم وأسرارها".
ونسبة "القارعة" مع لوط هي الشدة التي لاقاها من قومه حتى قال "لو أن لي بكم قوة أو اوي إلى ركن شديد" [هود : 80] وكذلك شدة القهر الذي أصاب قومه فهلكوا بحجارة السجيل المنضود.
وكلام الشيخ حول الرجوع إلى الضعف يشير إلى رجوع الناس عند القارعة كالفراش المبثوث ورجوع الجبال كالعهن المنفوش ومن أضعف الخلق الفراش والعهن.
وكلامه في آخر الفص حول مسألة:
العلم تابع للمعلوم مرجعه للآية " فأمه هاوية " [القارعة : 9 ].
فالأم هي الأصل وأصل كل شيء عينه الثابتة التي تبعها العلم....
وحيث أن في السورة كلمة الموازين الثقيلة والخفيفة فقد وازن الشيخ في هذا الفص بين مقادير الرجال في التصرف .
فوازن بين الشيخين أبو عبد الله بن قايد وأبو السعود بن الشبل.
ثم وازن بين بعض الأبدال والشيخ أبي مدين.
ثم وازن الشيخ الأكبر بين نفسه والشيخ أبي السعود.
وهذه الموازنة ذكرها أيضا في آخر الباب "283" أي باب منزل "القارعة" حيث وازن بين الشيخ أبي البدر التماشکي البغدادي والشيخ رغيب الرحيي.
ووازن بين أبي السعود بن الشبل شيخ أبي البدر والشيخ عبد القادر الجيلاني شيخ أبي السعود.
وختم الباب بقوله عن أبي السعود: "إني أقطع أن ميزانه بين الشيوخ كان راجحا". أي أنه من الذين تحققوا بالآية: "فأما من ثقلت موازينه, فهو في عيشة راضية " [القارعة : 6-7].
ومن الملاحظ أن الشيخ افتتح ذلك المترل بأبيات فيها لفظ: "القهار" أي الاسم الحاكم على هذا الفص فقال:
إذ كنت مشغوفا بحب المعاصم ….. تذكر من الآيات أي القواصم
فان لها عن ذاك زجرا وعصمة ….. وأفلح من تحييه أي العواصم
وهذي أمور لم أنلها بفكرة …… ولكنها جاءت على يد قاسم
ويعطي إله الخلق عدلا ومنة ….. بقصمة قهار وعصمة عاصم
فكم بين شخص بالملائك ملحق ….. وبين شخيص ملحق بالبهائم
علاقة فص لوط عليه السلام بسابقه ولاحقه
ربط الشيخ هذا الفص بذكره لتبدل الصور على ابن آدم فساق الآية: " الله الذي خلقكم من ضعف جعل من بعد ضعف ، قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة " [الروم : 54] .
ففي هذا تکاثر للصور على عين العبد، ثم ذكر الآية: "ولكن أكثرهم لا يعلمون" [الأنعام، 37] إشارة إلى الكثرة وإلى العلم المذكورين في سورة التكاثر التي لها فص شعيب السابق.
أم تمهيده لفص عزير التاليالذي له الحكمة القدرية فتظهر في نهاية هذا الفص اللوطي بقوله "أي ما قدرت عليهم الكفر".
والاسم المتوجه على فص عزير الشمسي هو (النور) المنتشر من الموريات قدحا في سورة العاديات.
وهو الذي أشار إليه في هذا الفص بقوله :
"فلم رأت الرسل ذلك وأنه لا يؤمن إلا من أنار الله قلبه بنور الإيمان:
ومتى لم ينظر الشخص بذلك النور المسمى إيمانا فلا ينفع في حقه الأمر المعجز. فقصرت الهمم عن طلب الأمور المعجزة لما لم يعم أثرها في الناظرين ولا في قلوبهم كما قال في حق أكمل الرسل وأعلم الخلق وأصدقهم في الحال "إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء". "
.


19A4wQC5k0E

  السابق

المحتويات

التالي  

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!