موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المفاتيح الوجودية والقرآنية
لفصوص الحكم

تأليف: الشيخ عبد الباقي مفتاح

فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية

  السابق

المحتويات

التالي  

فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية


12 - فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية .كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص الحكم الشيخ الأكبر للشيخ عبد الباقي مفتاح

كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم الشيخ الأكبر ابن العربي للشيخ عبد الباقي مفتاح
المرتبة 12: لفص حكمة قلبية في كلمة شعيبية من الاسم العليم وسماء موسى السادسة ومنزلة الصرفة وحرف الضاد
غاية القهر هي حصول العلم فقوله تعالى: "وهو القاهر فوق عباده، " (الأنعام، 8).
يشير إلى أنه بظهور اسمه القاهر يعلم المخلوق أنه عبد عاجز لرب كامل له فوقية القهر. فظهور القاهر يستلزم الاسم العليم.
فجاء العليم في المرتبة 12 متوجه على سماء العلم والسعادة التي لها فلك كوكب المشتري وروحانية موسى عليه السلام الذي تربى تربية النبوة والرسالة مدة عشر سنين عند شعيب عليه السلام وتزوج ابنته.
ولهذا جعل الشيخ لهذه المرتبة الكلمة الشعيبية، من التشعيب الذي يستدعي الوسع.
قال تعالى: " والله واسع عليم " والرحمة والعلم مقرونان دائما بالوسعوالزيادة ولهذا قال الشيخ في هذا الفص:
"وكذلك العلم بالله ماله غاية في المعارف يقف عندها بل العارف في كل زمان يطلب الزيادة من العلم به "رب زدني علما. رب زدني علما. رب زدني علما"
ولما رأى موسى أنه أعلم أهل زمانه بعثه للعبد الذي علمه الله من لدنه علما وأتاه رحمة فازداد موسی علما إلى علم...
وحيث أن محل العلم هو القلب الواسع وكذلك الرحمة كانت حكمة هذا الفص قلبية. وابتدأ بالكلام عن القلب الذي وسع الحق جل جلاله وعلى الرحمة...
وأكثر الشيخ في هذا الباب من ذكر النفس والتنفيس فبدأ بقوله:
"فإن الله وصف نفسه بالنفس" وختم بقوله: "إن الله تجلى في كل نفس" لأن حياة القلب مصدر النفس حسا و معنى،معنى بنفس الزيادة من العلم، وحسا بتنفس الهواء.
وقد اختصت هذه السماء السادسة بطبع الهواء الحار الرطب.
ومن ناحية أخرى الغالب على شعيب التوسع في العلم والفصاحة والصفات القلبية المعتدلة من الأمر بالعدل والوزن بالقسط والقلب الكامل هو مركز العدل بين الأضداد ومنه تتشعب الحياة الحسية للجوارح والحياة المعنوية للقوى مونيا كل ذي حق حقه بالوزن الفسط.
يصف الشيخ القطب الثاني عشر الذي هو على قلب شعيب في الباب 463 من الفتوحات فيقول:
أن له علم البراهين و موازین العلوم ومعرفة الحدود.
حاكم على الطبيعة مؤيد للشريعة بين أقرانه ضخم الوسيعة.
ولا يرى الحق في شيء من تجليه دون أن يرى الميزان بيده يخفض ويرفع.
جمع لهذا القطب من القوتين القوة العلمية والقوة العملية.
وله في كل علم ذوق إلهي من العلوم المنطقية والرياضية والطبيعية والإلهية.
وكل أصناف هذه العلوم عنده علوم إلية ما أخذه إلا عن الله وما رآها سوى الحق... إلخ).
وقد جعل الشيخ هذا القطب الشعبي الثاني عشر من الأقطاب الذين عليهم مدار العالم كما أن للكلمة الشعيبية هذا الفص الثاني عشر لعلاقة هذه المرتبة بالقلب وتشعيبه.فهذه السماء السادسة هي قلب الأفلاك العلوية: تحتها خمس سماوات وفوقها خمس أفلاك: السماء السابعة والكوكب والأطلس والكرسي والعرش.
كذلك قلب العقائد الإيمانية في اثني عشر حرفا هي:
لا إله إلا الله أو: محمد رسول الله
ومنها تشعبت شعب الإيمان البضع والسبعون الواردة في الحديث، ومجموع الأعداد الاثني عشر الأولى هو 78 الموافق لتلك الشعب.
قال الشيخ: (فتحقق ياولي ما ذكرته لك في هذه الكلمة القلبية.
وأما اختصاصها بشعيب لما فيها من التشعب، أي شعبها لا تنحصر، لأن كل اعتقاد شعبة فهي شعب كلها)...
ومن هذا التشعيب سمي الشيخ شعيب في الباب 14 من الفتوحات بالمقسوم.
وشعب العقائد وأقسامها لا نهاية لصورها.
والعدد غير المحدد يرمز له بالألف التي له المرتبة 12 حسب قول الشيخ في الباب 463: كل واحد إلى العاشر، والحادي عشر له المائة والثاني عشر له الألف".
ومدار كل الفص حول تكاثر الصور المختلفة على العين الواحدة تجديد الخواطر والأحوال في كل نفس على القلب الواحد.
فهو في كل آن يتقلب من صورة إلى صورة لأن الله يتجلى في كل نفس ولا يكرر التجلي وكل تحل يعطي خلفا جديدا ويذهب بخلق) ...
وأقرب العناصر لسرعة التحول في الصور هو عنصر هذه السماء أي الهواء ، وأنسب المنازل الفلكية لانصراف الصور وظهور صور أخرى بالخلق المتجدد هو: الصرفة من التصريف والانصراف التي تدل معانيها على التحويل والكثرة التقليب.
قال مؤلف مختار الصحاح:
(صرف الصبيان قلبهم) وقال: (قلب القوم صرفهم)
وقال تعالى: (صرف الله قلوبهم) (التوبة، 127) وحرف هذه المنزلة هو حرف الفصاحة والاستطالة أي الضاد.
اختص بهذين الوصفين حتى قيل للعربية لغة الضاد، فهو مناسب لشعيب المشهور بفصاحته حتى لقب بخطيب الأنبياء .
و مناسب لموسى لاستطالة علوه وقوته حتى جعل الشيخ كلمته علوية كما سبق في فصه .
وأما صفات الضاد الأخرى التي يشترك فيها مع حروف أخرى فهي:
الجهر والإطباق والاستعلاء والرخاوة.
ولكل من هذه الصفات نسبة مع صفات هذه المرتبة الثانية عشره.
بقي سؤال:لماذا ذكر الشيخ اجتماعه بأرواح الأولياء الأموات في هذا الباب بالذات؟
فالجواب هو: أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم في ليلة المعراج أكثر التردد بين الله تعالى.
وموسی قطب هذه السماء في شأن الصلاة كما هو مشهور فكان اجتماع الشيخ بسابقيه من الأولياء واستفادتهم منه مناسب لما وقع بين موسى و سیدنا محمد عليهما السلام ليلة المعراج.

يقول الشيخ في الفصل 22 من الباب 198 المخصوص هذه المرتبة متكلما عن سمائها:
فمن أمرها حياة قلوب العلماء بالعلم واللين والرفق وجميع مكارم الأخلاق ولذلك لم ينهي أحد من سكان السماوات من أرواح الأنبياء عليهم السلام رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة فرض الله على أمته صلى الله عليه وسلم خمسين صلاة غير موسي عليه السلام فخفف الله عن هذه الأمة به .
ولها من الأيام يوم الخميس (أي نهاره) ولها ليلة (الاثنين) فكل سر يكون للعارفين وعلم وتجلي ، فمن حقيقة موسى من هذه السماء و كل أثر يظهر في الأركان والمولدات يوم الخميس فمن كوكب هذه السماء وحركة فلكها محملا من غير تفصيل.
ولها الضاد المعجمة. ومن المنازل الصرفة.
فأما وجود الحروف المذكورة في كل سماء فـ لتلك السماء أثر في وجودها.
وأما قولنا أن لها من المنازل الصرفة أو كذا لكل سماء فلسنا نريد أن لها أثرا في وجود المنزلة كما أردنا بالحرف ، وإنما أريد بذلك أن هذا الكوكب الخاص بهذا الفلك أول ما أوجده الله وتحرك أوجده في المحلة التي نذكرها له بعينها فهي منزلة سعده حيث ظهر فيها وجوده.
فهذا معنى قولي له من المنازل كذا.
ولكل سماء وفلك أثر في معدن من المعادن السبعة يختص به وينظر إليه ذلك المعدن بقوته).
وختم الشيخ الفص بالكلام على الخلق الجديد فناء وبقاء.
وأنسب الصور العنصرية لفناء الخلق وبقاء صوره هي صورة النار لأنها تفني ما تحرقه وتفني بمجرد نزع الجسم الذي يشعلها وتبدل صورته ولا قيام لها إلا به.
وقد أشار إلى النار قبل ذلك في قوله:(ونفخ في غير ضرم) والضرام هو الاشتعال.

كل هذا تمهيد للدخول للفص الموالي الذي له مرتبة سماء المريخ التي طبعها النار و المستمد من الاسم " القاهر" والنار من مظاهر القهر .
12: سورة فص شعيب عليه السلام
قال الشيخ: "فحقق يا ولي ما ذكرته لك في هذه الحكمة القلبية.
وأم اختصاصها بشعبب، لما فيها من التشعب، أي شعبها لا تنحصر، لأن كل اعتقاد شعبة، فهي شعب كلها".
فهذ القول يرمي بنا مباشرة لسورة هذا الفص أي سورة کثرة الشعب أي سورة "التكاثر".
ولهذ كرر الشيخ كلمة "كثرة" فقال: "فتكون في التجلي كثرة مشهودة... مع كثرة الصور واختلافها... فقال في حق طائفة، بل أكثر العالم، ...".
ومدار كل الفص حول التكاثر، وفيه ذكر لتكاثر الأعداد والأشكال كقوله: "مائة ألف ألف مرة."
وكقوله: "التربيع والتسدیس والثمين" ... وبدأ بذكر تكاثر صور الحق في قلب العارف، وتكاثر الزيادة في العلم فكرر ثلاث مرات: "رب زدني علما"...
ثم تكاثر التجليات ثم تكاثر الاعتقادات ثم تكاثر الخلق الجديد وتكاثر الأعراض عند الأشاعرة وأخيرا ختم بتکاثر تجليات الحق في كل نفس بل تکرار....
وحيث أن كلمة "تعلمون" تكررت في السورة ثلاث مرات وكلمة "علم" مرة واحدة.
فقد أكد الشيخ على العلم والزيادة منه وكرر كلمة "علم" في الفص مرات كقوله: "وكذلك العلم بالله ماله غاية في العارف" لأن الاسم الحاكم على هذا الفص كما ذكرناه. هو "العليم" المتوجه على إيجاد سماء العلم أي سماء المشتري السادسة التي قطبها موسى صاحب شعيب عليهما السلام
وقوله: "فإذا انكشف الغطاء انكشف لكل أحد بحسب معتقده..."
يشير إلى : "لترونها عين اليقين " (التكاثر، 7)
و كذلك قوله: "فإذا انكشف الغطاء رأى صورة معتقده..... فزال الاعتقاد وعاد علم بالمشاهدة" .
يشير إلى الانتقال من علم اليقين في الآية: ( كلا لو تعلمون علم اليقين ) (التكاثر، 5) إلى عين اليقين في: ( لترون الجحيم ) (التكاثر، 6).
ثم قوله: "و بعد احتداد البصر لا يرجع کليل النظر" إشارة إلى: (ثم لترونها عين اليقين ) (التكاثر، 7).
وقوله: "وقد ذكرنا صورة الترقي بعد الموت..." إلى آخره إشارة إلى : (حتى زرتم المقابر ) (التكاثر، 2) .
ولهذ سمي الشيخ منزل سورة التكاثر في الباب "272" من الفتوحات:
"منزل تزاور الموتی".
وقوله: "وصاحب التحقيق يرى الكثرة في الواحد..."
مطابق لما بدأ به الشيخ الوصل "73" من الباب "369" وهر وصل سورة التكاثر حيث يقول:
"مآل الأمر الرجوع من الكثرة إلى الواحد من مؤمن ومشرك لأن المؤمن الذي يعطي کشف الأمور على ما هي عليه يعطي ذلك وهو قوله تعالى: (فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد ) (ق، 22)...
وهو مطابق أيضا لقوله: "وبعد احتداد البصر ل يرجع کليل النظر"...
قوله: "ومن أعجب الأمور أنه في الترقي دائما.... وتشابه الصور مثل قوله تعالى : ( وأتوا به، متشابها ) (البقرة: 25) وليس هو الواحد عين الآخر..."
يشير إلى تشابه آيات التكاثر (5 - 3)
ك تكرار: ( كلا سوف تعلمون . ثم كلا سوف تعلمون . کلا لو تعلمون ) .
و كـ تكرر كلمة "اليقين" مرتين.
و كـ تكرر "الرؤية" مرتين
وك تكرر "كلا" ثلاثة مرات
وك تكرر "ثم" ثلاثة مرات.
علاقة قص شعيب عليه السلام بسابقه ولاحقه
بد الشيخ هذا الفص بذكر "القلب". فهذه البداية مناسبة لكعبة قريش، بيت الرب، المذكورة في سورة الفص السابق لأنها في قلب الأمكنة.
وختم الفص بمسألة الخلق المتجدد أي تبديل الصورة بصورة تتلوه وهو عين موضوع سورة فص لوط التالي أي "القارعة" فعند وقوع القارعة تتحول الجبال كالعهن المنفوش و الناس كالفراش المبثوث.
وفي الباب 283 - المتعلق مترل سورة "القارعة" المجاورة في المصحف لسورة التكاثر توسع الشيخ في تفصيل تحول الصور من شكل إلى شكل .
وفيه يقول: من هذه الحضرة تمسخ الصور الحسية في الدنيا والآخرة، ومن هذ المترل تمسخ البواطن.
ولعلاقة هذه السورة بعلم اليقين وسماء العلم حيث كوكب المشتري نجد الشيخ يقر فما في ديوانه حيث يقول:
"من روح سورة ألهاكم التكاثر
حق اليقين علوم لا يحصله ..... إل بلم وهو المخصوص بالعلل
وهي العلوم التي أرست قواعده ..... بالمشتريّ وبالمعهود من زحل
وعينه دونه ذوقا تشاهده ..... ولو بقيت فيبقى فيه بالمثل
وعلمه دون هذا العين تعلمه ..... بحدّه وهو إن أزيل لم يزل
.

CuWsGPSyVJg

  السابق

المحتويات

التالي  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب فصوص الحكم وشروحاته

مطالعة هذه الشروحات والتعليقات على كتاب الفصوص


يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!