موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

فصوص الحكم وخصوص الكلم

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

مع تعليقات الدكتور أبو العلا عفيفي

[نسخة أخرى فيها التعليقات فقط]
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


على ذلك، ولا بد من أحدهما لأن الأمر حق في نفسه. فعلى كل حال قد صح انقياد الحق إِلى عبده لأفعاله وما هو عليه من الحال. فالحال هو المؤثر. فمن هنا كان الدين جزاء أي معاوضة بما يسرُّ وبما لا يسر: فبما يسر «1» «رَضِيَ الله عَنْهُمْ ورَضُوا عَنْهُ»* هذا جزاء «2» بما يسر، «وَ مَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذاباً كَبِيراً» هذا جزاء بما لا يسر.

«وَ نَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئاتِهِمْ» هذا جزاء «3». فصح أن‏ «4» الدين هو الجزاء، وكما أن الدين هو الإسلام والإسلام عين الانقياد فقد انقاد إِلى ما يسر وإِلى ما لا يسر وهو الجزاء. هذا لسان‏ «5» الظاهر في هذا الباب. وأما سره وباطنه فإِنه تجلٍ‏ «6» في مرآة وجود الحق: فلا يعود على الممكنات من الحق إِلا ما تعطيه‏ «7» ذواتهم في أحوالها، فإِن لهم في كل حال صورة، فتختلف صورهم لاختلاف أحوالهم، فيختلف التجلي لاختلاف الحال، فيقع الأثر في العبد بحسب ما يكون.

فما أعطاه الخير سواه ولا أعطاه ضد الخير غيره، بل هو منعم ذاته ومعذبها. فلا يذمَّنَّ إِلا نفسه ولا يحمدنَّ إِلا نفسه. «فَالله الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ» في علمه بهم إِذ العلم يتبع المعلوم. ثم السر الذي فوق هذا في مثل هذه المسألة أن الممكنات على أصلها من العدم، وليس وجودٌ إِلا وجود الحق بصور أحوال ما هي عليه الممكنات في أَنفسها وأعيانها. فقد «8» علمت من يلتذ ومن‏ «9» يتألم وما يعقب كل حال من الأحوال وبه سمي عقوبة وعقاباً «10» وهو سائغ في الخير والشر غير أن العرف سماه في الخير ثواباً وفي الشر عقاباً، وبهذا سمى أو شرح الدين بالعادة، لأنه عاد عليه ما يقتضيه ويطلبه حاله: فالدين العادة: قال الشاعر:

كدِينِك من أم الحويرث قبله


(1) ساقطة في ن‏

(2) ا، ن: جزاء

(3) ن: جزاء بما يسر

(4) ن: ساقطة

(5) ا: بلسان‏

(6) ا: تجلى‏

(7) ن: تعطيهم‏

(8) ب: وقد

(9) ن: أو

(10) ا: وعقاب.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب فصوص الحكم وشروحاته

مطالعة هذه الشروحات والتعليقات على كتاب الفصوص


يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!