فصوص الحكم وخصوص الكلم
للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
مع تعليقات الدكتور أبو العلا عفيفي
[نسخة أخرى فيها التعليقات فقط]
التي تقرُّ بها عين المحب، من الاستقرار «20»: فتستقر العين عند رؤيته فلا تنظر معه إلى شيء غيره في شيء وفي غير شيء «1». ولذلك نُهِيَ عن الالتفات في الصلاة، وأن الالتفات شيء يختلسه الشيطان من صلاة العبد فيحرمه مشاهدة محبوبه. بل لو كان محبوبَ هذا الملتفت، ما التفت في صلاته إلى غير قبلته بوجهه. والإنسان يعلم حاله في نفسه هل هو بهذه المثابة في هذه العبادة الخاصة أم لا، فإن «الإنسان عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ ولَوْ أَلْقى مَعاذِيرَهُ». فهو يعرف كذبه من صدقه في نفسه، لأن الشيء لا يجهل حاله فإن حاله له ذوقي. ثم إن مسمى الصلاة له قسمة أخرى، فإنه تعالى أمرنا أن نصلي له وأخبرنا أنه يصلي علينا. فالصلاة «2» منا ومنه. فإذا كان هو المصلي فإنما «3» يصلي باسمه الآخِر، فيتأخر عن وجود العبد: وهو عين الحق الذي يخلقه «4» العبد في قلبه بنظره الفكري أو بتقليده وهو الإله «5» المعتَقَد. ويتنوع بحسب ما قام بذلك المحل من الاستعداد كما قال الجنيد حين سئل عن المعرفة بالله والعارف فقال لون الماء لون إنائه. وهو جواب سادّ «6» أخبر عن الأمر بما هو عليه. فهذا هو الله الذي يصلي علينا. وإذا صلينا نحن كان لنا الاسم الآخر فكنا فيه «7» كما ذكرنا في حال من له هذا الاسم، فنكون عنده «8» بحسب حالنا، فلا ينظُرُ إلينا إلا بصورة ما جئناه «9» بها فإن المصلي هو المتأخر عن السابق في الحلبة «21». وقوله «كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وتَسْبِيحَهُ» أي رتبته في التأخر «22» في عبادته ربه، وتسبيحه الذي يعطيه من التنزيه استعداده، فما من شيء إلا وهو يسبح بحمد ربه الحليم
(1) يصح أن تكون الجملة «فلا تنظر معه إلى شيء غيره» معترضة بين قوله «فتستقر العين عند رؤيته» وقوله «في شيء وفي غير شيء»: أي في شيء محسوس أو غير محسوس. ويصح أن يكون المعنى فلا تنظر معه العين شيئاً غيره سواه أ كانت الرؤية في شيء محسوس يتجلى فيه الحق أو شيء غير محسوس. (راجع القيصري ص 312)
(2) ا: والصلاة
(3) ا: وإنم
(4) ب: يخيله
(5) ا: إله المعتقد
(6) ن: ساد سهل
(7) فيه أي في هذا المقام
(8) ن: فيكون عبده
(9) «ا» و«ن»: جئنا.
البحث في نص الكتاب
يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!