المكتبة الأكبرية
*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***
*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***
تنبيهات على علو الحقيقة المحمدية العليّة
ينسب للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
التنبيه الثاني
اعلم أن مرتبة الإنسان الكامل، الذي لا أكمل منه: من العالم: مرتبة النفس الناطقة من الإنسان ، وهو سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم: الذي هو الغاية المطلوبة من العالم .
ومرتبة الكمال التنازلي عن مرتبته: بمنزلة القوى الروحانية من الإنسان ، وهم الأنبياء ( صلّى اللّه عليهم وسلّم ) .
ومرتبة من نزل عن مرتبتهم بمنزلة: القوى الحسية من الإنسان في الشكل، وهو من جملة الحيوان، فهم بمنزلة الروح الحيواني في الإنسان، الذي يعطي النمو والاحساس .
وإنما قلنا: إنه صلى الله عليه وسلم: “ النفس الناطقة “: لما أعطاه الكشف، ولقوله صلى الله عليه وسلم: “ أنا سيد الناس “ والعالم من الناس، فلأنه الإنسان الكبير في الجرم، المتقدم في التسوية: لتظهر عنه صورة نشأته صلى الله عليه وسلم، كما سوى اللّه تعالى جسم الإنسان وعدله قبل وجود روحه ، ثم نفخ فيه من روحه: روحا كان به إنسانا تماما .
والملائكة من العالم كالصورة الظاهرة في خيال الإنسان .
وكذلك الجن .
فليس العالم إنسانا إلّا بوجود الإنسان، الذي هو “ نفسه الناطقة “ .
كما أن نشأة الإنسان: لا يكون إنسانا إلّا بنفسه الناطقة، ولا تكون هذه النفس الناطقة من الإنسان كاملة، إلّا بالصورة الإلهية .
فلذلك “ نفس العالم “ التي هي عبارة [ عن ] سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، حازت درجة الكمال بتمام الصورة الإلهية في الوجود والبقاء والتنوع في الصور، وبقاء العالم به .
وكان حال العالم قبل ظهوره صلى الله عليه وسلم بمنزلة الجسد المسوى بلا روح .
وحاله بعد وفاته: بمنزلة النائم .
وحاله ببعثه صلى الله عليه وسلم يوم القيامة: بمنزلة الانتباه بعد النوم .
ولما أراد اللّه بقاء هذه الأرواح على ما قبلته من التمييز: خلق لها أجسادا برزخية تميزت بها عند انتقالها عن أجسادها في الدنيا: في النوم، وبعد الموت، واللّه أعلم