المكتبة الأكبرية
*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***
*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***
تنبيهات على علو الحقيقة المحمدية العليّة
ينسب للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
التنبيه الحادي عشر
[ في بيان معاني وصف الشيخ ( رحمه اللّه تعالى ) للحقيقة المحمدية صلى الله عليه وسلم بأنه ] الحادث الأزلي والنشأ الدائم .
أما حدوثه الذاتي، فلعدم اقتضاء ذاته الوجوب .
وأما حدوثه الزماني: فلكون نشأته العنصرية مسبوقة بالعدم الزماني .
وأما أزليته فبالوجود العلمي .
فعينه الثابتة في العلم: أزلية، وكذا بالوجود العيني الروحاني، لأنه غير زماني، والفرق بين أزلية الأعيان الثابتة في العلم والأرواح المجردة، وبين أزلية الحق تعالى، هو: أن أزليته تعالى نعت سلبي: ينفي افتتاح الوجود عن عدم ، لأنه تعالى عين الوجود .
وأزليتها هو: دوام وجودها بدوام وجود الحق تعالى مع افتتاح وجودها عن العدم . لكن وجودها من غيرها .
وأما دوامه وأبديته فلبقائه ببقاء موجده تعالى: دنيا وأخرى .
وأما كونه كلمة فاصلة، فلأنه هو الذي يفصل بين الأرواح وصورها في الحقيقة، وإن كان الفاصل ملكا معينا، فإنه بحكمه :
يفصل بينهما .
وكذلك هو “ الجامع “ بينهما، لأنه هو الخليفة الجامع للأسماء ومظاهرها، فلما وجد هذا الكون الجامع، ثم العالم بوجوده الخارجي، لأنه روح العالم المدبرة له، والمتصرفة فيه .
وإنما تأخرت نشأته العنصرية في الوجود العيني، لأنه لما كانت عينه في الخارج مركبة من العناصر المتأخر وجودها عن الأفلاك وأرواحها وعقولها: وجب أن يوجد قلبه، لتقدم الجزء على الكل بالطبع .
وكون هذا الكامل: ختما على خزانة الدنيا فهو أيضا ختم على خزانة الآخرة: ختما أبديا، فيه دليل على أن التجليات الإلهية لأهل الآخرة: إنما هي بواسطته صلى الله عليه وسلم، والمعاني المفصلة لأهلها، متفرعة عن مرتبته، ومقام جمعه أبدا، كما تفرعت أزلا، فما للكامل من الكمالات في الآخرة: لا نهاية لها، واللّه أعلم .