موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

كتاب التعرف لمذهب أهل التصوف

لأبي بكر الكلاباذي رحمه الله

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


51. الباب الحادي والخمْسُون: قولهم في المحبَّة

قال الجنيد: المحبة: ميل القلوب "، معناه: أن يميل قلبه إلى الله، وإلى ما لله من غير تكلف.

وقال غيره: المحبة: هي الموافقة "، معناه: الطاعة له فيما أمر، والانتهاء عما زجر، والرضا بما حكم وقدر.

قال محمد بن علي الكتاني: المحبة: الإيثار للمحبوب ".

قال غيره: المحبة: إيثار ما تحب لمن تحب ".

قال أبو عبد الله النباجي: المحبة: لذة في المخلوق، واستهلاك في الخالق "، معنى " الاستهلاك ": أن لا يبقي لك حظ، ولا يكون لمحبتك علة، ولا تكون قائما بعلة.

قال سهيل: من أحب الله فهو العيش، ومن أحب فلا عيش له "، معنى " هو العيش ": أنه يطيب عيشه؛ لأن المحب يتلذذ بكل ما يرد عليه من المحبوب: من مكروه أو محبوب. ومعنى " لا عيش له ": لأنه يطلب الوصول إليه، ويخاف الانقطاع دونه، فيذهب عيشه. >

وقال بعض الكبار: المحبة لذة، والحق لا يتلذذ به؛ لأن مواضع الحقيقة: دهش واستيفاء وحيرة، فمحبة العبد لله: تعظيم يحل الأسرار فلا يستجيز تعظيم سواه، ومحبة الله للعبد: هو أن يبليه به فلا يصلح لغيره، وهو معنى قوله تعالى {واصطنعتك لنفسي} "، ومعنى " لا يصلح لغيره ": أن لا يكون فيه فضل لمراقبة الأغيار ومراعاة الأحوال.

قال بعضهم: المحبة على وجهين: محبة الإقرار، وهو للخاص والعام. ومحبة الوجد من طريق الإصابة، فلا يكون فيه رؤية النفس والخلق، ولا رؤية الأسباب والأحوال، بل يكون مستغرقا في رؤية ما لله وما منه ".

وأنشدونا لبعضهم: >

أحِبّك حبين: حبّ الهوى *** وحباً لأنك أهلٌ لذاكا

فأمّا الذي هو حب الهوى: *** فشغلي بذكرك عمن سواكا

وأما الذي أنت أهل له *** فلست أرى الكون حتى أراكا

فما الحمد في ذا ولا ذاك لي *** ولكن لك الحمد في ذا وذاكا

قال ابن عبد الصمد: هي: التي تعمى وتصم، تعمي عما سوى المحبوب، فلا يشهد سواه مطلوبا؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم : {حبك الشيء يعمي ويصم} "، وأنشَد:

أصمني الحب إلا عن تسامره *** فمن رأى حب حب يورث الصمما

وَكَفَّ طرفي إلا عن رعايته *** والحب يعمى وفيه القتل إن كتما

وأنشد أيضا: فرط المحبة حال لا يقاومها *** رأى الأصيل إذا محذوره قهرا

يلذ إن عدلت منه قوارعه *** وإن تزيدَ في تعديله بهَرَا

فصل >

إن للقوم عبارات تفردوا بها، واصطلاحات فيما بينهم لا يكاد يستعملها غيرهم، نخبر ببعض ما يحضر، ونكشف معانيها بقول وجيز؛ وإنما نقصد في ذلك: إلى معنى العبارة دون ما تتضمنه العبارة؛ فإن مضمونها لا يدخل تحت الإشارة فضلا عن الكشف. وأما كنه أحوالهم: فإن العبارة عنها مقصورة، وهي لأربابها مشهورة.



  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!