موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

كتاب التعرف لمذهب أهل التصوف

لأبي بكر الكلاباذي رحمه الله

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


20. الباب العشرون: في متفرّقات أُخرى

أجمعوا: أن جميع ما فرض الله تعالى على العباد في كتابه، وأوجبه رسول الله صلى الله عليه وسلم : فرض واجب، وحتم لازم على العقلاء البالغين، لا يجوز التخلف عنه، ولا يسع التفريط فيه بوجه من الوجوه لأحد من الناس (من صديق وولي وعارف)، وإن بلغ أعلى المراتب، وأعلى الدرجات، وأشرف المقامات، وأرفع المنازل.

وأنه لا مقام للعبد تسقط معه آداب الشريعة (من إباحة ما حظر الله، أو تحليل ما حرم الله، أو تحريم ما أحل الله، أو سقوط فرض)، من غير عذر ولا علة، والعذر والعلة: ما أجمع عليه المسلمون، وجاءت به أحكام الشريعة.

ومن كان أصفى سرا وأعلى رتبة وأشرف مقاما، فإنه اشد اجتهادا، وأخلص عملا، وأكثر توقيا.

وأجمعوا: أن الأفعال: ليست بسبب للسعادة والشقاوة، وأن السعادة والشقاوة سابقتان بمشيئة الله تعالى لهم ذلك، وكتابه عليهم؛ كما جاء في الحديث: قال عبد الله بن عمر: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : {هذا كتاب من رب العالمين، فيه: أسماء أهل الجنة، وأسماء آبائهم وقبائلهم}، ثم أجمل على آخرهم، فلا يزاد فيهم، ولا ينقص منهم أبدا. وكذلك قال في أهل النار. وقال عليه السلام : {السعيد: من سعد في بطن أمه، والشقي: من شقي في بطن أمه}.

وأجمعوا: أنها: ليست بموجبة للثواب والعقاب من حيث الاستحقاق، بل من جهة الفضل ومن جهة إيجاب الله تعالى ذلك. >

وأجمعوا: أن نعيم الجنة: لمن سبق له من الله السَّعادة من غير علة، وأن عذاب النار: لمن سبق له من الله الشَّقَاوة من غير علة؛ كما قال: {هؤلاء في الجَنَّة ولا أبالي، وهؤلاء في النار ولا أبالي}، وقال: {ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس}، وقال: {إن الذين سبقت لهم منَّا الحسنى أولئك عنها مبعدون}.

وقالوا: إنها - أعني: أفعال العباد -: علامات وأمارات على ما سبق لهم من الله؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : {اعملوا، فكل ميسر لما خلق له}.

وقال الجنيد: الطاعة عاجل بشراه على ما سبق لهم من الله تعالى، وكذلك المعصية ".

وقال غيره: العبادات حلية الظواهر، والحق لا يبيح تعطيل الجوارح من حلاها ".

وقال محمد بن على الكتاني: الأعمال كسوة العبودية، فمن أبعده الله عند القسمة نزعها، ومن قربه أشفق عليها ولزمها ".

وهم مع ذلك مجمعون: على أن الله تعالى يثيب عليها ويعاقب؛ لأنه وعد على صالحها، وأوعد على سيئها، فهو ينجز وعده، ويحقق وعيده؛ لأنه صادق خبره صدق.

وقالوا: على العباد بذل المجهود في أداء ما كَلَّفَ، وإتيان ما نَدَبَ إليه، بعد التكليف، وبعد إتيانها وإيفاء ما عليه تكون المشاهدات؛ كما جاء في الحديث: {من عمل بما علم، ورثه الله علم ما لم يعمل}، وقال الله تعالى: {والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا}، وقال: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة وجاهدوا في سبيله لعلكم تفلحون}. >

وقال يحيى: لن يصل إلى قلبك روح المعرفة وله عليك حق لم تؤده ".

وقال الجنيد: إن الله تعالى يعامل عباده في الآخر على حسب ما عاملهم في الأول: بدأهم تكرما، وأمرهم ترحما، ووعدهم تفضلا، ويزيدهم تكرما، فمن شهد بره القديم سهل عليه أداء أمره، ومن لزم أمره أدركه وعده، ومن فاز بوعده لا بد أن يزيده من فضله ".

وقال سهل بن عبد الله التستري: من غمض بصره عن الله طرفة عين فلا يهتدي طول عمره ". >



  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!