موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

فصوص الحكم وخصوص الكلم

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


يتمكن أن يخلو تنزيه عن تشبيه ولا تشبيه عن تنزيه: قال تعالى‏ «لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ‏ءٌ» فنزَّه وشبَّه، «وَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ» فشبه. وهي أعظم آية تنزيه نزلت‏ «1»، ومع ذلك لم تخل عن التشبيه بالكاف. فهو أعلم العلماء بنفسه، وما عبَّر عن نفسه إلا بما ذكرناه. ثم قال‏ «سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ» وما يصفونه إلا بما تعطيه عقولهم. فنزه نفسه عن تنزيههم إذ حدوده بذلك التنزيه، وذلك لقصور العقول عن إدراك مثل هذا. ثم جاءت الشرائع كلها بما تحكم به الأوهام. فلم تُخْلِ عن صفة يظهر فيها. كذا قالت، وبذا جاءت. فعملت الأمم على ذلك فأعطاها الحق التجلي فلحقت بالرسل وراثةً «2»، فنطقت بما نطقت به رسل االله‏ «الله أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ‏ «3». «فالله أعلم» موجَّه: له وجه بالخبرية إلى رسل‏ «4» الله، وله وجه بالابتداء إلى أعلمُ حيث يجعل رسالاته «2». وكلا الوجهين حقيقة فيه، ولذلك قلنا بالتشبيه في التنزيه وبالتنزيه في التشبيه. وبعد أن تقرر هذا فنرخي الستور ونسدل الحجب على عين المنتقد والمعتقد «3»، وإن كانا من بعض صور ما تجلى فيها «5» الحق. ولكن قد أُمِرْنا بالستر ليظهر تفاضل استعداد الصور، وأن المتجلي في صورة بحكم استعداد تلك الصورة، فينسب إليه ما تعطيه حقيقتها ولوازمها لا بد من ذلك: مثل من يرى الحق في النوم ولا ينكر هذا وأنه لا شك الحق عينه فتتبعه لوازم تلك الصورة وحقائقها التي تجلى فيها في النوم، ثم بعد ذلك يعبَّر- أي يجاز- عنها إلى أمر آخر يقتضي التنزيه عقلًا. فإن كان الذي يعبرها ذا كشف وإيمان‏ «6»، فلا يجوز عنها إلى تنزيه فقط، بل يعطيها حقها في التنزيه ومما ظهرت فيه «4».
(1) ب: ساقطة

(2) ا: وارثة

(3) «ب» و«ن»: رسالاته‏

(4) ن: رسول‏

(5) ا: فيهم

(6) «ب» و«ن»: أو إيمان.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في فصوص الحكم



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!