موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

فصوص الحكم وخصوص الكلم

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


الشفقة على قومه، فلا يريد أن يبالغ في ظهور الحجة عليهم، فإن في ذلك هلاكهم:

فيبقي عليهم. وقد علم الرسول أيضاً أن الأمر المعجز إذا ظهر للجماعة منهم من يؤمن عند ذلك ومنهم من يعرفه ويجحده ولا يظهر التصديق به ظلماً وعلُوّا وحسداً، ومنهم من يُلْحِق ذلك بالسِّحر والإبهام. فلما رأت الرسل ذلك وأنه لا يؤمن إلا من‏ «1» أنار الله قلبه بنور الإيمان: ومتى لم ينظر الشخص بذلك النور المسمى إيماناً فلا «2» ينفع في حقه الأمر المعجز. فقصرت الهمم عن طلب الأمور المعجزة لما لم يعم أثرها في الناظرين ولا في قلوبهم كما قال في حق أكمل الرسل وأعلم الخلق وأصدقهم في الحال‏ «إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ ولكِنَّ الله يَهْدِي مَنْ يَشاءُ». ولو كان للهمة أثر ولا بد، لم يكن أحد أكمل من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أعلى ولا «3» أقوى همة منه، وما أثَّرتْ في إسلام أبي طالب عمِّه، وفيه نزلت الآية التي ذكرناها:

ولذلك قال في الرسول إنه ما عليه إلا البلاغ، وقال‏ «لَيْسَ عَلَيْكَ هُداهُمْ ولكِنَّ الله يَهْدِي مَنْ يَشاءُ». وزاد في سورة القصص‏ «وَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ» أي بالذين أعطوه العلم بهدايتهم في حال عدمهم بأعيانهم الثابتة. فأثبت‏ «4» أن العلم تابع للمعلوم. فمن كان مؤمناً في ثبوت عينه وحال عدمه ظهر بتلك الصورة في حال وجوده. وقد علم الله ذلك منه أنه هكذا يكون، فلذلك قال‏ «وَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ».

فلما قال مثل هذا قال أيضاً «ما يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ» لأن قولي على حد علمي في خلقي، «وَ ما أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ» أي ما قدَّرت عليهم الكفر الذي يشقيهم ثم طلبتهم بما ليس في وسعهم أن يأتوا به. بل ما عاملناهم إلا بحسب ما علمناهم، وما علمناهم إلا بما أعطونا من نفوسهم مما هم عليه، فإن كان ظلم فهم الظالمون. ولذلك‏ «5» قال‏


(1) ب: من قد

(2) «ا» و«ن»: وإلا فل

(3) «لا» ساقطة في «ب» و«ن»

(4) ب: وأثبت‏

(5) ا: وكذلك.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في فصوص الحكم



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!