---

تصرفاً. فكلما علت معرفته نقص تصرفه بالهمة «2»، وذلك لوجهين: الوجه الواحد لتحققه‏ «1» بمقام العبودية ونظرِهِ إلى أصل خلقه الطبيعي، والوجه الآخر أحدية المتصرِّف والمتصرَّف فيه: فلا يرى على مَنْ يرسِل همته فيمنعه ذلك. وفي هذا المشهد يرى أن المنازع له ما عدل عن حقيقته التي هو عليها في حال ثبوت عينه وحال عدمه. فما ظهر في الوجود إلا ما كان له في حال العدم في الثبوت، فما تعدى‏ «2» حقيقته ولا أخلَّ بطريقته. فتسميةُ ذلك نزاعاً إنما هو أمر عرضي أظهره‏ «3» الحجاب الذي على أعين الناس كما قال االله‏ «4» فيهم «وَ لكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ: يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا وهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غافِلُونَ‏»: وهو من المقلوب فإنه من قولهم‏ «قُلُوبُنا غُلْفٌ»* أي في غلاف وهو الكنُّ الذي ستره عن إدراك الأمر على ما هو عليه. فهذا وأمثاله يمنع العارف من التصرف في العالم قال الشيخ أبو عبد الله بن قايد «5» للشيخ أبي السعود بن الشبل‏ «6» لِمَ لا تتصرف؟ فقال‏ «7» أبو السعود تركت الحق يتصرف لي كما يشاء: يريد قوله تعالى آمِراً «فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا» فالوكيل هو المتصرف ولا سيما وقد سمع الله تعالى يقول‏ «وَ أَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ». فعلم أبو السعود والعارفون أن الأمر الذي‏ «8» بيده ليس له وأنه مستخلف فيه. ثم قال له الحق هذا الأمر الذي استخلفتك فيه وملَّكتك إياه: اجعلني واتخذني وكيلًا فيه، فامتثل أبو السعود أمر الله فاتخذه‏ «9» وكيلًا. فكيف‏

---

(1) ن: بتحققه بالباء

(2) ب: أصلحت في الهامش: فما تعدى المنازع‏

(3) ب: أظهر

(4) ا:+ تعالى‏

(5) ا: فايد بدون نقط الحرف الأول ب: أبو عبد الله محمد بن فايد بالفاء- ن: أبو عبد الله ابن فايد. جميع الشروح: ابن قائد بالقاف أو ابن الفائد

(6) ب: ابن الشبلي‏

(7) ا: قال‏

(8) ا: ساقطة.

(9) ب: واتخذه.