كتاب شمس المغرب
سيرة الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه
جمع وإعداد: محمد علي حاج يوسف
هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب
النبهاني في جامع كرامات الأولياء.[1] ولقد ذكرنا هذه المصنفات بأرقامها في الملحق الثاني في آخر هذا الكتاب.
بداية النسخة الثانية من الفتوحات (دمشق، 632/1235)
بعد أن أنهى الشيخ محي الدين النسخة الأولى من الفتوحات المكية وبدت بشكل مكتمل بلغ أكثر من عشرة آلاف صفحة بدأ يعيد النظر فيها ويضيف في بعض المواضع ويحذف في مواضع أخرى.
وربما يثير هذا تساؤلاً مشروعاً وهو أنه يدّعي في بداية الفتوحات كما ذكرنا أعلاه وكذلك في كتبه الأخرى أنها ليست من بنات أفكاره بل هو ما يكتب إلا ما يُفتح عليه به ولذلك ربما يقدّم ويؤخّر ... إلخ. ونقول إن هذا تساؤلٌ مشروعٌ ولكنه لا يقدح في صحة كلام الشيخ رضي الله عنه لأن موضوع النسخ انطبق حتى على القرآن الكريم وذلك لتأكيد "حكم الوقت" على مجريات الأحداث ولو كانت المسألة لا تظهر إلا بشكلها النهائي المقدور في الغيب لا يكون هناك أي معنى للحياة كلّها إذ يمكن لله تعالى أن يخلق الخلق ويضعهم في مراتبهم النهائية من غير سير ولا سلوك، وهذا أمر لا يكون. ولذلك هناك ما يسمّى باللوح المحفوظ، وهناك لوح المحو والإثبات، فيمحو الله ما يشاء ويثبت في اللوح الأول، وعنده أمّ الكتاب وهو اللوح المحفوظ.
فإذاً لا يتعارض التعديل الذي أجراه الشيخ محي الدين على النسخة الأولى من الفتوحات المكية مع كونها جاءته عن طريق الإلهام كما رأينا، بل إن التعديل نفسه هو أيضاً إلهام. وفي الحقيقة، فإن كلّ شيءٍ إنما هو إلهام من الله تعالى في بادئ الأمر، وهو ما يُعرف بالخاطر الأول، ثم إن تردّد في الفكر دخل عليه الخلط. فالخاطر الأول يكون إلا ربانيا ولهذا يصدق ولا يخطىء أبداً.[2]
سماعات الفتوحات (دمشق، 633/1236 حتى 638/1239)
بعد أن أنهى الشيخ محي الدين النسخة الأولى من الفتوحات المكية بدأ يدرّسها لتلاميذه ويقرأ منها عليهم، وبسبب كبر حجم هذه الموسوعة الصوفية التي استغرقت كتابتها ثلاثين سنة، فمن غير الممكن أن تتم قراءتها دفعة واحدة. ولذلك نجد العديد من السماعات المختلفة على أجزاء من الفتوحات. وقد قام الدكتور عثمان يحيى بإحصاء عدد كبير من هذه السماعات في تصنيفه لكتب الشيخ الأكبر، وقد تمّت هذه السماعات بين سنة 633 وحتى وفاة الشيخ الأكبر سنة 638، ثم استمرّت بعده عن طريق تلميذه ابن سودكين. ومن الملاحظ أن عدد المستمعين أكثر بشكل ملحوظ عنهم في السماعات للكتب الأخرى، وربما
[1] جامع كرامات الأولياء، تأليف يوسف بن إسماعيل النبهاني، تحقيق ومراجعة إبراهيم عطوة عوض، المكتبة الثقافية-بيروت،1991: ج2ص202.
[2] للمزيد عن "الخواطر" انظر في الفتوحات المكية: ج1ص281-284، ج2ص562-566، وكذلك في "سلوك القلب": ص158-166.