كتاب شمس المغرب
سيرة الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه
جمع وإعداد: محمد علي حاج يوسف
هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب
في كتب الشيخ محي الدين بن عربي.
· وترجمه الشيخ صفي الدين بن أبي المنصور بالولاية الكبرى والصلاح والعرفان وقال عنه: هو الشيخ الإمام المحقق رأس أجلاّء العارفين والمقربين صاحب الإشارات الملكوتية والنفحات القدسية والأنفاس الروحانية والفتح الموفق والكشف المشرق والبصائر الخارقة والسرائر الصادقة والمعارف الباهرة والحقائق الزاهرة، له المحل الأرفع من مراتب القرب في منازل الأنس والمورد الفذ في مناهل الوصل والطول الأعلى من معارج الدنو والقدم الراسخ في التمكين من أحوال النهاية والباع الطويل في التصرّف في أحكام الآية وهو أحد أركان هذا الطريق.[1]
كرامات الشيخ محي الدين
يتساءل الكثيرون عندما يقرؤون عن الشيوخ والأولياء عن كراماتهم وما حصل لهم من خرق للعادة، وبخلاف بعض الصوفية يعتبر الشيخ محي الدين أن الكرامة الحقيقية هي الالتزام بالشريعة الإسلامية.
فالكرامة الحقيقية في العصمة في القول والفعل والنيّة. ولكن يقول الشيخ الأكبر أن العامة لا تعرف من الكرامة إلا الحسية مثل الكلام على الخاطر والإخبار بالمغيبات الماضية والكائنة والآتية، والأخذ من الكون، والمشي على الماء واختراق الهواء وطي الأرض والاحتجاب عن الأبصار وإجابة الدعاء في الحال. فكل هذا من الكرامات الحسيّة. أما الكرامة المعنوية فلا يعرفها إلا الخواص من عباد الله وهي أن تحفظ عليه آداب الشريعة وأن يوفق لإتيان مكارم الأخلاق واجتناب سفسافها والمحافظة على أداء الواجبات مطلقاً في أوقاتها والمسارعة إلى الخيرات وإزالة الغل والحقد من صدره للناس والحسد وسوء الظن وطهارة القلب من كل صفة مذمومة وتحليته بالمراقبة مع الأنفاس ومراعاة حقوق الله في نفسه وفي الأشياء. فهذه كرامات الأولياء المعنوية التي لا يدخلها مكر ولا استدراج بل هي دليل على الوفاء بالعهود وصحة القصد والرضى بالقضاء، وأما الكرامات الحسية فكلها يمكن أن يدخلها المكر الخفي؛ سئل أبو يزيد عن طي الأرض فقال: "ليس بشيء فإن إبليس يقطع من المشرق إلى المغرب في لحظة واحدة، وما هو عند الله بمكان"، وسئل عن اختراق الهواء فقال إن الطير يخترق الهواء والمؤمن عند الله أفضل من الطير فكيف يحسب كرامة من شاركه فيها طائر.[2]
ولذلك لا نجد الشيخ محي الدين يتكلم أبداً عن أي كرامة خاصة مميّزة حصلت له إلا على سبيل الإشارة، مع أن سيرته كلها كرامات لا تُنكر. يقول الشيخ محي الدين في الباب الرابع والثمانين ومائة "في معرفة مقام الكرامات":
[1] عبد الوهاب الشعراني، "الطبقات الكبرى": ج1ص208. انظر أيضاً جلال الدين السيوطي، "تنبيه الغبي": ص52.
[2] الفتوحات المكية: ج2ص369-370.