المكتبة الأكبرية: القرآن الكريم: سورة الحجرات: [الآية 15]
![]() |
![]() |
![]() |
سورة الحجرات | ||
![]() |
![]() |
![]() |
تفسير الجلالين:
تفسير الشيخ محي الدين:
إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتابُوا وَجاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (15) قُلْ تُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (16) يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلْإِيمانِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (17)
لما منّ من منّ على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بالإسلام ،
قال تعالى تأنيسا له : «يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا»
ثم أمره أن يقول لهم فقال ، «قُلْ» يا محمد «لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ»
وآثر الحق تعالى محمدا صلّى اللّه عليه وسلّم على نفسه حتى لا يجعل له نعتا فيما أجري عليه لسان ذم ،
فقال له : قل لهم : «بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ» معناه أنه لو منّ لكان المنّ للّه «أَنْ هَداكُمْ لِلْإِيمانِ» ولو شاء لقال : بل أنا أمنّ عليكم أن هداكم اللّه بي للإيمان الذي رزقكم بتوحيده وأسعدكم به ، فما جعله تعالى محلا للمنّ كما منّوا بإسلامهم ،
فوبخوا ونبهوا بقوله : «بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلْإِيمانِ» والمنّ هنا من علم التطابق لم يقصد به المنّ ، لأنهم لما امتنوا على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بإسلامهم ، قال اللّه له : «قُلْ» يا محمد «بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلْإِيمانِ» أي إذا دخلتم في حضرة المنّ فالمنّ للّه لا لكم ، فما كان اللّه ليقول في المنّ ما قال ، ويكون منه ، وما كان اللّه ليدلنا على مكارم الأخلاق من العفو والصفح ويفعل معنا خلافه ،
فلله المنّة التي هي النعمة ، والامتنان الذي هو إعطاء المنّة ، لا المنّ سبحانه وتعالى ، فلما كانت المنة الواقعة منهم إنما هي على اللّه لا على رسوله صلّى اللّه عليه وسلّم ، فإنهم ما انقادوا إلا إلى اللّه ، لأن الرسول ما دعاهم إلى نفسه ، وإنما دعاهم إلى اللّه ،
فكان قوله تعالى : «إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ» في دعواكم أنكم مؤمنون ، يعني في إيمانكم بما جئت به ، فإنه مما جئت به أن الهداية بيد اللّه ، يهدي بها من يشاء من عباده لا بيد المخلوق ، فعراهم من هذه الصفة أن تكون لهم كسبا ، فاللّه تعالى يمنّ على عباده بما يمتنّ عليهم من المنن الجسام ، فجميع نعمه الظاهرة والباطنة مننه ،
ولذا سميت مننا ، وليس للعباد أن يمتنوا لأن النعم ليست إلا لمن خلقها ، فلهذا كان المن من اللّه محمودا ، لأنه ينبه عباده بما أنعم عليهم ليرجعوا إليه ، وكان مذموما من العباد لأنه كذب محض .
------------
(17) الفتوحات ج 4 / 256 - ج 2 / 232 ، 221 ، 651 - ج 4 / 256 -ح 2 / 221 ، 74 ، 256 ، 221 - إيجاز البيان آية 41تفسير ابن كثير:
وقوله : ( إنما المؤمنون ) أي : إنما المؤمنون الكمل ( الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا ) أي : لم يشكوا ولا تزلزلوا ، بل ثبتوا على حال واحدة ، وهي التصديق المحض ، ( وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله ) أي : وبذلوا مهجهم ونفائس أموالهم في طاعة الله ورضوانه ، ( أولئك هم الصادقون ) أي : في قولهم إذا قالوا : " إنهم مؤمنون " ، لا كبعض الأعراب الذين ليس معهم من الدين إلا الكلمة الظاهرة .
وقال الإمام أحمد : حدثنا يحيى بن غيلان ، حدثنا رشدين ، حدثني عمرو بن الحارث ، عن أبي السمح ، عن أبي الهيثم ، عن أبي سعيد قال : إن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " المؤمنون في الدنيا على ثلاثة أجزاء : [ الذين ] آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله . والذي يأمنه الناس على أموالهم وأنفسهم . ثم الذي إذا أشرف على طمع تركه لله عز وجل " .
تفسير الطبري :
التفسير الميسّر:
تفسير السعدي
{ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ } أي: على الحقيقة { الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأمْوَالِهِمْ وَأنْفُسِهُم في سبيل الله } أي: من جمعوا بين الإيمان والجهاد في سبيله، فإن من جاهد الكفار، دل ذلك، على الإيمان التام في القلب، لأن من جاهد غيره على الإسلام، والقيام بشرائعه، فجهاده لنفسه على ذلك، من باب أولى وأحرى؛ ولأن من لم يقو على الجهاد، فإن ذلك، دليل على ضعف إيمانه، وشرط تعالى في الإيمان عدم الريب، وهو الشك، لأن الإيمان النافع هو الجزم اليقيني، بما أمر الله بالإيمان به، الذي لا يعتريه شك، بوجه من الوجوه.
وقوله: { أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ } أي: الذين صدقوا إيمانهم بأعمالهم الجميلة، فإن الصدق، دعوى كبيرة في كل شيء يدعى يحتاج صاحبه إلى حجة وبرهان، وأعظم ذلك، دعوى الإيمان، الذي هو مدار السعادة، والفوز الأبدي، والفلاح السرمدي، فمن ادعاه، وقام بواجباته، ولوازمه، فهو الصادق المؤمن حقًا، ومن لم يكن كذلك، علم أنه ليس بصادق في دعواه، وليس لدعواه فائدة، فإن الإيمان في القلب لا يطلع عليه إلا الله تعالى.
فإثباته ونفيه، من باب تعليم الله بما في القلب، وهذا سوء أدب، وظن بالله.
تفسير البغوي
ثم بين حقيقة الإيمان ، فقال : ( إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا ) لم يشكوا في دينهم ( وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون ) في إيمانهم .
فلما نزلت هاتان الآيتان أتت الأعراب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحلفون بالله إنهم مؤمنون صادقون ، وعرف الله غير ذلك منهم ، فأنزل الله - عز وجل - :
الإعراب:
(إِنَّمَا) كافة ومكفوفة (الْمُؤْمِنُونَ) مبتدأ (الَّذِينَ) خبره (آمَنُوا) ماض وفاعله والجملة صلة (بِاللَّهِ) متعلقان بالفعل (وَرَسُولِهِ) معطوف (ثُمَّ) حرف عطف (لَمْ يَرْتابُوا) مضارع مجزوم بلم والواو فاعله والجملة معطوفة على ما قبلها (وَجاهَدُوا) معطوف على آمنوا (بِأَمْوالِهِمْ) متعلقان بالفعل (وَأَنْفُسِهِمْ) معطوف على أموالهم (فِي سَبِيلِ) متعلقان بالفعل أيضا (اللَّهِ) لفظ الجلالة مضاف إليه (أُولئِكَ) مبتدأ (هُمُ) ضمير فصل (الصَّادِقُونَ) خبر والجملة مستأنفة لا محل لها.