«ومغانم كبيرة يأخذونها» من خيبر «وكان الله عزيزا حكيما» أي لم يزل متصفا بذلك.
هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفى بِاللَّهِ شَهِيداً (28) مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْواناً سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْراةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوى عَلى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً (29)
[ «مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ. . .» الآية : ]
لما كان صلّى اللّه عليه وسلّم مشكاة فلك الرحمة الذي هو الظاهر من فلك الحياة ، والكلمة التي هي أم الكتاب ، وكانت نبوته ختما على النبوات ، إذ النبوة إنباء بأسرار وإرث بأنوار ، علم
بذلك كونه النازل في جميع الأقطار . والمنبأ في جميع الأخبار ، والحامل لواء الحمد الغفار وأول مشفع في دار القرار ، فسمي من حيث تكرار حمده محمدا ، ومن حيث كونه حامل لواء الحمد أحمد ،
فقال تعالى : «مُحَمَّدٌ» لما جمع فيه من المحامد «رَسُولُ اللَّهِ» فإن الحق المشروع ظهر بصورة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في حياته ، ولذلك كان يقال له : رسول اللّه في التعريف ، ما كان يقال له : محمد فقط «وَالَّذِينَ» آمنوا «مَعَهُ» أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام ، فازوا بالمقام العلي هنا وفي دار السلام ، أعلى درجات القربة ، التحقق في الإيمان بالصحبة ، لا يبلغ أحدنا مد أحدهم ولا نصيفه ، ولا يصلح أن يكون وصيفه ، نحن الإخوان فلنا الأمان ، وهم الأصحاب فهم الأحباب ، فمن رأى الصحبة عين الاتباع ، من أهل الحقائق ، ألحق اللاحق بالسابق ، فغاية السابق تعجيل الرؤية ، لحصول البغية ، ولكن ما لها بالسعادة استقلال فيما أعطاه الدليل ، وصححه السبيل ، وكم شخص رآه وشقي ، والذي تمناه بعدم اتباعه ما لقي ، فما أعطته رؤيته ، وقد فاتته بغيته ؟ فما ثمّ إلا الاقتداء ، وما يسعدك إلا الاهتداء ، فتعجل النعيم الصاحب ، فهو أقرب الأقارب ، وقد خلع اللّه تعالى على نبيه صلّى اللّه عليه وسلّم خلعه وسماه بالعبد والرسول والنبي ، فإن هذه الأسماء وصلة بين الإنسان وعبوديته من أكمل الوجوه ، فإن العبد على قدر ما يخرج به عن عبوديته ينقصه من تقريبه من سيده ، لأنه يزاحمه في أسمائه ، وأقل المزاحمة الاسمية ، فأبقى علينا اسم الولي وهو من أسمائه سبحانه ، ونزع هذا الاسم من رسوله وسماه بالرسول ، فإن هذا الاسم من خصائص العبودية التي لا تصح أن تكون للرب ، وسبب إطلاق هذا الاسم وجود الرسالة ، والرسالة قد انقطعت ، فارتفع حكم هذا الاسم بارتفاعها من حيث نسبتها إلى اللّه ، قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم : [ إن الرسالة والنبوة قد انقطعت فلا رسول بعدي ولا نبي ] فكان هذا من أشد ما جرعت الأولياء مرارته ، فإنه قاطع للوصلة بين الإنسان وبين عبوديته ، ولما علم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أن في أمته من يجرع مثل هذا الكأس ، وعلم ما يطرأ عليهم في نفوسهم من الألم لذلك ، رحمهم فجعل لهم نصيبا ، فقال للصحابة : [ ليبلغ الشاهد الغائب ] فأمرهم بالتبليغ كما أمره اللّه بالتبليغ ، لينطلق عليهم أسماء الرسل التي هي مخصوصة بالعبيد ، وقال صلّى اللّه عليه وسلّم : [ رحم اللّه امرأ سمع مقالتي فوعاها فأداها كما سمعها ] يعني حرفا حرفا ، وهذا لا يكون إلا لمن بلغ الوحي من قرآن أو سنة بلفظه الذي جاء به ، وهذا لا يكون إلا لنقلة
الوحي من المقرئين والمحدثين ، ليس للفقهاء ولا لمن نقل الحديث النبوي على المعنى نصيب ولاحظ فيه ، فإن الناقل على المعنى إنما نقل إلينا فهمه في ذلك الحديث النبوي ، فلا يحشر يوم القيامة فيمن بلغ الوحي كما سمعه وأدى الرسالة ، كما يحشر المقرئ والمحدث الناقل لفظ الرسول عينه في صف الرسل عليهم السلام ، فالصحابة إذا نقلوا الوحي على لفظه فهم رسل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ، والتابعون رسل الصحابة ، وهكذا الأمر جيلا بعد جيل إلى يوم القيامة ، وهو خير عظيم امتن به عليهم ، ومهما لم ينقله الشخص بسنده متصلا غير منقطع فليس له هذا المقام ، ومن هنا تعرف شرف مقام العبودية وشرف المحدثين نقلة الوحي بالرواية
[ إشارة : معاذ رسول رسول اللّه ، ومحمد صلّى اللّه عليه وسلّم رسول اللّه ]
-إشارة -كان معاذ وغيره رسول رسول اللّه إلى من أرسل إليهم ، وقيل في محمد صلّى اللّه عليه وسلّم :
رسول اللّه ، وكان يأخذ عن جبريل ، ولم يقل في معاذ وغيره : رسول اللّه ، وقيل فيه :
رسول رسول اللّه ، فلما ذا ترك ذكر الواسطة في «مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ» ؟إنما نسب رسول الرسول إليه ، لاشتراكهما في التكليف الذي أنزل عليه ، ولم ينسب الرسول عليه الصلاة والسلام إلى جبريل لأنه ليس له من رسالته غير التعريف الذي أودع الرحمن لديه ، فنسب الرسول إلى اللّه تعالى بغير واسطة ، لعدم هذه الرابطة .
(49) سورة الحجرات مدنيّة
------------
(29) كتاب تلقيح الأذهان - الفتوحات ج 1 /
430 - ج 4 /
193 ، 366 - ج 1 /
229 - كتاب التنزلات الموصلية
( ومغانم كثيرة يأخذونها وكان الله عزيزا حكيما )
قال ابن أبي حاتم : حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى بن سعيد القطان ، حدثنا عبيد الله بن موسى ، أخبرنا موسى ، أخبرنا موسى - يعني ابن عبيدة - حدثني إياس بن سلمة ، عن أبيه ، قال : بينما نحن قائلون . إذ نادى منادي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أيها الناس ، البيعة البيعة ، نزل روح القدس . قال : فثرنا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو تحت شجرة سمرة فبايعناه ، فذلك قول الله تعالى : ( لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة ) [ قال ] : فبايع لعثمان بإحدى يديه على الأخرى ، فقال الناس : هنيئا لابن عفان ، طوف بالبيت ونحن هاهنا . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لو مكث كذا كذا سنة ما طاف حتى أطوف " .
قوله تعالى {لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة} هذه بيعة الرضوان، وكانت بالحديبية، وهذا خبر الحديبية على اختصار : وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم أقام منصرفه من غزوة بني المصطلق في شوال، وخرج في ذي القعدة معتمرا، واستنفر الأعراب الذين حول المدينة فأبطأ عنه أكثرهم، وخرج النبي صلى الله عليه وسلم بمن معه من المهاجرين والأنصار ومن اتبعه من العرب، وجميعهم نحو ألف وأربعمائة. وقيل : ألف وخمسمائة. وقيل غير هذا، على ما يأتي. وساق معه الهدي، فأحرم رسول الله صلى الله عليه وسلم ليعلم الناس أنه لم يخرج لحرب، فلما بلغ خروجه قريشا خرج جمعهم صادين لرسول الله صلى الله عليه وسلم عن المسجد الحرام ودخول مكة، وإنه إن قاتلهم قاتلوه دون ذلك، وقدموا خالد بن الوليد في خيل إلى (كراع الغميم) فورد الخبر بذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو (بعسفان) وكان المخبر له بشر بن سفيان الكعبي، فسلك طريقا يخرج به في ظهورهم، وخرج إلى الحديبية من أسفل مكة، وكان دليله فيهم رجل من أسلم، فلما بلغ ذلك خيل قريش التي مع خالد جرت إلى قريش تعلمهم بذلك، فلما وصل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الحديبية بركت ناقته صلى الله عليه وسلم فقال الناس : خلأت خلأت فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (ما خلأت وما هو لها بخلق ولكن حبسها حابس الفيل عن مكة، لا تدعوني قريش اليوم إلى خطة يسألوني فيها صلة رحم إلا أعطيتهم إياها). ثم نزل صلى الله عليه وسلم هناك، فقيل : يا رسول الله، ليس بهذا الوادي ماء فأخرج عليه الصلاة والسلام سهما من كنانته فأعطاه رجلا من أصحابه، فنزل في قليب من تلك القُلُب فغرزه في جوفه فجاش بالماء الرواء حتى كفى جميع الجيش. وقيل : إن الذي نزل بالسهم في القليب ناجية بن جندب بن عمير الأسلمي وهو سائق بدن النبي صلى الله عليه وسلم يومئذ. وقيل : نزل بالسهم في القليب البراء بن عازب، ثم جرت السفراء بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين كفار قريش، وطال التراجع والتنازع إلى أن جاء سهيل بن عمرو العامري، فقاضاه على أن ينصرف عليه الصلاة والسلام عامه ذلك، فإذا كان من قابِلٍ أتى معتمِرا ودخل هو وأصحابه مكة بغير سلاح، حاشا السيوف في قِربها فيقيم بها ثلاثا ويخرج، وعلى أن يكون بينه وبينهم صلح عشرة أعوام، يتداخل فيها الناس ويأمن بعضهم بعضا، وعلى أن من جاء من الكفار إلى المسلمين مسلما من رجل أو امرأة رد إلى الكفار، ومن جاء من المسلمين إلى الكفار مرتدا لم يردوه إلى المسلمين، فعظم ذلك على المسلمين حتى كان لبعضهم فيه كلام، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلم بما علمه الله من أنه سيجعل للمسلمين فرجا، فقال لأصحابه (اصبروا فإن الله يجعل هذا الصلح سببا إلى ظهور دينه) فأنس الناس إلى قوله هذا بعد نفار منهم، وأبى سهيل بن عمرو أن يكتب في صدر صحيفة الصلح : من محمد رسول الله، وقالوا له : لو صدقناك بذلك ما دفعناك عما تريد فلا بد أن تكتب : باسمك اللهم. فقال لعلي وكان يكتب صحيفة الصلح : (امح يا علي، واكتب باسمك اللهم) فأبى علي أن يمحو بيده محمد رسول الله. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : (اعرضه علي) فأشار إليه فمحاه رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده، وأمره أن يكتب (من محمد بن عبدالله). وأتى أبو جندل بن سهيل يومئذ بأثر كتاب الصلح وهو يَرْسُف في قيوده، فرده رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبيه، فعظم ذلك على المسلمين، فأخبرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبر أبا جندل (أن الله سيجعل له فرجا ومخرجا). وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل الصلح قد بعث عثمان بن عفان إلى مكة رسولا، فجاء خبر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن أهل مكة قتلوه، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم حينئذ إلى المبايعة له على الحرب والقتال لأهل مكة، فروي أنه بايعهم على الموت. وروي أنه بايعهم على ألا يفروا. وهي بيعة الرضوان تحت الشجرة، التي أخبر الله تعالى أنه رضي عن المبايعين لرسول الله صلى الله عليه وسلم تحتها. وأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم لا يدخلون النار. وضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم بيمينه على شماله لعثمان، فهو كمن شهدها. وذكر وكيع عن إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي قال : أول من بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية أبو سفيان الأسدي. وفي صحيح مسلم عن أبي الزبير عن جابر قال : كنا يوم الحديبية ألفا وأربعمائة، فبايعناه وعمر آخذ بيده تحت الشجرة وهي سمرة، وقال : بايعناه على ألا نفر ولم نبايعه على الموت وعنه أنه سمع جابرا يسأل : كم كانوا يوم الحديبية؟ قال : كنا أربع عشرة مائة، فبايعناه وعمر آخذ بيده تحت الشجرة وهي سمرة، فبايعناه، غير جد بن قيس الأنصاري اختبأ تحت بطن بعيره. وعن سالم بن أبي الجعد قال : سألت جابر بن عبدالله عن أصحاب الشجرة. فقال : لو كنا مائة ألف لكفانا، كنا ألفا وخمسمائة. وفي رواية : كنا خمس عشرة مائة. وعن عبدالله بن أبي أوفى قال : كان أصحاب الشجرة ألفا وثلاثمائة، وكانت أسلم ثمن المهاجرين. وعن يزيد بن أبي عبيد قال : قلت لسلمة : على أي شيء بايعتم رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية؟ قال : على الموت. وعن البراء بن عازب قال : كتب علي رضي الله عنه الصلح بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين المشركين يوم الحديبية، فكتب : هذا ما كاتب عليه محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : لا تكتب رسول الله، فلو نعلم أنك رسول الله لم نقاتلك. فقال النبي صلى الله عليه وسلم لعلي : (امحه). فقال : ما أنا بالذي أمحاه، فمحاه النبي صلى الله عليه وسلم بيده. وكان فيما اشترطوا : أن يدخلوا مكة فيقيموا فيها ثلاثا، ولا يدخلها بسلاح إلا جلبان السلاح. قلت لأبي إسحاق وما جلبان السلاح؟ قال : القراب وما فيه. وعن أنس : أن قريشا صالحوا النبي صلى الله عليه وسلم فيهم سهيل بن عمرو، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لعلي : (اكتب بسم الله الرحمن الرحيم) فقال سهيل بن عمرو : أما باسم الله، فما ندري ما بسم الله الرحمن الرحيم ولكن اكتب ما نعرف : باسمك اللهم. فقال : (اكتب من محمد رسول الله) قالوا : لو علمنا أنك رسوله لاتبعناك ولكن اكتب اسمك واسم أبيك. فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (اكتب من محمد بن عبدالله) فاشترطوا على النبي صلى الله عليه وسلم : أن من جاء منكم لم نرده عليكم، ومن جاءكم منا رددتموه علينا. فقالوا : يا رسول الله، أنكتب هذا قال : (نعم إنه من ذهب منا إليهم فأبعده الله ومن جاءنا منهم فسيجعل الله له فرجا ومخرجا). وعن أبي وائل قال : قام سهل بن حنيف يوم صفين فقال يا أيها الناس، اتهموا أنفسكم، لقد كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية ولو نرى قتالا لقاتلنا، وذلك في الصلح الذي كان ببن رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين المشركين. فجاء عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله، ألسنا على حق وهم على باطل؟ قال (بلى) قال : أليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار؟ قال (بلى) قال ففيم نعطي الدّنِيّة في ديننا ونرجع ولمّا يحكم الله بيننا وبينهم؟ فقال (يا ابن الخطاب إني رسول الله ولن يضيعني الله أبدا) قال : فانطلق عمر، فلم يصبر متغيظا فأتى أبا بكر فقال : يا أبا بكر، ألسنا على حق وهم على باطل؟ قال بلى، قال : أليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار؟ قال بلى. قال : فعلام نعطي الدنية في ديننا ونرجع ولمّا يحكم الله بيننا وبينهم؟ فقال : يا ابن الخطاب، إنه رسول الله ولن يضيعه الله أبدا. قال : فنزل القرآن على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالفتح، فأرسل إلى عمر فأقرأه إياه، فقال : يا رسول الله، أو فتح هو؟ قال (نعم). فطابت نفسه ورجع. قوله تعالى{فعلم ما في قلوبهم} من الصدق والوفاء، قاله الفراء. وقال ابن جريج وقتادة : من الرضا بأمر البيعة على ألا يفروا. وقال مقاتل : من كراهة البيعة على أن يقاتلوا معه على الموت {فأنزل السكينة عليهم} حتى بايعوا. وقيل {فعلم ما في قلوبهم}من الكآبة بصد المشركين إياهم وتخلف رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم عنهم، إذا رأى أنه يدخل الكعبة، حتى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إنما ذلك رؤيا منام). وقال الصديق : لم يكن فيها الدخول في هذا العام. والسكينة : الطمأنينة وسكون النفس إلى صدق الوعد. وقيل الصبر. {وأثابهم فتحا قريبا } قال قتادة وابن أبي ليلى : فتح خيبر. وقيل فتح مكة. وقرئ {وآتاهم} {ومغانم كثيرة يأخذونها } يعني أموال خيبر، وكانت خيبر ذات عقار وأموال، وكانت بين الحديبية ومكة. فـ {مغانم} على هذا بدل من {فتحا قريبا } والواو مقحمة. وقيل {ومغانم } فارس والروم.
لقد رضي الله عن المؤمنين حين بايعوك -أيها النبي- تحت الشجرة (وهذه هي بيعة الرضوان في "الحديبية") فعلم الله ما في قلوب هؤلاء المؤمنين من الإيمان والصدق والوفاء، فأنزل الله الطمأنينة عليهم وثبَّت قلوبهم، وعوَّضهم عمَّا فاتهم بصلح "الحديبية" فتحًا قريبًا، وهو فتح "خيبر"، ومغانم كثيرة تأخذونها من أموال يهود "خيبر". وكان الله عزيزًا في انتقامه من أعدائه، حكيمًا في تدبير أمور خلقه.
{ وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا } أي: له العزة والقدرة، التي قهر بها الأشياء، فلو شاء لانتصر من الكفار في كل وقعة تكون بينهم وبين المؤمنين، ولكنه حكيم، يبتلي بعضهم ببعض، ويمتحن المؤمن بالكافر.
ومغانم كثيرة يأخذونها ) من أموال يهود خيبر ، وكانت خيبر ذات عقار وأموال ، فاقتسمها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بينهم ( وكان الله عزيزا حكيما ) .
(وَمَغانِمَ) حرف عطف ومعطوف على فتحا (كَثِيرَةً) صفة (يَأْخُذُونَها) مضارع مرفوع بثبوت النون والواو فاعله وها مفعوله والجملة صفة مغانم (وَكانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً) الواو حرف استئناف وكان واسمها وخبراها والجملة مستأنفة
Traslation and Transliteration:
Wamaghanima katheeratan yakhuthoonaha wakana Allahu AAazeezan hakeeman
And much booty that they will capture. Allah is ever Mighty, Wise.
Ve elde edecekleri birçok ganimetleri ihsan etmiştir ve Allah, üstündür, hüküm ve hikmet sahibidir.
ainsi qu'un abondant butin qu'ils ramasseront. Allah est Puissant et Sage.
und vielen Beutegütern, die sie einnehmen werden. Und ALLAH ist immer allwürdig, allweise.
 |
بيانات السورة |
اسم السورة |
سورة الفتح (Al-Fat-h - The Victory) |
ترتيبها |
48 |
عدد آياتها |
29 |
عدد كلماتها |
560 |
عدد حروفها |
2456 |
معنى اسمها |
(الْفَتْحُ): صُلْحُ الْحُدَيْبِيَةِ عَامَ (6)هـ ، نِسْبَةً إِلَى مَوضِعِ الحُدَيبِيَةِ (غَرْبِ مَكَّةَ المُكَرَّمَةِ) |
سبب تسميتها |
مَوضُوعُ السُّورَةِ الأَسَاسُ هُوَ صُلْحُ الحُدَيبِيَةِ، وَقَدْ سَمَّاهُ اللهُ فَتْحًا مُبِينًا |
أسماؤها الأخرى |
لا يُعْرَفُ للسُّورَةِ اسمٌ آخَرُ سِوَى سُورَةِ (الفَتْحِ) |
مقاصدها |
البِشَارَةُ لِلنَّبِيِّ ﷺ وَمَنْ سَارَ عَلَى نَهْجِهِ مِنَ المُؤْمِنِينَ بِالْفَتْحِ المُبِينِ وَالنَّصْرِ علَى الأَعْدَاءِ |
أسباب نزولها |
سُورَةٌ مَدَنيَّةٌ، نَزَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ وَهُوَ رَاجِعٌ مِن صُلْحِ الحُدَيبِيَةِ. (رَوَاهُ مُسلِم) |
فضلها |
مِنْ أَفْضَلِ مَا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ، يَقُولُ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ رضي الله عنه: «جِئْتُ رَسولَ اللَّهِ ﷺ فَسَلَّمْتُ عَلَيهِ، قََالَ: لَقَدْ أُنْزِلَتْ عَلَيَّ اللَّيْلَةَ سُورَةٌ لَهِيَ أحَبُّ إلَيَّ ممَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ ثُمَّ قَرَأَ:﴿إِنَّا فَتَحۡنَا لَكَ فَتۡحٗا مُّبِينٗا﴾». (رَوَاهُ البُخارِيّ) |
مناسبتها |
مُنَاسَبَةُ أَوَّلِ سُورَةِ (الفَتْحِ) بِآخِرِهَا: الحَدِيثُ عَنْ جَزَاءِ المُؤْمِنِينَ فِي الآخِرَةِ، فقَالَ فِي أَوَّلِهَا: ﴿لِّيُدۡخِلَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتِ جَنَّٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَا وَيُكَفِّرَ عَنۡهُمۡ سَيِّـَٔاتِهِمۡۚ وَكَانَ ذَٰلِكَ عِندَ ٱللَّهِ فَوۡزًا عَظِيمٗا ٥﴾، وَقَالَ فِي آخِرِ آيَةٍ مِنْهَا: ﴿وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ مِنۡهُم مَّغۡفِرَةٗ وَأَجۡرًا عَظِيمَۢا ٢٩﴾.
مُنَاسَبَةُ سُورَةِ (الفَتْحِ) لِمَا قَبْلَهَا مِنْ سُورَةِ (مُحَمَّدٍ ﷺ): لَمَّا تَحَدَّثَتْ سُورَةُ (مُحَمَّدٍ ﷺ) عَنِ الجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللهِ ضِدَّ الْكُفَّارِ؛ جَاءَتِ البِشَارَةُ بِالنَّصْرِ عَلَيهِمْ فِي سُورَةِ (الفَتْحِ). |