المكتبة الأكبرية: القرآن الكريم: سورة الشورى: [الآية 18]
سورة الشورى | ||
تفسير الجلالين:
تفسير الشيخ محي الدين:
صِراطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ (53)
«صِراطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ» الصراطات تميزت بالإضافة ، فمنها صراط اللّه ، ومنها صراط العزيز ، ومنها صراط الرب ، ومنها صراط محمد صلّى اللّه عليه وسلّم ، ومنها صراط النعم ، وهو صراط الذين أنعمت عليهم ، فصراط اللّه هو الصراط العام الذي عليه تمشي جميع الأمور ، فيوصلها إلى اللّه ، فيدخل فيه كل شرع إلهي وموضوع عقلي ، فهو يوصل إلى اللّه ، فيعم الشقي والسعيد ، واللّه على صراط مستقيم ، والطريق لا يراد لنفسه ، وإنما يراد لغايته ، فالشريعة «صِراطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ» من الموازين «أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ» وترجع لأنها على صراطه ، وهو غاية صراطه ، فلا بد للسالك عليه من الوصول إليه ، فتعم الرحمة الجميع ، فإن الرحمة سبقت الغضب ، فما دام الحق منعوتا بالغضب فالآلام باقية على أهل جهنم الذين هم أهلها ، فإذا زال الغضب الإلهي وامتلأت به النار ، ارتفعت الآلام ، وحكمت الرحمة ، وهذا الصراط هو الذي يقول فيه أهل اللّه : إن الطرق إلى اللّه على عدد أنفاس الخلائق ؛ وكل نفس إنما يخرج من القلب بما هو عليه القلب من الاعتقاد في اللّه .
(43) سورة الزخرف مكيّة
------------
(53) الفتوحات ج 2 / 646 - ج 3 / 410 - ج 2 / 166 ، 646 ، 166 -ح 3 / 411تفسير ابن كثير:
وقوله : ( يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها ) أي : يقولون : ( متى هذا الوعد إن كنتم صادقين ) [ سبأ : 29 ] ، وإنما يقولون ذلك تكذيبا واستبعادا ، وكفرا وعنادا ، ( والذين آمنوا مشفقون منها ) أي : خائفون وجلون من وقوعها ( ويعلمون أنها الحق ) أي : كائنة لا محالة ، فهم مستعدون لها عاملون من أجلها .
وقد روي من طرق تبلغ درجة التواتر ، في الصحاح والحسان ، والسنن والمسانيد ، وفي بعض ألفاظه ; أن رجلا سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بصوت جهوري ، وهو في بعض أسفاره فناداه فقال : يا محمد . فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - نحوا من صوته " هاؤم " . فقال : متى الساعة ؟ فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " ويحك ، إنها كائنة ، فما أعددت لها ؟ " فقال : حب الله ورسوله . فقال : " أنت مع من أحببت .
فقوله في الحديث : " المرء مع من أحب " ، هذا متواتر لا محالة ، والغرض أنه لم يجبه عن وقت الساعة ، بل أمره بالاستعداد لها .
وقوله : ( ألا إن الذين يمارون في الساعة ) أي : يحاجون في وجودها ويدفعون وقوعها ، ( لفي ضلال بعيد ) أي : في جهل بين ; لأن الذي خلق السموات والأرض قادر على إحياء الموتى بطريق الأولى والأحرى ، كما قال : ( وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه ) [ الروم : 27 ] .
تفسير الطبري :
التفسير الميسّر:
تفسير السعدي
{ يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِهَا } عنادا وتكذيبا، وتعجيزا لربهم. { وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا } أي: خائفون، لإيمانهم بها، وعلمهم بما تشتمل عليه من الجزاء بالأعمال، وخوفهم، لمعرفتهم بربهم، أن لا تكون أعمالهم منجية لهم ولا مسعدة، ولهذا قال: { وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ } الذي لا مرية فيه، ولا شك يعتريه { أَلَا إِنَّ الَّذِينَ يُمَارُونَ فِي السَّاعَةِ } أي: بعد ما امتروا فيها، ماروا الرسل وأتباعهم بإثباتها فهم في شقاق بعيد، أي: معاندة ومخاصمة غير قريبة من الصواب، بل في غاية البعد عن الحق، وأيُّ بعد أبعد ممن كذب بالدار التي هي الدار على الحقيقة، وهي الدار التي خلقت للبقاء الدائم والخلود السرمد، وهي دار الجزاء التي يظهر الله فيها عدله وفضله وإنما هذه الدار بالنسبة إليها، كراكب قال في ظل شجرة ثم رحل وتركها، وهي دار عبور وممر، لا محل استقرار.
فصدقوا بالدار المضمحلة الفانية، حيث رأوها وشاهدوها، وكذبوا بالدار الآخرة، التي تواترت بالإخبار عنها الكتب الإلهية، والرسل الكرام وأتباعهم، الذين هم أكمل الخلق عقولا، وأغزرهم علما، وأعظمهم فطنة وفهما.
تفسير البغوي
( يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها ) ظنا منهم أنها غير آتية ، ( والذين آمنوا مشفقون ) أي : خائفون ، ( منها ويعلمون أنها الحق ) أنها آتية لا ريب فيها . ( ألا إن الذين يمارون ) يخاصمون ، وقيل : تدخلهم المرية والشك ، ( في الساعة لفي ضلال بعيد )
الإعراب:
(يَسْتَعْجِلُ) مضارع مرفوع (بِهَا) متعلقان بالفعل (الَّذِينَ) فاعل والجملة مستأنفة (لا) نافية (يُؤْمِنُونَ) مضارع مرفوع والواو فاعله والجملة صلة (بِهَا) متعلقان بالفعل (وَالَّذِينَ) الواو حالية والذين مبتدأ (آمَنُوا) ماض وفاعله والجملة صلة (مُشْفِقُونَ) خبر مرفوع بالواو والجملة الاسمية حال (مِنْها) متعلقان بمشفقون (وَيَعْلَمُونَ) الواو حرف عطف ومضارع مرفوع والواو فاعله والجملة معطوفة على ما قبلها (أَنَّهَا الْحَقُّ) أن واسمها وخبرها وأن وما بعدها سد مسد مفعولي يعلمون (أَلا) حرف تنبيه (إِنَّ الَّذِينَ) إن واسمها (يُمارُونَ) مضارع مرفوع والواو فاعله والجملة صلة (فِي السَّاعَةِ) متعلقان بالفعل (لَفِي) اللام المزحلقة (في ضَلالٍ) جار ومجرور خبر إن (بَعِيدٍ) صفة ضلال والجملة الاسمية مستأنفة