«وقال الذين أشركوا» من أهل مكة «لو شاء الله ما عبدنا من دونه من شيء نحن ولا آباؤنا ولا حرمنا من دونه من شيء» من البحائر والسوائب فإشراكنا وتحريمنا بمشيئته فهو راض به، قال تعالى: «كذلك فعل الذين من قبلهم» أي كذبوا ربهم فيما جاءوا به «فهل» فما «على الرسل إلا البلاغ المبين» إلا البلاغ البيِّن وليس عليهم الهداية.
إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ (128)
[ الفرق بين الوارث المحمدي وباقي ورثة الأنبياء عليهم السلام ]
-الوجه الأول -من جمع الإحسان والتقوى كان اللّه معه ، ومن أحسن إلى نفسه بأداء الزكاة كان متقيا أذى شح نفسه فهو من المتقين ، ومن المحسنين من يعبد اللّه كأنه يراه ويشهده ، ومن شهوده للحق علمه بأنه ما كلفه التصرف إلا فيما هو للحق وتعود منفعته على العبد ، منة وفضلا ، مع الثناء الحسن له على ذلك ، فإن عمل ما كلفه اللّه به لا يعود على اللّه من ذلك نفع ، وإن لم يعمل لا يتضرر بذلك ، والكل يعود على العبد ، فالزم الأحسن إليك تكن محسنا إلى نفسك
- الوجه الثاني -إن اللّه مع المحسنين كما هو مع المتقين ، والإحسان عيان وفي منزل كأنه عيان .
(17) سورة الإسراء مكيّة
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
------------
(128) الفتوحات ج 1 /
549 - ج 4 /
360
يخبر تعالى عن اغترار المشركين بما هم فيه من الشرك واعتذارهم محتجين بالقدر ، في قولهم : ( لو شاء الله ما عبدنا من دونه من شيء نحن ولا آباؤنا ولا حرمنا من دونه من شيء ) أي : من البحائر والسوائب والوصائل وغير ذلك ، مما كانوا ابتدعوه واخترعوه من تلقاء أنفسهم ، ما لم ينزل الله به سلطانا .
ومضمون كلامهم : أنه لو كان تعالى كارها لما فعلنا لأنكره علينا بالعقوبة ولما مكنا منه . قال الله رادا عليهم شبهتهم : ( فهل على الرسل إلا البلاغ المبين ) أي : ليس الأمر كما تزعمون أنه لم يعيره عليكم ولم ينكره ، بل قد أنكره عليكم أشد الإنكار ، ونهاكم عنه آكد النهي ،
قوله تعالى {وقال الذين أشركوا لو شاء الله ما عبدنا من دونه من شيء} أي شيئا، و{من} صلة. قال الزجاج : قالوه استهزاء، ولو قالوه عن اعتقاد لكانوا مؤمنين. وقد مضى. {كذلك فعل الذين من قبلهم} أي مثل هذا التكذيب والاستهزاء فعل من كان قبلهم بالرسل فأهلكوا. {فهل على الرسل إلا البلاغ المبين} أي ليس عليهم إلا التبليغ، وأما الهداية فهي إلى الله تعالى.
وقال المشركون: لو شاء الله أن نعبده وحده ما عبدنا أحدًا غيره، لا نحن ولا آباؤنا مِن قبلنا، ولا حَرَّمَنا شيئًا لم يحرمه، بمثل هذا الاحتجاج الباطل احتج الكفار السابقون، وهم كاذبون؛ فإن الله أمرهم ونهاهم ومكَّنهم من القيام بما كلَّفهم به، وجعل لهم قوة ومشيئة تصدر عنها أفعالهم، فاحتجاجهم بالقضاء والقدر من أبطل الباطل من بعد إنذار الرسل لهم، فليس على الرسل المنذِرين لهم إلا التبليغ الواضح لما كُلِّفوا به.
أي: احتج المشركون على شركهم بمشيئة الله، وأن الله لو شاء ما أشركوا، ولا حرموا شيئا من [الأنعام] التي أحلها كالبحيرة والوصيلة والحام ونحوها من دونه، وهذه حجة باطلة، فإنها لو كانت حقا ما عاقب الله الذين من قبلهم حيث أشركوا به، فعاقبهم أشد العقاب. فلو كان يحب ذلك منهم لما عذبهم، وليس قصدهم بذلك إلا رد الحق الذي جاءت به الرسل، وإلا فعندهم علم أنه لا حجة لهم على الله.
فإن الله أمرهم ونهاهم ومكنهم من القيام بما كلفهم وجعل لهم قوة ومشيئة تصدر عنها أفعالهم. فاحتجاجهم بالقضاء والقدر من أبطل الباطل، هذا وكل أحد يعلم بالحس قدرة الإنسان على كل فعل يريده من غير أن ينازعه منازع، فجمعوا بين تكذيب الله وتكذيب رسله وتكذيب الأمور العقلية والحسية، { فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ ْ} أي: البين الظاهر الذي يصل إلى القلوب، ولا يبقى لأحد على الله حجة، فإذا بلغتهم الرسل أمر ربهم ونهيه، واحتجوا عليهم بالقدر، فليس للرسل من الأمر شيء، وإنما حسابهم على الله عز وجل.
( وقال الذين أشركوا لو شاء الله ما عبدنا من دونه من شيء نحن ولا آباؤنا ولا حرمنا من دونه من شيء ) يعني : البحيرة ، والسائبة ، والوصيلة ، والحام ، فلولا أن الله رضيها لغير ذلك وهدانا إلى غيرها ، ( كذلك فعل الذين من قبلهم فهل على الرسل إلا البلاغ المبين ) أي : ليس إليهم الهداية إنما إليهم التبليغ .
(وَقالَ الَّذِينَ) الواو استئنافية وماض والذين اسم موصول فاعل والجملة مستأنفة (أَشْرَكُوا) ماض وفاعله والجملة صلة (لَوْ) حرف شرط غير جازم (شاءَ اللَّهُ) ماض ولفظ الجلالة فاعله والجملة لا محل لها لأنها ابتدائية (ما عَبَدْنا) ما نافية وماض وفاعله والجملة مقول القول (مِنْ دُونِهِ) متعلقان بعبدنا (مِنْ) زائدة (شَيْءٍ) مجرور لفظا منصوب محلا مفعول به (نَحْنُ) توكيد لفاعل عبدنا (وَلا آباؤُنا) الواو عاطفة ولا زائدة وآباؤنا معطوف على نحن ونا مضاف إليه (وَلا حَرَّمْنا) الواو عاطفة ولا نافية وماض وفاعله والجملة معطوفة (مِنْ دُونِهِ) متعلقان بفعل حرمنا (مِنْ) حرف جر زائد (شَيْءٍ) مجرور لفظا منصوب محلا مفعول به (كَذلِكَ) ذا اسم إشارة وهي مجرورة بالكاف ومتعلقان بصفة مفعول مطلق محذوف (فَعَلَ الَّذِينَ) ماض واسم الموصول فاعله (مِنْ قَبْلِهِمْ) متعلقان بصلة موصول محذوفة والهاء مضاف إليه (فَهَلْ) الفاء استئنافية (هل) حرف استفهام (عَلَى الرُّسُلِ) متعلقان بمحذوف خبر مقدم (إِلَّا) أداة حصر (الْبَلاغُ) مبتدأ مؤخر (الْمُبِينُ) صفة لبلاغ.
Traslation and Transliteration:
Waqala allatheena ashrakoo law shaa Allahu ma AAabadna min doonihi min shayin nahnu wala abaona wala harramna min doonihi min shayin kathalika faAAala allatheena min qablihim fahal AAala alrrusuli illa albalaghu almubeenu
And the idolaters say: Had Allah willed, we had not worshipped aught beside Him, we and our fathers, nor had we forbidden aught without (command from) Him. Even so did those before them. Are the messengers charged with aught save plain conveyance (of the message)?
Şirk koşanlar, Allah dileseydi dediler, ne biz ondan başka birşeye tapardık, ne atalarımız taparlardı; ne de emri olmadan birşeyi haram sayardık. İşte onlardan öncekiler de tıpkı böyle hareket ettiler. Peygamberlere apaçık tebliğden başka ne vazife var ki?
Et les associateurs dirent: «Si Allah avait voulu, nous n'aurions pas adoré quoi que ce soit en dehors de Lui, ni nous ni nos ancêtres; et nous n'aurions rien interdit qu'Il n'ait interdit Lui-même». Ainsi agissaient les gens avant eux. N'incombe-t-il aux messagers sinon de transmettre le message en toute clarté?
Und diejenigen, die Kufr betrieben haben, sagten: "Hätte ALLAH anderes gewollt, hätten wir nichts anstelle von Ihm gedient, weder wir noch unsere Väter. Ebenfalls hätten wir nichts anstelle von Ihm für haram erklärt." Solcherart handelten diejenigen vor ihnen. Und obliegt den Gesandten etwas anderes außer dem deutlichen Verkünden?!
 |
بيانات السورة |
اسم السورة |
سورة النحل (An-Nahl - The Bee) |
ترتيبها |
16 |
عدد آياتها |
128 |
عدد كلماتها |
1845 |
عدد حروفها |
7642 |
معنى اسمها |
(النَّحْلُ): الْحَشَرَةُ الْمَعْرُوفَةُ، وَمُفْرَدُهَا النَّحْلَةُ، تُقَالُ لِلذَّكَرِ وَالأُنْثَى |
سبب تسميتها |
انْفِرَادُ السُّورَةِ بِذِكْرِ مُفْرَدَةِ (النَّحْلِ)، وَدِلَالَةُ هَذَا الاسْمِ عَلَى الْمَقْصِدِ الْعَامِّ لِلسُّورَةِ وَمَوضُوعَاتِهَا |
أسماؤها الأخرى |
اشتُهِرَتْ بِسُورَةِ (النَّحْلِ)، وتُسَمَّى سُورَةَ (النِعَم) |
مقاصدها |
التَّذْكِيرُ بِنِعَمِ اللهِ تَعَالَى الْكَثِيرَةِ، وَشُكْرِ الْمُنْعِمِ سُبْحَانَهُ، وَالتَّحْذِيرُ مِنَ الْكُفْرِ بِهَا |
أسباب نزولها |
سُورَةٌ مَكِّيَّةٌ، لَمْ يُنقَل سَبَبٌ لِنـُزُوْلِهَا جُملَةً وَاحِدَةً، ولكِنْ صَحَّ لِبَعضِ آياتِها سَبَبُ نُزُولٍ |
فضلها |
لَم يَصِحَّ حَدِيثٌ أَو أَثَرٌ خَاصٌّ فِي فَضلِ السُّورَةِ سِوَى أَنَّهَا مِنَ المِئِينِ |
مناسبتها |
مُنَاسَبَةُ أَوَّلِ سُورَةِ (النَّحْلِ) بِِآخِرِهَا:
الأَمْرُ بِالتَّقْوَى والْحَدِيثُ عَنْ مَعِيَّةِ اللهِ تَعَالَى لِلْمُتَّقِينَ، فقَالَ فِي فَاتِحَتِهَا: ﴿أَنَّهُۥ لَآ إِلَٰهَ إِلَّآ أَنَا۠ فَٱتَّقُونِ ٢﴾،
وَقَالَ فِي خَاتِمَتِهَا:
﴿إِنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ وَّٱلَّذِينَ هُم مُّحۡسِنُونَ ١٢٨﴾.
مُنَاسَبَةُ سُورَةِ (النَّحْلِ) لِمَا قَبلَهَا مِنْ سُورَةِ (الحِجْرِ):
خُتِمَتِ (الحِجْرُ) بِتَوجِيهِ النَّبِيِّ ﷺ بِمُدَاوَمَةِ العِبَادَةِ حتَّى يَنْقَضِيَ أَجَلُهُ، فَقَالَ: ﴿وَٱعۡبُدۡ رَبَّكَ حَتَّىٰ يَأۡتِيَكَ ٱلۡيَقِينُ ٩٩﴾، وَافتُتِحَتِ (النَّحْلُ) بِقَضَاءِ أَمْرِ اللهِ وَعَدَمِ اسْتِعْجَالِهِ؛ فَقَالَ: ﴿أَتَىٰٓ أَمۡرُ ٱللَّهِ فَلَا تَسۡتَعۡجِلُوهُۚ سُبۡحَٰنَهُۥ وَتَعَٰلَىٰ عَمَّا يُشۡرِكُونَ ١﴾. |