«ويقول الذين كفروا» من أهل مكة «لولا» هلا «أنزل عليه» على محمد «آية من ربه» كالعصا واليد والناقة «قل» لهم «إن الله يضل من يشاء» إضلاله فلا تغني عنه الآيات شيئا «ويهدي» يرشد «إليه» إلى دينه «من أناب» رجع إليه، ويبدل مِن مَن.
وَقَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلِلَّهِ الْمَكْرُ جَمِيعاً يَعْلَمُ ما تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ (42)
" فَلِلَّهِ الْمَكْرُ جَمِيعاً» يعني المكر المضاف إلى عباده والمكر المضاف إليه سبحانه فنفى المكر عنهم «يَعْلَمُ ما تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ» فأتى بلفظ كل وهي حرف شمول فشملت كل نفس فما تركت شيئا في هذا الموضع «وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ» الكافر الذي ستر عنه هذا العلم في الحياة الدنيا «لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ» في الدار الآخرة حيث ينكشف الغطاء عن الأعين فيعلم من كان يجهل .
------------
(42) الفتوحات ج 1 /
698 - ج 4 /
249
يخبر تعالى عن قيل المشركين : ( لولا ) أي : هلا ( أنزل عليه آية من ربه ) كما قالوا : ( فليأتنا بآية كما أرسل الأولون ) [ الأنبياء : 5 ] وقد تقدم الكلام على هذا غير مرة ، وإن الله قادر على إجابة ما سألوا . وفي الحديث : أن الله أوحى إلى رسوله لما سألوه أن يحول لهم الصفا ذهبا ، وأن يجري لهم ينبوعا ، وأن يزيح الجبال من حول مكة فيصير مكانها مروج وبساتين : إن شئت يا محمد أعطيتهم ذلك ، فإن كفروا فإني أعذبهم عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين ، وإن شئت فتحت عليهم باب التوبة والرحمة ، فقال : " بل تفتح لهم باب التوبة والرحمة " ; ولهذا قال لرسوله : ( قل إن الله يضل من يشاء ويهدي إليه من أناب ) أي : هو المضل والهادي ، سواء بعث الرسول بآية على وفق ما اقترحوا ، أو لم يجبهم إلى سؤالهم; فإن الهداية والإضلال ليس منوطا بذلك ولا عدمه ، كما قال : ( وما تغني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون ) [ يونس : 101 ] وقال ( إن الذين حقت عليهم كلمة ربك لا يؤمنون ولو جاءتهم كل آية حتى يروا العذاب الأليم ) [ يونس : 96 ، 97 ] وقال ( ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة وكلمهم الموتى وحشرنا عليهم كل شيء قبلا ما كانوا ليؤمنوا إلا أن يشاء الله ولكن أكثرهم يجهلون ) [ الأنعام : 111 ] ; ولهذا قال : ( قل إن الله يضل من يشاء ويهدي إليه من أناب ) أي : ويهدي من أناب إلى الله ، ورجع إليه ، واستعان به ، وتضرع لديه .
قوله تعالى {ويقول الذين كفروا لولا أنزل عليه آية من ربه} بين في مواضع أن اقتراح الآيات على الرسل جهل، بعد أن رأوا آية واحدة تدل على الصدق، والقائل، عبدالله بن أبي أمية وأصحابه حين طالبوا النبي صلى الله عليه وسلم بالآيات. {قل إن الله يضل من يشاء} عز وجل {يضل من يشاء} أي كما أضلكم بعد ما أنزل من الآيات وحرمكم الاستدلال بها يضلكم عند نزول غيرها. {ويهدي إليه من أناب} أي من رجع. والهاء في {إليه} للحق، أو للإسلام، أو لله عز وجل؛ على تقدير : ويهدي إلى دينه وطاعته من رجع إليه بقلبه. وقيل : هي للنبي صلى الله عليه وسلم. قوله تعالى {الذين آمنوا} {الذين} في موضع نصب، لأنه مفعول؛ أي يهدي الله الذين أمنوا. وقيل بدل من قوله {من أناب} فهو في محل نصب أيضا. {وتطمئن قلوبهم بذكر الله} أي تسكن وتستأنس بتوحيد الله فتطمئن؛ قال: أي وهم تطمئن قلوبهم على الدوام بذكر الله بألسنتهم؛ قال قتادة: وقال مجاهد وقتادة وغيرهما: بالقرآن. وقال سفيان بن عيينة: بأمره. مقاتل: بوعده. ابن عباس: بالحلف باسمه، أو تطمئن بذكر فضله وإنعامه؛ كما توجل بذكر عدله وانتقامه وقضائه. وقيل {يذكر الله} أي يذكرون الله ويتأملون آياته فيعرفون كمال قدرته عن بصيرة. قوله تعالى {ألا بذكر الله تطمئن القلوب} أي قلوب المؤمنين. قال ابن عباس: هذا في الحلف؛ فإذا حلف خصمه بالله سكن قلبه. وقيل {بذكر الله} أي بطاعة الله. وقيل: بثواب الله. وقيل: بوعد الله. وقال مجاهد: هم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
ويقول الكفار عنادًا: هلا أُنزل على محمد معجزة محسوسة كمعجزة موسى وعيسى. قل لهم: إن الله يضل مَن يشاء من المعاندين عن الهداية ولا تنفعه المعجزات، ويهدي إلى دينه الحق مَن رجع إليه وطلب رضوانه.
يخبر تعالى أن الذين كفروا بآيات الله يتعنتون على رسول الله، ويقترحون ويقولون: { لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ } وبزعمهم أنها لو جاءت لآمنوا فأجابهم الله بقوله: { قُلْ إِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ } أي: طلب رضوانه، فليست الهداية والضلال بأيديهم حتى يجعلوا ذلك متوقفا على الآيات، ومع ذلك فهم كاذبون، { ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة وكلمهم الموتى وحشرنا عليهم كل شيء قبلا ما كانوا ليؤمنوا إلا أن يشاء الله ولكن أكثرهم يجهلون }
ولا يلزم أن يأتي الرسول بالآية التي يعينونها ويقترحونها، بل إذا جاءهم بآية تبين ما جاء به من الحق، كفى ذلك وحصل المقصود، وكان أنفع لهم من طلبهم الآيات التي يعينونها، فإنها لو جاءتهم طبق ما اقترحوا فلم يؤمنوا بها لعاجلهم العذاب.
( ويقول الذين كفروا ) من أهل مكة ( لولا أنزل عليه آية من ربه قل إن الله يضل من يشاء ويهدي إليه من أناب ) [ أي : يهدي إليه من يشاء بالإنابة . وقيل : يرشد إلى دينه من يرجع إليه بقلبه ] .
(وَيَقُولُ) الواو استئنافية وفعل مضارع (الَّذِينَ) اسم موصول في محل رفع فاعل والجملة استئنافية (كَفَرُوا) ماض وفاعله والجملة صلة (لَوْ لا) حرف تحضيض (أُنْزِلَ) ماض مبني للمجهول (عَلَيْهِ) متعلقان بأنزل (آيَةٌ) نائب فاعل (مِنْ رَبِّهِ) متعلقان بمحذوف صفة والهاء مضاف إليه والجملة في محل نصب مقول القول (قُلْ) أمر وفاعله مستتر والجملة مستأنفة (إِنَّ اللَّهَ) إن ولفظ الجلالة اسمها والجملة مقول القول (يُضِلُّ) مضارع مرفوع فاعله مستتر (مِنْ) موصول في محل نصب مفعول به والجملة خبر إن (يَشاءُ) مضارع فاعله مستتر والجملة صلة لا محل لها (وَيَهْدِي) مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل وفاعله مستتر والجملة معطوفة (إِلَيْهِ) متعلقان بيهدي (مِنْ) اسم موصول مفعول به (مِنْ) موصول في محل نصب مفعول به (أَنابَ) ماض فاعله مستتر والجملة صلة لا محل لها
Traslation and Transliteration:
Wayaqoolu allatheena kafaroo lawla onzila AAalayhi ayatun min rabbihi qul inna Allaha yudillu man yashao wayahdee ilayhi man anaba
Those who disbelieve say: If only a portent were sent down upon him from his Lord! Say: Lo! Allah sendeth whom He will astray, and guideth unto Himself all who turn (unto Him),
Kafir olanlar derler ki: Ona Rabbinden bir mucize indirilseydi ya. De ki: Şüphe yok ki Allah, dilediğini sapıklığa ve gönlüyle ona, onun tapısına dönenleriyse doğru yola sevk eder.
Ceux qui ont mécru disent: «Pourquoi n'a-t-on pas descendu sur lui (Muhammad) un miracle venant de son Seigneur?» Dis: «En vérité, Allah égare qui Il veut; et Il guide vers Lui celui qui se repent,
Und diejenigen, die Kufr betrieben haben, sagen: "Würde ihm doch eine Aya von seinem HERRN hinabgesandt!" Sag: "Gewiß ALLAH läßt abirren, wen ER will, und leitet zu Sich denjenigen recht, der sich reumütig besinnt.
![](/images/arrowtop.jpg) |
بيانات السورة |
اسم السورة |
سورة الرعد (Ar-Ra'd - The Thunder) |
ترتيبها |
13 |
عدد آياتها |
43 |
عدد كلماتها |
854 |
عدد حروفها |
3450 |
معنى اسمها |
(الرَّعْدُ): الصَّوتُ القَوِيُّ الَّذِي يُسْمَعُ مِنَ السَّحَابِ |
سبب تسميتها |
انْفِرَادُ السُّورَةِ بِذِكْرِ صِفَةِ تَسْبِيحِ الرَّعْدِ، وَدِلَالَةُ هَذَا الاسْمِ عَلَى المَقْصِدِ العَامِّ للسُّورَةِ وَمَوضُوعَاتِهَا |
أسماؤها الأخرى |
لا يُعرَفُ للسُّورَةِ اسمٌ آخَرُ سِوَى سُورَةِ (الرَّعْدِ) |
مقاصدها |
بَيَانُ الأَدِلَّةِ العَدِيدَةِ عَلَى قُدْرَةِ اللهِ تعَالَى وَتَوحِيدِهِ وَعِبَادَتِهِ |
أسباب نزولها |
سُورَةٌ مَدَنيَّةٌ، لَمْ يُنقَل سَبَبٌ لِنـُزُوْلِهَا جُملَةً وَاحِدَةً، ولكِن صَحَّ لِبَعضِ آياتِها سَبَبُ نُزُولٍ |
فضلها |
هِيَ مِنْ ذَوَاتِ ﴿الٓر﴾، فَفِي الحَدِيثِ الطَّوِيْلِ؛ أَنَّ رَجُلًا أَتَى رَسُولَ اللهِ ﷺ فَقَالَ: أَقرِئْنِي يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَالَ: «اقرَأْ ثَلاثًا مِنْ ذَوَاتِ﴿الٓر﴾». (حَدِيثٌ صَحيحٌ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد) |
مناسبتها |
مُنَاسَبَةُ أَوَّلِ سُورَةِ (الرَّعْدِ) بِآخِرِهَا:
ذِكْرُ القُرْآنِ الكَرِيمِ، فقَالَ فِي فَاتِحَتِهَا: ﴿تِلۡكَ ءَايَٰتُ ٱلۡكِتَٰبِ ...١﴾، وَقَالَ فِي خَاتِمَتِهَا: ﴿وَمَنۡ عِندَهُۥ عِلۡمُ ٱلۡكِتَٰبِ ...٤٣﴾.
مُنَاسَبَةُ سُورَةِ (الرَّعْدِ) لِمَا قَبلَهَا مِنْ سُورَةِ (يُوسُفَ عليه السلام):
قَالَ عَنِ القُرْآنِ فِي آخِرِ (يُوسُفَ عليه السلام): ﴿مَا كَانَ حَدِيثٗا يُفۡتَرَىٰ ...١١١﴾، وَوَصَفَ المُعْرِضِينَ عَنْهُ فِي أَوَّلِ (الرَّعْدِ) فَقَالَ: ﴿الٓمٓرۚ تِلۡكَ ءَايَٰتُ ٱلۡكِتَٰبِۗ وَٱلَّذِيٓ أُنزِلَ إِلَيۡكَ مِن رَّبِّكَ ٱلۡحَقُّ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يُؤۡمِنُونَ ١﴾. |