موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية: القرآن الكريم: سورة التوبة: [الآية 122]

سورة التوبة
۞ وَمَا كَانَ ٱلْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا۟ كَآفَّةً ۚ فَلَوْلَا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُوا۟ فِى ٱلدِّينِ وَلِيُنذِرُوا۟ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوٓا۟ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ﴿122﴾

تفسير الجلالين:

ولما وبِّخوا على التخلف وأرسل النبي صلى الله عليه وسلم سرية نفروا جميعا فنزل «وما كان المؤمنون لينفروا» إلى الغزو «كافة فلولا» فهلا «نفر من كلِّّّّ فرقة» قبيلة «منهم طائفة» جماعة، ومكث الباقون «ليتفقَّهوا» أي الماكثون «في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم» من الغزو بتعليمهم ما تعلموه من الأحكام «لعلهم يحذرون» عقاب الله بامتثال أمره ونهيه، قال ابن عباس فهذه مخصوصة بالسرايا، والتي قبلها بالنهي عن تخلُّف واحد فيما إذا خرج النبي صلى الله عليه وسلم.

تفسير الشيخ محي الدين:

فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (129)

«فَإِنْ تَوَلَّوْا» عما دعوتموهم إليه «فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ» أي في اللّه الكفاية يكفيني أمرهم

[ توحيد الاستكفاء ]

«لا إِلهَ إِلَّا هُوَ» وهذا هو التوحيد الحادي عشر ، وهو توحيد الاستكفاء ، وهو من توحيد الهوية لما قال تعالى : «وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى» فأحالنا علينا بأمره فبادرنا لامتثال أمره ، فمنا من قال التعاون على البر والتقوى أن يرد كل واحد صاحبه إلى ربه في ذلك ، ويستكفي به فيما كلفه ،

وهو قوله : (واستعينوا بالله) خطاب تحقيق «عليه توكلت» التوكل اعتماد القلب على اللّه تعالى مع عدم الاضطراب عند فقد الأسباب الموضوعة في العالم ، التي من شأن النفوس أن تركن إليها ، فإن اضطرب فليس بمتوكل ، وهو من صفات المؤمنين «وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ»

فإذا كان رب العرش والعرش محيط بعالم الأجسام وأنت من حيث جسميتك أقل الأجسام فاستكف باللّه ، الذي هو رب مثل هذا العرش ، ومن كان اللّه حسبه انقلب بنعمة من اللّه وفضل لم يمسسه سوء ، وجاء في ذلك بما يرضي اللّه ، واللّه ذو فضل عظيم على من جعله حسبه .

(10) سورة يونس مكيّة

بسم اللّه الرّحمن الرّحيم

------------

(129) الفتوحات ج 2 / 409 ، 199 ، 409

تفسير ابن كثير:

هذا بيان من الله تعالى لما أراد من نفير الأحياء مع الرسول في غزوة تبوك ، فإنه قد ذهب طائفة من السلف إلى أنه كان يجب النفير على كل مسلم إذا خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ ولهذا قال تعالى : ( انفروا خفافا وثقالا ) [ التوبة : 41 ] ، وقال : ( ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلفوا عن رسول الله ) [ التوبة : 120 ] ، قالوا : فنسخ ذلك بهذه الآية .

وقد يقال : إن هذا بيان لمراده تعالى من نفير الأحياء كلها ، وشرذمة من كل قبيلة إن لم يخرجوا كلهم ، ليتفقه الخارجون مع الرسول بما ينزل من الوحي عليه ، وينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم بما كان من أمر العدو ، فيجتمع لهم الأمران في هذا : النفير المعين وبعده ، صلوات الله وسلامه عليه ، تكون الطائفة النافرة من الحي إما للتفقه وإما للجهاد ؛ فإنه فرض كفاية على الأحياء .

وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : ( وما كان المؤمنون لينفروا كافة ) يقول : ما كان المؤمنون لينفروا جميعا ويتركوا النبي صلى الله عليه وسلم وحده ، ( فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ) يعني : عصبة ، يعني : السرايا ، ولا يتسروا إلا بإذنه ، فإذا رجعت السرايا وقد نزل بعدهم قرآن تعلمه القاعدون من النبي صلى الله عليه وسلم ، وقالوا : إن الله قد أنزل على نبيكم قرآنا ، وقد تعلمناه . فتمكث السرايا يتعلمون ما أنزل الله على نبيهم بعدهم ، ويبعث سرايا أخرى ، فذلك قوله : ( ليتفقهوا في الدين ) يقول : ليتعلموا ما أنزل الله على نبيهم ، وليعلموا السرايا إذا رجعت إليهم ( لعلهم يحذرون ) .

وقال مجاهد : نزلت هذه الآية في أناس من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ، خرجوا في البوادي ، فأصابوا من الناس معروفا ، ومن الخصب ما ينتفعون به ، ودعوا من وجدوا من الناس إلى الهدى ، فقال الناس لهم : ما نراكم إلا وقد تركتم أصحابكم وجئتمونا . فوجدوا في أنفسهم من ذلك تحرجا ، وأقبلوا من البادية كلهم حتى دخلوا على النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال الله ، عز وجل : ( فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ) يبتغون الخير ، ( ليتفقهوا [ في الدين ] ) وليستمعوا ما في الناس ، وما أنزل الله بعدهم ، ( ولينذروا قومهم ) الناس كلهم ( إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون ) .

وقال قتادة في هذه الآية : هذا إذا بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم الجيوش ، أمرهم الله ألا يعروا نبيه صلى الله عليه وسلم ، وتقيم طائفة مع رسول الله تتفقه في الدين ، وتنطلق طائفة تدعو قومها ، وتحذرهم وقائع الله فيمن خلا قبلهم .

وقال الضحاك : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا غزا بنفسه لم يحل لأحد من المسلمين أن يتخلف عنه ، إلا أهل الأعذار . وكان إذا أقام فاسترت السرايا لم يحل لهم أن ينطلقوا إلا بإذنه ، فكان الرجل إذا استرى فنزل بعده قرآن ، تلاه رسول الله صلى الله عليه وسلم على أصحابه القاعدين معه ، فإذا رجعت السرية قال لهم الذين أقاموا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله أنزل بعدكم على نبيه قرآنا . فيقرئونهم ويفقهونهم في الدين ، وهو قوله : ( وما كان المؤمنون لينفروا كافة ) يقول إذا أقام رسول الله ( فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ) يعني بذلك : أنه لا ينبغي للمسلمين أن ينفروا جميعا ونبي الله صلى الله عليه وسلم قاعد ، ولكن إذا قعد نبي الله تسرت السرايا ، وقعد معه عظم الناس .

وقال [ علي ] بن أبي طلحة أيضا عن ابن عباس : قوله : ( وما كان المؤمنون لينفروا كافة ) فإنها ليست في الجهاد ، ولكن لما دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم على مضر بالسنين أجدبت بلادهم ، وكانت القبيلة منهم تقبل بأسرها حتى يحلوا بالمدينة من الجهد ، ويعتلوا بالإسلام وهم كاذبون . فضيقوا على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأجهدوهم . فأنزل الله يخبر رسوله أنهم ليسوا مؤمنين ، فردهم رسول الله إلى عشائرهم ، وحذر قومهم أن يفعلوا فعلهم ، فذلك قوله : ( ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون ) .

وقال العوفي ، عن ابن عباس في هذه الآية : كان ينطلق من كل حي من العرب عصابة ، فيأتون النبي صلى الله عليه وسلم . فيسألونه عما يريدون من أمر دينهم ، ويتفقهون في دينهم ، ويقولون لنبي الله : ما تأمرنا أن نفعله ؟ وأخبرنا [ ما نقول ] لعشائرنا إذا قدمنا انطلقنا إليهم . قال : فيأمرهم نبي الله بطاعة الله وطاعة رسوله ، ويبعثهم إلى قومهم بالصلاة والزكاة . وكانوا إذا أتوا قومهم نادوا : إن من أسلم فهو منا ، وينذرونهم ، حتى إن الرجل ليفارق أباه وأمه ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخبرهم وينذرهم قومهم ، فإذا رجعوا إليهم يدعونهم إلى الإسلام وينذرونهم النار ويبشرونهم بالجنة .

وقال عكرمة : لما نزلت هذه الآية : [ الشريفة ] ( إلا تنفروا يعذبكم عذابا أليما ) [ التوبة : 39 ] ، و ( ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلفوا [ عن رسول الله ] ) [ التوبة : 120 ] ، قال المنافقون : هلك أصحاب البدو الذين تخلفوا عن محمد ولم ينفروا معه . وقد كان ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم خرجوا إلى البدو إلى قومهم يفقهونهم ، فأنزل الله ، عز وجل : ( وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ) الآية ، ونزلت : ( والذين يحاجون في الله من بعد ما استجيب له ) الآية [ الشورى : 16 ] .

وقال الحسن البصري : ( فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ) قال : ليتفقه الذين خرجوا ، بما يردهم الله من الظهور على المشركين ، والنصرة ، وينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم .


تفسير الطبري :

فيه ست مسائل: الأولى: قوله تعالى: {وما كان المؤمنون} وهي أن الجهاد ليس على الأعيان وأنه فرض كفاية كما تقدم؛ إذ لو نفر الكل لضاع من وراءهم من العيال، فليخرج فريق منهم للجهاد وليقم فريق يتفقهون في الدين ويحفظون الحريم، حتى إذا عاد النافرون أعلمهم المقيمون ما تعلموه من أحكام الشرع، وما تجدد نزول على النبي صلى الله عليه وسلم. وهذه الآية ناسخة لقوله تعالى: {إلا تنفروا} [التوبة : 39] وللآية التي قبلها؛ على قول مجاهد وابن زيد. الثانية: هذه الآية أصل في وجوب طلب العلم؛ لأن المعنى : وما كان المؤمنون لينفروا كافة والنبي صلى الله عليه وسلم مقيم لا ينفر فيتركوه وحده. {فلو لا نفر} بعد ما علموا أن النفير لا يسع جميعهم. {من كل فرقة منهم طائفة} وتبقى بقيتها مع النبي صلى الله عليه وسلم ليتحملوا عنه الدين ويتفقهوا؛ فإذا رجع النافرون إليهم أخبروهم بما سمعوا وعلموه. وفى هذا إيجاب التفقه في الكتاب والسنة، وأنه على الكفاية دون الأعيان. ويدل عليه أيضا قوله تعالى: {فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون} [النحل : 43]. فدخل في هذا من لا يعلم الكتاب والسنن. الثالثة: قوله تعالى: {فلولا نفر} قال الأخفش : أي فهلا نفر. {من كل فرقة منهم طائفة} الطائفة في اللغة الجماعة، وقد تقع على أقل من ذلك حتى تبلغ الرجلين، وللواحد على معنى نفس طائفة. وقد تقدم أن المراد بقوله تعالى: {إن نعف عن طائفة منكم نعذب طائفة} [التوبة : 66] رجل واحد. ولا شك أن المراد هنا جماعة لوجهين؛ أحدهما عقلا، والآخر لغة. أما العقل فلأن العلم لا يتحصل بواحد في الغالب، وأما اللغة فقوله: {ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم} فجاء بضمير الجماعة. قال ابن العربي : والقاضي أبو بكر والشيخ أبو الحسن قبله يرون أن الطائفة ههنا واحد، ويعتضون فيه بالدليل على وجوب العمل بخبر الواحد، وهو صحيح لا من جهة. أن الطائفة تنطلق على الواحد ولكن من جهة أن خبر الشخص الواحد أو الأشخاص خبر واحد، وأن مقابله وهو التواتر لا ينحصر. قلت : أنص ما يستدل به على أن الواحد يقال له طائفة قوله تعالى: {وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا} [الحجرات : 9] يعني نفسين. دليله قوله تعالى: {فأصلحوا بين أخويكم} [الحجرات : 9] فجاء بلفظ التثنية، والضمير في {اقتتلوا} وإن كان ضمير جماعة فأقل الجماعة اثنان في أحد القولين للعلماء. الرابعة: قوله تعالى: {ليتفقهوا} الضمير في {ليتفقهوا، ولينذروا} للمقيمين مع النبي صلى الله عليه وسلم؛ قاله قتادة ومجاهد. وقال الحسن : هما للفرقة النافرة؛ واختاره الطبري. ومعنى {ليتفقهوا في الدين} أي يتبصروا ويتيقنوا بما يريهم الله من الظهور على المشركين ونصرة الدين. {ولينذروا قومهم} من الكفار. {إذا رجعوا إليهم} من الجهاد فيخبرونهم بنصرة الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم والمؤمنين، وأنهم لا يدان لهم بقتالهم وقتال النبي صلى الله عليه وسلم؛ فينزل بهم ما نزل بأصحابهم من الكفار. قلت : قول مجاهد وقتادة أبين، أي لتتفقه الطائفة المتأخرة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النفور في السرايا. وهذا يقتضي الحث على طلب العلم والندب إليه دون الوجوب والإلزام؛ إذ ليس ذلك في قوة الكلام، وإنما لزم طلب العلم بأدلته؛ قاله أبو بكر ابن العربي. الخامسة: طلب العلم ينقسم قسمين : فرض على الأعيان؛ كالصلاة والزكاة والصيام. قلت : وفي هذا المعنى جاء الحديث المروي (إن طلب العلم فريضة). روى عبدالقدوس بن حبيب : أبو سعيد الوحاظي عن حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم النخعي قال سمعت أنس بن مالك يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (طلب العلم فريضة على كل مسلم). قال إبراهيم : لم أسمع من أنس بن مالك إلا هذا الحديث. وفرض على الكفاية؛ كتحصيل الحقوق وإقامة الحدود والفصل بين الخصوم ونحوه؛ إذ لا يصلح أن يتعلمه جميع الناس فتضيع أحوالهم وأحوال سراياهم وتنقص أو تبطل معايشهم؛ فتعين بين الحالين أن يقوم به البعض من غير تعيين، وذلك بحسب ما يسره الله لعباده وقسمه بينهم من رحمته وحكمته بسابق قدرته وكلمته. السادسة: طلب العلم فضيلة عظيمة ومرتبة شريفة لا يوازيها عمل؛ روى الترمذي من حديث أبي الدرداء قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (من سلك طريقا يلتمس فيه علما سلك الله به طريقا إلى الجنة وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضا لطالب العلم وإن العالم ليستغفر له من في السموات ومن في الأرض والحيتان في جوف الماء وإن فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب وإن العلماء ورثة الأنبياء وإن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما إنما ورثوا العلم فمن أخذ به أخذ بحظ وافر). وروى الدارمي أبو محمد في مسنده قال : حدثنا أبو المغيرة حدثنا الأوزاعي عن الحسن قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رجلين كانا في بني إسرائيل، أحدهما كان عالما يصلي المكتوبة ثم يجلس فيعلم الناس الخير. والآخر يصوم النهار ويقوم الليل، أيهما أفضل؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (فضل هذا العالم الذي يصلي المكتوبة ثم يجلس فيعلم الناس الخير على العابد الذي يصوم النهار ويقوم الليل كفضلي على أدناكم). أسنده أبو عمر في كتاب بيان العلم عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (فضل العالم على العابد كفضلي على أمتي). وقال ابن عباس : أفضل الجهاد من بنى مسجدا يعلم فيه القرآن والفقه والسنة. رواه شريك عن ليث بن أبي سليم عن يحيى بن أبي كثير عن علي الأزدي قال : أردت الجهاد فقال لي ابن عباس ألا أدلك على ما هو خير لك من الجهاد، تأتي مسجدا فتقرئ فيه القرآن وتعلم فيه الفقه. وقال الربيع سمعت الشافعي يقول : طلب العلم أوجب من الصلاة النافلة. وقوله عليه السلام : (إن الملائكة لتضع أجنحتها...) الحديث يحتمل وجهين : أحدهما : أنها تعطف عليه وترحمه؛ كما قال الله تعالى فيما وصى به الأولاد من الإحسان إلى الوالدين بقوله: {واخفض لهما جناح الذل من الرحمة} [الإسراء : 24] أي تواضع لهما. والوجه الآخر : أن يكون المراد بوضع الأجنحة فرشها؛ لأن في بعض الروايات (وإن الملائكة تفرش أجنحتها) أي إن الملائكة إذا رأت طالب العلم يطلبه من وجهه ابتغاء مرضات الله وكانت سائر أحواله مشاكلة لطلب العلم فرشت له أجنحتها في رحلته وحملته عليها؛ فمن هناك يسلم فلا يحفى إن كان ماشيا ولا يعيا، وتقرب عليه الطريق البعيدة ولا يصيبه ما يصيب المسافر من أنواع الضرر كالمرض وذهاب المال وضلال الطريق. وقد مضى شيء من هذا المعنى في {آل عمران} عند قوله تعالى: {شهد الله...} الآية. روى عمران بن حصين قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق حتى تقوم الساعة). قال يزيد بن هارون : إن لم يكونوا أصحاب الحديث فلا أدري من هم؟. قلت : وهذا قول عبدالرزاق في تأويل الآية، إنهم أصحاب الحديث؛ ذكره الثعلبي. سمعت شيخنا الأستاذ المقرئ النحوي المحدث أبا جعفر أحمد بن محمد بن محمد القيسي القرطبي المعروف بابن أبي حجة رحمه الله يقول في تأويل قوله عليه السلام : (لا يزال أهل الغرب ظاهرين على الحق حتى تقوم الساعة) إنهم العلماء؛ قال : وذلك أن الغرب لفظ مشترك يطلق على الدلو الكبيرة وعلى مغرب الشمس، ويطلق على فيضة من الدمع. فمعنى (لا يزال أهل الغرب) أي لا يزال أهل فيض الدمع من خشية الله عن علم به وبأحكامه ظاهرين؛ الحديث. قال الله تعالى: {إنما يخشى الله من عباده العلماء} [فاطر : 28]. قلت : وهذا التأويل يعضده قوله عليه السلام في صحيح مسلم : (من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين ولا تزال عصابة من المسلمين يقاتلون على الحق ظاهرين على من ناوأهم إلى يوم القيامة). وظاهر هذا المساق أن أوله مرتبط بآخره. والله أعلم.

التفسير الميسّر:

وما كان ينبغي للمؤمنين أن يخرجوا جميعًا لقتال عدوِّهم، كما لا يستقيم لهم أن يقعدوا جميعًا، فهلا خرج من كل فرقة جماعة تحصل بهم الكفاية والمقصود؛ وذلك ليتفقه النافرون في دين الله وما أنزل على رسوله، وينذروا قومهم بما تعلموه عند رجوعهم إليهم، لعلهم يحذرون عذاب الله بامتثال أوامره واجتناب نواهيه.

تفسير السعدي

يقول تعالى‏:‏ ـ منبها لعباده المؤمنين على ما ينبغي لهم ـ ‏{‏وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً‏}‏ أي‏:‏ جميعا لقتال عدوهم، فإنه يحصل عليهم المشقة بذلك، وتفوت به كثير من المصالح الأخرى، ‏{‏فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ‏}‏ أي‏:‏ من البلدان، والقبائل، والأفخاذ ‏{‏طَائِفَةٌ‏}‏ تحصل بها الكفاية والمقصود لكان أولى‏.‏

ثم نبه على أن في إقامة المقيمين منهم وعدم خروجهم مصالح لو خرجوا لفاتتهم، فقال‏:‏ ‏{‏لِيَتَفَقَّهُوا‏}‏ أي‏:‏ القاعدون ‏{‏فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ‏}‏ أي‏.‏ ليتعلموا العلم الشرعي، ويعلموا معانيه، ويفقهوا أسراره، وليعلموا غيرهم، ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم‏.‏

ففي هذا فضيلة العلم، وخصوصا الفقه في الدين، وأنه أهم الأمور، وأن من تعلم علما، فعليه نشره وبثه في العباد، ونصيحتهم فيه فإن انتشار العلم عن العالم، من بركته وأجره، الذي ينمى له‏.‏

وأما اقتصار العالم على نفسه، وعدم دعوته إلى سبيل اللّه بالحكمة والموعظة الحسنة، وترك تعليم الجهال ما لا يعلمون، فأي منفعة حصلت للمسلمين منه‏؟‏ وأي نتيجة نتجت من علمه‏؟‏ وغايته أن يموت، فيموت علمه وثمرته، وهذا غاية الحرمان، لمن آتاه اللّه علما ومنحه فهما‏.‏

وفي هذه الآية أيضًا دليل وإرشاد وتنبيه لطيف، لفائدة مهمة، وهي‏:‏ أن المسلمين ينبغي لهم أن يعدوا لكل مصلحة من مصالحهم العامة من يقوم بها، ويوفر وقته عليها، ويجتهد فيها، ولا يلتفت إلى غيرها، لتقوم مصالحهم، وتتم منافعهم، ولتكون وجهة جميعهم، ونهاية ما يقصدون قصدا واحدا، وهو قيام مصلحة دينهم ودنياهم، ولو تفرقت الطرق وتعددت المشارب، فالأعمال متباينة، والقصد واحد، وهذه من الحكمة العامة النافعة في جميع الأمور‏.‏


تفسير البغوي

قوله عز وجل : ( وما كان المؤمنون لينفروا كافة ) الآية . قال ابن عباس في رواية الكلبي : لما أنزل الله عز وجل عيوب المنافقين في غزوة تبوك كان النبي صلى الله عليه وسلم يبعث السرايا فكان المسلمون ينفرون جميعا إلى الغزو ويتركون النبي صلى الله عليه وسلم وحده ، فأنزل الله عز وجل هذه الآية وهذا نفي بمعنى النهي .

قوله تعالى : ( فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ) أي : فهلا خرج إلى الغزو من كل قبيلة جماعة ويبقى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم جماعة ( ليتفقهوا في الدين ) يعني الفرقة القاعدين ، يتعلمون القرآن والسنن والفرائض والأحكام ، فإذا رجعت السرايا أخبروهم بما أنزل بعدهم ، فتمكث السرايا يتعلمون ما نزل بعدهم ، وتبعث سرايا أخر ، فذلك قوله : ( ولينذروا قومهم ) وليعلموهم بالقرآن ويخوفوهم به ، ( إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون ) لا يعملون بخلافه .

وقال الحسن : هذا التفقه والإنذار راجع إلى الفرقة النافرة ، ومعناه : هلا نفر فرقة ليتفقهوا ، أي : ليتبصروا بما يريهم الله من الظهور على المشركين ونصرة الدين ، ولينذروا قومهم من الكفار إذا رجعوا إليهم من الجهاد فيخبروهم بنصر الله رسوله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين لعلهم يحذرون أن يعادوا النبي صلى الله عليه وسلم ، فينزل بهم ما نزل بأصحابهم من الكفار .

وقال الكلبي : لها وجه آخر وهو أن أحياء من بني أسد من خزيمة أصابتهم سنة شديدة فأقبلوا بالذراري حتى نزلوا المدينة فأفسدوا طرقها بالعذرات وأغلوا أسعارها فنزل قوله : ( وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ) أي : لم يكن لهم أن ينفروا كافة ولكن من كل قبيلة طائفة ليتفقهوا في الدين .

وقال مجاهد : نزلت في ناس خرجوا في البوادي ابتغاء الخير من أهلها فأصابوا منهم معروفا ، ودعوا من وجدوا من الناس إلى الهدى ، فقال الناس لهم : ما نراكم إلا وقد تركتم صاحبكم وجئتمونا ، فوجدوا في أنفسهم من ذلك حرجا ، وأقبلوا كلهم من البادية حتى دخلوا على النبي صلى الله عليه وسلم ، فأنزل الله هذه الآية ، أي : هلا نفر من كل فرقة طائفة ليتفقهوا في الدين ويستمعوا ما أنزل بعدهم ولينذروا قومهم ، يعني : الناس كلهم إذا رجعوا إليهم ويدعوهم إلى الله ، لعلهم يحذرون بأس الله ونقمته ، وقعدت طائفة يبتغون الخير .

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن الفضل الخرقي ، أنبأنا أبو الحسن الطيسفوني ، حدثنا عبد الله بن عمر الجوهري ، حدثنا أحمد بن علي الكشميهني حدثنا علي بن حجر ، حدثنا إسماعيل بن جعفر ، حدثنا عبد الله بن أبي سعيد بن أبي هند عن أبيه عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين " .

أخبرنا عبد الوهاب بن محمد الخطيب ، حدثنا عبد العزيز بن أحمد الخلال ، حدثنا أبو العباس الأصم ، أخبرنا الربيع ، أخبرنا الشافعي ، أنبأنا سفيان ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " تجدون الناس معادن كمعادن الذهب والفضة ، فخيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا " .

والفقه : هو معرفة أحكام الدين ، وهو ينقسم إلى فرض عين وفرض كفاية ، ففرض العين مثل : علم الطهارة والصلاة ، والصوم ، فعلى كل مكلف معرفته ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : " طلب العلم فريضة على كل مسلم " . وكذلك كل عبادة أوجبها الشرع على كل واحد ، يجب عليه معرفة علمها ، مثل : علم الزكاة إن كان له مال ، وعلم الحج إن وجب عليه .

وأما فرض الكفاية فهو : أن يتعلم حتى يبلغ درجة الاجتهاد ورتبة الفتيا ، فإذا قعد أهل بلد عن تعلمه عصوا جميعا ، وإذا قام من كل بلد واحد فتعلمه سقط الفرض عن الآخرين ، وعليهم تقليده فيما يقع لهم من الحوادث ، روى أبو أمامة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم " .

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " فقيه واحد أشد على الشيطان من ألف عابد " .

قال الشافعي : طلب العلم أفضل من صلاة النافلة .


الإعراب:

(وَما) الواو استئنافية وما نافية (كانَ الْمُؤْمِنُونَ) كان واسمها المرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والجملة مستأنفة (لِيَنْفِرُوا) اللام لام الجحود ومضارع منصوب بأن مضمرة بعد لام الجحود والواو فاعل والمصدر المؤول من أن والفعل في محل جر باللام ومتعلقان بخبر كان (كَافَّةً) حال (فَلَوْ لا) الفاء استئنافية ولو لا حرف تحضيض (نَفَرَ) فعل ماض (مِنْ كُلِّ) متعلقان بنفر (فِرْقَةٍ) مضاف إليه (مِنْهُمْ) متعلقان بحال محذوفة (طائِفَةٌ) فاعل (لِيَتَفَقَّهُوا) مضارع منصوب بأن المضمرة بعد لام التعليل والواو فاعله والمصدر المؤول في محل جر باللام وهما متعلقان بنفر (فِي الدِّينِ) متعلقان بيتفقهوا (وَلِيُنْذِرُوا) معطوف على ما سبق (قَوْمَهُمْ) مفعول به والهاء مضاف إليه (إِذا) ظرف متضمن معنى الشرط (رَجَعُوا) ماض وفاعله والجملة في محل جر بالإضافة (إِلَيْهِمْ) متعلقان برجعوا (لَعَلَّهُمْ) لعل واسمها والجملة تعليل لا محل لها (يَحْذَرُونَ) مضارع مرفوع بثبوت النون والواو فاعل والجملة خبر لعل.

---

Traslation and Transliteration:

Wama kana almuminoona liyanfiroo kaffatan falawla nafara min kulli firqatin minhum taifatun liyatafaqqahoo fee alddeeni waliyunthiroo qawmahum itha rajaAAoo ilayhim laAAallahum yahtharoona

بيانات السورة

اسم السورة سورة التوبة (At-Tauba - The Repentance)
ترتيبها 9
عدد آياتها 129
عدد كلماتها 2506
عدد حروفها 10873
معنى اسمها (التَّوْبَةُ): الاعْتِرَافُ بِالذَّنْبِ، وَالنَّدَمُ عَلَيهِ، والعَزْمُ عَلى عَدَمِ العَودَةِ إِلَيهِ.
سبب تسميتها دَعْوةُ المُشْرِكِينَ إِلَى التَّوبَةِ إِلَى اللهِ والإِيمَانِ بِهِ؛ ولِذَا لَمْ تَبْدَأ السُّورةُ بالبَسْمَلَةِ. وتَوبَةُ اللهِ تَعَالَى عَلَى المُؤْمِنِينَ الصَّادِقِينَ: (الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ تَخَلَّفُوا عن غَزْوَةِ تَبُوكَ)
أسماؤها الأخرى اشتُهِرَتْ بِسُورَةِ (التَّوْبَةِ)، وتُسَمَّى سُورَةَ (بَرَاءَة)، وَسُورَةَ (الفَاضِحَةِ)، وَسُورَةَ (العَذَابِ)
مقاصدها بَيَانُ أَحْوَالِ المُشْرِكِينَ وَالمُنَافِقِينَ وَأَحْكَامِهِم، وبيَانُ صِفَاتِ الْمُؤْمِنِينَ الصَّادِقِينَ
أسباب نزولها سُورَةٌ مَدَنيَّةٌ، لَمْ يُنقَل سَبَبٌ لِنـُزُوْلِهَا جُملَةً وَاحِدَةً، ولكِنْ صَحَّ لِبَعضِ آياتِها سَبَبُ نُزُولٍ
فضلها هِيَ مِنَ السَّبعِ، قَالَ ﷺ: «مَن أخَذَ السَّبعَ الْأُوَلَ منَ القُرآنِ فَهُوَ حَبْرٌ» أَيْ: عَالِم .(حَدِيثٌ حَسَنٌ، رَوَاهُ أَحمَد). قال عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه: «تَعَلَّمُوا سُورَةَ بَرَاءَةَ، وَعَلِّمُوا نِسَاءَكُمْ سُورَةَ النُّورِ». (أَثَرٌ صَحِيحٌ، سُنَنَ سَعِيدِ بِن مَنصُوْر)
مناسبتها مُنَاسَبَةُ أَوَّلِ سُورَةِ (التَّوْبَةِ) بِآخِرهَا: الحَدِيثُ عَنْ صِفَةِ إِعْرَاضِ المُشْرِكِين، فقَالَ فِي فَاتِحَتِهَا: ﴿وَإِن تَوَلَّيۡتُمۡ فَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّكُمۡ غَيۡرُ مُعۡجِزِي ٱللَّهِ ...٣﴾، ، الآيَاتِ، وَقَالَ فِي خَاتِمَتِهَا: ﴿فَإِن تَوَلَّوۡاْ فَقُلۡ حَسۡبِيَ ٱللَّهُ ...١٢٩﴾ ...الآيَاتِ. مُنَاسَبَةُ سُورَةِ (التَّوْبَةِ) لِمَا قَبلَهَا مِنْ سُورَةِ (الأَنْفَالِ): ذَكَرَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي أَوَاخِرِ سُورَةِ (الأَنفَالِ) خِيَانةَ المُشْرِكِينَ للهِ ولِرسُولِهِ، فَقَالَ: ﴿وَإِن يُرِيدُواْ خِيَانَتَكَ فَقَدۡ خَانُواْ ٱللَّهَ مِن قَبۡلُ ...٧١﴾، ثُمَّ افتَتَحَ (التَّوْبَةَ) بِالبَرَاءَةِ مِنْهُم، فَقَالَ: ﴿بَرَآءَةٞ مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦٓ إِلَى ٱلَّذِينَ عَٰهَدتُّم مِّنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ ١﴾.
اختر الًجزء:
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
25
26
27
28
29
30
اختر السورة:
1 - ﴿الفاتحة﴾
2 - ﴿البقرة﴾
3 - ﴿آل عمران﴾
4 - ﴿النساء﴾
5 - ﴿المائدة﴾
6 - ﴿الأنعام﴾
7 - ﴿الأعراف﴾
8 - ﴿الأنفال﴾
9 - ﴿التوبة﴾
10 - ﴿يونس﴾
11 - ﴿هود﴾
12 - ﴿يوسف﴾
13 - ﴿الرعد﴾
14 - ﴿إبراهيم﴾
15 - ﴿الحجر﴾
16 - ﴿النحل﴾
17 - ﴿الإسراء﴾
18 - ﴿الكهف﴾
19 - ﴿مريم﴾
20 - ﴿طه﴾
21 - ﴿الأنبياء﴾
22 - ﴿الحج﴾
23 - ﴿المؤمنون﴾
24 - ﴿النور﴾
25 - ﴿الفرقان﴾
26 - ﴿الشعراء﴾
27 - ﴿النمل﴾
28 - ﴿القصص﴾
29 - ﴿العنكبوت﴾
30 - ﴿الروم﴾
31 - ﴿لقمان﴾
32 - ﴿السجدة﴾
33 - ﴿الأحزاب﴾
34 - ﴿سبأ﴾
35 - ﴿فاطر﴾
36 - ﴿يس﴾
37 - ﴿الصافات﴾
38 - ﴿ص﴾
39 - ﴿الزمر﴾
40 - ﴿غافر﴾
41 - ﴿فصلت﴾
42 - ﴿الشورى﴾
43 - ﴿الزخرف﴾
44 - ﴿الدخان﴾
45 - ﴿الجاثية﴾
46 - ﴿الأحقاف﴾
47 - ﴿محمد﴾
48 - ﴿الفتح﴾
49 - ﴿الحجرات﴾
50 - ﴿ق﴾
51 - ﴿الذاريات﴾
52 - ﴿الطور﴾
53 - ﴿النجم﴾
54 - ﴿القمر﴾
55 - ﴿الرحمن﴾
56 - ﴿الواقعة﴾
57 - ﴿الحديد﴾
58 - ﴿المجادلة﴾
59 - ﴿الحشر﴾
60 - ﴿الممتحنة﴾
61 - ﴿الصف﴾
62 - ﴿الجمعة﴾
63 - ﴿المنافقون﴾
64 - ﴿التغابن﴾
65 - ﴿الطلاق﴾
66 - ﴿التحريم﴾
67 - ﴿الملك﴾
68 - ﴿القلم﴾
69 - ﴿الحاقة﴾
70 - ﴿المعارج﴾
71 - ﴿نوح﴾
72 - ﴿الجن﴾
73 - ﴿المزمل﴾
74 - ﴿المدثر﴾
75 - ﴿القيامة﴾
76 - ﴿الإنسان﴾
77 - ﴿المرسلات﴾
78 - ﴿النبأ﴾
79 - ﴿النازعات﴾
80 - ﴿عبس﴾
81 - ﴿التكوير﴾
82 - ﴿الانفطار﴾
83 - ﴿المطففين﴾
84 - ﴿الانشقاق﴾
85 - ﴿البروج﴾
86 - ﴿الطارق﴾
87 - ﴿الأعلى﴾
88 - ﴿الغاشية﴾
89 - ﴿الفجر﴾
90 - ﴿البلد﴾
91 - ﴿الشمس﴾
92 - ﴿الليل﴾
93 - ﴿الضحى﴾
94 - ﴿الشرح﴾
95 - ﴿التين﴾
96 - ﴿العلق﴾
97 - ﴿القدر﴾
98 - ﴿البينة﴾
99 - ﴿الزلزلة﴾
100 - ﴿العاديات﴾
101 - ﴿القارعة﴾
102 - ﴿التكاثر﴾
103 - ﴿العصر﴾
104 - ﴿الهمزة﴾
105 - ﴿الفيل﴾
106 - ﴿قريش﴾
107 - ﴿الماعون﴾
108 - ﴿الكوثر﴾
109 - ﴿الكافرون﴾
110 - ﴿النصر﴾
111 - ﴿المسد﴾
112 - ﴿الإخلاص﴾
113 - ﴿الفلق﴾
114 - ﴿الناس﴾
اختر الًصفحة:
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
25
26
27
28
29
30
31
32
33
34
35
36
37
38
39
40
41
42
43
44
45
46
47
48
49
50
51
52
53
54
55
56
57
58
59
60
61
62
63
64
65
66
67
68
69
70
71
72
73
74
75
76
77
78
79
80
81
82
83
84
85
86
87
88
89
90
91
92
93
94
95
96
97
98
99
100
101
102
103
104
105
106
107
108
109
110
111
112
113
114
115
116
117
118
119
120
121
122
123
124
125
126
127
128
129
130
131
132
133
134
135
136
137
138
139
140
141
142
143
144
145
146
147
148
149
150
151
152
153
154
155
156
157
158
159
160
161
162
163
164
165
166
167
168
169
170
171
172
173
174
175
176
177
178
179
180
181
182
183
184
185
186
187
188
189
190
191
192
193
194
195
196
197
198
199
200
201
202
203
204
205
206
207
208
209
210
211
212
213
214
215
216
217
218
219
220
221
222
223
224
225
226
227
228
229
230
231
232
233
234
235
236
237
238
239
240
241
242
243
244
245
246
247
248
249
250
251
252
253
254
255
256
257
258
259
260
261
262
263
264
265
266
267
268
269
270
271
272
273
274
275
276
277
278
279
280
281
282
283
284
285
286
287
288
289
290
291
292
293
294
295
296
297
298
299
300
301
302
303
304
305
306
307
308
309
310
311
312
313
314
315
316
317
318
319
320
321
322
323
324
325
326
327
328
329
330
331
332
333
334
335
336
337
338
339
340
341
342
343
344
345
346
347
348
349
350
351
352
353
354
355
356
357
358
359
360
361
362
363
364
365
366
367
368
369
370
371
372
373
374
375
376
377
378
379
380
381
382
383
384
385
386
387
388
389
390
391
392
393
394
395
396
397
398
399
400
401
402
403
404
405
406
407
408
409
410
411
412
413
414
415
416
417
418
419
420
421
422
423
424
425
426
427
428
429
430
431
432
433
434
435
436
437
438
439
440
441
442
443
444
445
446
447
448
449
450
451
452
453
454
455
456
457
458
459
460
461
462
463
464
465
466
467
468
469
470
471
472
473
474
475
476
477
478
479
480
481
482
483
484
485
486
487
488
489
490
491
492
493
494
495
496
497
498
499
500
501
502
503
504
505
506
507
508
509
510
511
512
513
514
515
516
517
518
519
520
521
522
523
524
525
526
527
528
529
530
531
532
533
534
535
536
537
538
539
540
541
542
543
544
545
546
547
548
549
550
551
552
553
554
555
556
557
558
559
560
561
562
563
564
565
566
567
568
569
570
571
572
573
574
575
576
577
578
579
580
581
582
583
584
585
586
587
588
589
590
591
592
593
594
595
596
597
598
599
600
601
602
603
604


يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!