المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (موطأ مالك) - [الحديث رقم: (87)]
(موطأ مالك) - [الحديث رقم: (87)]
حَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ مَالِك عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ قُبْلَةُ الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ وَجَسُّهَا بِيَدِهِ مِنْ الْمُلَامَسَةِ فَمَنْ قَبَّلَ امْرَأَتَهُ أَوْ جَسَّهَا بِيَدِهِ فَعَلَيْهِ الْوُضُوءُ
( ش ) : قَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ قُبْلَةَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ وَجَسَّهَا بِيَدِهِ مِنْ الْمُلَامَسَةِ الَّتِي أَوْجَبَ اللَّهُ تَعَالَى بِهَا الْوُضُوءَ فِي قَوْلِهِ أَوْ لَامَسْتُمْ النِّسَاءَ وَأَخْبَرَ ابْنُ عُمَرَ أَنَّ الْقُبْلَةَ وَالْجَسَّ بِالْيَدِ وَاقِعَانِ تَحْتَ ذَلِكَ وَأَنَّهُمَا مِمَّا يَجِبُ بِهِ الْوُضُوءُ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ أَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ لَا يُوجِبُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ الْوُضُوءَ وَإِنَّمَا يَجِبُ الْوُضُوءُ بِالْمُبَاشَرَةِ الْفَاحِشَةِ الَّتِي يُقَدَّرُ مَعَهَا خُرُوجُ الْمَاءِ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ قَوْلُهُ تَعَالَىأَوْ لَامَسْتُمْ النِّسَاءَ وَالْمُلَامَسَةُ الْتِقَاءُ بَشَرَتَيْنِ فَإِنْ قِيلَ إِنَّ الْمُلَامَسَةَ هِيَ الْجِمَاعُ وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فَالْجَوَابُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ مِنْ أَهْلِ اللِّسَانِ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ مِنْ أَهْلِ اللِّسَانِ وَقَدْ قَالَا إِنَّ الْقُبْلَةَ مِنْ الْمُلَامَسَةِ وَتَابَعَهُ عَلَى ذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ وَهُوَ مِنْ كِبَارِ الصَّحَابَةِ وَأَهْلِ اللِّسَانِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَخْتَلِفُوا فِي اللُّغَةِ وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي الْحُكْمِ وَذَهَبَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ إِلَى أَنَّ الْمُلَامَسَةَ الَّتِي ذُكِرَتْ فِي الْآيَةِ هِيَ الْجِمَاعُ وَلِذَلِكَ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ رَبُّنَا حَيٌّ كَرِيمٌ كَنَى عَنْ الْجِمَاعِ بِالْمُلَامَسَةِ وَلَيْسَ هَذَا مِمَّا يُرَدُّ بِهِ قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَقَدْ حَمَلَا اللَّفْظَ عَلَى مُقْتَضَاهُ فِي اللُّغَةِ فَإِنْ قِيلَ إِنَّ الْمُلَامَسَةَ مِنْ بَابِ الْمُفَاعَلَةِ وَلَا تَكُونُ إِلَّا مِنْ اثْنَيْنِ وَاللَّمْسُ بِالْيَدِ إنَّمَا يَكُونُ مِنْ وَاحِدٍ فَثَبَتَ أَنَّ الْمُلَامَسَةَ هِيَ الْجِمَاعُ الَّذِي يَكُونُ مِنْ اثْنَيْنِ فَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُلَامَسَةَ هِيَ الْتِقَاءُ بَشَرَتَيْنِ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ مِنْ فِعْلٍ وَاحِدٍ أَوْ مِنْ فِعْلِ اثْنَيْنِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُوصَفُ بِأَنَّهُ مُلَامِسٌ وَمَلْمُوسٌ عَلَى أَنَّهُ لَوْ سَلِمَ لَهُ مَا ذَكَرَ فَإِنَّ الْمُلَامَسَةَ فِعْلُ اثْنَيْنِ أَيْضًا لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَقْصِدُ إلَيْهَا وَيَلْتَذُّ بِهَا وَلَوْ امْتَنَعَ ذَلِكَ فِي اللَّمْسِ لَامْتَنَعَ فِي الْجِمَاعِ لِأَنَّ الْفِعْلَ لِوَاحِدٍ وَجَوَابٌ ثَانٍ وَهُوَ أَنَّ الْمُلَامَسَةَ قَدْ تَكُونُ مِنْ الْوَاحِدِ وَلِذَلِكَ نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الْمُلَامَسَةِ وَإِنْ كَانَ الثَّوْبُ مَلْمُوسًا وَلَيْسَ بِلَامِسٍ وَجَوَابٌ ثَالِثٌ وَهُوَ إِذَا قُرِئَ أَوْ لَامَسْتُمْ النِّسَاءَ وَبِهَا قَرَأَ الْكِسَائِيُّ وَحَمْزَةُ ( مَسْأَلَةٌ ) إِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَإِنَّ الْتِقَاءَ الْبَشَرَتَيْنِ يَكُونُ عَلَى ضَرْبَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ يُفْعَلَ عَلَى وَجْهِ اللَّذَّةِ فَهَذَا الْقَدْرُ يَجِبُ بِهِ الْوُضُوءُ وَالثَّانِي أَنْ يَكُونَ لِغَيْرِ لَذَّةٍ فَهَذَا لَا يَجِبُ مِنْهُ الْوُضُوءُ وَبِهِ قَالَ النَّخَعِيُّ وَمَالِكٌ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَجِبُ بِهِ الْوُضُوءُ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَبِهِ قَالَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مَالِكٌ الْحَدِيثُ الَّذِي يَأْتِي بَعْدَ هَذَا وَهُوَ مَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ كُنْت أَنَامُ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرِجْلَايَ فِي قِبْلَتِهِ فَإِذَا سَجَدَ غَمَزَنِي فَقَبَضْت رِجْلَيَّ فَإِذَا قَامَ بَسْطَتُهُمَا وَالْبُيُوتُ يَوْمئِذٍ لَيْسَ فِيهَا مَصَابِيحُ وَدَلِيلُنَا مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ أَنَّ هَذَا لَمْسٌ عَرَا عَنْ اللَّذَّةِ فَلَمْ يَنْقُضْ الطَّهَارَةَ كَلَمْسِ الذَّكَرِ ( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ فِيمَنْ قَبَّلَ امْرَأَتَهُ أَوْ جَسَّهَا بِيَدِهِ فَعَلَيْهِ الْوُضُوءُ لَفْظٌ عَامٌّ يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ مُلْتَذًّا وَلِذَلِكَ خَصَّهُ بِامْرَأَتِهِ لِأَنَّ قُبْلَةَ الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ فِي الْأَغْلَبِ لَا تَنْفَكُّ مِنْ لَذَّةٍ وَجَسَّهَا بِيَدِهِ لَا يَكُونُ إِلَّا لِلَذَّةٍ بِخِلَافِ لَمْسِ يَدِهَا لِتُنَاوِلْ شَيْءٍ أَوْ مُنَاوَلَتِهِ هَذَا الَّذِي قَالَهُ أَصْحَابُنَا وَاَلَّذِي مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ أَنَّ الْوُضُوءَ إنَّمَا يَجِبُ بِقَصْدِ اللَّذَّةِ دُونَ وُجُودِهَا فَمَنْ قَصَدَ اللَّذَّةَ بِلَمْسِهِ فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ الْتَذَّ بِذَلِكَ أَوْ لَمْ يَلْتَذَّ وَهَذَا مَعْنَى مَا فِي الْعُتْبِيَّةِ مِنْ رِوَايَةِ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ ( مَسْأَلَةٌ ) وَأَمَّا الْإِنْعَاظُ بِمُجَرَّدِهِ فَقَدْ رَوَى ابْنُ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا يُوجِبُ وُضُوءًا وَلَا غَسْلَ ذَكَرٍ وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو إسْحَقَ مَنْ أَنْعَظَ إنعاظا قَوِيًّا انْتَقَضَ وُضُوءُهُ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ مُجَرَّدَ اللَّذَّةِ لَا يَجِبُ لَهَا طَهَارَةٌ حَتَّى يُقَارِنَهَا مَعْنًى آخَرَ مِنْ مُلَامَسَةٍ أَوْ مَذْيٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ



