المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (موطأ مالك) - [الحديث رقم: (85)]
(موطأ مالك) - [الحديث رقم: (85)]
و حَدَّثَنِي عَنْ مَالِك عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ قَالَ رَأَيْتُ أَبِي عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَغْتَسِلُ ثُمَّ يَتَوَضَّأُ فَقُلْتُ لَهُ يَا أَبَتِ أَمَا يَجْزِيكَ الْغُسْلُ مِنْ الْوُضُوءِ قَالَ بَلَى وَلَكِنِّي أَحْيَانًا أَمَسُّ ذَكَرِي فَأَتَوَضَّأُ
( ش ) : إنَّمَا كَانَ سُؤَالُ سَالِمٍ أَبَاهُ لَمَّا رَآهُ يَتَوَضَّأُ بَعْدَ غُسْلِهِ وَافْتَتَحَهُ بِالْوُضُوءِ فَأَنْكَرَ عَلَيْهِ إعَادَةَ الْوُضُوءِ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يُنْكِرَ عَلَيْهِ الْوُضُوءَ مَعَ الْغُسْلِ بِرَفْعِ صَغِيرِ الْحَدَثِ وَكَبِيرِهِ وَإِنَّمَا يَتَوَضَّأُ مَعَ الْغُسْلِ عَلَى مَعْنَى تَخْصِيصِ أَعْضَاءِ الطَّهَارَةِ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ إِنَّ الْغُسْلَ يُجْزِيهِ مِنْ الْوُضُوءِ وَلَكِنَّهُ رُبَّمَا مَسَّ ذَكَرَهُ فَتَوَضَّأَ لِذَلِكَ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَسَّ ذَكَرَهُ مِنْ غَيْرِ قَصْدِ الْمَنِيِّ بَلْ مُرُورُ يَدَيْهِ فِي دَلْكِهِ جَسَدَهُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بِقَصْدٍ وَقَدْ رَوَى مَعْمَرٌ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ ( مَسْأَلَةٌ ) لَمْ يَذْكُرْ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ مَتَى مَسَّ ذَكَرَهُ إِنْ كَانَ فِي حِينِ غُسْلِهِ أَوْ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهُ فَإِنْ بَعْدَ غُسْلِهِ فَهُوَ حَدَثٌ مُسْتَأْنَفٌ يَحْتَاجُ أَنْ يُجَدِّدَ لَهُ طَهَارَةً وَإِنْ كَانَ حَالَ غُسْلِهِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ مِنْ قَوْلِ سَالِمٍ رَأَيْت أَبِي عَبْدَ اللَّهِ يَغْتَسِلُ ثُمَّ يَتَوَضَّأُ وَلَفْظَةُ ثُمَّ وَإِنْ كَانَ مَوْضُوعُهَا لِلْمُهْلَةِ فَلَا تُسْتَعْمَلُ فِي مِثْلِ هَذَا إِلَّا لِلرُّتْبَةِ فَهِيَ بِمَعْنَى الْفَاءِ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ مَسَّ ذَكَرُهُ كَانَ حِينَ غُسْلِهِ وَلَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ مَسُّ ذَلِكَ قَبْلَ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ فَلَا رَيْبَ أَنَّ غُسْلَ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَفْتَقِرُ إِلَى نِيَّةٍ لِأَنَّ نِيَّةَ الْغُسْلِ فِي أَوَّلِهِ الَّتِي تَشْتَمِلُ عَلَى نِيَّةِ الْوُضُوءِ ثَابِتٌ حُكْمُهَا مَا لَمْ يَغْسِلْ أَعْضَاءَ الْوُضُوءِ وَإِنْ مَسَّ ذَكَرَهُ بَعْدَ وُضُوئِهِ فَقَدْ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ تَلْزَمَهُ النِّيَّةُ لِلْوُضُوءِ وَمَنَعَ مِنْ ذَلِكَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ وَالْقَوْلَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى أَصْلٍ اخْتَلَفَ فِيهِ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ وَهُوَ الْمُتَطَهِّرُ إِذَا غَسَلَ عُضْوًا مِنْ أَعْضَاءِ طَهَارَتِهِ فَهَلْ يَطْهُرُ بِتَمَامِ غَسْلِ ذَلِكَ الْعُضْوِ أَمْ لَا يَطْهُرُ إِلَّا بِتَمَامِ طَهَارَتِهِ فَإِذَا قُلْنَا أَنَّ الْحَدَثَ لَا يَزُولُ عَنْ ذَلِكَ الْعُضْوِ إِلَّا بِتَمَامِ الطَّهَارَةِ لِأَنَّ أَعْضَاءَ الْوُضُوءِ الَّتِي غَسَلَهَا حُكْمُ الْحَدَثِ ثَابِتٌ فِيهَا فَكَانَ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ أَنْ يَمَسَّ ذَكَرَهُ قَبْلَ غُسْلِهِ فَحُكْمُ نِيَّةِ الْغُسْلِ بِأَوَّلِهَا لِأَنَّهُ لَا يَأْتِي إِلَى الْآنَ بِمُوجِبِهَا وَالْفِعْلِ فَلَا يَحْتَاجُ فِي غُسْلِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ إِلَى تَجْدِيدِ نِيَّةٍ وَإِنْ قُلْنَا إِنَّ أَعْضَاءَ الْوُضُوءِ قَدْ طَهُرَتْ وَارْتَفَعَ الْحَدَثُ عَنْهَا بِتَمَامِ إمْرَارِ الْمَاءِ عَلَيْهَا قَبْلَ تَمَامِ الْغُسْلِ فَإِنَّ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ بَعْدَ تَمَامِ وُضُوئِهِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَسْتَأْنِفَ الْوُضُوءَ بِنِيَّةٍ مُسْتَأْنَفَةٍ وَعَلَى هَذَا أَيْضًا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْخِلَافُ فِيمَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ فِي أَثْنَاءِ غَسْلِ أَعْضَاءِ وُضُوئِهِ إِنْ قُلْنَا إِنَّ كُلَّ عُضْوٍ يَزُولُ حَدَثُهُ بِتَمَامِ غَسْلِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ تَجْدِيدِ نِيَّةٍ لِابْتِدَاءِ وُضُوئِهِ وَإِنْ قُلْنَا لَا يَرْتَفِعُ حَدَثُهُ إِلَّا بِتَمَامِ وُضُوئِهِ فَحُكْمُ النِّيَّةِ الْأَوَّلُ بَاقٍ فَلَا يَحْتَاجُ إِلَى تَجْدِيدِ نِيَّةٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ



