المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (موطأ مالك) - [الحديث رقم: (831)]
(موطأ مالك) - [الحديث رقم: (831)]
حَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ مَالِك عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنِّي أَصَبْتُ جَرَادَاتٍ بِسَوْطِي وَأَنَا مُحْرِمٌ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ أَطْعِمْ قَبْضَةً مِنْ طَعَامٍ
( ش ) : قَوْلُ عُمَرَ أَطْعِمْ قَبْضَةً مِنْ طَعَامٍ يُرِيدُ أَنَّهَا أَخَفُّ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ وَهِيَ تُجْزِئُ عَنْ الْجَرَادِ وَكَذَلِكَ يَقُولُ مَالِكٌ مَنْ أَصَابَ جَرَادَةً فَعَلَيْهِ قَبْضَةُ طَعَامٍ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ رَحِمهُ اللَّهُ : وَعِنْدِي أَنَّهُ لَوْ شَاءَ الصِّيَامَ لَحَكَمَ بِصِيَامِ يَوْمٍ إِلَّا أَنْ يَمْنَعَ مِنْ ذَلِكَ إجْمَاعٌ وَإِنَّمَا سَارَعَ الْفُقَهَاءُ إِلَى إيجَابِ قَبْضَةٍ مِنْ الطَّعَامِ لِعِلْمِهِمْ أَنَّهَا أَسْهَلُ عَلَى مَنْ أَصَابَ الْجَرَادَةَ مِنْ صِيَامِ يَوْمٍ فَاسْتَغْنَى فِي ذَلِكَ عَنْ الْإِعْلَانِ بِالتَّخْيِيرِ. ( مَسْأَلَةٌ ) وَهَذَا حُكْمُ الذُّبَابِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْحَشَرَاتِ مَنْ أَصَابَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ وَدَاهُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْخَنَافِسِ وَالْجُعْلَانِ وَبَنَاتِ وَرْدَانَ وَالْعَصَا وَمَا جَرَى مَجْرَى ذَلِكَ قَتْلُهُ مُبَاحٌ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إِنْ قَتَلَهَا. ( مَسْأَلَةٌ ) إِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَهَذَا حُكْمُ مَنْ تَعَمَّدَ قَتْلَهَا وَأَصَابَهَا خَطَأً وَهُوَ بِمَكَّةَ لِعُسْرِ التَّحَرُّزِ مِنْهَا وَلِذَلِكَ لَمْ يَسْأَلْهُ عُمَرُ هَلْ أَصَابَ الْجَرَادَةَ خَطَأً أَوْ عَمْدًا وَلَا كَانَ فِي سُؤَالِهِ بَيَانُ ذَلِكَ فَدَلَّ عَلَى تَسَاوِي الْحُكْمِ عِنْدَ عُمَرَ وَأَمَّا الْمُحْرِمُ يَطَأُ بِبَعِيرِهِ الْجَرَادَ لِأَنَّهُ يَكْثُرُ فِي الطَّرِيقِ فَلَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ مِنْهُ فَقَدْ رَوَى ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ لَيْسَ عَلَى النَّاسِ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ مَا لَمْ يَتَعَمَّدُوا وَقَالَ مَالِكٌ مِثْلَ ذَلِكَ وَقَدْ سُئِلَ عَنْ الذُّبَابِ لَا يُسْتَطَاعُ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ لِكَثْرَتِهِ فِيهَا الْمُحْرِمُ يَمْشِي عَلَى بَعْضِهِ فَيَقْتُلَهُ يُطْعِمُ وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَهُوَ اخْتِيَارُ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ أَنَّ الضَّرُورَةَ إِذَا كَانَتْ عَامَّةً وَلَمْ يُمْكِنْ احْتِرَازٌ مِنْهَا لِغَلَبَتِهَا وَكَثْرَتِهَا فَإِنَّهُ يَسْقُطُ حُكْمُ الْمَنْعِ بِهَا وَيُبِيحُ الْقَتْلَ وَإِذَا كَانَ الْقَتْلُ مُبَاحًا عَلَى الْعُمُومِ سَقَطَ الْفِدَاءُ بِهِ كَقَتْلِ عَادِيَةِ السِّبَاعِ وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّ الْمُحْرِمَ إِذَا أَصَابَ الصَّيْدَ لَزِمَهُ الْجَزَاءُ وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى التَّحَرُّزِ مِنْهُ كَمَا لَوْ قَتَلَهُ خَطَأً. ( مَسْأَلَةٌ ) وَمَتَى وَجَبَ بِذَلِكَ الْإِطْعَامُ فَهَلْ يَجُوزُ دُونَ حُكُومَةٍ قَالَ مُحَمَّدٌ : يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ رَحِمهُ اللَّهُ : وَعِنْدِي أَنَّ هَذَا مَعْنَى قَوْلِ عُمَرَ لِكَعْبٍ تَعَالَ حَتَّى نَحْكُمَ فَإِنْ أَخْرَجَ ذَلِكَ دُونَ حُكْمٍ فَعَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ هَذَا مِمَّا يَلْزَمُ الْمُحْرِمَ بِهِ الْجَزَاءُ فَلَمْ يَصِحَّ إخْرَاجُهُ إِلَّا بِحُكْمِ الْحَكَمَيْنِ أَصْلُ ذَلِكَ جَزَاءُ الصَّيْدِ.