المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (موطأ مالك) - [الحديث رقم: (81)]
(موطأ مالك) - [الحديث رقم: (81)]
حَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ مَالِك عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ أَنَّهُ سَمِعَ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ يَقُولُ دَخَلْتُ عَلَى مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ فَتَذَاكَرْنَا مَا يَكُونُ مِنْهُ الْوُضُوءُ فَقَالَ مَرْوَانُ وَمِنْ مَسِّ الذَّكَرِ الْوُضُوءُ فَقَالَ عُرْوَةُ مَا عَلِمْتُ هَذَا فَقَالَ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ أَخْبَرَتْنِي بُسْرَةُ بِنْتُ صَفْوَانَ أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِذَا مَسَّ أَحَدُكُمْ ذَكَرَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ
( ش ) : قَوْلُهُ فَتَذَاكَرْنَا مَا يَكُونُ مِنْهُ الْوُضُوءُ إخْبَارٌ عَمَّا كَانُوا عَلَيْهِ مِنْ تَذَاكُرِ الْعِلْمِ وَالِاجْتِمَاعِ إِلَيْهِ وَقَوْلُ عُرْوَةَ مَا عَلِمْت ذَلِكَ مُرَاجَعَةٌ لِمَرْوَانِ بْنِ الْحَكَمِ فِيمَا ادَّعَاهُ مِنْ الْوُضُوءِ مِنْ مَسِّ الذَّكَرِ وَإِظْهَارُ مُخَالَفَتِهِ وَلِذَلِكَ احْتَجَّ عَلَيْهِ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ بِالْخَبَرِ الَّذِي رَوَاهُ عَنْ بُسْرَةَ بِنْتِ صَفْوَانَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا مَسَّ أَحَدُكُمْ ذَكَرَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ وَالْمَسُّ يَنْطَلِقُ مِنْ جِهَةِ اللُّغَةِ عَلَى مَسِّهِ بِأَيِّ جُزْءٍ كَانَ مِنْ جَسَدِهِ وَعَلَى أَيِّ وَجْهٍ مَسَّهُ عَلَيْهِ إِلَّا أَنَّهُ مِنْ جِهَةِ الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ فَجَرَى ذَلِكَ فِي الْأَكْثَرِ عَلَى الْمَسِّ بِالْيَدِ لِأَنَّ الْقَصْدَ إِلَى الْمَسِّ فِي الْغَالِبِ إنَّمَا يَكُونُ بِهَا وَقَدْ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي وُجُوبِ الْوُضُوءِ مِنْ مَسِّ الذَّكَرِ فَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ الْوُضُوءَ مِنْهُ وَاجِبٌ وَرَوَى عَنْهُ فِي الْمُسْتَخْرَجَةِ أَنَّهُ لَيْسَ بِوَاجِبٍ وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي تَوْجِيهِ الْقَوْلَيْنِ فَذَهَبَ سَحْنُونٌ وَغَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِنَا إِلَى أَنَّ ذَلِكَ عَلَى رِوَايَتَيْنِ إحْدَاهُمَا إيجَابُ الْوُضُوءِ مِنْ مَسِّ الذَّكَرِ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَالثَّانِيَةُ نَفْيُهُ وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَذَهَبَ الْعِرَاقِيُّونَ مِنْ أَصْحَابِنَا إِلَى أَنَّ ذَلِكَ لِاخْتِلَافِ حَالَيْنِ وَأَنَّهُ يَجِبُ الْوُضُوءُ إِذَا قَارَنَهُ مَعْنًى وَيَنْفِيهِ إِذَا عَرَا مِنْ ذَلِكَ الْمَعْنَى وَاخْتَلَفَ الْقَائِلُونَ بِذَلِكَ فِي الْمَعْنَى الْمُرَاعَى فَقَالَتْ طَائِفَةٌ الْمَعْنَى الْمُرَاعَى هُوَ اللَّمْسُ بِبَاطِنِ الْكَفِّ وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ إسْمَاعِيلُ الْقَاضِي وَجُمْهُورُ أَصْحَابِنَا الْعِرَاقِيِّينَ أَنَّ الْمُرَاعَى فِي ذَلِكَ اللَّذَّةُ وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ وُجُوبِ الْوُضُوءِ مِنْ مَسِّ الذَّكَرِ خَبَرُ بُسْرَةَ بِنْتِ صَفْوَانَ وَهُوَ نَصٌّ فِي مَوْضِعِ الْخِلَافِ وَدَلِيلُنَا عَلَى ذَلِكَ مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ أَنَّ هَذَا الْتِقَاءُ بَشَرَتَيْنِ عَلَى مَعْنَى الِاسْتِمْتَاعِ فَوَجَبَ بِذَلِكَ طَهَارَةٌ كَالْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ وَدَلِيلُنَا عَلَى أَنَّ لَمْسَ الذَّكَرِ إِذَا عَرَا عَنْ اللَّذَّةِ لَمْ يُوجِبْ الْوُضُوءَ أَنَّ هَذَا لَمْسٌ عَرَا عَنْ اللَّذَّةِ فَلَمْ يَجِبْ بِهِ الْوُضُوءُ كَمَا لَوْ مَسَّهُ بِظَاهِرِ كَفِّهِ وَوَجْهٌ ثَانٍ وَهُوَ أَنَّ مَنْ اغْتَسَلَ مِنْ جَنَابَةٍ فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ غَسْلِ ذَكَرِهِ فَلَوْ كَانَ حَدَثًا مَعَ تَعَرِّيهِ مِنْ قَصْدِ اللَّذَّةِ لَمَّا كَانَ طَهَارَةً لِأَنَّهُ لَا خِلَافَ أَنَّ كُلَّ حَدَثٍ مِنْ الْأَحْدَاثِ لَيْسَ بِطَهَارَةٍ مِنْ جِنْسِهِ مِنْ الْأَحْدَاثِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ ( فَرْعٌ ) فَإِذَا قُلْنَا بِوُجُوبِ الْوُضُوءِ فَمَنْ صَلَّى قَبْلَ أَنْ يَتَوَضَّأَ [ ] أَعَادَ الْوُضُوءَ وَالصَّلَاةَ أَبَدًا قَالَهُ ابْنُ نَافِعٍ وَإِنْ قُلْنَا بِنَفْيِ الْوُجُوبِ فَفِي الْعُتْبِيَّةِ مِنْ رِوَايَةِ سَحْنُونٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي ذَلِكَ رِوَايَتَانِ إحْدَاهُمَا يُعِيدُ الصَّلَاةَ فِي الْوَقْتِ وَالثَّانِيَةُ لَا يُعِيدُهَا فِي وَقْتٍ وَلَا غَيْرِهِ ( مَسْأَلَةٌ ) وَاخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ فِي إيجَابِ الْوُضُوءِ بِمَسِّ الْمَرْأَةِ فَرْجَهَا فَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ لَا وُضُوءَ عَلَيْهَا وَرَوَى عَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ عَلَيْهَا الْوُضُوءُ وَرَوَى إسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ عَلَيْهَا الْوُضُوءُ إِذَا أَلْطَفَتْ أَوْ قَبَضَتْ عَلَيْهِ وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي تَأْوِيلِ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ فَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ إِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِاخْتِلَافِ أَقْوَالٍ وَإِنَّمَا هُوَ لِاخْتِلَافِ أَحْوَالٍ فَمَنْ رَوَى لَا وُضُوءَ عَلَيْهَا فَإِنَّ مَعْنَى ذَلِكَ إِذَا لَمْ تَلْتَذَّ وَمَنْ رَوَى عَلَيْهَا الْوُضُوءُ فَإِنَّمَا ذَلِكَ إِذَا الْتَذَّتْ وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ يَحْمِلُ ذَلِكَ عَلَى اخْتِلَافِ رِوَايَتَيْنِ إِلَّا أَنَّ الْوُجُوبَ يَتَعَلَّقُ بِالْإِلْطَافِ وَهُوَ إدْخَالُ الْأُصْبُعِ وَمَسُّ الْفَرْجِ بِهِ وَالْكَلَامُ فِي تَوْجِيهِ ذَلِكَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْكَلَامِ فِي مَسِّ الذَّكَرِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ



