المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (موطأ مالك) - [الحديث رقم: (61)]
(موطأ مالك) - [الحديث رقم: (61)]
حَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ مَالِك عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَأْخُذُ الْمَاءَ بِأُصْبُعَيْهِ لِأُذُنَيْهِ
( ش ) : وَقَالَ عِيسَى بْنُ دِينَارٍ مَعْنَاهُ أَنَّهُ كَانَ يَقْبِضُ أَصَابِعَهُ مِنْ كِلْتَيْ يَدَيْهِ وَيَمُدُّ أُصْبُعَيْهِ اللَّتَيْنِ تَلِيَانِ الْإِبْهَامَيْنِ أُصْبُعًا مِنْ كُلِّ يَدٍ ثُمَّ يَمْسَحُ بِهِمَا أُذُنَيْهِ مِنْ دَاخِلٍ وَخَارِجٍ قَالَ وَهُوَ حَسَنٌ مِنْ الْفِعْلِ وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ عِيسَى مُحْتَمَلٌ وَهُوَ حَسَنٌ فِي صِفَةِ تَنَاوُلِ الْمَاءِ لِمَسْحِ الْأُذُنَيْنِ وَأَمَّا تَنَاوُلُهُ لِلْغَسْلِ فَفِي الْعُتْبِيَّةِ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ يُدْخِلُ يَدَيْهِ جَمِيعًا فِي الْإِنَاءِ فَيَأْخُذُ بِهِمَا الْمَاءَ وَفِي الْمَبْسُوطِ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ فِي مِسْحِ الرَّأْسِ يَتَنَاوَلُ الْمَاءَ بِيُمْنَاهُ وَيُفْرِغُهُ عَلَى يُسْرَاهُ وَكَذَلِكَ قَالَ عِيسَى بْنُ دِينَارٍ فِي جَمِيعِ الْوُضُوءِ وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنْ يَأْخُذَ الْمَاءَ بِيُمْنَاهُ ثُمَّ يَجْعَلَ بَعْضَهُ فِي يُسْرَاهُ فَيَنْقُلَهُ بِهِمَا إِلَى وَجْهِهِ وَخَيَّرَ ابْنُ حَبِيبٍ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ وَبِهِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ وَالْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ وَجْهُ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الطَّهَارَةَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى أَنَّهُ مَتَى كَانَ الْغَسْلُ بِالْيَدَيْنِ كَانَ تَنَاوَلَ الْمَاءَ بِهِمَا وَمَتَى كَانَ بِالْيُمْنَى خَاصَّةً كَانَ تَنَاوُلُ الْمَاءِ بِهَا وَتَحْرِيرُهُ أَنَّ هَذَا عَمَلٌ مِنْ أَعْمَالِ الطَّهَارَةِ لِلْوَجْهِ فَكَانَ حُكْمُهُ أَنْ يَكُونَ بِالْيَدَيْنِ كَإِمْرَارِهِمَا مَعَ الْمَاءِ وَوَجْهُ رِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ تَوَضَّأَ أَخَذَ غَرْفَةً مِنْ مَاءٍ فَجَعَلَ بِهَا هَكَذَا أَضَافَهَا إِلَى يَدِهِ الْأُخْرَى ثُمَّ غَسَلَ بِهَا وَجْهَهُ ثُمَّ قَالَ هَكَذَا رَأَيْت النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَوَضَّأُ وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ هَذَا تَنَاوُلُ الْمَاءِ لِلطَّهَارَةِ فَوَجَبَ أَنْ يَخْتَصَّ بِالْيُمْنَى أَصْلُهُ إِذَا غَرَفَ بِيُمْنَاهُ لِيَغْسِلَ يُسْرَاهُ وَوَجْهُ التَّخْيِيرِ تَسَاوِي الدَّلِيلَيْنِ وَهَكَذَا الْكَلَامُ إنَّمَا هُوَ فِي غَسْلِ الْوَجْهِ وَمَسْحِ الرَّأْسِ وَأَمَّا غَسْلُ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ فَلَا يَتَهَيَّأُ إِلَّا أَنْ يَغْرِفَ الْمَاءَ بِالْيُمْنَى وَيَغْسِلَ بِالْيُسْرَى غَيْرَ غَسْلِ يَدِهِ الْيُسْرَى فَإِنَّهُ يَعْرِفُ بِالْيُمْنَى فَيُفْرِغُ بِهَا عَلَى الْيُسْرَى ثُمَّ يَغْسِلُ بِالْيُمْنَى ( فَصْلٌ ) وَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ الْحَدِيثُ تَجْدِيدَ الْمَاءِ لِلْأُذُنَيْنِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ كَانَ يَأْخُذُ الْمَاءَ بِأُصْبُعَيْنِ مِنْ كُلِّ يَدٍ فَيَمْسَحُ بِهِمَا أُذُنَيْهِ وَهُوَ أَشْبَهُ بِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَنَحْوِ مَا رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ بَاطِنَ الْأُذُنَيْنِ يُمْسَحُ بِالسِّبَابَةِ وَظَاهِرَهُمَا بِالْإِبْهَامِ وَهَذِهِ طَهَارَةُ الْأُذُنَيْنِ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَجُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ وَقَالَ الزُّهْرِيُّ يُغْسَلَانِ مَعَ الْوَجْهِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يُغْسَلُ بَاطِنُهُمَا مَعَ الْوَجْهِ وَظَاهِرُهُمَا مَعَ الرَّأْسِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسِ فِي صِفَةِ وُضُوءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ يَمْسَحُ رَأْسَهُ وَأُذُنَيْهِ ظَاهِرُهُمَا بِالسِّبَابَتَيْنِ وَبَاطِنُهُمَا بِإِبْهَامَيْهِ ( مَسْأَلَةٌ ) وَصِفَةُ مَسْحِهِمَا [ ] أَنْ يَمْسَحَ ظَاهِرَهُمَا وَبَاطِنَهُمَا قَالَ مَالِكُ فِي الْمُخْتَصَرِ يُدْخِلُ أُصْبُعَيْهِ فِي صِمَاخَيْهِ لَا يَتْبَعُ غُضُونَهُمَا ( فَرْعٌ ) إِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَهَلْ يُمْسَحَانِ فَرْضًا أَوْ نَفْلًا [ ] ذَهَبَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ وَأَبُو بَكْرٍ الْأَبْهَرِيُّ إِلَى أَنَّهُمَا يُمْسَحَانِ فَرْضًا وَذَهَبَ سَائِرُ أَصْحَابِنَا إِلَى أَنَّهُمَا يُمْسَحَانِ نَفْلًا وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّهُمَا عُضْوَانِ جُعِلَا فِي الشَّرْعِ مَخْرَجًا لِخَطَايَا عُضْوٍ فَكَانَ حُكْمُهُمَا فِي الْوُضُوءِ حُكْمَهُ كَالْعَيْنَيْنِ مَعَ الْوَجْهِ وَالْأَظْفَارِ مَعَ الْيَدَيْنِ وَالرَّجُلَيْنِ وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّهُمَا عُضْوَانِ سُنَّ لَهُمَا تَجْدِيدُ الْمَاءِ فَلَمْ يَكُونَا مَعَ الرَّأْسِ كَسَائِرِ الْأَعْضَاءِ ( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ وَكَانَ يَأْخُذُ الْمَاءَ بِأُصْبُعَيْهِ لِأُذُنَيْهِ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَتَنَاوَلُ بِأُصْبُعَيْهِ وَيَقْتَضِي اسْتِئْنَافَ الْمَاءِ لَهُمَا وَلِذَلِكَ أَخَذَ الْمَاءَ لَهُمَا دُونَ غَيْرِهِمَا مِنْ الْأَعْضَاءِ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُخْتَصَرِ يُسْتَحَبُّ تَجْدِيدُ الْمَاءِ لَهُمَا [ ] وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ مَنْ لَمْ يُجَدِّدْ لَهُمَا مَاءً فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ لَمْ يَمْسَحْهُمَا وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ إِنْ شَاءَ جَدَّدَ لَهُمَا الْمَاءَ وَإِنْ شَاءَ مَسَحَهُمَا بِمَا فَضَلَ بِيَدِهِ مِنْ مَسْحِ رَأْسِهِ وَأَبُو حَنِيفَةَ يَقُولُ لَا يُسْتَأْنَفُ لَهُمَا الْمَاءُ وَدَلِيلُنَا عَلَى اسْتِئْنَافِ الْمَاءِ لَهُمَا أَنَّ الْمَغْسُولَاتِ نَفْلًا لَمَّا انْفَصَلَتْ مِنْ الْمَغْسُولَاتِ فَرْضًا فَكَذَلِكَ الْمَمْسُوحَاتُ نَفْلًا يَجِبُ أَنْ تَنْفَصِلَ عَنْ الْمَمْسُوحَاتِ فَرْضًا وَأَمَّا قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ إِنْ شَاءَ مَسَحَهُمَا بِمَا فَضَلَ بِيَدِهِ مِنْ مَسْحِ رَأْسِهِ فَمَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُمَا مَوْضِعٌ مِنْ الرَّأْسِ فَحُكْمُهُمَا حُكْمُهُ فِي تَجْدِيدِ الْمَاءِ غَيْرَ أَنَّهُمَا آخِرُ الْعُضْوِ فَيُخْتَمُ مَسْحُهُ بِمِسْحِهِمَا



