المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (موطأ مالك) - [الحديث رقم: (44)]
(موطأ مالك) - [الحديث رقم: (44)]
حَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ مَالِك عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكَلَ كَتِفَ شَاةٍ ثُمَّ صَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ
( ش ) : قَوْلُهُ أَكَلَ كَتِفَ شَاةٍ ثُمَّ صَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ يَمْنَعُ وُجُوبَ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتْ النَّارُ وَإِنْ كَانَ لَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ مَطْبُوخٌ إِلَّا أَنَّهُ مَعْلُومٌ مِنْ حَالِهِ فَاسْتَغْنَى عَنْ ذِكْرِهِ كَذَكَاةِ الشَّاةِ وَعَلَى تَرْكِ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتْ النَّارُ جَمِيعُ الْفُقَهَاءِ فِي زَمَانِنَا وَإِنَّمَا كَانَ الْخِلَافُ فِيهِ فِي زَمَانِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ ثُمَّ وَقَعَ الْإِجْمَاعُ عَلَى تَرْكِهِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَسَانِيدَ لَا بَأْسَ بِهَا أَنَّهُ قَالَ تَوَضَّئُوا مِمَّا أَنْضَجَتْ النَّارُ وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ إنَّهُ لَمْ يَكُنْ قَطُّ الْوُضُوءُ مِمَّا أَنْضَجَتْ النَّارُ وَاجِبًا وَإِنَّمَا كَانَ مَعْنَاهُ الْمَضْمَضَةَ وَغَسْلَ الْفَمِ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِحْبَابِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ قَدْ كَانَ وَاجِبًا ثُمَّ نُسِخَ وَتَعَلَّقُوا فِي ذَلِكَ بِمَا رَوَاهُ شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ قَالَ كَانَ آخِرُ الْأَمْرَيْنِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَرْكَ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتْ النَّارُ وَقَدْ قَالَ قَوْمٌ مِنْ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ أَنَّ شُعَيْبَ بْنَ أَبِي حَمْزَةَ اخْتَصَرَ حَدِيثَ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ الَّذِي يَأْتِي بَعْدَ هَذَا فَغَيَّرَ مَعْنَاهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ وَقَدْ أُلْحِقَ بِنَوَاقِضِ الطَّهَارَةِ مَعَانٍ نُبَيِّنُ مِنْهَا مَا يَلِيقُ بِهَذَا الْكِتَابِ فَمِنْهَا أَكْلُ لُحُومِ الْإِبِلِ قَالَ مَالِكٌ لَا يَنْقُضُ الطَّهَارَةَ وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَفُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ يَنْقُضُ ذَلِكَ الطَّهَارَةَ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ أَنَّ هَذَا لَحْمٌ فَلَمْ يَجِبْ بِأَكْلِهِ وُضُوءٌ كَلَحْمِ الضَّأْنِ ( فَرْعٌ ) الْقَهْقَهَةُ فِي الصَّلَاةِ لَا تَنْقُضُ الطَّهَارَةَ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ تَنْقُضُ الطَّهَارَةَ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ أَنَّ مَا لَا يَنْقُضُ الطَّهَارَةَ خَارِجَ الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ لَا يَنْقُضُهَا دَاخِلَهَا كَالْكَلَامِ وَقَذْفِ الْمُحْصَنَاتِ ( فَرْعٌ ) وَرَفْضُ الطَّهَارَةِ يَنْقُضُهَا فِي رِوَايَةِ أَشْهَبَ عَنْ مَالِكٍ لِأَنَّهُ رَوَى عَنْهُ مَنْ تَصَنَّعَ لِلنَّوْمِ فَعَلَيْهِ الْوُضُوءُ وَإِنْ لَمْ يَنَمْ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ رَفْضَ الْوُضُوءِ يَصِحُّ وَابْنُ الْقَاسِمِ يُخَالِفُ فِي هَذَا وَيَقُولُ هُوَ كَالْحَجِّ لَا يَصِحُّ رَفْضُهُ مِنْ مُخْتَصَرِ مَا لَيْسَ فِي الْمُخْتَصَرِ وَجْهُ رِوَايَةِ أَشْهَبَ أَنَّ هَذِهِ عِبَادَةٌ يُبْطِلُهَا الْحَدَثُ الْأَصْغَرُ فَصَحَّ رَفْضُهَا كَالصَّلَاةِ وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ هَذِهِ طَهَارَةٌ فَلَمْ تَبْطُلْ بِالرَّفْضِ كَالطَّهَارَةِ الْكُبْرَى ( فَرْعٌ ) وَأَمَّا الرِّدَّةُ فَقَالَ فِي الْعُتْبِيَّةِ مُوسَى بْنُ مُعَاوِيَةَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيمَنْ ارْتَدَّ وَهُوَ عَلَى وُضُوءٍ ثُمَّ تَابَ وَرَاجَعَ الْإِسْلَامَ أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَأْتَنِفَ الْوُضُوءَ قَالَ يَحْيَى ذَلِكَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ لِأَنَّ الشِّرْكَ أَحْبَطَ عَمَلَهُ وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ هَذِهِ طَهَارَةٌ فَلَمْ تُبْطِلْهَا الرِّدَّةُ كَالطَّهَارَةِ الْكُبْرَى وَوَجْهُ قَوْلِ يَحْيَى بْنِ عُمَرَ قَوْلُهُ تَعَالَىلَئِنْ أَشْرَكْت لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُك وَهَذَا عَامٌّ فِي كُلِّ عَمَلٍ إِلَّا مَا خَصَّصَهُ الدَّلِيلُ



