المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (موطأ مالك) - [الحديث رقم: (368)]
(موطأ مالك) - [الحديث رقم: (368)]
و حَدَّثَنِي عَنْ مَالِك عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ مَنْ نَسِيَ صَلَاةً فَلَمْ يَذْكُرْهَا إِلَّا وَهُوَ مَعَ الْإِمَامِ فَإِذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ فَلْيُصَلِّ الصَّلَاةَ الَّتِي نَسِيَ ثُمَّ لِيُصَلِّ بَعْدَهَا الْأُخْرَى
( ش ) : قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ مَنْ ذَكَرَ صَلَاةً وَهُوَوَرَاءَ إِمَامٍ فِيصَلَاةٍ أُخْرَى فَإِنَّهُ يَتَمَادَى مَعَ الْإِمَامِ ثُمَّ يُصَلِّي الَّتِي ذَكَرَ ثُمَّ يُصَلِّي الَّتِي كَانَ فِيهَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا يَتَمَادَى لِئَلَّا تَفُوتَهُ فَضِيلَةُ صَلَاةِ الْإِمَامِ لِأَنَّهُ لَا يَقْطَعُ بِفَسَادِ صَلَاتِهِ مَعَ الْإِمَامِ فَيَتَمَادَى مَعَ الْإِمَامِ ثُمَّ يُعِيدُ صَلَاتَهُ تِلْكَ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَدَ وَقَالَ الشَّافِعِيُّيَعْتَدُّ بِصَلَاتِهِ تِلْكَ وَيَقْضِي الْفَائِتَةَ خَاصَّةً وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى مُرَاعَاةِ التَّرْتِيبِ فِي الصَّلَاةِ وَذَلِكَ أَنَّ مَنْ ذَكَرَ صَلَوَاتٍ فَائِتَةً فَلَا يَخْلُو أَنْ تَكُونَ قَلِيلَةً أَوْ كَثِيرَةً فَإِنْ كَانَتْ قَلِيلَةً فَلَا يَخْلُو أَنْ يَذْكُرَهَا فِي صَلَاةٍ أَوْ فِي غَيْرِ صَلَاةٍ فَإِنْ ذَكَرَهَا فِي صَلَاةٍ فَلَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ إمَامًا أَوْ مَأْمُومًا وَفَذًّا فَإِنْ كَانَ إمَامًا قَطَعَ مَا هُوَ فِيهِ مِنْ الصَّلَاةِ وَوَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَبْدَأَ بِمَا عَلَيْهِ مِنْ الْفَوَائِتِ وَسَنَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ. ( فَرْعٌ ) وَهَلْ تَبْطُلُ تِلْكَ الصَّلَاةُ عَلَى مَنْ خَلْفَهُ مِنْ الْمَأْمُومِينَ أَوْ لَا عَنْ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ رِوَايَتَانِ رَوَاهُمَا ابْنُ الْقَاسِمِ إحْدَاهُمَا تَبْطُلُ عَلَى مَنْ خَلْفَهُ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ التَّرْتِيبَ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ وَلَا يُتَصَوَّرُ انْفِصَالُهُ مِنْ الصَّلَوَاتِ فَإِذَا فَسَدَتْ صَلَاةُ الْإِمَامِ لِعَدَمِهِ تَعَدَّى ذَلِكَ إِلَى صَلَاةِ الْمَأْمُومِ كَتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ إِنَّ صَلَاتَهُمْ صَحِيحَةٌ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ هَذَا مَعْنَى لَوْ ذَكَرَهُ الْإِمَامُ قَبْلَ دُخُولِهِ فِي الصَّلَاةِ لَمْ تَجُزْ لَهُ الصَّلَاةُ مَعَ عَدَمِهِ فَإِذَا ذَكَرَهُ فِي نَفْسِ الصَّلَاةِ لَمْ تَفْسُدْ بِذَلِكَ صَلَاةُ مَنْ خَلْفَهُ كَالْحَدَثِ. ( مَسْأَلَةٌ ) فَإِنْ كَانَ الذَّاكِرُ لِلصَّلَاةِ مَأْمُومًا فَإِنَّهُ يَتَمَادَى عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ مَعَ الْإِمَامِ ثُمَّ يَقْضِي الْفَائِتَةَ ثُمَّ يُعِيدُ الَّتِي صَلَّى مَعَ الْإِمَامِ وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِنْ ذَكَرَ فِي الْعَصْرِ ظُهْرَ يَوْمِهِ قَطَعَ عَلَى شَفْعٍ أَوْ وِتْرٍ وَكَذَلِكَ إِنْ ذَكَرَ مَغْرِبَ لَيْلَتِهِ فِي الْعِشَاءِ وَإِنَّمَا يَتَمَادَى مَعَ الْإِمَامِ ذَاكِرًا لِصَلَاةٍ خَرَجَ وَقْتُهَا وَأَمَّا مَنْ ذَكَرَ صَلَاةً وَهُوَ فِي خِنَاقٍ مِنْ وَقْتِهَا فَاسْتِدْرَاكُهُ لِوَقْتِهَا أَوْلَى مِنْ صَلَاةِ نَافِلَةٍ لَا تُجْزِئُهُ وَهَذَا كُلُّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ ذِكْرَ صَلَاةٍ فِي صَلَاةٍ لَا يُفْسِدُهَا وَإِنَّمَا يُسْتَحَبُّ لِلذَّاكِرِ وَحْدَهُ أَنْ يَقْطَعَهَا وَيَبْدَأَ بِاَلَّتِي ذَكَرَ وَلَوْ بَطَلَتْ الَّتِي هُوَ فِيهَا بِذِكْرِ غَيْرِهَا لَوَجَبَ عَلَيْهِ الْقَطْعُ وَرَاءَ إِمَامٍ أَوْ غَيْرِهِ. ( فَرْعٌ ) وَبِمَاذَا يَحْتَسِبُ الَّتِي تَمَادَى فِيهَا مَعَ الْإِمَامِ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهَا فَرْضُهُ وَإِنَّمَا يُعِيدُ بَعْدَ الَّتِي ذَكَرَهَا لِفَضِيلَةِ التَّرْتِيبِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ هِيَ نَافِلَةٌ. ( مَسْأَلَةٌ ) إِذَا قُلْنَا يَقْطَعُ مَا هُوَ فِيهِ مِنْ الصَّلَوَاتِ فَإِنَّ عَلَيْهِ أَنْ يَبْدَأَ بِالْفَوَائِتِ وَإِنْ خَافَ فَوَاتَ وَقْتِ الصَّلَاةِ الَّتِي هُوَ فِيهَا قَالَ الشَّافِعِيُّ يَتَمَادَى عَلَى صَلَاتِهِ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ مَا رُوِيَ عَنْعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَحُبِسْنَا عَنْ صَلَاةِ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَيَّ فَقُلْت نَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِلَالًا فَأَقَامَ فَصَلَّى الظُّهْرَ بِنَا ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الْعَصْرَ ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الْمَغْرِبَ ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الْعِشَاءَ ثُمَّ طَافَ عَلَيْنَا فَقَالَ مَا عَلَى الْأَرْضِ عِصَابَةٌ يَذْكُرُونَ اللَّهَ غَيْرُكُمْ فَوَجْهُ الدَّلِيلُ مِنْهُ أَنَّهُ قَالَ حُبِسْنَا عَنْ الصَّلَوَاتِ وَذَكَرَ الْعِشَاءَ وَأَنَّهَا مِمَّا حُبِسُوا عَنْهَا وَذَلِكَ يَقْتَضِي مَنْعَهُمْ مِنْ صَلَاتِهَا فِي وَقْتِهَا وَلَوْ كَانَ وَقْتُهَا بَاقِيًا لَمَا كَانُوا مَحْبُوسِينَ عَنْهَا ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ بَدَأَ بِالظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ قَبْلَهَا وَدَلِيلُنَا مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ أَنَّ هَذَا تَرْتِيبٌ مَشْرُوعٌ فِي الْوَقْتِ فَلَمْ يَبْطُلْ بِفَوَاتِ الْوَقْتِ كَتَرْتِيبِ الرَّكَعَاتِ. ( فَرْعٌ ) وَهَلْ تَبْطَلُ الصَّلَاةُ الَّتِي كَانَ فِيهَا بِمَا ذَكَرَ فِيهَا مِنْ الْفَائِتَةِ أَمْ لَا قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ عَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَهَا أَبَدًا وَقَالَ سَحْنَونٌ لَا يُعِيدُهَا بَعْدَ الْوَقْتِ وَالْقَوْلَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى أَنَّ التَّرْتِيبَ مُرَاعًى فِي الصَّلَوَاتِ الْمَفْرُوضَةِ وَهَلْ التَّرْتِيبُ شَرْطٌ فِي الصَّلَاةِ أَمْ لَا ؟ ذَهَبَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ إِلَى أَنَّهُ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ وَرَوَىمُطَرِّفٌ وَابْنُالْمَاجِشُونِ عَنْ مَالِكٍ مَعْنَاهُ وَرَوَى عَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ عَنْ مَالِكٍ فِيمَنْ ذَكَرَ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ مِنْ يَوْمِهِ فِي وَقْتِ الْعَصْرِ فَجَهِلَ فَبَدَأَ بِالْعَصْرِ أَنَّهُ يُعِيدُهَا إِنْ عَلِمَ مَكَانَهُ وَإِنْ طَالَ ذَلِكَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَنَحْوَهُرَأَيْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ , وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الْأُولَى أَنَّهُ مَعْنَى لَا يُتَصَوَّرُ انْفِصَالُهُ مِنْ الصَّلَاةِ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ شَرْطًا فِي صِحَّتِهَا كَتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّهُ لَيْسَ فِي تَقْدِيمِ مَا هُوَ فِي وَقْتِهَا أَكْثَرُ مِنْ تَأْخِيرِ الثَّانِيَةِ عَنْ وَقْتِهَا وَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ صِحَّتَهَا كَتَأْخِيرِ الصَّلَاةِ عَنْ وَقْتِهَا وَلَا يَمْنَعُ ذَلِكَ صِحَّةَ صَلَاةِ الْوَقْتِ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ إِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِوَقْتٍ لَهَا وَتَقَدُّمُ الْأُخْرَى عَلَيْهَا لَا يَكُونُ شَرْطًا فِي صِحَّتِهَا كَمَا لَوْ كَانَتْ صَلَوَاتٌ كَثِيرَةٌ. ( مَسْأَلَةٌ ) وَإِنْ كَانَتْ الصَّلَوَاتُ الَّتِي ذَكَرَ كَثِيرَةً فَلَا يَبْطُلُ مَا هُوَ فِيهِ مِنْ الصَّلَوَاتِ وَلْيَقْضِ مَا ذَكَرَ مِنْ الْفَوَائِتِ بَعْدَ إتْمَامِهَا وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي تَحْدِيدِ ذَلِكَ فَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ الْقَلِيلَةَ خَمْسٌ فَمَا دُونَ ذَلِكَ وَحَكَى ابْنُسَحْنُونٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ الْخَمْسَ فَمَا فَوْقَهَا مِنْ حَيِّزِ الْكَثِيرِ وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ , وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ هَذَا عَدَدٌ لَا تُنْكَرُ فِيهِ صَلَاةٌ فَكَانَ فِي حَيِّزِ الْقَلِيلِ كَالِاثْنَيْنِ وَالثَّلَاثِ , وَوَجْهُ قَوْلِ سَحْنُونٍ حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ وَلَيْسَ فِيهِ الْمُوَالَاةُ إِلَّا فِي أَرْبَعِ صَلَوَاتٍ وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ التَّرْتِيبَ فِي الصَّلَوَاتِ مَقِيسٌ عَلَى التَّرْتِيبِ فِي الرَّكَعَاتِ وَأَكْثَرُهَا أَرْبَعُ. ( مَسْأَلَةٌ ) إِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَإِنْ ذَكَرَ الْفَذُّ صَلَاةَ فَرْضٍ فِي صَلَاةِ فَرْضٍ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ إِنْ كَانَ افْتَتَحَ الصَّلَاةَ فَلْيَقْطَعْهَا وَإِنْ كَانَ بَعْدَ أَنْ صَلَّى مِنْهَا رَكْعَةً فَلْيُضِفْ إلَيْهَا أُخْرَى يَجْعَلُهَا نَافِلَةً وَيُسَلِّمُ وَيُصَلِّي الَّتِي ذَكَرَ ثُمَّ يُصَلِّي الَّتِي كَانَ شَرَعَ فِيهَا وَإِنْ ذَكَرَهَا بَعْدَ ثَلَاثِ رَكَعَاتٍ فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ يُضِيفُ إلَيْهَا رَكْعَةً أُخْرَى قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَقْطَعَ إِذَا ذَكَرَ بَعْدَ ثَلَاثٍ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ يَخْتَارُ أَنْ يَكُونَ لِذِكْرِ الصَّلَاةِ تَأْثِيرٌ فِي الصَّلَاةِ الَّتِي ذَكَرَهَا فِيهَا وَلِذَلِكَ إِذَا ذَكَرَهَا بَعْدَ رَكْعَةٍ سَلَّمَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ وَلَمْ يُتِمَّهَا أَرْبَعًا فَأَثَرُ الذِّكْرِ فِيهَا الِاخْتِصَارُ مِنْهَا عَلَى رَكْعَتَيْنِ وَصَرْفُهَا عَنْ الْفَرْضِ إِلَى النَّفْلِ فَلَوْ أَتَمَّ الَّتِي ذَكَرَ فِيهَا بَعْدَ ثَلَاثٍ لَمَا كَانَ لِلذِّكْرِ فِيهَا تَأْثِيرٌ لِأَنَّهُ أَتَمَّهَا عَلَى حَسَبِ مَا ابْتَدَأَهَا بِهِ فَاسْتُحِبَّ لَهُ أَنْ يَقْطَعَ لِيُظْهِرَ بِذَلِكَ تَأْثِيرَ ذِكْرِ الصَّلَاةِ فِي صَلَاتِهِ وَعَلَى هَذَا يَجِبُ إِذَا ذَكَرَهَا فِي الصُّبْحِ بَعْدَ رَكْعَةٍ أَنْ يَقْطَعَ وَعَلَى قَوْلِ مَالِكٍ الْمُتَقَدِّمِ يُضِيفُ إلَيْهَا رَكْعَةً أُخْرَى وَوَجْهُ ذَلِكَأَنَّ مَنْ افْتَتَحَ صَلَاةً عَلَى شَفْعٍ فَأَتَى مِنْهَا بِوِتْرٍ فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ تَبْلِيغُهَا الشَّفْعَ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ كَمَا لَوْ ذَكَرَ بَعْدَ رَكْعَةٍ. ( مَسْأَلَةٌ ) فَإِنْ ذَكَرَ صَلَاةَ فَرْضٍ فِي نَافِلَةٍ قَطَعَهَا إِنْ كَانَ لَمْ يُصَلِّ مِنْهَا شَيْئًا وَإِنْ كَانَ قَدْ صَلَّى مِنْهَا رَكْعَةً فَقَدْ اخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِيهِ فَقَالَ مَرَّةً يَقْطَعُ وَقَالَ مَرَّةً أُخْرَى لَا يَقْطَعُ بَلْ يُتِمُّ نَافِلَةً وَاخْتَارَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَنْ يُتِمَّ نَافِلَتَهُ , وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَبَيْنَ الَّتِي ذَكَرَ بَعْدَ ثَلَاثٍ مِنْ الْفَرِيضَةِ وَقَدْ اخْتَارَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِيهَا الْقَطْعَ إِنَّ الْقَطْعَ. إنَّمَا هُوَلِيُظْهِرَ تَأْثِيرَ الذِّكْرِ فِي الصَّلَاةِ الَّتِي كَانَ فِيهَا إِذَا كَانَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ تَرْتِيبٌ وَلَمَّا كَانَ التَّرْتِيبُ مَشْرُوعًا بَيْنَ الْفَرِيضَتَيْنِ لَزِمَ أَنْ يَكُونَ لِذِكْرِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي الْمُتَأَخِّرَةِ تَرْتِيبٌ وَأَمَّا الْفَرْضُ وَالنَّفْلُ فَلَا تَرْتِيبَ بَيْنَهُمَا فَلِذَلِكَ لَمْ يَلْزَمْ أَنْ يَكُونَ لِذِكْرِ الْفَرْضِ فِي النَّفْلِ بَعْدَ رَكْعَةٍ تَأْثِيرٌ وَوَجْهُ اخْتِيَارِ مَالِكٍ الْقَطْعَ فِي النَّافِلَةِ أَنَّهُ ذَاكِرٌ لِصَلَاةِ فَرْضٍ فِي صَلَاةِ نَفْلٍ فَاسْتُحِبَّ لَهُ قَطْعُ النَّفْلِ أَصْلُ ذَلِكَ إِذَا ذَكَرَ الْفَرِيضَةَ فِي أَوَّلِ رَكْعَةٍ مِنْ النَّافِلَةِ فَإِنْ اُعْتُرِضَ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ بِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ إِنْ ذَكَرَ صَلَاةً فِي أَوَّلِ رَكْعَةٍ مِنْ النَّافِلَةِ أَنْ لَا يَقْطَعَ وَقَدْ تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ يَقْطَعُ فَالْجَوَابُ عَنْ هَذَا أَنَّ هَذَا لَا يَلْزَمُهُ لِأَنَّ النَّافِلَةَ إِذَا لَمْ يَعْقِدْ مِنْهَا رَكْعَةً فَإِنَّهَا لَمْ تَسْتَحِقَّ الْوَقْتَ فَكَانَتْ الصَّلَاةُ الَّتِي ذَكَرَ أَحَقَّ مِنْهَا بِالْوَقْتِ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ أَوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا وَيُدْرِكُ بِذَلِكَ وَقْتَهَا فَلَمَّا كَانَتْ الصَّلَاةُ الَّتِي ذَكَرَ تَسْتَحِقُّ الْوَقْتَ دُونَ الَّتِي شَرَعَ فِيهَا لَزِمَهُ قَطْعُهَا وَالشُّرُوعُ فِي الَّتِي تَسْتَحِقُّ بِالْوَقْتِ وَأَمَّا مَنْ عَقَدَ رَكْعَةً مِنْ النَّافِلَةِ فَقَدْ اسْتَحَقَّتْ تِلْكَ النَّافِلَةُ الْوَقْتَ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الصَّلَاةِ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ فَلَمَّا اسْتَحَقَّتْ الْوَقْتَ بِالْإِدْرَاكِ لَمْ تُقْطَعْ لِفَرِيضَةٍ إنَّمَا تَسْتَحِقُّ الْوَقْتَ بِالذِّكْرِ فَيُتِمُّ نَافِلَةً ثُمَّ يُصَلِّي فَرِيضَتَهُ.



