المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (موطأ مالك) - [الحديث رقم: (362)]
(موطأ مالك) - [الحديث رقم: (362)]
و حَدَّثَنِي عَنْ مَالِك عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْتِي قُبَاءَ رَاكِبًا وَمَاشِيًا
( ش ) قَوْلُهُ كَانَ يَأْتِي قُبَاءَ رَاكِبًا يُرِيدُ مَسْجِدَ قُبَاءَ وَقَدْ فَسَّرَ ذَلِكَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍفِي رِوَايَتِهِ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَأْتِي مَسْجِدَ قُبَاءَ كُلَّ سَبْتٍ مَاشِيًا وَرَاكِبًا وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَفْعَلُهُ فَبَيَّنَ الْمُرَادَ بِالْقَصْدِ إِلَى قُبَاءَ وَعَلَى أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَذْكُرْهُ لَعُلِمَ أَنَّهُ إنَّمَا كَانَ يَأْتِي الْمَسْجِدَ لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ فِي الْجُمْعَةِ الْمَقْصُودَةِ مَوْضِعٌ مَقْصُودٌ ثُمَّ وَصَفَ الْقَصْدَ إِلَى الْجُمْعَةِ وَأَطْلَقَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى قَصْدِ الْمَوْضِعِ الْمَقْصُودِ كَمَا يُقَالُ خَرَجَ فُلَانٌ إِلَى الْمَدِينَةِ فَيُفْهَمُ مِنْهُ تَوَجُّهُهُ إِلَى الْمَسْجِدِ وَإِلَى قَبْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَّا أَنْ يَتَبَيَّنَ قَصْدُهُ لِغَيْرِ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ مَنْ قَالَ تَوَجَّهَ فُلَانٌ إِلَى مَكَّةَ فَإِنَّهُ يُفْهَمُ مِنْهُ تَوَجُّهُهُ إِلَى الْمَكَانِ الْمَقْصُودِ لِلْعَمَلِ الْمَقْصُودِ فِيهَا وَلَيْسَ فِي قُبَاءَ مَوْضِعٌ مَقْصُودٌ غَيْرُ مَسْجِدِهَا وَقَدْ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي الْمَسْجِدِ الَّذِي أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى فَذَهَبَ مُجَاهِدٌ وَعُرْوَةُ وَقَتَادَةُ إِلَى أَنَّهُمَسْجِدُ قُبَاءَ وَذَهَبَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ إِلَى أَنَّهُ مَسْجِدُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَقَالَهُ مَالِكٌ مِنْ رِوَايَةِ أَشْهَبَ عَنْهُ وَهُوَ الْمَرْوِيُّ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ هُوَ مَسْجِدِي. ( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ كَانَ يَأْتِي قُبَاءَ رَاكِبًا وَمَاشِيًا لَيْسَ بِمُخَالِفٍ لِمَا نُهِيَ عَنْهُ مِنْ أَنْ تُعْمَلَ الْمَطِيُّ إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ مَسْجِدِهِ صلى الله عليه وسلم وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَسْجِدِ إيلِيَاءَ لِأَنَّ إتْيَانَ قُبَاءَ مِنْ الْمَدِينَةِ لَيْسَ مِنْ بَابِ إعْمَالِ الْمَطِيِّ لِأَنَّ إعْمَالَ الْمَطِيِّ مِنْ صِفَاتِ الْأَسْفَارِ الْبَعِيدَةِ وَقَطْعِ الْمَسَافَاتِ الطِّوَالِ وَلَا يُقَالُ لِمَنْ خَرَجَ إِلَى الْمَسْجِدِ مِنْ دَارِهِ رَاكِبًا أَنَّهُ أَعْمَلَ الْمَطِيَّ وَإِنَّمَا يُحْمَلُ ذَلِكَ عَلَى عُرْفِ الِاسْتِعْمَالِ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ وَلَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْمَنْعِ مِنْ إعْمَالِ الْمَطِيِّ أَنْ يَرْكَبَ إنْسَانٌ إِلَى مَسْجِدٍ مِنْ الْمَسَاجِدِ الْقَرِيبَةِ مِنْهُ فِي جُمْعَةٍ أَوْ غَيْرِهَا لِأَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي جَوَازِ ذَلِكَ بَلْ هُوَ وَاجِبٌ فِي أَوْقَاتٍ كَثِيرَةٍ فَإِنَّ الَّذِي مُنِعَ مِنْهُ أَنْ يُسَافِرَ السَّفَرَ الْبَعِيدَ إِلَى غَيْرِ الثَّلَاثَةِ الْمَسَاجِدِ وَلَوْ أَنَّ آتِيًا أَتَى قُبَاءَ وَقَصَدَ مِنْ بَلَدٍ بَعِيدٍ وَتَكَلَّفَ فِيهِ مِنْ السَّفَرِ مَا يُوصَفُ مِنْ إعْمَالِ الْمَطِيِّ لَكَانَ مُرْتَكِبًا لِلنَّهْيِ عَنْهُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ فِي الْمَبْسُوطِ مَنْ قَدَرَ أَنْ يَأْتِيَ مَسْجِدَقُبَاءَ فَيُصَلِّيَ فِيهِ لَزِمَهُ ذَلِكَ وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَظْهَرُ وَأَكْثَرُ.



