موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (موطأ مالك) - [الحديث رقم: (353)]

البخاري
مسلم
أبو داود
الترمذي
النسائي
ابن ماجة
الدارمي
الموطأ
المسند

(موطأ مالك) - [الحديث رقم: (353)]

‏ ‏حَدَّثَنِي ‏ ‏يَحْيَى ‏ ‏عَنْ ‏ ‏مَالِك ‏ ‏عَنْ ‏ ‏أَبِي حَازِمٍ سَلَمَةَ بْنِ دِينَارٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ ‏ ‏أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏ذَهَبَ إِلَى ‏ ‏بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ ‏ ‏لِيُصْلِحَ بَيْنَهُمْ وَحَانَتْ الصَّلَاةُ فَجَاءَ الْمُؤَذِّنُ إِلَى ‏ ‏أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ ‏ ‏فَقَالَ أَتُصَلِّي لِلنَّاسِ فَأُقِيمَ قَالَ نَعَمْ فَصَلَّى ‏ ‏أَبُو بَكْرٍ ‏ ‏فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏وَالنَّاسُ فِي الصَّلَاةِ فَتَخَلَّصَ حَتَّى وَقَفَ فِي الصَّفِّ فَصَفَّقَ النَّاسُ وَكَانَ ‏ ‏أَبُو بَكْرٍ ‏ ‏لَا يَلْتَفِتُ فِي صَلَاتِهِ فَلَمَّا أَكْثَرَ النَّاسُ مِنْ التَّصْفِيقِ الْتَفَتَ ‏ ‏أَبُو بَكْرٍ ‏ ‏فَرَأَى رَسُولَ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏فَأَشَارَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏أَنْ امْكُثْ مَكَانَكَ فَرَفَعَ ‏ ‏أَبُو بَكْرٍ ‏ ‏يَدَيْهِ فَحَمِدَ اللَّهَ عَلَى مَا أَمَرَهُ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏مِنْ ذَلِكَ ثُمَّ اسْتَأْخَرَ حَتَّى اسْتَوَى فِي الصَّفِّ وَتَقَدَّمَ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏فَصَلَّى ثُمَّ انْصَرَفَ فَقَالَ يَا ‏ ‏أَبَا بَكْرٍ ‏ ‏مَا مَنَعَكَ أَنْ تَثْبُتَ إِذْ أَمَرْتُكَ فَقَالَ ‏ ‏أَبُو بَكْرٍ ‏ ‏مَا كَانَ ‏ ‏لِابْنِ أَبِي قُحَافَةَ ‏ ‏أَنْ يُصَلِّيَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏مَا لِي رَأَيْتُكُمْ أَكْثَرْتُمْ مِنْ ‏ ‏التَّصْفِيحِ ‏ ‏مَنْ نَابَهُ شَيْءٌ فِي صَلَاتِهِ فَلْيُسَبِّحْ فَإِنَّهُ إِذَا سَبَّحَ الْتُفِتَ إِلَيْهِ وَإِنَّمَا التَّصْفِيحُ لِلنِّسَاءِ ‏


( ش ) : قَوْلُهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَهَبَ إِلَى بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ لِيُصْلِحَ بَيْنَهُمْ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ إصْلَاحِ الْإِمَامِ وَالْحَاكِمِ بَيْنَ النَّاسِ وَفِي ذَلِكَ أَيْضًا أَنَّ الْإِمَامَ أَوْ الْحَاكِمَ قَدْ يَذْهَبُ بِنَفْسِهِ فِيمَا احْتَاجَ إِلَى مُشَاهَدَتِهِ مِنْ الْقَضَايَا وَالْأَحْكَامِ. ‏ ‏( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ وَحَانَتْ الصَّلَاةُ وَجَاءَ الْمُؤَذِّنُ يُرِيدُ بِلَالًا وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَجِيئَهُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ إنَّمَا كَانَ فِي سَعَةٍ مِنْ وَقْتِهَا وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى فَضْلِ الصَّلَاةِفِي أَوَّلِ الْوَقْتِ وَلِذَلِكَ آثَرُوا التَّعْجِيلَ بِالصَّلَاةِ خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه مَعَ ظَنِّهِمْ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي فِي بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ. ‏ ‏( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ أَتُصَلِّي بِالنَّاسِ فَأُقِيمُ قَالَ نَعَمْ بَيَانٌ أَنَّ الْإِقَامَةَ مُتَّصِلَةٌ بِالصَّلَاةِ وَلِذَلِكَ اسْتَفْهَمَهُ هَلْ يُصَلِّي لِيَكُونَ يُقِيمُ إِنْ أَجَابَهُ إِلَى الصَّلَاةِ أَوْ يَتْرُكُ الْإِقَامَةَ إِنْ لَمْ يُجِبْهُ وَلَمْ يَحْتَجْ إِلَى ذَلِكَ فِي الْأَذَانِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُتَّصِلٍ بِالصَّلَاةِ وَلِذَلِكَ رَوَى جَابِرُ بْنُ سَمُرَةَ كَانَ بِلَالٌ يُؤَذِّنُإِذَا دَحَضَتْ الشَّمْسُ فَلَا يُقِيمُ حَتَّى يَخْرُجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَإِذَا خَرَجَ أَقَامَ الصَّلَاةَ حِينَ يَرَاهُ. ‏ ‏( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ فَصَلَّى أَبُو بَكْرٍ يُرِيدُ أَنَّهُ شَرَعَ فِي الصَّلَاةِ وَدَخَلَ فِيهَا إثْرَ الْإِقَامَةِ وَمَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم جَاءَ فَتَخَلَّصَ حَتَّى وَقَفَ فِي الصَّفِّ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ جَاوَزَ الصُّفُوفَ حَتَّى وَقَفَ فِي الصَّفِّ الَّذِي يَلِي الْإِمَامَ لِأَنَّهُ لَوْ يَشُقُّ مِنْ الصُّفُوفِ مَا قَبْلَهُ لَمْ يَقُلْ فَتَخَلَّصَ حَتَّى وَقَفَ فِي الصَّفِّ لِأَنَّهُ لَمْ يَمُرَّ إِلَّا بِمَا يُوصَفُ أَنَّهُ تَخَلَّصَ مِنْهُ وَالْأَلِفُ وَاللَّامُ فِي الصَّفِّ لِلْعَهْدِ يُرِيدُ الصَّفَّ الْأَفْضَلَ وَهَذَا أَصْلٌ فِيمَنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَوَجَدَ النَّاسَ يُصَلُّونَفَرَأَى فُرْجَةً فِيالصَّفِّ الْمُقَدَّمِ أَنَّهُ يَشُقُّ الصُّفُوفَ إلَيْهَا رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ لَا بَأْسَ أَنْ يَخْرِقَ صَفًّا إِلَى فُرْجَةٍ يَرَاهَا بِصَفٍّ آخَرَ وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍفِي الْمَجْمُوعَةِ إِذَا رَأَى فُرْجَةً بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا صَفَّانِ فَإِنْ كَانَتْ وِجَاهَهُ فَلْيَنْهَضْ إلَيْهَا قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَإِنْ كَانَتْ عَنْ يَمِينِهِ أَوْ يَسَارِهِ فَلْيَدَعْهَا. ‏ ‏( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ فَصَفَّقَ النَّاسُ , وَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُمْ لَمَّا كَانُوا مَمْنُوعِينَ مِنْ الْكَلَامِ وَرَأَوْا مَا اسْتَعْظَمُوهُ وَكَبُرَ فِي أَنْفُسِهِمْ مِنْ تَقْدِيمِ أَبِي بَكْرٍ بِحَضْرَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الصَّلَاةِ أَرَادُوا إعْلَامَهُ فَرَامُوا ذَلِكَ بِالتَّصْفِيقِ ‏ ‏( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ لَا يَلْتَفِتُ فِي صَلَاتِهِ يُرِيدُ أَنَّهُ كَانَ مُقْبِلًا عَلَيْهَا مُشْتَغِلًا بِهَا لَا يَلْتَفِتُ عَنْ يَمِينِهِ وَلَا عَنْ شِمَالِهِ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مِنْ سُنَّةِ الصَّلَاةِ أَنْ يَكُونَ بَصَرُهُ فِي قِبْلَتِهِ وَلَا يَلْتَفِتُ يَمِينًا وَلَا شِمَالًا لِأَنَّ أَبَا بَكْرٍ فَعَلَ ذَلِكَ وَدَاوَمَ عَلَيْهِ حَتَّى وُصِفَ بِهِ وَعُرِفَ مِنْ حَالِهِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ سَأَلْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ الْتِفَاتِ الرَّجُلِ فِي الصَّلَاةِ فَقَالَ هُوَ اخْتِلَاسٌ يَخْتَلِسُهُ الشَّيْطَانُ مِنْ صَلَاةِ أَحَدِكُمْ وَإِنَّمَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ بَصَرُهُ فِي قِبْلَتِهِ حَيْثُ وَجْهُهُ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ بَلَغَنِي أَنَّهُ يَضَعُ بَصَرَهُ أَمَامَ قِبْلَتِهِ وَأَنْكَرَ مَالِكٌ أَنْ يُنَكِّسَ رَأْسَهُ وَلَا يَتَكَلَّفُ رَفْعَ رَأْسِهِ وَلَا خَفْضَهُ وَلَكِنَّ حَالَتَهُ الَّتِي يَكُونُ عَلَيْهَا إِذَا اسْتَرْسَلَ وَتَرَكَ الِاشْتِغَالَ. ‏ ‏( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ فَلَمَّا أَكْثَرَ النَّاسُ مِنْ التَّصْفِيقِ يُرِيدُ صَفَّقَ مِنْهُمْ الْعَدَدُ الْكَثِيرُ وَلَمْ يُرِدْ أَنَّهُ أَكْثَرَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ التَّصْفِيقَ فَالْتَفَتَأَبُو بَكْرٍ لِيَنْظُرَ مَا أَوْجَبَ كَثْرَةَ تَصْفِيقِهِمْ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الِالْتِفَاتَ فِي الصَّلَاةِ لَا يُبْطِلُهَا لِأَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ بِحَضْرَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يُنْكِرْهُ عَلَيْهِ وَلَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ مَنْ الْتَفَتَ فِي صَلَاتِهِ لَمْ يَقْطَعْهَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَكَذَلِكَ مَنْ الْتَفَتَ بِجَمِيعِ جَسَدِهِ وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُ وَإِنْ تَعَلَّقَ بِهِ حُكْمُ الْمَنْعِ وَالْكَرَاهِيَةِ لِمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ لِغَيْرِ سَبَبٍ فَإِنَّهُ لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ , وَأَمَّا النَّظَرُ يَمِينًا وَشِمَالًا فَلَيْسَ ذَلِكَ بِمَمْنُوعٍ لِمَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَلْحَظُ يَمِينًا وَشِمَالًا وَلَا يَلْوِي عُنُقَهُ. ‏ ‏( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ فَرَأَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَعَلِمَ أَنَّ التَّصْفِيقَ كَانَ مِنْ أَجْلِهِ وَلَعَلَّهُ أَشَارَ إِلَى أَنْ يَتَأَخَّرَ إِلَى الصَّفِّ أَوْ أَخَذَ فِي ذَلِكَ فَأَشَارَإِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ اُمْكُثْ مَكَانَك وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ أَنَّ الْإِشَارَةَ فِي الصَّلَاةِ لِلْعُذْرِ وَالْحَاجَةِ إِلَى ذَلِكَ لَا تُبْطِلُهَا وَلَا تَنْقُصُهَا لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَعَلَ ذَلِكَ وَمِنْهُ رَدُّ السَّلَامِ بِالْإِشَارَةِ بِالْيَدِ وَالرَّأْسِ لِأَنَّهُمَا مِمَّا جَرَتْ الْعَادَةُ بِالْإِشَارَةِ بِهِمَا قَالَ ابْنُالْمَاجِشُونِ وَلَا بَأْسَ بِالْمُصَافَحَةِ فِي الصَّلَاةِ وَالْإِشَارَةِ بِرَدِّ السَّلَامِ فِي الْمَكْتُوبَةِ وَغَيْرِهَا وَرَوَى عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْحَسَنِعَنْ ابْنِ وَهْبٍ وَلَا بَأْسَ أَنْ يُشِيرَ فِي الصَّلَاةِ بِنَعَمْ أَوْ لَا قَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَأَمَّا أَنْ يُشِيرَ إِلَيْهِ فِي الْمَشْيِ وَيُعْطِيَهُ إِيَّاهُ فَلَا أُحِبُّ ذَلِكَ لِأَنَّهُ يُخْطِئُ مَوْضِعَهُ فَتَرُدُّ عَلَيْهِ الْإِشَارَةُ حَتَّى يُفْهِمَ وَذَلِكَ شُغْلٌ عَنْ الصَّلَاةِ. ‏ ‏( فَصْلٌ ) وَأَمَّا إشَارَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى أَبِي بَكْرٍ أَنْ يَمْكُثَ فَكَأَنَّهُ يَحْتَمِلُ مَعْنَيَيْنِ : أَحَدُهُمَا أَنْ يَثْبُتَ مَكَانَهُ إمَامًا , وَالثَّانِي أَنْ يَثْبُتَ مَكَانَهُ مَأْمُومًا بَيْنَ يَدَيْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ وَقَدْ رُوِيَ مُفَسَّرًا مِنْ حَدِيثِ قُتَيْبَةَ يَا أَبَا بَكْرٍ مَامَنَعَكَ أَنْ تُصَلِّيَ بِالنَّاسِ حِينَأَشَرْتُ إِلَيْكَ , وَرَفْعُ أَبِي بَكْرٍ يَدَيْهِ فِي الصَّلَاةِ لِلدُّعَاءِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ ذَلِكَ فِي الصَّلَاةِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ جَوَازُ رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي مَوْضِعِالدُّعَاءِ. ‏ ‏( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ فَحَمِدَ اللَّهَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى مَا أَمَرَهُ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ ذَلِكَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ حَمْدُهُ عَلَى أَنْ لَمْ يَكُنْ أَخْطَأَ فِي تَقَدُّمِهِ بِالنَّاسِ فِي مَوْضِعٍ لَا يَأْمَنُ فِيهِ وُرُودَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ حَمِدَ اللَّهَ تَعَالَى عَلَى مَا فَضَّلَهُ بِهِ وَأَهَّلَهُ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ تَقَدُّمِهِ بَيْنَ يَدَيْهِ وَصَلَاتِهِ بِهِ وَقَدْ رَوَى مُوسَى بْنُ مُعَاوِيَةَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِفِيمَنْ أُخْبِرَ فِي الصَّلَاةِ بِمَا يَسُرُّهُ فَحَمِدَ اللَّهَ تَعَالَى أَوْ بِمُصِيبَةٍ فَاسْتَرْجَعَ أَوْ خُبِّرَ بِشَيْءٍ فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ أَوْ الَّذِي بِنِعْمَتِهِ تَتِمُّ الصَّالِحَاتِ لَا يُعْجِبُنِي وَصَلَاتُهُ مُجْزِئَةٌ قَالَ أَشْهَبُ إِلَّا أَنْ يُرِيدَ بِذَلِكَ قَطْعَ الصَّلَاةِ. ‏ ‏( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ فَاسْتَأْخَرَ أَبُو بَكْرٍ حَتَّى اسْتَوَى فِي الصَّفِّ دُخُولًا فِي جُمْلَةِ الصَّحَابَةِ الْمُؤْتَمِّينَ وَخُرُوجًا لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَنْ رُتْبَةِ الْمَأْمُومِ فَأَقَرَّهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى ذَلِكَ وَتَقَدَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَعْنِي إِلَى مَوْضِعِ الْإِمَامَةِ وَفِي ذَلِكَ مَسْأَلَتَانِ إحْدَاهُمَا تَأَخُّرُأَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه وَالثَّانِيَةُ تَقَدُّمُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَمَّا تَأَخُّرُالْإِمَامِ لِغَيْرِ عُذْرٍ فَإِنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ لِأَنَّهُ قَدْ لَزِمَهُ إتْمَامُ صَلَاتِهِ وَلَزِمَ النَّاسَ الِائْتِمَامُ بِهِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ إبْطَالُ مَا دَخَلَ فِيهِ وَالْتَزَمَهُ وَلَا إبْطَالُ صَلَاةِ مَنْ قَدْ ائْتَمَّ بِهِ. ‏ ‏( فَرْعٌ ) وَهَلْ يُبْطِلُ ذَلِكَ صَلَاتَهُ وَصَلَاةَ مَنْ خَلْفَهُ أَمْ لَا قَالَابْنُ الْقَاسِمِ فِي إِمَامٍأَحْدَثَ فَاسْتَخْلَفَ ثُمَّ أَتَى فَأَخَّرَ الْمُسْتَخْلَفَ وَأَتَمَّ الصَّلَاةَأَنَّ ذَلِكَ مَاضٍ وَاسْتَدَلَّ بِفِعْلِ أَبِي بَكْرٍحِينَ تَأَخَّرَ وَتَقَدَّمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَرَى أَنَّ هَذَا الْفِعْلَ لَا يَخْتَصُّ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ ذَلِكَ مَخْصُوصٌ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَذَلِكَ يُفِيدُ أَنَّ مِثْلَ هَذَا لَا يَصِحُّ مِنْ غَيْرِهِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ عِنْدِي لِأَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَالَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حِينَ سَأَلَهُ عَنْ الْمَانِعِ لَهُ مِنْ أَنْ يَثْبُتَ مَكَانَهُ إذْ أَمَرَهُ بِذَلِكَ مَا كَانَ لِابْنِ أَبِي قُحَافَةَأَنْ يُصَلِّيَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَظْهَرَ بِذَلِكَ الْعِلَّةَ الَّتِي لَهَا تَأَخَّرَ وَهَذَا حُكْمٌ يَخْتَصُّ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَلَوْ قَالَ مَا كَانَلِابْنِ أَبِي قُحَافَةَ أَنْ يُصَلِّيَ بَيْنَ يَدَيْ مَنْ هُوَ أَفْضَلُ مِنْهُ وَأَقَرَّهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَجَازَ الْيَوْمَ أَنْ يَتَأَخَّرَ لِإِمَامٍ يَرَى أَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْهُ. ‏ ‏( مَسْأَلَةٌ ) وَأَمَّا تَأَخُّرُ الْإِمَامِ لِعُذْرٍ فَلَا خِلَافَ فِي جَوَازِ ذَلِكَ وَالْأَعْذَارُ عَلَى وُجُوهٍ مِنْهَا مَا يُوجِبُ لِلْإِمَامِ كَوْنَهُ مَأْمُومًا وَذَلِكَ إِذَا عَجَزَ عَنْ شَيْءٍ مِنْ فُرُوضِ الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ يَتَأَخَّرُ وَيُقَدِّمُ رَجُلًا مِنْ الْقَوْمِ يُتِمُّ بِهِمْ الصَّلَاةَ وَيَأْتَمُّ هُوَ بِهِ وَالثَّانِي أَنْ يَحْدُثَ بِهِ مَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الصَّلَاةِ كَالْحَدَثِ وَمَا يَمْنَعُ الصَّلَاةَ فَإِنَّهُ يُقَدِّمُ أَحَدَ الْمُصَلِّينَ يُتِمُّ بِهِمْ الصَّلَاةَ وَيَنْصَرِفُ هُوَ لِإِزَالَةِ مَا مَنَعَهُ إتْمَامَ الصَّلَاةِ ‏ ‏( الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي حُكْمِ الِاسْتِخْلَافِ وَالْمُسْتَخْلَفِ ) وَالْبَابُ الثَّانِي فِي عَمَلِ الْمُسْتَخْلَفِ فِيمَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ صَلَاةِ الْإِمَامِ وَالْبَابُ الثَّالِثُ فِي عَمَلِ مَنْ اُسْتُخْلِفَ لِلصَّلَاةِ بِهِمْ وَالْبَابُ الرَّابِعُ فِي عَمَلِهِمْ بَعْدَ إتْمَامِ صَلَاةِ الْإِمَامِ مِنْ حُكْمِ الْإِمَامِإِذَا طَرَأَ عَلَيْهِ مَا يَمْنَعُهُ التَّمَادِي فِي الصَّلَاةِ أَنْ يَسْتَخْلِفَ مَنْ يُتِمُّ بِالْقَوْمِ الصَّلَاةَ فَإِنْ لَمْ يَسْتَخْلِفْ تَقَدَّمَ أَحَدُهُمْ فَصَلَّى بِهِمْ بَقِيَّةَ صَلَاةِ الْإِمَامِ قَالَهُابْنُ الْقَاسِم فِي الْمُدَوَّنَةِ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهَا صَلَاةُ جَمَاعَةٍ تُؤَدَّى فَكَانَ مِنْ حُكْمِهَا أَنْ تَسْتَوْعِبَ الْإِمَامَةُ جَمِيعَهَا كَمَا لَوْ كَانَ الْإِمَامُ بَاقِيًا عَلَى إمَامَتِهِ. ‏ ‏( مَسْأَلَةٌ ) وَلَوْ قَدَّمَ الْمُحْدِثُ رَجُلًا فَلَمْيَتَقَدَّمْ حَتَّى تَقَدَّمَ غَيْرُهُ فَصَلَّىبِهِمْ فَقَدْ رَوَى ابْنُ سَحْنُونٍ عَنْ أَبِيهِ تُجْزِئُهُمْ صَلَاتُهُمْ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْمُسْتَخْلَفَ لَا يَكُونُ إمَامًا إِلَّا بَعْدَ أَخْذِهِ فِي الْإِمَامَةِ وَأَخْذِ النَّاسِ فِي الِاقْتِدَاءِبِهِ وَلَمَّا عُدِمَ ذَلِكَ فِي الْمُسْتَخْل َفِ لَمْ يَكُنْ إمَامًا وَلَمَّا وُجِدَ ذَلِكَ فِي الَّذِي تَقَدَّمَ صَحَّ ائْتِمَامُهُمْ بِهِ وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِفِي الْمُدَوَّنَةِ لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ أَنَّ الْمُسْتَخْلَفَ يَكُونُ إمَامًا قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ مَوْضِعَ الْإِمَامِ. ‏ ‏( مَسْأَلَةٌ ) وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَسْتَخْلِفَ إِلَّا مَنْ أَحْرَمَ وَلَوْ اسْتَخْلَفَ مَنْ لَمْ يُحْرِمْ فَأَحْرَمَ بَعْدَ مَا تَقَدَّمَ بَطَلَتْ صَلَاةُ مَنْ ائْتَمَّ بِهِ بِمَنْزِلَةِ قَوْمٍ أَحْرَمُوا قَبْلَ إمَامِهِمْ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ. ‏ ‏( مَسْأَلَةٌ ) وَإِذَا أَحْدَثَ بَعْدَ الرُّكُوعِ وَقَبْلَ السُّجُودِ فَلَا يَسْتَخْلِفُ مَنْ لَمْ يُدْرِكْ مَعَهُ تِلْكَ الرَّكْعَةَ رَوَاهُ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ قَالَ فَإِنْ اسْتَخْلَفَ فَلْيُقَدِّمْ هَذَا مَنْ أَدْرَكَهَا وَيَتَأَخَّرْ , وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يُعْتَدُّ بِذَلِكَ السُّجُودِ وَالْإِمَامُ لَا يَأْتِي مِنْ الصَّلَاةِ بِمَا لَا يُعْتَدُّ بِهِ وَإِنَّمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ الْمَأْمُومُ عَلَى وَجْهِ التَّبَعِ لِلْإِمَامِ وَهَذَا لَمَّا اُسْتُخْلِفَ قَدْ صَارَ إمَامًا فَلَا يَشْتَغِلُ عَنْ الصَّلَاةِ بِمَا لَا يُعْتَدُّ بِهِ. ‏ ‏( مَسْأَلَةٌ ) وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَسْتَخْلِفَ جُنُبًا وَلَا سَكْرَانَ وَلَا مَجْنُونًا قَالَهُابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْمُسْتَخْلَفَ إمَامٌ فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ بِصِفَةِ مَنْ تَصِحُّ إمَامَتُهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فَإِنْ اُسْتُخْلِفَ أَحَدٌ مِمَّنْ ذَكَرْنَا فَائْتَمُّوا بِهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُمْ إِذَا كَانَ الْجُنُبُ ذَاكِرًا لِجَنَابَتِهِ وَحُكْمُهُمْ أَنْ يُقَدِّمُوا غَيْرَهُ كَمَا لَوْ لَمْ يَسْتَخْلِفْ الْإِمَامُ أَحَدًا. ‏ ‏( مَسْأَلَةٌ ) وَلَوْ لَمْ يَسْتَخْلِفْ الْإِمَامُ أَحَدًا وَقَدَّمَتْ طَائِفَةٌ رَجُلًاصَلَّتْ بِصَلَاتِهِ وَقَدَّمَتْ طَائِفَةٌ رَجُلًاصَلَّتْ بِصَلَاتِهِ فِيغَيْرِ الْجُمْعَةِ أَجْزَأَتْهُمْ صَلَاتُهُمْ قَالَهُ سَحْنَونٌ فِي الْعُتْبِيَّةِ قَالَ أَشْهَبُ وَقَدْ أَسَاءَتْ الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ بِمَنْزِلَةِ جَمَاعَةٍ وَجَدُوا فِي الْمَسْجِدِ جَمَاعَةً يُصَلُّونَ بِإِمَامٍ فَقَدَّمُوا رَجُلًا مِنْهُمْ وَصَلَّوْا بِصَلَاتِهِ وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْمُسْتَخْلَفَ أَوْ مَنْ تَقَدَّمَ إنَّمَا تَلْزَمُ إمَامَتُهُ مَنْ شَرَعَ فِي الِائْتِمَامِ بِهِ دُونَ مَنْ لَمْ يَشْرَعْ فِي ذَلِكَ وَلَوْ قَدَّمُوا رَجُلًا مِنْهُمْ إِلَّا وَاحِدًا مِنْهُمْ صَلَّى فَذَّا فَقَدْ أَسَاءَ وَتُجْزِئُهُ صَلَاتُهُ بِمَنْزِلَةِ رَجُلٍ وَجَدَ جَمَاعَةً تُصَلِّي بِإِمَامٍ فَصَلَّى فَذًّا. ‏ ‏( مَسْأَلَةٌ ) وَلَوْ لَمْ يُقَدِّمْ الْإِمَامُ أَحَدًا فَصَلَّوْا أَفْذَاذًا فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ لَا يُعْجِبُنِي ذَلِكَ فَإِنْ فَعَلُوا أَجْزَأَتْهُمْ وَرَوَى ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ مَنْ ابْتَدَأَ صَلَاةً مَعَ إِمَامٍ فَأَتَمَّهَا وَحْدَهُ فَلْيَعُدْ وَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ عِنْدَهُ صَلَاةً تَصِحُّ مِنْ الْفَذِّ وَالْإِمَامُ الْأَوَّلُ قَدْ زَالَ حُكْمُهُ بِمَا أَحْدَثَ فَصَحَّ أَنْ تَتِمَّ هَذِهِ الصَّلَاةُ عَلَى حُكْمِ الْفَذِّ كَمَا لَوْ سَبَقَهُ الْإِمَامُ بِرَكْعَةٍ وَكَذَلِكَ لَوْ لَمْ يَكُنْ مَعَ الْإِمَامِ الَّذِي أَحْدَثَ غَيْرُ مَأْمُومٍ وَاحِدٍ لَكَانَ يَقْضِي فَذًّا وَوَجْهُ قَوْلِابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ أَنَّهُ لَمَّا لَزِمَهُ حُكْمُ الْإِمَامَةِ بِالدُّخُولِ مَعَ الْإِمَامِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ بِالِانْفِرَادِ عَنْ الْإِمَامِ الَّذِي لَمْ يُتِمَّ صَلَاتَهُ كَمَا لَوْ فَارَقَ الْإِمَامَ مَعَ بَقَائِهِ عَلَى حُكْمِ الْإِمَامَةِ. ‏ ‏( فَرْعٌ ) فَإِذَا قُلْنَا بِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فَقَدْ قَالَ إِنَّ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْجُمْعَةِ وَأَمَّا الْجُمْعَةُ فَلَا يَصِحُّ ذَلِكَ فِيهَا لِأَنَّهَا لَا تَكُونُ إِلَّا بِإِمَامٍ يُرِيدُ أَنْ يَؤُمَّ فِي جَمِيعِهَا أَدَاءً وَأَمَّا الْقَضَاءُ فَإِنَّهُ يَصِحُّ مِنْ الْفَذِّ فَمَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ صَلَاةِ الْإِمَامِ فَإِنَّهُ يَقْضِي مَا فَاتَهُ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ وَقَدْ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي الْإِمَامِ تَنْفَضُّ عَنْهُالْجَمَاعَةُ فِي صَلَاةِالْجُمْعَةِ بَعْدَ رَكْعَةٍ فَقَالَ أَشْهَبُ يُصَلِّي رَكْعَةً وَتُجْزِئُهُ جُمْعَتُهُ قَالَ ابْنُ سَحْنُونٍ وَهُوَ الْقِيَاسُ وَقَالَ سَحْنَونٌ لَا يُجْزِئُهُ ذَلِكَ وَلَا تَكُونُ لَهُ جُمْعَةٌ فَإِذَا قُلْنَا بِقَوْلِ سَحْنُونٍ فَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ مَسْأَلَتِنَا وَإِذَا قُلْنَا بِقَوْلِ أَشْهَبَ تَصِحُّ جُمْعَتُهُ فَالظَّاهِرُ فِي مَسْأَلَتِنَا الْجَوَازُ وَأَلَّا نُفَرِّقَ بَيْنَ انْفِرَادِ الْإِمَامِ وَالْفَذِّ فِي الْجُمْعَةِ. ‏ ‏( مَسْأَلَةٌ ) وَيُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَسْتَخْلِفَ مِنْ الصَّفِّ الَّذِي يَلِيهِ رَوَاهُ عَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمَجْمُوعَةِ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ وَأَقَلُّ لِعَمَلِ الْمُسْتَخْلَفِ فِي التَّقَدُّمِ إِلَى مَوْضِعِ الْإِمَامِ وَلِذَلِكَ شُرِعَ أَنْ يَلِيَ الْإِمَامَ أَهْلُ الْفِقْهِ وَالْعِلْمِ لِيَسْتَخْلِفَ مِنْهُمْ إِنْ احْتَاجَ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَلِيَلِنِي مِنْكُمْ ذَوُو الْأَحْلَامِ وَالنُّهَى. ‏ ‏( مَسْأَلَةٌ ) وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَسْتَخْلِفَ بِالْإِشَارَةِ وَيَضَعَ يَدَهُ عَلَى أَنْفِهِ فِي خُرُوجِهِ يُرِي أَنَّ مَا أَصَابَهُ رُعَافٌ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ وَتَكَلَّمَ لَمْ يُفْسِدْ عَلَيْهِمْ شَيْئًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ فَإِنْ أَحْدَثَ رَاكِعًا فَقَدْ رَوَى عِيسَى عَنْابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ يَرْفَعُ رَأْسَهُ وَيَسْتَخْلِفُ مَنْ يَرْفَعُ بِهِمْ وَقَالَ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ بِغَيْرِ تَكْبِيرٍ فَيَسْتَخْلِفُ مَنْ يَرْفَعُ بِهِمْ وَقِيلَ يَسْتَخْلِفُ قَبْلَ أَنْ يَرْفَعَ رَأْسَهُ لِئَلَّا يَرْفَعُوا بِرَفْعِهِ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا أَحْدَثَ خَرَجَ عَنْ الْإِمَامَةِ فَيَسْتَخْلِفُ مَنْ يَرْفَعُ بِهِمْ لِأَنَّ الرَّفْعَ بِالرُّكُوعِ عَمَلٌ مِنْ أَعْمَالِ الصَّلَاةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْإِمَامِ وَكَانَ لَهُ أَنْ يَرْفَعَ رَأْسَهُ قَبْلَ الِاسْتِخْلَافِ لِأَنَّ ذَلِكَ أَمْكَنُ لَهُ فِي تَنَاوُلِ الِاسْتِخْلَافِ بِالْإِشَارَةِ وَالنَّظَرِ إِلَى مَنْ يَسْتَخْلِفُهُ وَيَتْرُكُ التَّكْبِيرَ لِأَنَّهُ قَدْ خَرَجَ عَنْ الصَّلَاةِ وَلِئَلَّا يُتَّبَعَ فِي التَّكْبِيرِ فَيُقْتَدَى بِهِ وَهُوَ عَالِمٌ بِحَدَثِهِ وَذَلِكَ مُبْطِلٌ لِلصَّلَاةِ وَوَجْهُ قَوْلِ مَنْ قَالَ يَسْتَخْلِفُ عَلَى حَالَةِ الرُّكُوعِ أَنَّ ذَلِكَ تَوَقُّعٌ مِنْ أَنْ يَقْتَدِيَ بِهِ مَنْ وَرَاءَهُ فِي رَفْعِهِ رَأْسَهُ فَكَانَ حُكْمُهُ أَنْ يَسْتَخْلِفَ عَلَى الْحَالَةِ الَّتِي أَحْدَثَ عَلَيْهَا ‏ ‏( الْبَابُ الثَّانِي فِي عَمَلِ الْمُسْتَخْلَفِ فِيمَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ صَلَاةِ الْإِمَامِ )مَا بَقِيَ مِنْ صَلَاةِ الْإِمَامِ فَجُمْلَتُهُ أَنَّهُ إِنْ كَانَ اسْتَخْلَفَهُ بَعْدَ أَنْ قَرَأَ بَعْضَ الْقِرَاءَةِ فَقَدْ رَوَى أَبُو زَيْدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ يَقْرَأُ الْمُقَدَّمُ مِنْ حَيْثُ انْتَهَىإِلَيْهِ الْإِمَامُ وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ عَنْ مَالِكٍ إِنْ اسْتَخْلَفَهُ بَعْدَ تَمَامِ الْقِرَاءَةِ فَلَا يُعِيدُهَا وَيَرْكَعُ وَقَالَ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ إِنْ أَحْدَثَ رَاكِعًا اسْتَخْلَفَ مَنْ يَدِبُّ رَاكِعًا يُرِيدُ إِلَى مَوْضِعِ الْإِمَامِ وَيَرْفَعُ بِهِمْ وَرَوَى مُوسَى بْنُ مُعَاوِيَةَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ الْمُسْتَخْلَفُ فِي الْجُلُوسِ يَدِبُّ جَالِسًا وَفِي الْقِيَامِ يَتَقَدَّمُ قَائِمًا وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ الْمُسْتَخْلَفَ مِنْ حُكْمِهِأَنْ يَعْمَلَ مِثْلَعَمَلِ الْإِمَامِ وَيَتَقَدَّمَ إِلَى مَوْضِعِهِ لِيَتِمَّ الِاقْتِدَاءُ بِهِ عَلَى سُنَّتِهِ , وَبِذَلِكَ يُعْلَمُ تَقَدُّمُهُ لِلْإِمَامَةِ فَرُبَّمَا قَدْ يُعَضِّدُهُ الِاقْتِدَاءُ بِغَيْرِهِ وَذَلِكَ يَمْنَعُ صِحَّةَ الِاقْتِدَاءِبِهِ فَيَتَقَدَّمُ عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي اُسْتُخْلِفَ عَلَيْهَا فَيَتَقَدَّمُ بِهِ فِي إتْمَامِهَا. ‏ ‏( مَسْأَلَةٌ ) وَعَلَى الْمُسْتَخْلَفِ أَنْ يُتِمَّ بِهِمْ صَلَاةَ الْإِمَامِ وَإِنْ كَانَتْ مُخَالِفَةً لِصَلَاتِهِ فَلَوْ فَاتَهُ مِنْ صَلَاةِ الْإِمَامِ رَكْعَةٌ ثُمَّ رَكَعَ مَعَهُ الثَّانِيَةَثُمَّ أَحْدَثَ فَاسْتَخْلَفَهُ قَبْلَ أَنْيُتِمَّ سُجُودَهُ فَإِنَّهُ يُتِمُّ بِهِمْ تِلْكَ الرَّكْعَةَ وَيَجْلِسُ لِأَنَّهَا ثَانِيَةُ الْإِمَامِ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُصَلِّيهَا كَمَا كَانَ يُصَلِّيهَا مَعَ الْإِمَامِ فَإِذَا أَكْمَلَ صَلَاةَ الْإِمَامِ أَشَارَ إِلَيْهِمْ أَنْ اجْلِسُوا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمَجْمُوعَةِ وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنْ يُنَبِّهَهُمْ عَلَى انْتِظَارِهِ لِئَلَّا يَتْبَعُوهُ فِيمَا يَنْفَرِدُ بِهِ مِنْ الْقَضَاءِ فَإِذَا أَتَمَّ مَا فَاتَهُ مَعَ الْإِمَامِ سَلَّمَ بِهِمْ. ‏ ‏( فَرْعٌ ) وَلَوْ صَلَّىرَجُلٌ وَحْدَهُ رَكْعَةًمِنْ الصُّبْحِ ثُمَّدَخَلَ مَعَهُ فِيالرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مَنْ ائْتَمَّ بِهِ فَرَكَعَ مَعَهُ ثُمَّ أَحْدَثَ الْإِمَامُ فَاسْتَخْلَفَهُ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ يُتِمُّ رَكْعَتَهُ وَيَجْلِسُ ثُمَّ يَقُومُ فَيَقْضِي الْأَوَّلُ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ لَزِمَهُ حُكْمُ صَلَاةِ الْإِمَامِ فَعَلَيْهِ أَنْ يُتِمَّ مَا بَقِيَ مِنْ صَلَاةِ الْإِمَامِ حَتَّى يَبْلُغَ مَحَلَّ السَّلَامِ ثُمَّ يَقُومَ فَيَقْضِيَ مَا فَاتَهُ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ ثُمَّ يُسَلِّمَ فَتَتِمَّ صَلَاتُهُ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْجَمَاعَةَ إِذَا أَحْدَثَ إمَامُهُمْ فَخَرَجَ وَلَمْ يَسْتَخْلِفْ وَصَلَّوْا أَفْذَاذًا فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ إنَّمَا يَبْنِي عَلَى صَلَاةِ الْإِمَامِ مَنْ فَاتَهُ مِنْهُمْ بَعْضُ صَلَاةِ الْإِمَامِ وَمَنْ لَمْ يَفُتْ ‏ ‏( الْبَابُ الثَّالِثُ فِي عَمَلِ مَنْ اُسْتُخْلِفَ لِلصَّلَاةِ ) وَحُكْمُ ذَلِكَ أَنَّ الْمَأْمُومَ يَتْبَعُ الْمُسْتَخْلَفَ فِيمَا يَبْنِي عَلَيْهِ مِنْ صَلَاةِ الْإِمَامِ وَذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ الْمُسْتَخْلِفُ أَدْرَكَ مَعَ الْإِمَامِ ابْتِدَاءَ رَكْعَةٍ أَوْ لَمْ يُدْرِكْهَا مَعَهُ فَإِنْ أَدْرَكَ مَعَهُ الرَّكْعَةَ وَكَانَتْ أَوَّلَ صَلَاةِ الْإِمَامِ فَإِنَّ صَلَاتَهُمْ بَاقِيَةٌ عَلَى سُنَّتِهَا لَا يَلْحَقُهَا تَغْيِيرٌ وَلَوْ فَاتَهُ رَكْعَةٌ مِنْ صَلَاةِ الْإِمَامِ ثُمَّ اسْتَخْلَفَهُ الْإِمَامُ بَعْدَأَنْ أَدْرَكَ مَعَهُالثَّانِيَةَ فَإِنَّهُ يُتِمُّ بِهِمْ صَلَاةَ الْإِمَامِ حَتَّى يَبْلُغَ مَحَلَّ السَّلَامِ فَإِذَا بَلَغَهُ أَشَارَ إِلَيْهِمْ فَقَامَ فَقَضَى مَا فَاتَهُ مِنْ أَوَّلِ صَلَاةِ الْإِمَامِ ثُمَّ سَلَّمَ بِهِمْ وَلَوْ كَانَتْ تِلْكَ الرَّكْعَةُ قَدْ فَاتَتْ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ فَقَدْ قَالَ سَحْنَونٌ فِي الْمَجْمُوعَةِ مِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ يَقُولُ يَقُومُ الْمُسْتَخْلَفُ وَحْدَهُ لِلْقَضَاءِ ثُمَّ يُسَلِّمُ وَيُسَلِّمُ مَعَهُ مَنْ كَمُلَتْ صَلَاتُهُ وَيَقُومُ مَنْ فَاتَهُ شَيْءٌ مِنْهَا فَيَقْضِيهِ بَعْدَ سَلَامِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ إِذَا قَامَ يَقْضِي قَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يُصَلِّي لِنَفْسِهِ ثُمَّ يُسَلِّمُونَ بِسَلَامِهِ , وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ مَا فَاتَهُمْ مِنْ صَلَاةِ الْإِمَامِ عَلَيْهِمْ قَضَاؤُهُ وَالْقَضَاءُ لَا يَكُونُ إِلَّا بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ أَصْلُ ذَلِكَ إِذَا أَتَمَّ الْإِمَامُ صَلَاتَهُ فَإِنَّ مَنْ فَاتَهُ بَعْضُ صَلَاتِهِ لَا يَقْضِي إِلَّا بَعْدَ سَلَامِهِ وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّ تَأْخِيرَ السَّلَامِ لِقَضَاءِ الْمُسْتَخْلَفِ مُدَّةً لَا عَمَلَ عَلَى الْمَأْمُومِ فِيهَا غَيْرَ انْتِظَارِ تَمَامِهِ فَجَازَ أَنْ يُتِمُّوا فِيهَا صَلَاتَهُمْ كَالطَّائِفَةِ الْأُولَى فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ تُتِمُّ صَلَاتَهَا فِي مُدَّةٍ يَنْتَظِرُ فِيهَا الْإِمَامُ الطَّائِفَةَ الثَّانِيَةَ وَقَدْ قَالَ سَحْنَونٌ فِي الْمَجْمُوعَةِ فِي الْمُسْتَخْلَفِ يُتِمُّ صَلَاةَ الْإِمَامِ ثُمَّ قَامَ يَقْضِي لِنَفْسِهِ فَضَحِكَ أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُعِيدَ الْقَوْمُ احْتِيَاطًا وَكَأَنَّهُ لَمْ يُوجِبْهُ وَهَذَا عِنْدِي يَقْتَضِي أَنَّ مَنْ أَتَمَّ مَعَهُ صَلَاةَ الْإِمَامِ قَدْ خَرَجُوا عَنْ حُكْمِ إمَامَتِهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَقُومُوا وَإِذَا قُلْنَا إنَّهُمْ فِي حُكْمِ إمَامَتِهِ لَزِمَتْهُمْ إعَادَةُ الصَّلَاةِإِذَا أَفْسَدَهَا بِضَحِكٍ أَوْ غَيْرِهِ. ‏ ‏( فَرْعٌ ) فَإِذَا قُلْنَا إِنَّ الْمَأْمُومَ يَقْضِي مَا فَاتَهُ قَبْلَ سَلَامِ الْمُسْتَخْلَفِ فَقَدْ حَكَى سَحْنَونٌ فِي الْمَجْمُوعَةِ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا إِنْ ائْتَمَّ بِالْمُسْتَخْلَفِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَرَوَى ابْنُ سَحْنُونٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ تُجْزِئُهُ قَالَ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ يُعِيدُ أَحَبُّ إلَيَّ , وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ ائْتَمَّ بِهِ فِيمَا مِنْ حُكْمِهِ أَنْ يُصَلِّيَهُ فَذًّا كَمَا لَوْ سَلَّمَ الْإِمَامُ وَقَامَ لِلْقَضَاءِ مَنْ فَاتَهُ بَعْضُ صَلَاتِهِ , فَائْتَمَّ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ فَإِنَّهُ تَبْطُلُ صَلَاةُ الْمَأْمُومِ لِأَنَّ الْقَضَاءَ يُنَافِي حُكْمَ الْجَمْعِ وَالِائْتِمَامِ وَلِذَلِكَ لَا يَأْتَمُّ الْقَاضِي فِي صَلَاةِ الْجُمْعَةِ وَإِنْ كَانَ أَصْلُهَا لَا تَتِمُّ إِلَّا فِي جَمَاعَةٍ , وَوَجْهٌ آخَرُ وَهُوَ أَنْ لَا يُتِمَّ صَلَاةً مَعَ إِمَامٍ إِلَّا مَنْ ابْتَدَأَهَا مَعَهُ وَلِذَلِكَ مَنْ ابْتَدَأَ صَلَاتَهُ فَذًّا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُتِمَّهَا مَعَ الْإِمَامِ , وَوَجْهٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّ مَا نَقَصَ مِنْ الصَّلَاةِ لَهُ حُكْمُ الِائْتِمَامِ بِالْإِمَامِ الْأَوَّلِ فَجَازَ أَنْ يَقْتَدِيَ فِيهِ بِالْمُسْتَخْلَفِ أَصْلُ ذَلِكَ الْبِنَاءُ ‏ ‏( الْبَابُ الرَّابِعُ فِي عَمَلِهِمْ بَعْدَ إتْمَامِ صَلَاةِ الْإِمَامِ ) وَإِذَا اسْتَخْلَفَ الْإِمَامُ وَلَمْ يُدْرِكْمَعَهُ الرَّكْعَةَ وَقَدْبَقِيَتْ عَلَيْهِ مِنْهَاسَجْدَةٌ وَتَمَادَى الْمُسْتَخْلَفُ عَلَى الصَّلَاةِ فَلَا يَتْبَعُوهُ فِي سَجْدَتِهَا لِأَنَّهَا لَهُ نَافِلَةٌ وَلَا يَعْتَدُّونَ بِتِلْكَ الرَّكْعَةِ فَإِنْ اتَّبَعُوهُ فَسَدَتْ صَلَاتُهُمْ رَوَاهُ فِي الْعُتْبِيَّةِ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ وَقَدْ قِيلَ تُجْزِئُهُمْ إِنْ سَجَدُوهَا مَعَهُ وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ مَا احْتَجَّ بِهِ مِنْ أَنَّ تِلْكَ السَّجْدَةَ نَافِلَةٌ لِلْمُسْتَخْلَفِ لِأَنَّهُ لَا يَعْتَدُّ بِهَا وَإِنَّمَا يَأْتِي بِهَا اتِّبَاعًا لِصَلَاةِ الْإِمَامِ فَمَنْ اتَّبَعَهُ فِيهَا لَمْ يَقْضِ بِهَا فَرْضَهُ لِأَنَّهُ لَا يَقْضِي فَرْضَهُ بِاتِّبَاعِ إِمَامٍ مُتَنَفِّلٍ وَإِذَا لَمْ يَجْزِهِ فِي صَلَاتِهِ وَجَبَ أَنْ تَبْطُلَ صَلَاتُهُ وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّ الْمُسْتَخْلَفَ إنَّمَا يَأْتِي بِهَذِهِ السَّجْدَةِ نِيَابَةً عَنْ الْإِمَامِ وَلَوْ لَمْ يَصِحَّ أَنْ يَتْبَعَهُ فِيهَا الْمَأْمُومُ لَمَا جَازَ لَهُ أَنْ يَفْعَلَهَا لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي فِعْلِهَاإِلَّا اتِّبَاعَ الْمَأْمُومِ لَهُ فِيهَا فَإِذَا قُلْنَا إنَّهُ يَلْزَمُ الْإِمَامَ فِعْلُهَا اقْتَضَى ذَلِكَ أَنْ يُجْزِئَ الْإِمَامَ اتِّبَاعُهُ فِيهَا وَلَا يُقَالُ إنَّهَا نَافِلَةٌ لِلْمُسْتَخْلَفِ بَلْ هِيَ فَرْضُهُ عَلَى وَجْهِ النِّيَابَةِ عَنْ الْإِمَامِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. ‏ ‏( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ مَالِي رَأَيْتُكُمْ أَكْثَرْتُمْ مِنْ التَّصْفِيقِ إنْكَارٌ لِفِعْلِهِمْ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ عَلَّقَ حُكْمَ الْإِنْكَارِ بِالْإِكْثَارِ وَالْمُرَادُ إنْكَارُ جَمِيعِهِإِلَّا أَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْإِنْكَارُ لِلْإِكْثَارِ مِنْهُ أَكْثَرَ قَصَدَ إِلَيْهِ وَعَلَّقَ الْإِنْكَارَ بِهِ ‏ ‏( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ مَنْ نَابَهُ شَيْءٌ فِي صَلَاتِهِ فَلْيُسَبِّحْ هَذَا عَامٌّ فِي الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ فَإِنَّ مَنْ تَقَعُ عَلَى كُلِّ مَنْ يَعْقِلُ مِنْ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ وَلَا خِلَافَ فِي أَنَّ هَذَا حُكْمُ الرِّجَالِ فَأَمَّا النِّسَاءُ فَذَهَبَ مَالِكٌ إِلَى أَنَّ حُكْمَ النِّسَاءِ التَّسْبِيحُ كَالرِّجَالِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إِنَّ حُكْمَ النِّسَاءِ إِذَا نَابَهُنَّ شَيْءٌ التَّصْفِيقُ وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مَالِكٌ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم مَنْ نَابَهُ شَيْءٌ فِي صَلَاتِهِ فَلْيُسَبِّحْ فَإِنْ قِيلَ فَإِنَّ هَذَا الْخَبَرَ إنَّمَا وَرَدَ بِسَبَبِ الْقَوْمِ الَّذِينَ صَفَّقُوا خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ فَيَجِبُ أَنْ يُقْصَرَ عَلَيْهِمْ. فَالْجَوَابُ أَنَّ اللَّفْظَ عَامٌّ مُسْتَقِلٌّ بِنَفْسِهِ فَلَا يُقْصَرُ عَلَى سَبَبِهِ وَلِذَلِكَ لَمْ يُقْصَرْ حُكْمُ الظِّهَارِ عَلَى سَلَمَةَ بْنِ صَخْرٍ وَلَا آيَةُ اللِّعَانِ عَلَى هِلَالِ بْنِ أُمَيَّةَ وَحُمِلَ ذَلِكَ عَلَى عُمُومِهِ وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم إنَّمَا التَّصْفِيقُ لِلنِّسَاءِلَيْسَ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ حُكْمُهُنَّ وَلَكِنْ عَلَى مَعْنَى الْعَيْبِ لِلْفِعْلِ بِإِضَافَتِهِ إِلَى النِّسَاءِ كَمَا يُقَالُ كُفْرَانُ الْعَشِيرِ مِنْ أَفْعَالِ النِّسَاءِ إِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَإِنَّ حُكْمَ التَّسْبِيحِ أَنْ يَقُولَ سُبْحَانَ اللَّهِ فَإِنْ قَالَ سَبَّحَ سَبَّحَ فَقَدْ قَالَ سَحْنَونٌ فِي نَوَازِلِهِ أَرْجُو أَنْ يَكُونَ خَفِيفًا وَإِنَّمَا كَانَ الْقَوْلُ سُبْحَانَ اللَّهِ ‏ ‏( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم فَإِنَّهُ إِذَا سَبَّحَ الْتَفَتَ إِلَيْهِ يَدُلُّ أَيْضًا عَلَى جَوَازِ الِالْتِفَاتِ فِي الصَّلَاةِ لِلْحَاجَةِ وَالضَّرُورَةِلِيَعْلَمَ سَبَبَ التَّسْبِيحِ هَلْ هُوَ مِنْ أَجْلِ صَلَاتِهِ أَمْ مِنْ أَجْلِ غَيْرِهَا فَيَعْمَلَ عَلَى حَسَبِ ذَلِكَ. ‏



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!