المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (موطأ مالك) - [الحديث رقم: (339)]
(موطأ مالك) - [الحديث رقم: (339)]
حَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ مَالِك عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ أَبِي الْمُخَارِقِ الْبَصْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ مِنْ كَلَامِ النُّبُوَّةِ إِذَا لَمْ تَسْتَحْيِ فَافْعَلْ مَا شِئْتَ وَوَضْعُ الْيَدَيْنِ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فِي الصَّلَاةِ يَضَعُ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى وَتَعْجِيلُ الْفِطْرِ وَالِاسْتِينَاءُ بِالسَّحُورِ
( ش ) : قَوْلُهُ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلَامِ النُّبُوَّةِ يُرِيدُ أَنَّ مِمَّا بَقِيَ مِنْ حِكْمَتِهِمْ عَلَى أَلْسِنَةِ النَّاسِ إِذَا لَمْ تَسْتَحِ فَافْعَلْ مَا شِئْت وَقَدْ تَأَوَّلَ النَّاسُ فِي ذَلِكَ تَأْوِيلَيْنِ : أَحَدُهُمَا إِذَا كُنْت مِمَّنْ لَا يَسْتَحْيِ مِنْ الْقَبِيحِ الَّذِي يَسْتَحْيِ النَّاسُ وَأَهْلُ الصَّلَاحِ مِنْهُ فَاصْنَعْ مَا شِئْت أَيْ وَلَا مَانِعَ لَك وَهَذَا وَإِنْ كَانَ لَفْظُهُ لَفْظَ الْأَمْرِ فَإِنَّ مَعْنَاهُ التَّوْبِيخُ , وَالثَّانِي إِذَا كَانَ مَا تَفْعَلُهُ مِمَّا لَا يُسْتَحْيَا مِنْهُ فَافْعَلْ مَا شِئْت فَإِنَّهُ لَا يَرْتَدِعُ أَهْلُ الدِّينِ إِلَّا مِمَّا يُسْتَحْيَا مِنْهُ وَيَكُونُ قَوْلُهُ فَافْعَلْ مَا شِئْت عَلَى الْإِبَاحَةِ. ( فَصْلٌ ) وَأَمَّا مَوْضِعُ الْيُمْنَىعَلَى الْيُسْرَى فِيالصَّلَاةِ فَقَدْ أُسْنِدَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ طُرُقٍ صِحَاحٍ رَوَاهُ وَائِلُ بْنُ حُجْرٍ أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَفَعَ يَدَيْهِ حِينَ دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ كَبَّرَ ثُمَّ الْتَحَفَ فِي ثَوْبِهِ ثُمَّ وَضْع يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى وَقَدْ اخْتَلَفَ الرُّوَاةُ عَنْ مَالِكٍ فِي وَضْعِ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى فَرَوَى أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍأَنَّهُ قَالَ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ فِي النَّافِلَةِ وَالْفَرِيضَةِ وَرَوَى مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ اسْتَحْسَنَهُ وَرَوَى الْعِرَاقِيُّونَ عَنْ أَصْحَابِنَا عَنْ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ رِوَايَتَيْنِ : إحْدَاهُمَا الِاسْتِحْسَانُ , وَالثَّانِيَةُ الْمَنْعُ وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ فِي النَّافِلَةِ وَكَرِهَهُ فِي الْفَرِيضَةِ وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ لَيْسَ هَذَا مِنْ بَابِ وَضْعِ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ بَابِ الِاعْتِمَادِ وَاَلَّذِي قَالَهُ هُوَ الصَّوَابُ فَإِنَّ وَضْعَ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى إنَّمَا اُخْتُلِفَ فِيهِ هَلْ هُوَ مِنْ هَيْئَةِ الصَّلَاةِ أَمْ لَا وَلَيْسَ فِيهِ اعْتِمَادٌ فَيُفَرَّقُ فِيهِ بَيْنَ النَّافِلَةِ وَالْفَرِيضَةِ وَوَجْهُ اسْتِحْسَانِ وَضْعِ الْيَدِ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى فِي الصَّلَاةِ الْحَدِيثُ الْمُتَقَدِّمُ وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ فِيهِ ضَرْبًا مِنْ الْخُشُوعِ وَهُوَ مَشْرُوعٌ فِي الصَّلَاةِ وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّ هَذَا الْوَضْعَ لَمْ يَمْنَعْهُ مَالِكٌ وَإِنَّمَا مَنَعَ الْوَضْعَ عَلَى سَبِيلِ الِاعْتِمَادِ وَمَنْ حَمَلَ مَنْعَ مَالِكٍ عَلَى هَذَا الْوَضْعِ اعْتَلَّ بِذَلِكَ لِئَلَّا يَلْحَقَهُ أَهْلُ الْجَهْلِ بِأَفْعَالِ الصَّلَاةِ الْمُعْتَبَرِ فِي صِحَّتِهَا. ( مَسْأَلَةٌ ) وَفِي أَيِّ مَوْضِعٍتُوضَعُ الْيَدَانِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَيْسَ لِذَلِكَ مَوْضِعٌ مَعْرُوفٌ وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ الْمَذْهَبُ وَضْعُهُمَا تَحْتَ الصَّدْرِ وَفَوْقَ السُّرَّةِ وَبِهِ قَالَالشَّافِعِيُّ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ السُّنَّةُ وَضْعُهُمَا تَحْتَ السُّرَّةِ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مَالِكٌ أَنَّ مَا تَحْتَ السُّرَّةِ مَحْكُومٌ بِأَنَّهُ مِنْ الْعَوْرَةِ فَلَمْ يَكُنْ مَحَلًّا لِوَضْعِ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى كَالْعَجْزِ وَقَوْلُهُ وَتَعْجِيلُ الْفِطْرِ والاستيناء بِالسُّحُورِ سَنَذْكُرُهُ فِي بَابِ الصَّوْمِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.



