المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (موطأ مالك) - [الحديث رقم: (328)]
(موطأ مالك) - [الحديث رقم: (328)]
حَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ مَالِك عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ يُصَلِّي فَلَا يَدَعْ أَحَدًا يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ وَلْيَدْرَأْهُ مَا اسْتَطَاعَ فَإِنْ أَبَى فَلْيُقَاتِلْهُ فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ
( ش ) : قَوْلُهُ إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ يُصَلِّي فَلَا يَدَعْ أَحَدًا يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ هَذَا يَكُونُ عَلَى نَوْعَيْنِ : أَحَدُهُمَا يَكُونُ الْمُصَلِّي بِهِ عَاصِيًا , وَالثَّانِي لَا يَكُونُ الْمُصَلِّي عَاصِيًا فَأَمَّا الَّذِي يَكُونُ الْمُصَلِّي بِهِ عَاصِيًا بِأَنْ يُصَلِّي إِلَى غَيْرِ سُتْرَةٍ فِي مَوْضِعٍ يَغْلِبُ عَلَيْهِ الْمُرُورُبَيْنَ يَدَيْهِ فَهَذَا قَدْ عَرَّضَ نَفْسَهُ لِمَا لَا يَجُوزُ مِنْ الْمُرُورِ بَيْنَ يَدَيْهِ فَمَتَى مَرَّ أَحَدٌ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي فَقَدْ أَثِمَ الْمَارُّ وَالْمُصَلِّي أَمَّا إثْمُ الْمَارِّ فَلِأَنَّهُ ارْتَكَبَ الْمَحْظُورَ وَأَمَّا إثْمُ الْمُصَلِّي فَلِأَنَّهُ عَرَّضَ نَفْسَهُ لِذَلِكَ وَأَمَّا مَا لَا يَكُونُ الْمُصَلِّي بِهِ عَاصِيًا فَعَلَى ضَرْبَيْنِ : أَحَدُهُمَا أَنْ يُصَلِّيَ إِلَى سُتْرَةٍ , وَالثَّانِي أَنْ يُصَلِّيَ إِلَى غَيْرِ سُتْرَةٍ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي لَا يَظُنُّ أَنْ يَمُرَّ أَحَدٌ فِيهِ بَيْنَ يَدَيْهِ كَالْبَرَارِيِ وَالْقِفَارِ وَفِي هَذَا اخْتِلَافٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُصَلِّيَ إِلَى سُتْرَةٍ حَيْثُ يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ لَا يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ أَحَدٌ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ مِنْ شَأْنِ الْمُصَلِّي أَنْ لَا يُصَلِّيَ إِلَّا إِلَى سُتْرَةٍ أَمِنَ أَنْ يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ أَحَدٌ أَوْ لَمْ يَأْمَنْ وَجْهُ مَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ الْحُكْمُ بِغَلَبَةِ الظَّنِّ وَوَجْهُ مَا قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ الِاحْتِيَاطُ وَالتَّحَرُّزُ. ( مَسْأَلَةٌ ) فَمَنْ صَلَّى إِلَى سُتْرَةٍأَوْ إِلَى غَيْرِسُتْرَةٍ حَيْثُ يَجُوزُلَهُ أَنْ يُصَلِّيَدُونَهَا فَمَرَّ أَحَدٌبَيْنَهُ وَبَيْنَ السُّتْرَةِ أَوْ بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَدْ أَثِمَ الْمَارُّ وَلَا يَأْثَمُ الْمُصَلِّيلِأَنَّهُ فَعَلَ مَا يَجُوزُ لَهُ فِعْلُهُ وَلَا يَخْلُو الْمَارُّ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي أَنْ يَمُرَّ بِالْقُرْبِ مِنْهُ حَيْثُ يُمْكِنُهُ رَدُّهُ دُونَ أَنْ يَتَكَلَّفَ خَطْوًا وَلَا كَبِيرَ عَمَلٍ أَوْ يَمُرُّ بِالْبُعْدِ حَيْثُ لَا يُمْكِنُهُ ذَلِكَ إِلَّا بِالْمَشْيِ إِلَيْهِ وَالْعَمَلِ الْكَثِيرِ فَإِنْ أَمْكَنَهُ ذَلِكَ دُونَ مَشْيٍ وَلَا تَكَلُّفِ عَمَلٍ فَهُوَ مَأْمُورٌ بِرَدِّهِ وَدَرْئِهِ مَا اسْتَطَاعَ بِمَا خَفَّ فَإِنْ رَجَعَ وَإِلَّا فَلَا يُنَازِعُهُ فَإِنَّ ذَلِكَ أَشَدُّ مِنْ مُرُورِهِ وَمَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ فَإِنْ أَبَى فَلْيَقْتُلْهُ فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ فَلْيَلْعَنْهُ فَإِنَّ الْمُقَاتَلَةَ تَكُونُ فِي اللُّغَةِ وَالشَّرْعِ بِمَعْنَى اللَّعْنِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَىقُتِلَ الْخَرَّاصُونَ وَقَالَ قَاتَلَهُمْ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ قِيلَ مَعْنَاهُ لَعَنَهُمْ اللَّهُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ فَلْيُؤَاخِذْهُ عَلَى ذَلِكَ بَعْدَ تَمَامِ صَلَاتِهِ وَيَدْفَعْهُ عَلَى فِعْلِهِ وَقِيلَ مَعْنَاهُ فَلْيَدْفَعْهُ دَفْعًا أَشَدَّ مِنْ الدَّرْءِ مُنْكِرًا عَلَيْهِ وَمُغَلِّظًا وَقَدْ يُسَمَّى ذَلِكَ مُقَاتَلَةً عَلَى سَبِيلِ الْمُبَالَغَةِ وَيَعْدِلُ عَنْ ظَاهِرِ الْمُقَاتَلَةِ بِالْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَاتِلَهُ الْمُقَاتَلَةَ الَّتِي تُفْسِدُ صَلَاتَهُ وَرَوَى ابْنُ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ يَمْنَعُهُ بِالْمَعْرُوفِ وَقَدْ دَرَأَ رَجُلٌ رَجُلًا فَكَسَرَ أَنْفَهُ فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُلَوْ تَرَكْتَهُ فَيَمُرُّ لَكَانَ أَهْوَنَ مِنْ هَذَا. ( مَسْأَلَةٌ ) وَأَمَّا إِنْ كَانَ لَا يَصِلُ إِلَى دَرْئِهِ إِلَّا بِالْمَشْيِ إِلَيْهِ فَقَدْ قَالَ أَشْهَبُيَرُدُّ بِالْإِشَارَةِ فَإِنْ فَعَلَ وَإِلَّا تَرَكَهُ فَهَذَا وَجْهٌ صَحِيحٌ لِأَنَّ الْإِشَارَةَ عَمَلٌ يَسِيرٌ فِي الصَّلَاةِ وَالْمَشْيُ عَمَلٌ كَثِيرٌ. ( مَسْأَلَةٌ ) وَهَذَا الرَّدُّ كُلُّهُ إنَّمَا هُوَ مَا لَمْ يَتَقَدَّمْ مُرُورُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَأَمَّا إِذَا مَرَّ فَلَا يَرُدُّهُ رَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ لِأَنَّ رَدَّهُ بَعْدَ أَنْ جَاوَزَهُ مُرُورٌ ثَانٍ بَيْنَ يَدَيْهِ.



