المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (موطأ مالك) - [الحديث رقم: (320)]
(موطأ مالك) - [الحديث رقم: (320)]
و حَدَّثَنِي عَنْ مَالِك عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي عَلَى رَاحِلَتِهِ فِي السَّفَرِ حَيْثُ تَوَجَّهَتْ بِهِ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ يَفْعَلُ ذَلِكَ
( ش ) قَوْلُهُ كَانَ يُصَلِّي عَلَى رَاحِلَتِهِ فِي السَّفَرِ عَلَى نَحْوِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ حَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍغَيْرَ أَنَّهُ أَفَادَ حَدِيثُ ابْنِ دِينَارٍ تَكْرَارَ ذَلِكَ مِنْهُ بِقَوْلِهِ كَانَ يُصَلِّي لِأَنَّا قَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ هَذَا اللَّفْظَ لَا يُسْتَعْمَلُ غَالِبًا إِلَّا فِيمَا يَتَكَرَّرُ وَقَوْلُهُ حَيْثُ تَوَجَّهَتْ بِهِ يُرِيدُإِلَى الْقِبْلَةِ وَإِلَى دُبُرِهَا وَإِلَى الْمَشْرِقِ وَإِلَى الْمَغْرِبِ وَقَدْ رَوَى عَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ عَنْمَالِكٍ فِي الَّذِي يُصَلِّيعَلَى رَاحِلَتِهِ فِيمَحْمِلِهِ مُشَرِّقًا أَوْ مُغَرِّبًا لَا يَنْحَرِفُ إِلَى الْقِبْلَةِ وَإِنْ كَانَ يَسِيرًا وَلْيُصَلِّ قِبَلَ وَجْهِهِ وَجْهُ ذَلِكَ الِاقْتِدَاءُ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَإِنَّهُ كَانَ يُصَلِّي عَلَى رَاحِلَتِهِ حَيْثُ تَوَجَّهَتْ بِهِ وَمَفْهُومُ ذَلِكَ أَنْ يَجْلِسَ عَلَيْهَا عَلَى هَيْئَتِهِ الَّتِي يَرْكَبُهَا عَلَيْهَا غَالِبًا وَيَسْتَقْبِلَ بِوَجْهِهِ مَا اسْتَقْبَلَتْهُ الرَّاحِلَةُ فَتَقْدِيرُهُ يُصَلِّي عَلَى رَاحِلَتِهِ إِلَى حَيْثُ تَوَجَّهَتْ بِهِ وَقَدْ كَانَ يَحْتَمِلُ غَيْرَ هَذَا التَّقْدِيرِ مِنْ جِهَةِ اللَّفْظِ وَهُوَ أَنْ يَزِيدَ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي عَلَى رَاحِلَتِهِ وَهِيَ حَيْثُ تَوَجَّهَتْ بِقَوْلِهِ يُصَلِّي وَعَلَى التَّأْوِيلِ الثَّانِي بِقَوْلِهِ عَلَى رَاحِلَتِهِ غَيْرَ أَنَّهُ يَمْنَعُ مِنْ هَذَا التَّأْوِيلِ أَمْرَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ رُوِيَ مُفَسَّرًا وَهُوَ مَا رُوِيَ عَنْ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ أَنَّهُ قَالَ رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ عَلَى الرَّحْلِ يُسَبِّحُ يُومِئُ بِرَأْسِهِ قِبَلَ أَيِّ وَجْهٍ تَوَجَّهَ وَلَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَصْنَعُ ذَلِكَ فِي الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي ذِكْرِ قَوْلِهِ حَيْثُ تَوَجَّهَتْ بِهِ إِذَا كَانَ يَنْحَرِفُ إِلَى الْقِبْلَةِ إِلَّا مَا فِي قَوْلِهِ عَنْ رَاحِلَتِهِ إِلَّا أَنْ يَحْمِلَهُ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّيإِلَى حَيْثُ تَوَجَّهَتْ بِهِ مَعَ أَنَّ الْإِجْمَاعَ قَدْ انْعَقَدَ عَلَى تَجْوِيزِ ذَلِكَ وَعَلَى حَمْلِ تَأْوِيلِ الْحَدِيثِ عَلَيْهِ. ( مَسْأَلَةٌ ) وَهَذَا فِي نَفْسِ الصَّلَاةِ وَأَمَّا افْتِتَاحُهَا فَقَدْ اخْتَلَفُوا فِيهِ فَذَهَبَ مَالِكٌ إِلَى أَنَّ الِافْتِتَاحَ وَغَيْرَهُ سَوَاءٌ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَابْنُ حَنْبَلٍيَفْتَتِحُ الصَّلَاةَ إِلَى الْقِبْلَةِ ثُمَّ يُصَلِّي كَيْفَ أَمْكَنَهُ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ أَنَّ هَذَا جُزْءٌ مِنْ الصَّلَاةِ النَّافِلَةِ فَجَازَ أَنْ يَفْعَلَ فِي السَّفَرِ عَلَى الرَّاحِلَةِ إِلَى حَيْثُ تَوَجَّهَتْ بِهِ كَسَائِرِ الصَّلَوَاتِ. ( مَسْأَلَةٌ ) إِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَمَنْتَنَفَّلَ فِي السَّفِينَةِ فَقَدْ رَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْمَالِكٍ يَتَنَفَّلُ فِيهَا حَيْثُ تَوَجَّهَتْ بِهِ كَالدَّابَّةِ وَقَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ لَا يَتَنَفَّلُ إِلَّا إِلَى الْقِبْلَةِ بِخِلَافِ الرَّاحِلَةِ وَجْهُ الرِّوَايَةِ الْأُولَى أَنَّهَا كَثِيرَةُ التَّحَرُّفِ إِلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ فَكَانَتْ الْمَشَقَّةُ تَلْحَقُ بِاسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ فِيهَا كَالرَّاحِلَةِ وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّهَا وَاسِعَةُ الِانْحِرَافِ فِيهَا كَالْأَرْضِ بِخِلَافِ الرَّاحِلَةِ.



