المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (موطأ مالك) - [الحديث رقم: (316)]
(موطأ مالك) - [الحديث رقم: (316)]
و حَدَّثَنِي عَنْ مَالِك عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يُصَلِّي وَرَاءَ الْإِمَامِ بِمِنًى أَرْبَعًا فَإِذَا صَلَّى لِنَفْسِهِ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ
( ش ) : وَهَذَا عَلَى نَحْوِ مَا ذَكَرْنَاهُ كَمَا يَجِبُ مِنْ مُتَابَعَةِ الْإِمَامِ وَتَرْكِ إظْهَارِ الْخِلَافِ لَهُ وَإِنْ اعْتَقَدَ مُعْتَقِدٌ أَنَّ الْإِمَامَ قَدْ تَرَكَ الْأَفْضَلَ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ تَرْكُ الْخِلَافِ لَهُ وَإِنَّمَا يُتِمُّ الْمُسَافِرُ بِإِتْمَامِ إمَامِهِ إِذَا أَدْرَكَ مِنْ صَلَاتِهِ رَكْعَةً فَأَكْثَرَ وَإِنْ لَمْ يُدْرِكْ مَعَهُ رَكْعَةً وَدَخَلَ مَعَهُ فِي جُلُوسٍ أَوْ سُجُودٍ مِنْ آخِرِ رَكْعَةٍ لَمْ يُتِمَّ صَلَاتَهُ وَكَانَ عَلَيْهِ قَصْرُهَا وَالْإِمَامُ الَّذِي كَانَ يُتِمُّ بِمَكَّةَ هُوَ عُثْمَانُ رضي الله عنه وَمَنْ تَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ وَقَدْ رُوِيَ عَنْابْنِ عُمَرَ قَالَ صَحِبْتُ عُثْمَانَ رضي الله عنه فَلَمْ يَزِدْ عَلَى رَكْعَتَيْنِ بِالسَّفَرِ حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ إتْمَامَ عُثْمَانَ بِمِنًى حَمَلَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَلَى أَنَّ وَرَاءَهُ مُقَامًا يَمْنَعُهُ الْقَصْرَ وَإِنَّمَا يَصِحُّ أَنْ يَعْتَقِدَ ذَلِكَ عُثْمَانُ بِأَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُقِيمُ بِمَكَّةَ قَبْلَ الْخُرُوجِ إِلَى مِنًى مُدَّةً تُوجِبُ الْإِتْمَامَ وَأَقَامَ بِهَا عُثْمَانُ مُدَّةً تُوجِبُ الْإِتْمَامَ وَاعْتَقَدَ أَنَّ مَسَافَةَ الْخُرُوجِ إِلَى عَرَفَةَ إِذَا انْفَصَلَتْ مِمَّا قَبْلَهَا مِنْ السَّفَرِ لَا تُبِيحُ الْقَصْرَ وَلَا شَكَّ أَنَّ عُثْمَانَ لَا يَتَعَمَّدُ خِلَافَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ قِيلَ فِي ذَلِكَ أَنَّ عُثْمَانَ تَأَهَّلَ بِمِنًى فَلَزِمَهُ الْإِتْمَامُ لِهَذَا الْوَجْهِ وَرَوَىمَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عُثْمَانَ إنَّمَا أَتَمَّ لِأَنَّهُ أَزْمَعَ الْمُقَامَ بَعْدَ الْحَجِّ وَلَا يَمْتَنِعُ ذَلِكَ إِذَا كَانَ لَهُ أَمْرٌ أَوْجَبَ مُقَامَهُ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ لِضَرُورَةٍ دَفَعَتْهُ إِلَى ذَلِكَ وَقَدْ قَالَ مَالِكٌفِي الْعُتْبِيَّةِ فِي الَّذِي يُقِيمُ بِمِنًى لِيَخِفَّ النَّاسُ فَلْيُتِمَّ بِهَا وَقَدْ تَقَدَّمَ غَيْرُ هَذَا مِنْ وُجُوهِ الْإِتْمَامِ. ( مَسْأَلَةٌ ) وَحُكْمُ جَمِيعِ الْحَاجِّ بِمِنًى الْقَصْرُ غَيْرَ أَهْلِهَا وَكَذَلِكَ عَرَفَةُ يَقْصُرُ بِهَا جَمِيعُ الْحَاجِّ غَيْرَ أَهْلِهَا وَإِنَّمَا وَجَبَ عَلَى الْمَكِّيِّ الْقَصْرُ بِمِنًى وَعَرَفَةَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مِنًى وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ عَرَفَةَ مَا تُقْصَرُ فِي مِثْلِهِ الصَّلَاةُ لِثَلَاثَةِ مَعَانٍ أَحَدِهَا أَنَّ عَمَلَ الْحَاجِّ لَا يَنْقَضِي إِلَّا فِي أَكْثَرَ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ مَعَ الِانْتِقَالِ اللَّازِمِ فِيهِ وَالْمَشْيِ مِنْ مَوْضِعٍ إِلَى مَوْضِعٍ لَا يَجُوزُ الْإِخْلَالُ بِهِ فَجَرَى فِي ذَلِكَ مَجْرَى الْمَشْيِ الدَّائِمِ وَلَا يَلْزَمُ عَلَى هَذَا الِانْتِقَالِ مِنْ مَوْضِعٍ إِلَى مَوْضِعٍ بِمَسَافَةٍ قَصِيرَةٍ يَلْحَقُهُ بِهَا مِنْ التَّعَبِ أَكْثَرُ مِنْ مَشَقَّةِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ لِأَنَّ تِلْكَ أُمُورٌ لَا يَلْزَمُ التَّمَادِي فِيهَا بِالشُّرُوعِ وَأَفْعَالُ الْحَجِّ يَلْزَمُ التَّمَادِي فِيهَا بِالشُّرُوعِ وَوَجْهٌ ثَانٍ أَنَّ مِنْ مَكَّةَ إِلَى عَرَفَةَ ثُمَّ الرُّجُوعُ مِنْ عَرَفَةَ إِلَىمَكَّةَ مِقْدَارَ مَا تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ وَيَلْزَمُ بِالدُّخُولِ فِيهِ الْقَصْرُ وَلَا يَلْزَمُ عَلَى هَذَا مَنْ خَرَجَ إِلَى سَفَرِ ثَمَانِيَةٍ وَعِشْرِينَ مِيلًا أَوْ خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ مِيلًا لِأَنَّ رُجُوعَهُ هُنَاكَ لَيْسَ بِلَازِمٍ وَرُجُوعَهُ إِلَى مَكَّةَ فِي الْحَجِّ لَازِمٌ فَلِذَلِكَ اُعْتُبِرَ فِيهَا بِمَسَافَةِ سَفَرِهِ وَوَجْهٌ ثَالِثٌ أَنَّ الْحَاجَّ مِنْمَكَّةَ لَا تَصِحُّ نِيَّتُهُ إِلَّا بِأَنْ يَنْوِيَ الرُّجُوعَ إِلَى مَكَّةَ لِلطَّوَافِ فَصَارَ سَفَرُهُ ذَلِكَ لَا يَصِحُّ إِلَّا بِأَنْ يَجْمَعَ عَلَى مَسِيرِهِ مِقْدَارَ مَا تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ سَائِرُ الْأَسْفَارِ كَانَ سَفَرُ الْخَارِجِ فِيهَا يَصِحُّ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ الرُّجُوعَ فَلِذَلِكَ اُعْتُبِرَ بِالرُّجُوعِ فِي سَفَرِ الْحَجِّ دُونَ غَيْرِهِ وَهَذَانِ الْقَوْلَانِ لَا يَدْخُلُ فِيهِمَا العرفي إِذَا وَقَفَ بِعَرَفَةَ وَتَوَجَّهَ إِلَى مِنًى وَمَكَّةَ فَإِنَّهُ لَا يَقْصُرُ لِأَنَّهُ لَيْسَ يَنْوِي مَسَافَةَ قَصْرٍ وَلَا يَلْزَمُهُ وَقَدْ رَوَى عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي أَهْلِ مِنًى وَعَرَفَةَ يُفِيضُونَ يَقْصُرُ العرفي وَيُتِمُّ الْمُنَاوِيُّ إِلَى مِنًى وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْمُنَاوِيَّ بَعْدَ الْإِفَاضَةِ يَرْجِعُ إِلَى وَطَنِهِ فِي مَسَافَةِ الْإِتْمَامِ والعرفي يَفِيضُ مِنْ مَكَّةَ إِلَى غَيْرِ وَطَنِهِ لِإِتْمَامِ حَجِّهِ فَيَقْصُرُ فَإِذَا دَفَعَ مِنْ مِنًى بَعْدَ انْقِضَاءِ حَجِّهِ لَمْ يَقْصُرْ إِلَى عَرَفَةَ لِمَا ذَكَرْنَاهُ وَفِيالْعُتْبِيَّةِ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ مَنْ أَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ مِنْ الْمَكِّيِّينَ والمنويين قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إِلَىمَكَّةَ بِالْمُحَصَّبِ أَوْ تَأَخَّرُوا بِمِنًى لِزِحَامٍ وَنَحْوِهِ فَلْيُتِمُّوا ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ يُصَلُّونَ رَكْعَتَيْنِ وَاخْتَلَفَ فِيهِ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَإِلَى آخِرِ الْقَوْلَيْنِ رَجَعَ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ ثُمَّ رَجَعَ مَالِكٌ إِلَى الْإِتْمَامِ قَالَ الْإِمَامُ أَبُو الْوَلِيدِ وَعِنْدِي إنَّمَا اخْتَلَفَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ لِاخْتِلَافِ قَوْلَيْهِمَا فِي التَّحْصِيبِ فَإِذَا قُلْنَا إنَّهُ مَشْرُوعٌ فَحُكْمُهُمَا الْقَصْرُ لِأَنَّهُمَا قَدْ بَقِيَ عَلَيْهِمَا شَيْءٌ مِنْ عَمَلِ الْحَجِّ وَهُمَا فِي غَيْرِ مَحَلِّهِمَا وَإِذَا قُلْنَا إنَّهُ غَيْرُ مَشْرُوعِ فَحُكْمُهُمَا الْإِتْمَامُ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَبْقَ عَلَيْهِمَا شَيْءٌ مِنْ عَمَلِ الْحَجِّ وَكَانَ يَلْزَمُ عَلَى هَذَا أَنْ يَقْصُرَ الْمُنَاوِيُّ فِي رُجُوعِهِ إِلَىمِنًى مِنْ مَكَّةَ لِأَنَّهُ بَقِيَ عَلَيْهِ عَمَلٌ مِنْ عَمَلِ الْحَجِّ.



