المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (موطأ مالك) - [الحديث رقم: (313)]
(موطأ مالك) - [الحديث رقم: (313)]
و حَدَّثَنِي عَنْ مَالِك عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ أَقَامَ بِمَكَّةَ عَشْرَ لَيَالٍ يَقْصُرُ الصَّلَاةَ إِلَّا أَنْ يُصَلِّيَهَا مَعَ الْإِمَامِ فَيُصَلِّيهَا بِصَلَاتِهِ
( ش ) : وَهَذَا عَلَى نَحْوِ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ مِنْ أَنَّهُ لَمْ يَقُمْ هَذِهِ الْعَشَرَةَ الْأَيَّامِ وَهُوَ يَنْوِي إقَامَتَهَا وَإِنَّمَا كَانَ يَنْوِي كُلَّ يَوْمٍ السَّفَرَ وَقَدْ دَلَّلْنَا عَلَى ذَلِكَ ( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ وَرَاءَ إِمَامٍ فَيُصَلِّيَهَا بِصَلَاتِهِ يُرِيدُ أَنَّهُ كَانَ يُتِمُّ وَرَاءَ الْإِمَامِ الْمُقِيمِ وَإِنْ كَانَ مُسَافِرًا وَقَدْ كَرِهَ مَالِكٌ لِلْمُسَافِرِ أَنْيُصَلِّيَ وَرَاءَ الْمُقِيمِ إِلَّا لِمَعَانٍ تَقْتَضِي ذَلِكَ لِأَنَّ فِي ائْتِمَامِهِ بِهِ تَغْيِيرَ صَلَاتِهِ رَوَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ وَغَيْرُهُ فَإِنْ ائْتَمَّ بِهِ فَقَدْ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِعَنْ مَالِكٍ لَا يُعِيدُهُ قَالَ مَالِكٌفِي الْوَاضِحَةِ لَا يُتِمُّ الْمُسَافِرُ وَحْدَهُ وَلَا خَلْفَ إِمَامٍ فَإِنْ فَعَلَ أَعَادَ فِي الْوَقْتِإِلَّا فِي جَوَامِعِ الْمُدُنِ وَأُمَّهَاتِ الْحَوَاضِرِ وَجْهُ قَوْلِ مَالِكٍ الْأَوَّلِ أَنَّ الْقَصْرَ مِنْ سُنَنِ الصَّلَاةِ إِلَّا أَنَّ فَضِيلَةَ الْجَمَاعَةِ آكَدُ مِنْهَا لِأَنَّهُ قَدْ اُخْتُلِفَ فِي تَفْضِيلِ الْقَصْرِ وَلَمْ يُخْتَلَفْ فِي تَفْضِيلِ الْجَمَاعَةِ وَلَا تُعَادُ صَلَاةٌ أُدِّيَتْ بِفَضِيلَةٍ مُتَّفَقٍ عَلَيْهَا لِفَضِيلَةٍ مُخْتَلَفٍ فِيهَا وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّ الْإِتْمَامَ بِالْإِمَامِ مُسْتَحَبٌّ مَا لَمْ يُؤَدِّ إِلَى تَغْيِيرِ الصَّلَاةِ فِي الْعَدَدِ فَإِنْ أَدَّى إِلَى ذَلِكَ كَانَ تَرْكُ الْجَمَاعَةِ أَفْضَلَ وَلِذَلِكَ لَمْ يَجُزْ لِمَنْ كَانَتْ عَلَيْهِ جُمْعَةٌ أَنْ يَأْتَمَّ بِمَنْ يُصَلِّي الظُّهْرَ أَرْبَعًا وَإِنَّمَا اسْتَثْنَى الْأُمَرَاءَ لِمَا يَلْزَمُ مِنْ طَاعَتِهِمْ وَالِاجْتِمَاعِ عَلَيْهِمْ فَكَانَ ذَلِكَ أَفْضَلَ مِنْ الِانْفِرَادِ بِالصَّلَاةِ دُونَهُمْ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ إظْهَارَ الْخِلَافِ عَلَيْهِمْ. ( فَرْعٌ ) وَمِنْ الْمَعَانِي الَّتِي تُبِيحُ لِلْمُسَافِرِ أَنْ يَأْتَمَّ بِالْمُقِيمِ مَا ذَكَرْنَا مِنْ حُضُورِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ فِي جَوَامِعِ الْأَمْصَارِ وَمِنْ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الْمَنْزِلُ لِلْمُقِيمِ أَوْ يَكُونَ أَسَنَّهُمْ وَأَفْضَلَهُمْ. ( مَسْأَلَةٌ ) فَإِنْ حَضَرَ جَمَاعَةٌ مُسَافِرُونَ وَحَاضِرُونَ فَالْأَفْضَلُ أَنْ يَؤُمَّ الْمُسَافِرِينَ أَحَدُهُمْ وَالْحَاضِرِينَ أَحَدُهُمْ فَإِنْ أَمَّهُمْ كُلَّهُمْ رَجُلٌ وَاحِدٌ فَالْأَفْضَلُ أَنْ يَتَقَدَّمَهُمْ مُسَافِرٌ وَهَذَا فِي غَيْرِ مَوَاضِعِ الْأُمَرَاءِ وَحَيْثُ يَكُونُ الْإِمَامُ الرَّاتِبُ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ تَقْدِيمَ الْمُسَافِرِ لَا يُوجِبُ تَغْيِيرَ صَلَاةِ مَنْ وَرَاءَهُ وَتَقْدِيمُ الْمُقِيمِ يُوجِبُ تَغْيِيرَ صَلَاةِ مَنْ صَلَّى مَعَهُ مِنْ الْمُسَافِرِينَ بِزِيَادَةِ الْعَدَدِ وَذَلِكَ مَمْنُوعٌ



