موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (موطأ مالك) - [الحديث رقم: (312)]

البخاري
مسلم
أبو داود
الترمذي
النسائي
ابن ماجة
الدارمي
الموطأ
المسند

(موطأ مالك) - [الحديث رقم: (312)]

‏ ‏حَدَّثَنِي ‏ ‏يَحْيَى ‏ ‏عَنْ ‏ ‏مَالِك ‏ ‏عَنْ ‏ ‏ابْنِ شِهَابٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ‏ ‏أَنَّ ‏ ‏عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ ‏ ‏كَانَ يَقُولُ ‏ ‏أُصَلِّي صَلَاةَ الْمُسَافِرِ مَا لَمْ ‏ ‏أُجْمِعْ ‏ ‏مُكْثًا وَإِنْ حَبَسَنِي ذَلِكَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ لَيْلَةً ‏


( ش ) : وَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْمُسَافِرَ الَّذِي يَقْصُرُالصَّلَاةَ لَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ مُبْتَدِئًا لِسَفَرِهِ أَوْمُسْتَدِيمًا لَهُ فَإِنْكَانَ مُبْتَدِئًا لِسَفَرِهِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ الْقَصْرُ إِلَّا بِالنِّيَّةِ وَالْعَمَلِ فَأَمَّا النِّيَّةُ فَأَنْ يَنْوِيَ الْبُلُوغَ إِلَى غَايَةٍ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مُبْتَدَإِ سَفَرِهِ ثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ مِيلًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ اتِّصَالِ السَّيْرِ وَانْفِصَالِهِ وَأَمَّا الْعَمَلُ فَعَلَى رِوَايَتَيْنِ : إحْدَاهُمَا أَنْ يَبْرُزَ مِنْ بُيُوتِ الْقَرْيَةِ , وَالثَّانِي أَنْ يَتَجَاوَزَهَا بِثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ وَأَمَّا الْمُسْتَدِيمُلِسَفَرِهِ فَإِنَّهُ يَقْصُرُ الصَّلَاةَ مَا لَمْ يَحُلْ بَيْنَ الْمَاضِي مِنْ سَفَرِهِ وَالْمُسْتَقْبَلِ مِنْهُ فَاصِلٌ مُتَيَقَّنٌ وَالْفَاصِلُ عَلَى ضَرْبَيْنِ : أَحَدُهُمَا أَنْ يَرِدَ عَلَى مَوْضِعِ اسْتِيطَانِهِ فَيَنْزِلَ فِيهِ أَوْ يَشُقَّ بُيُوتَهُ فَيَجِبَ عَلَيْهِ صَلَاةٌ فَإِنَّهُ يُتِمُّهَا وَيَفْصِلُ بَيْنَ مَاضِي سَفَرِهِ وَمُسْتَقْبَلِهِ وَإِنْ كَانَ مُسْتَدِيمًا لِسَفَرِهِ , وَالثَّانِي أَنْ يُجْمِعَ عَلَى مُقَامِ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ اسْتِيطَانِهِ فَإِنَّهُ فَاصِلٌ بَيْنَ الْمَاضِي مِنْ سَفَرِهِ وَمُسْتَقْبَلِهِ وَمُخْرِجٌ لَهُ عَنْ حُكْمِ الْمُسَافِرِ وَمَانِعٌ لَهُ مِنْ الْقَصْرِ حَتَّى يَسْتَأْنِفَ سَفَرَ قَصْرٍ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ وَهَذَا أَخَذْتُهُ مِنْ اخْتِلَافِ قَوْلِ مَالِكٍ فِي هَذَا وَبِهِ أَخَذَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَصْبَغُ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ مَنْ نَوَى سَفَرَ قَصْرٍ عَلَى أَنْ يُقِيمَ فِي أَثْنَائِهِ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ فِي اخْتِلَافِ قَوْلِ أَصْحَابِ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِيهِ عَلَى اخْتِلَافِ قَوْلِ مَالِكٍ فِيهِ. ‏ ‏( مَسْأَلَةٌ ) وَمَنْ أَقَامَ بِمَوْضِعٍمُدَّةَ الْإِتْمَامِ فَهَلْ يَثْبُتُ فِي حَقِّهِ حُكْمُ الْوَطَنِفِي الْمُدَوَّنَةِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِفِيمَنْ أَقَامَ بِمَكَّةَ بِضْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً فَأَوْطَنَهَا ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الْجُحْفَةِمُعْتَمِرًا فَلَمَّا قَدِمَ مَكَّةَ أَقَامَ بِهَا يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ قَالَ مَالِكٌ يُتِمُّ الصَّلَاةَ كَأَنَّ مَكَّةَ صَارَتْ لَهُ وَطَنًا وَبَلَغَنِي عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ يَقْصُرُ الصَّلَاةَ وَهُوَ أَعْجَبُ إلَيَّ وَمَعْنَى اسْتِيطَانِهِ لَهَا أَنَّهُ أَقَامَ بِهَا بِنِيَّةِ الْإِتْمَامِ مُدَّةَ الْإِتْمَامِ وَلَمْ يَقُمْ تِلْكَ الْمُدَّةَ بِنِيَّةِ الْقَصْرِ فَقَالَ فِي قَوْلِهِ الْأَوَّلِ يُتِمُّ إِذَا عَادَ إلَيْهَا لِأَقَلَّ مِنْ مُدَّةِ الْقَصْرِ وَقَالَ فِي قَوْلِهِ الْآخَرِ يُتِمُّ إِذَا عَادَ إلَيْهَا لِأَنَّهُ قَدْ أَتَمَّ بِهَا ثُمَّ خَرَجَ مِنْهَا بِنِيَّةِ الرُّجُوعِ إلَيْهَا فَصَارَتْ كَالْوَطَنِ لَهُ يُتِمُّ فِيهَا وَإِنْ كَانَتْ صَلَاةٌ وَاحِدَةٌ وَقَالَ فِي قَوْلِهِ الْآخَرِ لَا يُتِمُّ فِيهَا لِأَنَّهُ لَمْ يَتَّخِذْهَا وَطَنًا وَإِنَّمَا أَتَمَّ بِهَا أَوَّلًا لِطُولِ الْمُقَامِ بِهَا فَبِخُرُوجِهِ عَنْهَا إِلَى مَسَافَةِ قَصْرٍ يَبْطُلُ حُكْمُ الْمُقَامِ الْأَوَّلِ كَمَا لَوْ لَمْ يَنْوِ الرُّجُوعَ إلَيْهَا وَلَوْ خَرَجَ إِلَى مَسَافَةٍ لَا يَقْصُرُ فِيهَا لَبَقِيَ عَلَى حُكْمِ الْإِتْمَامِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. ‏ ‏( مَسْأَلَةٌ ) إِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَإِنَّ الْمُعْتَبَرَ فِيالْأَيَّامِ الْمَانِعَةِ مِنْ الْقَصْرِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي ذَلِكَ فَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّهُ يُرَاعِي فِيهَا أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ كَامِلَةٍ قَالَ عَنْهُ عِيسَى وَلَا يَعْتَدُّ بِيَوْمِ دُخُولِهِإِلَّا أَنْ يَدْخُلَ فِي أَوَّلِهِ وَقَالَ ابْنُالْمَاجِشُونِ وَسَحْنُونٌإِذَا نَوَى مُقَامَ زَمَانٍ تَجِبُ فِيهِ عِشْرُونَ صَلَاةٍ فَإِنَّهُ يُتِمُّ , وَجْهُ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِأَنَّ الْخَبَرَ الْمُسْتَفَادَ مِنْهُ حُكْمُ الْمُقَامِ إنَّمَا وَرَدَ بِلَفْظِ الْأَيَّامِ وَذَلِكَ يَقْتَضِي تَعَلُّقَ الْحُكْمِ بِهَا وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّ الْحُكْمَ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِالْأَيَّامِ مِنْ أَجْلِ الصَّلَوَاتِ فَوَجَبَ أَنْ يُعْتَبَرَ بِهَا. ‏ ‏( مَسْأَلَةٌ ) وَإِذْ نَوَى الْمُقَامَ بَعْدَ أَنْ شَرَعَ فِي الصَّلَاةِ بِنِيَّةِ الْقَصْرِ فَلَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ أَوْ بَعْدَ أَنْ يَرْكَعَ فَإِنْ نَوَى ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَجْعَلَهَا نَافِلَةً رَكْعَتَيْنِ وَيَسْتَأْنِفُ فَرْضَهُ أَرْبَعًا لِأَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَفْتَتِحَ صَلَاتَهُ بِنِيَّةٍ تَسْتَوْعِبُ جَمِيعَهَا وَهَذَا إنَّمَا أَحْرَمَ عَلَى رَكْعَتَيْنِ , فَإِنْ تَمَادَى عَلَى صَلَاتِهِ وَصَلَّاهَا أَرْبَعًا أَجْزَأَتْهُ رَوَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ وَاخْتَارَ قَوْلَ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَهُوَ أَنَّهُ يَتَمَادَى عَلَى إحْرَامِهِ وَيُصَلِّيهَا أَرْبَعًا وَتُجْزِئُهُ لِأَنَّ نِيَّةَ السَّفَرِ وَالْحَضَرِ غَيْرُ مُخْتَلِفَةٍ وَلِذَلِكَ جَازَ أَنْ يُصَلِّيَ الْمُقِيمُ خَلْفَ الْمُسَافِرِ. ‏ ‏( مَسْأَلَةٌ ) وَإِنْ نَوَى الْإِقَامَةَ بَعْدَ أَنْ عَقَدَ رَكْعَةً فَقَدْ رَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ اُسْتُحِبَّ أَنْ يَشْفَعَهَا بِرَكْعَةٍ وَيَجْعَلَهَا نَافِلَةً ثُمَّ يُصَلِّي فَرْضَهُ أَرْبَعًا وَرُوِيَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِالْمَاجِشُونِ أَنَّهُ يُضِيفُ إلَيْهَا رَكْعَةً أُخْرَى تَكُونُ فَرْضَهُ لِأَنَّهُ لَمَّا عَقَدَ رَكْعَةً مِنْ صَلَاتِهِ عَلَى حُكْمِ السَّفَرِ لَزِمَهُ حُكْمُ السَّفَرِ فَاَلَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ عَنْ مَالِكٍيُضِيفُ إلَيْهَا رَكْعَةً وَيَجْعَلُهَا نَافِلَةً وَلَوْ بَدَا لَهُ أَنْ يَفْرُغَ مِنْ صَلَاتِهِ فَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُعِيدَهَا وَظَاهِرُهُ مُخَالِفٌ لِرِوَايَةِ ابْنِ حَبِيبٍ وَظَاهِرُ قَوْلِ عِيسَى بْنِ دِينَارٍ يَقْتَضِي أَنَّهَا لَا تُجْزِئُهُ وَإِنْ تَمَادَى عَلَيْهَا. ‏ ‏( فَرْعٌ ) فَإِنْ نَوَى السَّفَرَ بَعْدَ أَنْ نَوَى الْمُقَامَ قَبْلَ أَنْ يُقِيمَ أَوْ بَعْدَأَنْ أَقَامَ فَقَدْ أَجْزَأَهُ مَا صَلَّى مِنْ الصَّلَوَاتِ عَلَى الْإِتْمَامِ وَعَلَيْهِ أَنْ يَأْتَنِفَ الْقِصَارَ بِرُجُوعِ نِيَّتِهِ إِلَى السَّفَرِ مِنْ مَوْضِعِهِ ذَلِكَ وَقَالَ سَحْنَونٌ لَا يَقْصُرُ حَتَّى يَظْعَنَ مِنْ مَوْضِعِهِ ذَلِكَ وَجْهُ قَوْلِابْنِ حَبِيبٍ إنَّمَا كَانَ عَلَى حُكْمِ السَّفَرِ وَإِنَّمَا رَجَعَ عَنْهُ بِمَا نَوَى مِنْ الْمُقَامِ فَإِذَا نَوَى السَّفَرَ رَجَعَ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ إِلَى حُكْمِ الْأَصْلِ وَهُوَ السَّفَرُ وَوَجْهٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّ نِيَّةَ السَّفَرِ بِمُجَرَّدِهَا عَامِلَةٌ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ الِاسْتِيطَانِ وَإِنَّمَا يُحْتَاجُ إِلَى اقْتِرَانِ الْعَمَلِ بِهَا فِي مَوْضِعِ الْإِقَامَةِ لِوُجُودِ النِّيَّةِ وَالْمَوْضِعِ فِي الْمُقَامِ وَوَجْهُ مَا قَالَهُ سَحْنَونٌ أَنَّ نِيَّةَ السَّفَرِ لَا تُوجِبُ الْقَصْرَ حَتَّى يُقَارِنَهَا الْعَمَلُ وَالْخُرُوجُ كَمَا لَوْ ابْتَدَأَ السَّفَرَ. ‏ ‏( فَصْلٌ ) إِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَإِنَّ مَعْنَى قَوْلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أُصَلِّي صَلَاةَ الْمُسَافِرِ مَا لَمْ أُجْمِعْ مُكْثًا يُرِيدُ مَا لَمْ أَنْوِ الْمُقَامَ مُدَّةً تَمْنَعُ ذَلِكَ وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ ذَلِكَ أَرْبَعَةُ أَيَّامٍ وَأَمَّا مَنْ أَقَامَ بِمَنْزِلٍ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ وَخَمْسَةَ أَيَّامٍ وَأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ يَنْوِي فِي كُلِّ يَوْمٍ الِانْتِقَالَ ثُمَّ يَعْرِضُ لَهُ مَانِعٌ وَلَا يَدْرِي مَتَى يَنْتَقِلُ فَإِنَّ هَذَا يَقْصُرُ أَبَدًا مَا لَمْ يُجْمِعْ مُكْثًا. ‏



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!