موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (موطأ مالك) - [الحديث رقم: (297)]

البخاري
مسلم
أبو داود
الترمذي
النسائي
ابن ماجة
الدارمي
الموطأ
المسند

(موطأ مالك) - [الحديث رقم: (297)]

‏ ‏حَدَّثَنِي ‏ ‏يَحْيَى ‏ ‏عَنْ ‏ ‏مَالِك ‏ ‏عَنْ ‏ ‏دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏الْأَعْرَجِ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏أَبِي هُرَيْرَةَ ‏ ‏أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏كَانَ ‏ ‏يَجْمَعُ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ فِي سَفَرِهِ إِلَى ‏ ‏تَبُوكَ ‏


( ش ) : قَوْلُهُ كَانَ يَجْمَعُ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ فِي سَفَرِهِ إِلَى تَبُوكَ يَعْنِي أَنَّهُ عليه السلام كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الرِّفْقِ بِالْمُصَلِّي وَذَلِكَ عَلَى حَدِّ أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ أَحَدِهَا السَّفَرُ وَالثَّانِي الْمَرَضُ وَالثَّالِثِ الْمَطَرُ وَاللَّيْلُ وَالرَّابِعِ الْخَوْفُ وَالْجَمْعُ إنَّمَا يَكُونُ بَيْنَ صَلَاتَيْنِ بَيْنَهُمَا اشْتِرَاكٌ فِي الْوَقْتِ وَهُمَا الظُّهْرُ وَالْعَصْرُ وَالْمَغْرِبُ وَالْعِشَاءُ وَأَمَّا كُلُّ صَلَاتَيْنِ لَا اشْتِرَاكَ بَيْنَهُمَا فَلَا يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَأَمَّا السَّفَرُ فَقَدْ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ أَنَّهُ قَالَ إنِّي لَأَكْرَهُ جَمْعَ الصَّلَاتَيْنِ فِي السَّفَرِ وَرُوِيَ عَنْهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ لَا يُجْمَعُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي غَزْوٍ وَلَا حَجٍّ وَلَا غَيْرِهِ إِلَّا أَنْ يَجِدَّ بِهِ السَّيْرُ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ وَجْهُ كَرَاهَةِ مَالِكٍ إنَّمَا هُوَ عَلَى إتْيَانِ الْأَفْضَلِ لِئَلَّا يَتْرُكَ ذَلِكَ مَنْ يَقْدِرُ عَلَيْهِ دُونَ مَشَقَّةٍ تَلْحَقُهُ وَأَمَّا إبَاحَتُهُ إِذَا جَدَّ بِهِ السَّيْرُ فَلِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ إِذَا عَجَّلَ بِهِ السَّيْرُ يَجْمَعُ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَجَمِيعُ مَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الْجَمْعِ إنَّمَا هُوَ إخْبَارٌ عَنْ فِعْلِهِ وَلَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ قَوْلِهِ وَالْفِعْلُ لَا يَحْتَمِلُ الْعُمُومَ وَإِنَّمَا يَقَعُ عَلَى وَجْهٍ وَاحِدٍ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لِشِدَّةِ السَّيْرِ وَيَحْتَمِلُ غَيْرَهُ وَأَمَّا الْجَمْعُ لِغَيْرِ عُذْرٍ عِنْدَ جَمَاعَةِ أَصْحَابِنَا وَجُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ فَإِنْ فَعَلَ فَقَدْ رُوِيَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَجْمُوعَةِ مَنْ جَمَعَ بَيْنَ الْعِشَاءَيْنِ فِي الْحَضَرِ مِنْ غَيْرِ مَرَضٍ أَعَادَ الثَّانِيَةَ أَبَدًا يُرِيدُ إِنْ صَلَّاهَا قَبْلَ مَغِيبِ الشَّفَقِ وَقَالَ أَشْهَبُ أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ لَا يَجْمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ فِي سَفَرٍ وَلَا حَضَرٍ إِلَّا بِعَرَفَةَ وَمَعَ ذَلِكَ فَإِنَّ لِلْمُسَافِرِ فِي جَمْعِهَا مَا لَيْسَ لِلْمُقِيمِ وَإِنْ لَمْ يَجِدَّ بِهِ السَّيْرُ وَلَهُ إِذَا جَدَّ بِهِ السَّيْرُ مِنْ الرُّخْصَةِ مَا لَيْسَ لَهُ إِذَا لَمْ يَجِدَّ بِهِ وَلِلْمُقِيمِ أَيْضًا فِي ذَلِكَ رُخْصَةٌ وَإِنْ كَانَ الْفَضْلُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ إِلَّا أَنَّ لَهُ الرُّخْصَةَ لِأَنَّهُ صَلَّى فِي أَحَدِ الْوَقْتَيْنِ اللَّذَيْنِ وَقَّتَ جِبْرِيلُ عليه السلام وَقَدْ مَنَعَ مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ إِلَّا بِعَرَفَةَ وَالْمُزْدَلِفَةِ أَبُو حَنِيفَةَ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ حَدِيثُ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ إِذَا زَاغَتْ الشَّمْسُ قَبْلَ أَنْ يَرْتَحِلَ جَمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ فَإِنْ رَحَلَ قَبْلَ أَنْ تَزِيغَ الشَّمْسُ أَخَّرَ الظُّهْرَ حَتَّى يَنْزِلَ إِلَى الْعَصْرِ وَفِي الْمَغْرِبِ مِثْلُ ذَلِكَ إِنْ غَابَتْ الشَّمْسُ قَبْلَ أَنْ يَرْتَحِلَ جَمَعَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَإِنْ ارْتَحَلَ قَبْلَ أَنْ تَغِيبَ الشَّمْسُ أَخَّرَ الْمَغْرِبَ حَتَّى يَنْزِلَ لِلْعِشَاءِ ثُمَّ جَمَعَ بَيْنَهُمَا وَدَلِيلُنَا مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ أَنَّهُ سَفَرٌ تُقْصَرُ بِهِ الصَّلَاةُ فَجَازَ أَنْ يَجْمَعَ فِيهِ بَيْنَهُمَا فَالْجَمْعُ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ بِعَرَفَةَ وَفِي الْجُمْلَةِ أَنَّ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى اشْتِرَاكِ الصَّلَاتَيْنِ فِي الْوَقْتِ فَهُوَ وَقْتُ اخْتِيَارٍ لِلظُّهْرِ وَوَقْتُ ضَرُورَةٍ لِلْعَصْرِ. ‏ ‏( مَسْأَلَةٌ ) إِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَإِنَّ الْجَمْعَ فِي السَّفَرِ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ عَلَى وَجْهَيْنِ أَحَدِهِمَا أَنْ يَرْتَحِلَ عِنْدَ الزَّوَالِ فَيَجْمَعَ حِينَئِذٍ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَالثَّانِي أَنْ يَرْتَحِلَ قَبْلَ الزَّوَالِ فَيُؤَخِّرَ الظُّهْرَ إِلَى آخِرِ وَقْتِهَا فَيُصَلِّيَهَا ثُمَّ يُصَلِّيَ بَعْدَهَا الْعَصْرَ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ حَدِيثُ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ الْمُتَقَدِّمُ وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ إنَّمَا شُرِعَ لِلرِّفْقِ بِالْمُسَافِرِ لِمَشَقَّةِ النُّزُولِ وَالرُّكُوبِ عَلَيْهِ وَالتَّأَخُّرِ عَنْ أَصْحَابِهِ وَلَمْ يَجُزْ أَدَاءُ الْفَرِيضَةِ عَلَى الرَّاحِلَةِ فَخَفَّفَ عَلَيْهِ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا فِي وَقْتِهِمَا وَلِلصَّلَاةِ وَقْتَانِ وَقْتُ اخْتِيَارٍ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ وَوَقْتُ ضَرُورَةٍ وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي أَبُو إِسْحَاقَ فِي مَبْسُوطِهِ أَنَّ مَا بَعْدَ الزَّوَالِ بِمِقْدَارِ مَا تُؤَدَّى فِيهِ الظُّهْرُ وَقْتٌ يَخْتَصُّ بِالظُّهْرِ وَمَا قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ بِمِقْدَارِ مَا تُؤَدَّى فِيهِ الْعَصْرُ وَقْتٌ يَخْتَصُّ بِالْعَصْرِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَقْتٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا وَكَذَلِكَ الْمَغْرِبُ وَالْعِشَاءُ عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ وَلِذَلِكَ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ بِعَرَفَةَ بَعْدَ الزَّوَالِ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بِالْمُزْدَلِفَةِ بَعْدَ مَغِيبِ الشَّفَقِ فَإِنْ رَكِبَ رَاحِلَتَهُ وَسَارَ قَبْلَ الزَّوَالِ شُرِعَ لَهُ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا فِي الْوَقْتِ الْمُخْتَارِ لَهُمَا وَهُوَ إِذَا كَانَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ لِأَنَّ مَشَقَّةَ النُّزُولِ لَا بُدَّ مِنْهَا فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْجَمْعُ فِي أَوْلَى الْوَقْتِ بِالصَّلَاتَيْنِ وَهُوَ الْوَقْتُ الْمُخْتَارُ لَهُمَا أَنْ يَبْتَدِئَ الظُّهْرَ وَالْفَيْءُ قَامَةٌ أَوْ تَنْقَضِي وَالْفَيْءُ قَامَةٌ ثُمَّ يُصَلِّي بِإِثْرِهَا الْعَصْرَ وَيَجْمَعُ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ عِنْدَ مَغِيبِ الشَّفَقِ لِأَنَّهُ وَقْتٌ لَهُمَا يَشْتَرِكَانِ فِيهِ قَالَهُ أَشْهَبُ فِي الْمَجْمُوعَةِ وَوَجْهُ ذَلِكَ فِيهِمَا أَنْ تَنْقَضِيَ الْمَغْرِبُ وَقَدْ غَابَ الشَّفَقُ أَنَّهُ يَبْتَدِئُ حِينَئِذٍ ثُمَّ يُصَلِّي بِإِثْرِهَا الْعِشَاءَ وَذَلِكَ فِي الظُّهْرِ وَالْعِشَاءِ أَجْوَزُ لِأَنَّ الْمَغْرِبَ إنَّمَا ذُكِرَ لَهَا وَقْتٌ وَاحِدٌ قَالَهُ أَشْهَبُ فِي الْمَجْمُوعَةِ وَإِنَّمَا يَسْتَوِيَانِ عَلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ إِنَّ لِلْمَغْرِبِ وَقْتَيْنِ قَالَ الْإِمَامُ أَبُو الْوَلِيدِ رضي الله عنه وَهُوَ الْأَظْهَرُ عِنْدِي. ‏ ‏( مَسْأَلَةٌ ) وَإِذَا رَكِبَ بَعْدَ الزَّوَالِ وَبَعْدَ أَنْ حَانَتْ صَلَاةُ الظُّهْرِ جُوِّزَ لَهُ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا فَيُصَلِّيَ الظُّهْرَ فِي وَقْتِهَا الْمُخْتَارِ وَالْعَصْرَ فِي وَقْتِ ضَرُورَتِهَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَكَانَ ذَلِكَ مُبَالَغَةً فِي الرِّفْقِ لِأَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إِلَى النُّزُولِ فَكَانَ أَخَفَّ عَلَيْهِ مِنْ أَنْ يَنْزِلَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي وَقْتِهَا الْمُخْتَارِ وَإِذَا رَحَلَ قَبْلَ الزَّوَالِ فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ النُّزُولِ فَكَانَ نُزُولُهُ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يُصَلِّيهِمَا جَمِيعًا فِي وَقْتِهِمَا الْمُخْتَارِ لَهُمَا أَوْلَى وَهَذَا فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَأَمَّا الْمَغْرِبُ وَالْعِشَاءُ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ مِثْلَ مَا ذَكَرَ عِنْدَ الرَّحِيلِ مِنْ الْمَنْهَلِ وَحَكَى الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ فِي مُخْتَصَرِهِ عَنْ سَحْنُونٍ أَنَّهُمَا فِي ذَلِكَ كَالظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِوَقْتِ ارْتِحَالٍ مِنْ الْمَنْهَلِ فِي جَرْيِ الْعَادَةِ فَلَمْ تَتَعَلَّقْ بِهِ الرُّخْصَةُ كَتَعَلُّقِهَا بِمَنْ ارْتَحَلَ بَعْدَ الزَّوَالِ لِأَنَّ ذَلِكَ الْوَقْتَ مُعْتَادٌ لِلرَّحِيلِ وَوَجْهُ قَوْلِ سَحْنُونٍ أَنَّهُ ارْتَحَلَ مِنْ النُّزُولِ فِي سَفَرِهِ وَقَدْ أَمْكَنَ الْجَمْعُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ لِاشْتِرَاكِ وَقْتَيْهِمَا كَالظُّهْرِ وَالْعَصْرِ. ‏ ‏( فَرْعٌ ) فَإِنْ جَمَعَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ عَلَى غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ بِأَنْ يَكُونَ قَدْ ارْتَحَلَ قَبْلَ الزَّوَالِ فَنَزَلَ عِنْدَ الزَّوَالِ فَجَمَعَ بَيْنَهُمَا فَقَدْ رَوَى عَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ عَنْ مَالِكٍ يُعِيدُ الْعَصْرَ مَا دَامَ فِي الْوَقْتِ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ خَالَفَ سُنَّةَ الْجَمْعِ فَالْمُسْتَحَبُّ لَهُ الْإِتْيَانُ بِهَا عَلَى الْوَجْهِ الْمُسْتَحَبِّ وَكَذَلِكَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ حُكْمُ مَنْ جَمَعَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ إِذَا لَمْ يَجِدَّ بِهِ السَّيْرُ عِنْدَ مَنْ شَرَطَ ذَلِكَ وَلَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا لِأَصْحَابِنَا. ‏ ‏( مَسْأَلَةٌ ) وَحَدُّ الْإِسْرَاعِ الَّذِي شُرِعَ مَعَهُ الْجَمْعُ هُوَ مُبَادَرَةُ مَا يَخَافُ فَوَاتَهُ وَالْإِسْرَاعُ إِلَى مَا يُهِمُّهُ قَالَهُ أَشْهَبُ فِي الْمَجْمُوعَةِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَجُوزُ لِلْمُسَافِرِ الْجَمْعُ إِذَا جَدَّ فِي السَّفَرِ لِقَطْعِ سَفَرِهِ خَاصَّةً لَا لِغَيْرِ ذَلِكَ وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغُ وَوَجْهُ مَا رُوِيَ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ كَانَ إِذَا عَجَّلَ بِهِ السَّيْرُ جَمَعَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ. ‏ ‏( فَصْلٌ ) وَأَمَّا الْمَرِيضُ فَإِنَّهُ عَلَى ضَرْبَيْنِ أَحَدِهِمَا أَنْ يَخَافَ أَنْ يُغْلَبَ عَلَى عَقْلِهِ إِنْ أَخَّرَ الْعَصْرَ إِلَى وَقْتِهَا الْمُخْتَارِ أَوْ يَخَافَ مَانِعًا مِنْ فِعْلِهَا أَوْ حُمَّى فِي وَقْتِهَا وَالثَّانِي أَنْ يَأْمَنَ ذَلِكَ وَلَكِنَّهُ يَشُقُّ عَلَيْهِ تَجْدِيدُ الطَّهَارَةِ وَالْقِيَامُ مَرَّتَيْنِ وَيَخَافُ مِنْ ذَلِكَ زِيَادَةَ أَلَمٍ فَأَمَّا الْأَوَّلُ فَقَدْ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِيمَنْ خَافَ أَنْ يُغْلَبَ عَلَى عَقْلِهِ أَنَّ لَهُ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ عِنْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ إِذَا غَرَبَتْ وَنَحْوُهُ فِي الْعُتْبِيَّةِ فِيمَنْ خَافَ نَافِضًا عَرَفَ وَقْتَهُ وَقَالَ سَحْنَونٌ لَا يَجْمَعُ الَّذِي يَخَافُ أَنْ يُغْلَبَ عَلَى عَقْلِهِ وَلَا يُصَلِّي الْعَصْرَ إِلَّا فِي آخِرِ وَقْتِ الظُّهْرِ وَأَوَّلِ وَقْتِ الْعَصْرِ وَجْهُ مَا قَالَهُ مَالِكٌ أَنَّ هَذَا احْتِيَاطٌ لِلصَّلَاةِ لِأَنَّ تَأْخِيرَهَا رُبَّمَا أَدَّى إِلَى تَضْيِيعِهَا وَإِذَا جَازَ أَنْ يُقَدِّمَ الْعَصْرَ مَعَ الظُّهْرِ إِذَا جَدَّ بِهِ السَّيْرُ فَبِأَنْ يَجُوزَ ذَلِكَ إِذَا خَافَ عَلَى عَقْلِهِ أَوْلَى. ‏ ‏( مَسْأَلَةٌ ) وَأَمَّا مَنْ يَشُقُّ عَلَيْهِ تَجْدِيدُ الْوُضُوءِ وَالتَّحَرُّكُ لِلصَّلَاةِ وَقْتًا بَعْدَ وَقْتٍ فَقَدْ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ فِي آخِرِ وَقْتِ الظُّهْرِ وَأَوَّلِ وَقْتِ الْعَصْرِ وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ الْمَشَقَّةَ الَّتِي تَلْحَقُهُ بِمَا ذَكَرَ أَشَدُّ مِنْ الْمَشَقَّةِ الَّتِي تَلْحَقُ الْمُسَافِرَ عِنْدَ النُّزُولِ وَالرُّكُوبِ فَإِذَا جَازَ لِلْمُسَافِرِ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا لِمَشَقَّةِ السَّفَرِ فَبِأَنْ يَجُوزَ ذَلِكَ لِمَشَقَّةِ الْمَرَضِ أَوْلَى وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّالِثُ مِنْ الْأَعْذَارِ الْمُبِيحَةِ لِلْجَمْعِ فَهُوَ الْمَطَرُ وَاللَّيْلُ وَسَنَذْكُرُهُ بَعْدَ هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ ‏



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!