المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (موطأ مالك) - [الحديث رقم: (283)]
(موطأ مالك) - [الحديث رقم: (283)]
حَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ مَالِك عَنْ إِسْمَعِيلَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَنْ مَوْلًى لِعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَوْ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ صَلَاةُ أَحَدِكُمْ وَهُوَ قَاعِدٌ مِثْلُ نِصْفِ صَلَاتِهِ وَهُوَ قَائِمٌ
( ش ) : مَعْنَى قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم صَلَاةُ أَحَدِكُمْ وَهُوَ قَاعِدٌ مِثْلُ نِصْفِ صَلَاتِهِ وَهُوَ قَائِمٌ يُرِيدُ أَجْرُ صَلَاةِ الْقَاعِدِ مِثْلُ نِصْفِ أَجْرِ صَلَاةِ الْقَائِمِ لِأَنَّ الصَّلَاةَ لَا تَتَبَعَّضُ فَلَا يَصِحُّ نِصْفُهَا دُونَ سَائِرِهَا وَهَذَا اللَّفْظُ وَإِنْ كَانَ عَامًّا يَقْتَضِي أَنَّ كُلَّ صَلَاةٍ يُصَلِّيهَا الْقَاعِدُ عَلَى كُلِّ حَالٍ فَهِيَ مِثْلُ نِصْفِ صَلَاةِ الْقَائِمِ إِلَّا أَنَّ الدَّلِيلَ قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ بَعْضُ الصَّلَوَاتِ وَبَعْضُ الْحَالَاتِ وَأَصْلُ ذَلِكَ أَنَّ الْقِيَامَ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ وَشَرْطٌ فِي صِحَّةِ الْفَرْضِ مِنْهَا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهَا وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ قوله تعالى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ وَلَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ فَثَبَتَ بِذَلِكَ وُجُوبُ الْقِيَامِ وَرُوِيَ عَنْ عِمْرَانِ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّهُ قَالَ كَانَتْ بِي بَوَاسِيرُ فَسَأَلَتْ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ صَلِّ قَائِمًا فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ فَخَصَّ بِهَذَا الْخَبَرِ مِنْ الْآيَةِ مَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ الْقِيَامَ وَبَقِيَتْ الْآيَةُ عَلَى عُمُومِهَا فِي الْمُسْتَطِيعِينَ وَقَدْ ثَبَتَ بِحَدِيثِ عَائِشَةَ الْمَرْوِيِّ بَعْدَ هَذَا جَوَازُ الْجُلُوسِ فِي التَّنَفُّلِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْقِيَامِ فَخُصَّتْ بِذَلِكَ الْآيَةُ أَيْضًا عَلَى قَوْلِ مَنْ زَعَمَ أَنَّهَا تَتَنَاوَلُ الْفَرْضَ وَالنَّفْلَ وَبَقِيَتْ عَامَّةً فِي الْمُسْتَطِيعِينَ الْقِيَامَ فِي الْفَرِيضَةِ وَثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ صَلَاةَ الْقَاعِدِ إنَّمَا تَكُونُ عَلَى النِّصْفِ مِنْ صَلَاةِ الْقَائِمِ فِي مَوْضِعَيْنِ أَحَدِهِمَا مَنْ صَلَّى الْفَرِيضَةَ غَيْرَ مُسْتَطِيعِ الْقِيَامِ وَالثَّانِيَةِ مَنْ صَلَّى النَّافِلَةَ مُسْتَطِيعًا أَوْ غَيْرَ مُسْتَطِيعٍ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم صَلَاةُ الْقَاعِدِ مِثْلُ نِصْفِ صَلَاةِ الْقَائِمِ إنَّهُمْ كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يُصَلُّوا قِيَامًا إِلَّا أَنَّ الْقُعُودَ كَانَ أَرْفَقَ بِهِمْ فَأَمَّا مَنْ أَقْعَدَهُ الْمَرَضُ وَالضَّعْفُ فِي مَكْتُوبَةٍ أَوْ نَافِلَةٍ فَإِنَّ صَلَاتَهُ قَاعِدًا فِي الثَّوَابِ مِثْلُ صَلَاتِهِ قَائِمًا قَالَ الْإِمَامُ أَبُو الْوَلِيدِ وَمَا ذَكَرْته عِنْدِي أَظْهَرُ وَحَكَى الْقَاضِي أَبُو إِسْحَاقَ أَنَّ الْحَدِيثَ وَرَدَ فِي النَّوَافِلِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ فَالْإِتْيَانُ بِهَا عَلَى حَالِ الْجُلُوسِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ الْإِتْيَانِ بِهَا عَلَى حَالِ الْقِيَامِ وَهَذَا التَّخْصِيصُ يَحْتَاجُ إِلَى دَلِيلٍ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ. ( مَسْأَلَةٌ ) إِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَفِي هَذَا مَسْأَلَتَانِ إحْدَاهُمَا فِي وَصْفِ مَنْ تَجُوزُ لَهُ صَلَاةُ الْفَرِيضَةِ جَالِسًا وَالثَّانِيَةُ فِي وَصْفِ صَلَاتِهِ فَأَمَّا مَنْ تَجُوزُ لَهُ صَلَاةُ الْفَرِيضَةِ قَاعِدًا فَهُوَ الْمُقْعَدُ الَّذِي لَا يَقْدِرُ عَلَى الْقِيَامِ أَوْ الْمَرِيضُ الَّذِي لَا يَسْتَطِيعُ بِحَالٍ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ مَنْ لَا يَقْدِرْ عَلَى الْقِيَامِ إِلَّا بِمَشَقَّةٍ صَلَّى جَالِسًا قَالَ الْإِمَامُ أَبُو الْوَلِيدِ وَعِنْدِي أَنَّ ذَلِكَ كَالْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ فِي السَّفِينَةِ وَوَجْهُ ذَلِكَ الْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ صَلِّ قَائِمًا فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا. ( فَرْعٌ ) وَأَمَّا مَنْ أَرَادَ أَنْ يَقْدَحَ عَيْنَيْهِ وَيُصَلِّي جَالِسًا أَرْبَعِينَ يَوْمًا فَفِي الْوَاضِحَةِ عَنْ مَالِكٍ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ عُذْرٌ مَانِعٌ مِنْ الْقِيَامِ يَجُوزُ لَهُ الصَّلَاةُ جَالِسًا فَلَا يُمْنَعُ مِنْ الْأَفْعَالِ الْمُؤَدِّيَةِ إِلَى ذَلِكَ إِذَا كَانَ فِيهَا مَنْفَعَةٌ مَا لَمْ يُمْنَعُ الْمُسَافِرُ مِنْ السَّفَرِ الَّذِي يُسَبِّبُ الْفِطْرَ وَالْقَصْرَ وَالتَّيَمُّمَ عِنْدَ عَدَمِ الْمَاءِ ( فَرْعٌ ) وَمَنْ صَلَّى جَالِسًا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْقِيَامِ أَعَادَ أَبَدًا وَمَنْ صَلَّى جَالِسًا مَعَ الْعَجْزِ عَنْ الْقِيَامِ ثُمَّ قَدَرَ عَلَى الْقِيَامِ فِي الْوَقْتِ لَمْ يُعِدْ رَوَاهُ مُوسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَيْضًا إِذَا أَتَى بِالصَّلَاةِ عَلَى مَا يَلْزَمُهُ مِنْ فَرْضِهَا فَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ إعَادَتُهَا فِي وَقْتِهَا كَمَا لَوْ صَلَّى بِتَيَمُّمٍ ثُمَّ وَجَدَ الْمَاءَ ( مَسْأَلَةٌ ) وَمَنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْقِيَامِ إِلَّا مُسْتَنِدًا أَوْ مُتَّكِئًا فَإِنَّ ذَلِكَ أَوْلَى مِنْ صَلَاتِهِ جَالِسًا قَالَهُ فِي الْمُخْتَصَرِ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ هَذَا الْحَالَ أَقْرَبُ إِلَى فَرْضِهِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ الِانْتِقَالُ عَنْهَا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهَا. ( فَرْعٌ ) وَيُصَلِّي الْمَرِيضُ جَالِسًا مُسْتَنِدًا أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أَنْ يُصَلِّيَ مُضْطَجِعًا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْجُلُوسَ هَيْئَةٌ مِنْ هَيْئَاتِ الصَّلَاةِ فَلَمْ يَجُزْ لَهُ تَرْكُهَا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهَا كَالْقِيَامِ. ( مَسْأَلَةٌ ) إِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ إِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ الْقِيَامَ وَلَا الْقُعُودَ أَدَّى فَرْضَهُ مُضْطَجِعًا وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم صَلِّ قَائِمًا فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ. ( فَرْعٌ ) وَالسُّنَّةُ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى جَنْبِهِ الْأَيْمَنِ وَوَجْهُهُ إِلَى الْقِبْلَةِ وَرَأْسُهُ إِلَى الْمَغْرِبِ وَرِجْلَاهُ إِلَى الْمَشْرِقِ لِأَنَّ التَّيَامُنَ مَشْرُوعٌ وَلَا يُمْكِنُ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ مَعَهُ إِلَّا عَلَى هَذِهِ الْحَالِ. ( فَرْعٌ ) فَإِنْ عَجَزَ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى جَنْبِهِ الْأَيْمَنِ فَهَلْ يُصَلِّي عَلَى جَنْبِهِ الْأَيْسَرِ أَوْ عَلَى ظَهْرِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُصَلِّي عَلَى ظَهْرِهِ وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ يُصَلِّي عَلَى جَنْبِهِ الْأَيْسَرِ وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ لَمَّا عَجَزَ عَنْ التَّيَامُنِ الَّذِي هُوَ مَشْرُوعٌ فِي الصَّلَاةِ كَانَ الِاضْطِجَاعُ عَلَى الظَّهْرِ أَمْكَنَ فِي اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ وَأَشْبَهَ فِي ذَلِكَ بِحَالِ الْقِيَامِ الَّتِي هِيَ الْأَصْلُ وَوَجْهُ مَا قَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ وَلَمْ يُفَرِّقْ فَإِنْ صَلَّى عَلَى جَنْبِهِ الْأَيْسَرِ فَإِنَّهُ يُصَلِّي وَرَأْسُهُ إِلَى الْمَشْرِقِ وَرِجْلَاهُ إِلَى الْمَغْرِبِ لِأَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى لَهُ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ إِلَّا كَذَلِكَ. ( فَرْعٌ ) فَإِنْ عَجَزَ عَنْ ذَلِكَ صَلَّى عَلَى ظَهْرِهِ وَرِجْلَاهُ إِلَى الْقِبْلَةِ وَهُوَ مُسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةِ بِوَجْهِهِ لِأَنَّ اسْتِقْبَالَ الْقِبْلَةِ مَشْرُوعٌ وَلَا يَتَأَتَّى لِمَنْ كَانَ عَلَى ظَهْرِهِ إِلَّا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ



