المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (موطأ مالك) - [الحديث رقم: (282)]
(موطأ مالك) - [الحديث رقم: (282)]
و حَدَّثَنِي عَنْ مَالِك عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ فِي مَرَضِهِ فَأَتَى فَوَجَدَ أَبَا بَكْرٍ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي بِالنَّاسِ فَاسْتَأْخَرَ أَبُو بَكْرٍ فَأَشَارَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ كَمَا أَنْتَ فَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى جَنْبِ أَبِي بَكْرٍ فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي بِصَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ جَالِسٌ وَكَانَ النَّاسُ يُصَلُّونَ بِصَلَاةِ أَبِي بَكْرٍ
( ش ) : اخْتَلَفَتْ الْآثَارُ فِي صَلَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي مَوْضِعِهِ وَصَلَاةِ أَبِي بَكْرٍ اخْتِلَافًا بَيِّنًا وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْأَحْكَامِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِهَا لِاخْتِلَافِهَا وَأَخَذَ كُلُّ طَائِفَةٍ بِبَعْضِ تِلْكَ الْأَحَادِيثِ فَرُوِيَ عَنْهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَّ أَبَا بَكْرٍ وَرَوَى الْأَسْوَدُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ وَرَوَاهُ مَسْرُوقٌ عَنْ عَائِشَةَ فَمَنْ جَوَّزَ أَنْ يَؤُمَّ الْقَاعِدُ الْقِيَامَ تَعَلَّقَ بِحَدِيثِ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ فِي ذَلِكَ وَمَنْ مَنَعَ ذَلِكَ قَالَ إِنَّ رِوَايَةَ عَائِشَةَ اخْتَلَفَتْ فِي ذَلِكَ وَلَمْ تَخْتَلِفْ رِوَايَةُ أَنَسٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَمَّهُ فِي تِلْكَ الصَّلَاةِ فَكَانَتْ أَوْلَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. ( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي بِصَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَكَانَ النَّاسُ يُصَلُّونَ بِصَلَاةِ أَبِي بَكْرٍ يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ يُصَلِّي بِصَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُؤْتَمًّا بِهِ وَسَامِعًا بِتَكْبِيرِهِ وَكَانَ النَّاسُ يُصَلُّونَ بِصَلَاةِ أَبِي بَكْرٍ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُمْ كَانُوا يَتَعَرَّفُونَ بِهِ مَا كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَفْعَلُهُ فَيَأْتَمُّونَ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ضَعُفَ صَوْتُهُ عَنْ أَنْ يُسْمِعَ النَّاسَ تَكْبِيرَ الِانْتِقَالِ مِنْ حَالٍ إِلَى حَالٍ فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يُسْمِعُهُمْ ذَلِكَ وَهَذَا مَعْنَى صَلَاةِ النَّاسِ بِصَلَاةِ أَبِي بَكْرٍ وَقَدْ اخْتَلَفَ أَصْحَابُ مَالِكٍ فِيمَنْ ائْتَمَّ بِمَأْمُومٍ فَرَوَى ابْنُ سَحْنُونٍ عَنْ أَبِيهِ إنَّمَا اسْتَخْلَفَ الْإِمَامُ مَنْ فَاتَتْهُ رَكْعَةً فَأَتَمَّ بِهِمْ صَلَاةَ الْإِمَامِ ثُمَّ قَامَ يَقْضِي فَائْتَمَّ بِهِ مَنْ فَاتَتْهُ تِلْكَ الرَّكْعَةُ أَنَّهَا تُجْزِئُهُمْ قَالَ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُعِيدُوا , وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ مَنْ اتَّبَعَهُ فِيهَا مِنْهُمْ أَوْ مِنْ غَيْرِهِمْ فَصَلَاتُهُ بَاطِلَةٌ فَإِذَا قُلْنَا تَبْطُلُ صَلَاةُ مَنْ صَلَّى مَعَهُ فَإِنَّ ذَلِكَ لِمَعْنَيَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ مَنْ ائْتَمَّ بِهِ فِيهَا فَقَدْ لَزِمَهُ حُكْمُ الْإِمَامِ الْأَوَّلِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُتِمَّ صَلَاتَهُ مَعَ ذَلِكَ الْمُسْتَخْلِفِ وَلَا غَيْرِهِ مِنْ الْأَئِمَّةِ وَإِنَّمَا حُكْمُهُ أَنْ يَقْضِيَ مَا فَاتَهُ مِنْ صَلَاةِ الْإِمَامِ وَحْدَهُ وَقَدْ رَوَى مُوسَى بْنُ مُعَاوِيَةَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ مَنْ فَاتَتْهُ رَكْعَةٌ فَقَضَاهَا مَعَ إِمَامٍ فَاتَتْهُ مِنْ الْجَمَاعَةِ رَكْعَةٌ فَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُعِيدَ أَبَدًا وَرَوَى عَنْهُ ابْنُ الْمَوَّازِ بَطَلَتْ عَلَيْهِ وَقَالَ سَحْنَونٌ فِي الْمَجْمُوعَةِ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ مَنْ لَزِمَهُ أَنْ يَقْضِيَ فَذًّا فَقَضَى بِإِمَامٍ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَنَّ مَنْ ائْتَمَّ بِمَأْمُومٍ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَيَشْهَدُ لِهَذَا الْوَجْهِ قَوْلُ ابْنِ الْمَوَّازِ مَنْ اتَّبَعَ الْمَأْمُومَ فِي الْقَضَاءِ مِمَّنْ كَانَ مَعَهُ فِي الصَّلَاةِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِمْ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ مَنْ دَخَلَ مَعَهُ حِينَئِذٍ مُؤْتَمًّا بِهِ فِي تِلْكَ الرَّكْعَةِ فَصَلَاتُهُ بَاطِلَةٌ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ فِي إِمَامٍ كَانَ يُصَلِّي بِقَوْمٍ فِي السَّفَرِ فَرَأَى أَمَامَهُ جَمَاعَةً تُصَلِّي بِإِمَامٍ فَجَهِلَ فَصَلَّى بِصَلَاتِهِمْ أَجْزَأَتْهُ صَلَاتُهُ لِأَنَّهُ كَانَ مَأْمُومًا وَأَعَادَ مَنْ وَرَاءَهُ أَبَدًا لِأَنَّهُمْ لَا إمَامَ لَهُمْ وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَمَنْ لَقِيت مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَأَمَّا مَنْ قَالَ تُجْزِئُهُمْ فَقَدْ جَوَّزَ الصَّلَاةَ مَعَ الْأَمْرَيْنِ جَمِيعًا فَبِأَنْ يُجْزِئَ مَعَ أَحَدِهِمَا أَوْلَى فَإِذَا قُلْنَا بِجَوَازِ ذَلِكَ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَبُو بَكْرٍ يَأْتَمُّ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَالنَّاسُ يَأْتَمُّونَ بِصَلَاةِ أَبِي بَكْرٍ وَإِنْ قُلْنَا بِالْمَنْعِ مِنْ ذَلِكَ فَتَأْوِيلُهُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ خَاصًّا بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كَمَا اخْتَصَّ بِأَنْ أَتَمَّ صَلَاةً افْتَتَحَهَا أَبُو بَكْرٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. ( فَصْلٌ ) فَإِذَا قُلْنَا إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ الْإِمَامَ فِي تِلْكَ الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ يَعْتَرِضُ فِيهِ فَصْلٌ آخَرُ وَهُوَ أَنْ يَأْتَمَّ أَبُو بَكْرٍ قَائِمًا بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم جَالِسًا وَقَدْ رَوَى الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ وَغَيْرُهُ عَنْ مَالِكٍ جَوَازَهُ فَإِذَا قُلْنَا بِالْمَنْعِ مِنْهُ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ خَاصًّا بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَدْ رَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ مَنْسُوخٌ لِتَرْكِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ رضي االله عنهم الْإِمَامَةَ حَالَ الْجُلُوسِ وَهَذَا فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ النَّسْخُ لَا يَكُونُ بَعْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَّا أَنْ يُرِيدَ أَنَّ النَّسْخَ كَانَ بَعْدَ هَذِهِ الصَّلَاةِ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ النَّسْخِ إجْمَاعُ الْأَئِمَّةِ عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنْهُ وَالْمَنْعِ مِنْ إمَامَةِ الْجَالِسِ وَهَذَا أَيْضًا يَحْتَاجُ أَنْ يَثْبُتَ عَنْهُمْ ثُبُوتًا شَائِعًا مَعَ عَدَمِ الْمُخَالِفِ لَهُمْ فِي ذَلِكَ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ إجْمَاعًا. ( فَرْعٌ ) فَإِذَا ائْتَمَّ الْوَاقِفُ بِالْجَالِسِ فَقَدْ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْقَاسِمِ فِي تَفْرِيعِهِ يُكْرَهُ أَنْ يَؤُمَّ قَاعِدٌ قِيَامًا فَإِنْ أَمَّهُمْ أَعَادُوا فِي الْوَقْتِ قَالَ الْإِمَامُ أَبُو الْوَلِيدِ وَهَذَا عِنْدِي عَلَى رِوَايَةِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ مَالِكٍ وَأَمَّا عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ فَإِنَّهُ يُعِيدُ أَبَدًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ



