المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (موطأ مالك) - [الحديث رقم: (279)]
(موطأ مالك) - [الحديث رقم: (279)]
و حَدَّثَنِي عَنْ مَالِك عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّ رَجُلًا كَانَ يَؤُمُّ النَّاسَ بِالْعَقِيقِ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَنَهَاهُ قَالَ مَالِك وَإِنَّمَا نَهَاهُ لِأَنَّهُ كَانَ لَا يُعْرَفُ أَبُوهُ
( ش ) : اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي وَلَدِ الزِّنَا هَلْ يَكُونُ إمَامًا رَاتِبًا فَذَهَبَ مَالِكٌ إِلَى أَنَّهُ يُكْرَهُ ذَلِكَ فَإِنْ أَمَّ جَازَتْ صَلَاةُ مَنْ ائْتَمَّ بِهِ وَهُوَ قَوْلُ اللَّيْثِ وَالشَّافِعِيِّ وَقَالَ عِيسَى بْنُ دِينَارٍ لَا تُكْرَهُ إمَامَةُ وَلَدِ الزِّنَى إِذَا كَانَ فِي نَفْسِهِ أَهْلًا لِذَلِكَ وَبِهِ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مَالِكٌ أَنَّ مَوْضِعَ الْإِمَامَةِ مَوْضِعُ رِفْعَةٍ وَكَمَالٍ يُنَافَسُ صَاحِبُهُ وَيُحْسَدُ عَلَى مَوْضِعِهِ وَمَنْ كَانَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ كُرِهَ لَهُ أَنْ يُعَرِّضَ نَفْسَهُ لِأَلْسِنَةِ النَّاسِ وَيَسْتَشْرِفَ الطَّعْنَ وَالسَّبَّ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ مَوْضِعَ الْإِمَامَةِ مَوْضِعُ رِفْعَةٍ وَتَقَدُّمٍ عَلَى النَّاسِ فِي أَهَمِّ أَمْرِ الدِّينِ وَأَجَلِّ عِبَادَةِ الْمُسْلِمِينَ وَهِيَ مِمَّا يَلْزَمُهُ الْخُلَفَاءُ وَيَقُومُ بِهِ الْأُمَرَاءُ وَالْإِمَامَةُ مَوْضِعُ شَرَفٍ وَرِفْعَةٍ وَعُلُوِّ مَنْزِلَةٍ فَيُكْرَهُ أَنْ يَقُومَ لِذَلِكَ مَنْ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ النَّقَائِصِ الْمَرْذُولَةِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْمَرْأَةُ إمَامًا لِنَقْصِهَا ( مَسْأَلَةٌ ) إِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَإِنَّ الْمَعَانِيَ الْمَانِعَةَ مِنْ رُتْبَةِ الْإِمَامَةِ عَلَى ضَرْبَيْنِ أَحَدِهِمَا يَمْنَعُ صِحَّتَهَا وَالثَّانِي يَمْنَعُ فَضِيلَتَهَا فَأَمَّا مَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الْإِمَامَةِ عِنْدَ مَالِكٍ فَعَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ أَحَدِهَا الْأُنُوثَةُ وَالثَّانِيَةِ الصِّغَرُ وَعَدَمِ التَّكْلِيفِ وَالثَّالِثَةِ نَقْصُ الدِّينِ , فَأَمَّا الْأُنُوثَةُ فَإِنَّ الْمَرْأَةَ لَا تَؤُمُّ رِجَالًا وَلَا نِسَاءً فِي فَرِيضَةٍ وَلَا نَافِلَةٍ وَبِهَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَجُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ وَرَوَى ابْنُ أَيْمَنَ عَنْ مَالِكٍ تَؤُمُّ النِّسَاءَ وَقَالَ الطَّبَرِيُّ وَدَاوُدُ تَؤُمُّ الرِّجَالَ وَالنِّسَاءَ وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ هَذَا جِنْسُ وَصْفٍ فِي الشَّرْعِ بِنُقْصَانِ الدِّينِ وَالْعَقْلِ فَلَمْ يَصِحَّ إمَامَتُهُ كَالْكَافِرِ وَتَعَلَّقَ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ بِمَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَزُورُ أُمَّ وَرَقَةِ بِنْتَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ فِي بَيْتِهَا وَجَعَلَ لَهَا مُؤَذِّنًا يُؤَذِّنُ لَهَا وَأَمَرَهَا أَنْ تَؤُمَّ أَهْلَ دَارِهَا وَهَذَا الْحَدِيثُ مِمَّا لَا يَجِبُ أَنْ يُعَوَّلَ عَلَيْهِ ( فَرْعٌ ) إِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَمَنْ صَلَّى خَلْفَ امْرَأَةٍ أَعَادَ أَبَدًا قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ هَذَا ائْتَمَّ بِمَنْ لَا تَجُوزُ إمَامَتُهُ لِنَقْصِ دِينِهِ وَعَقْلِهِ كَالْكَافِرِ وَفِي النَّوَازِلِ لِسَحْنُونٍ إِنْ كَانَ الْخُنْثَى مِمَّنْ يُحْكَمُ لَهُ بِحُكْمِ الرِّجَالِ فَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِمْ ( مَسْأَلَةٌ ) فَأَمَّا الصِّغَرُ وَعَدَمُ التَّكْلِيفِ فَقَدْ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ لَا يَؤُمُّ الصَّبِيُّ رِجَالًا وَلَا نِسَاءً فِي فَرِيضَةٍ وَفِي الْعُتْبِيَّةِ مِنْ سَمَاعِ أَشْهَبَ عَنْ مَالِكٍ أَمَّا النَّوَافِلُ فَالصِّبْيَانُ يَؤُمُّونَ النَّاسَ فِيهَا وَيَقُومُونَ فِي رَمَضَانَ وَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ وَقَالَ أَبُو مُصْعَبٍ إِنْ أَمَّ الصَّبِيُّ مَضَتْ صَلَاةُ مَنْ ائْتَمَّ بِهِ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ أَنَّ هَذَا غَيْرُ مُكَلَّفٍ لِلصَّلَاةِ فَلَمْ يَجُزْ الِائْتِمَامُ بِهِ كَالْمَجْنُونِ وَوَجْهُ قَوْلِ أَبِي مُصْعَبٍ مَا رُوِيَ عَنْ عَمْرِو بْنِ سَلَمَةَ قَالَ كُنَّا بِحَاضِرٍ يَمُرُّ بِنَا النَّاسُ إِذَا أَتَوْا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَكَانُوا إِذَا رَجَعُوا مَرُّوا بِنَا وَأَخْبَرُونَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ كَذَا وَقَالَ كَذَا وَكُنْت غُلَامًا حَافِظًا فَتَحَفَّظْت مِنْ ذَلِكَ قُرْآنًا كَثِيرًا فَانْطَلَقَ أَبِي وَافِدًا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي نَفَرٍ مِنْ قَوْمِهِ فَعَلَّمَهُمْ الصَّلَاةَ وَقَالَ يَؤُمُّكُمْ أَقْرَؤُكُمْ فَكُنْت أَؤُمُّ بِهِمْ وَأَنَا ابْنُ سَبْعِ سِنِينَ أَوْ ثَمَانِ سِنِينَ ( فَرْعٌ ) إِذَا قُلْنَا إنَّهُ لَا يُصَلِّي وَالصَّبِيُّ مِمَّنْ صَلَّى مَعَهُ أَعَادَ أَبَدًا قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ مِمَّنْ لَا تَصِحُّ إمَامَتُهُ فَأَوْجَبَ ذَلِكَ إفْسَادَ صَلَاةِ مَنْ ائْتَمَّ بِهِ كَالْكَافِرِ وَالْمَرْأَةِ قَالَ الْإِمَامُ أَبُو الْوَلِيدِ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ بَيِّنَةٌ عِنْدِي عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُصَلِّيَ أَحَدٌ الْفَرِيضَةَ وَرَاءَ مَنْ يُصَلِّي النَّافِلَةَ وَقَوْلُ أَبِي مُصْعَبٍ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ أَحَدَهُمَا أَنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ جَازَتْ وَرَاءَ الصَّبِيِّ لَمَّا صَلَّاهَا بِنِيَّةِ الْفَرْضِ فَعَلَى هَذَا لَا تَجُوزُ الصَّلَاةُ خَلْفَ الْمُتَنَفِّلِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ تُبْنَى عَلَى تَجْوِيزِ صَلَاةِ الْفَرِيضَةِ خَلْفَ الْمُتَنَفِّلِ لِأَنَّ صَلَاةَ الصَّبِيِّ نَافِلَةٌ وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَالدَّلِيلُ عَلَى الْمَنْعِ مِنْ ذَلِكَ إِنْ كَانَ مَنْ أَدَّى صَلَاتَهُ بِنِيَّةِ إمَامِهِ لَمْ تُجْزِهِ فَإِذَا أَدَّاهَا بِغَيْرِ نِيَّتِهِ لَمْ تَجْزِهِ كَالْجُمْعَةِ ( مَسْأَلَةٌ ) وَأَمَّا النَّقْصُ فِي الدِّينِ فَإِنَّهُ فِسْقٌ وَكُفْرٌ فَأَمَّا الْفِسْقُ فَقَدْ قَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ يَمْنَعُ صِحَّةَ الْإِمَامَةِ وَحَكَاهُ الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ هَذَا نَوْعَ فِسْقٍ فَوَجَبَ أَنْ يَمْنَعَ الْإِمَامَةَ كَالْكُفْرِ. ( فَرْعٌ ) إِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَمَنْ صَلَّى وَرَاءَ فَاسِقٍ فَقَدْ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ قَالَ لِي الشَّيْخُ رحمه الله يُرِيدُ أَبَا بَكْرٍ الْأَبْهَرِيَّ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى قِسْمَيْنِ فَإِنْ كَانَ بِتَأْوِيلٍ أَعَادَ الصَّلَاةَ فِي الْوَقْتِ وَمَا كَانَ فِسْقًا بِإِجْمَاعٍ أَعَادَ أَبَدًا وَقَدْ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ فِيمَنْ صَلَّى وَرَاءَ مَنْ يَشْرَبُ الْخَمْرَ وَلَمْ يَكُنْ فِي وَقْتِهِ ذَلِكَ سَكْرَانَ وَلَكِنَّهُ مِمَّنْ يَشْرَبُ فَإِنَّهُ يُعِيدُ أَبَدًا وَلَيْسَ مِمَّنْ تُحَبُّ إمَامَتُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَالِي الَّذِي تَوَلَّى إِلَيْهِ الطَّاعَةَ فَلَا إعَادَةَ عَلَى مَنْ صَلَّى خَلْفَهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي وَقْتِهِ ذَلِكَ سَكْرَانَ وَكَذَلِكَ قَالَ مَنْ لَقِيت مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَقَدْ خَالَفَ ذَلِكَ ابْنُ وَهْبٍ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْهُ فَقَالَ لَا يُصَلَّى خَلْفَ عَاصِرِ الْخَمْرِ فَمَنْ صَلَّى وَرَاءَهُ لَمْ يُعِدْ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْفِسْقَ بِإِجْمَاعٍ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الْإِمَامَةِ وَوَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْإِمَامَةَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْفَضْلِ فِي الدِّينِ وَلَا شَكَّ أَنَّ الْمَرْأَةَ أَتَمُّ دِينًا مِنْ الْفَاسِقِ وَمَنْ صَلَّى وَرَاءَهَا أَعَادَ أَبَدًا فَبِأَنْ يُعِيدَ مَنْ صَلَّى وَرَاءَ الْفَاسِقِ أَوْلَى وَأَحْرَى ( بَابٌ مَا يَمْنَعُ فَضِيلَةَ الْإِمَامَةِ وَتُكْرَهُ مَعَهَا ) وَأَمَّا مَا يَمْنَعُ فَضِيلَةَ الْإِمَامَةِ وَتُكْرَهُ مَعَهَا فَالنَّقَائِصُ الَّتِي تَمْنَعُ كَمَالَ الْفُرُوضِ أَوْ مَا يَقْرَبُ مِنْ الْأُنُوثَةِ وَالنَّقَائِصُ الَّتِي تَحُطُّ الْمَنْزِلَةَ وَتُسْرِعُ إِلَى صَاحِبِهَا الْأَلْسِنَةَ فَأَمَّا مَا يَمْنَعُ كَمَالَ الْفُرُوضِ فَمِنْهُ الرِّقُّ فَيُكْرَهُ لِلْعَبْدِ أَنْ يَكُونَ إمَامًا رَاتِبًا وَرَوَى عَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ لَا يَؤُمُّ الْعَبْدُ الْأَحْرَارَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ يَقْرَأُ وَهُمْ لَا يَقْرَؤُنَ فَيَؤُمُّهُمْ فِي مَوْضِعِ الْحَاجَةِ وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ يَؤُمُّ الْعَبْدُ رَاتِبًا وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ نَاقِصُ الْفُرُوضِ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ حَجٌّ وَلَا جُمْعَةٌ وَلَا زَكَاةٌ وَذَلِكَ يُؤَثِّرُ فِي الْمَنْعِ مِنْ الْإِمَامَةِ كَالْمَرْأَةِ لَمَّا لَمْ تَجِبْ عَلَيْهَا الْجُمْعَةُ مُنِعَتْ إمَامَتُهَا وَوَجْهٌ ثَانٍ وَهُوَ أَنَّ الْإِمَامَةَ مَوْضِعُ رِفْعَةٍ وَشَرَفٍ فَوَجَبَ أَنْ يُؤَثِّرَ فِيهَا الرِّقُّ لِأَنَّهُ مِنْ النَّقَائِصِ وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ أَنَّ الْعَبْدَ سَالِمٌ مِنْ نَقْصِ الْأُنُوثَةِ وَالْفِسْقِ فَصَحَّ أَنْ يَكُونَ إمَامًا رَاتِبًا كَالْحُرِّ. ( مَسْأَلَةٌ ) وَلَا يَؤُمُّ الْأَعْرَابِيُّ الْحَضَرِيِّينَ وَإِنْ كَانَ أَقْرَأَهُمْ وَذَلِكَ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ أَحَدَهُمَا مَا ذَكَرَهُ ابْنُ حَبِيبٍ وَهُوَ جَهْلُهُ بِالسُّنَّةِ قَالَ الْإِمَامُ أَبُو الْوَلِيدِ وَالْأَوْضَحُ عِنْدِي أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ يَسْتَدِيمُ نَقْصَ الْفَرَائِضِ وَالْفَضَائِلِ فَأَمَّا نَقْصُ الْفَرَائِضِ فَلِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْجُمْعَةِ وَأَمَّا نَقْصُ الْفَضَائِلِ فَلِأَنَّهُ لَا يَشْهَدُ الْجَمَاعَاتِ. ( مَسْأَلَةٌ ) وَأَمَّا مَا يَقْرَبُ مِنْ الْأُنُوثَةِ فَكَالْخَصِيِّ لَا يَكُونُ إمَامًا وَإِنَّمَا قَالَهُ مَالِكٌ قَالَ عَنْهُ ابْنُ حَبِيبٍ وَنَحَا بِهِ نَحْوَ التَّأْنِيثِ وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَعِيسَى بْنُ دِينَارٍ لَا بَأْسَ أَنْ يَكُونَ الْخَصِيُّ إمَامًا رَاتِبًا فِي الْجُمْعَةِ وَغَيْرِهَا وَجْهُ قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّ لَهُ حَالًا ظَاهِرًا فِي الْقُرْبِ مِنْ الْأُنُوثَةِ وَالْبَعْدِ عَنْ الذُّكُورَةِ وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ لِلْأُنُوثَةِ تَأْثِيرًا فِي مَنْعِ الْإِمَامَةِ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ كُلُّ مَا يَقْرَبُ مِنْ ذَلِكَ لَهُ تَأْثِيرٌ فِي الْمَنْعِ مِنْهَا وَلَا يَلْزَمُ عَلَى هَذَا الْعِنِّينِ فَإِنَّ حَالَهُ لَيْسَ مِمَّا يَقْرَبُ مِنْ الْأُنُوثَةِ وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي إِنَّ قَطْعَ عُضْوٍ مِنْ أَعْضَائِهِ لَا يَمْنَعُ اسْتِدَامَةَ الِائْتِمَامِ كَقَطْعِ الْيَدِ وَالرِّجْلِ. ( مَسْأَلَةٌ ) وَأَمَّا النَّقَائِصُ الَّتِي تُسْرِعُ إِلَى أَصْحَابِهَا الْأَلْسِنَةَ وَتُكْثِرُ فِيهِمْ الْمَقَالَةَ فَكَوَلَدِ الزِّنَا وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِيهِ. ( مَسْأَلَةٌ ) وَأَمَّا مَا كَانَ نَقْصًا فِي الْخِلْقَةِ فَإِنَّهُ عَلَى ضَرْبَيْنِ أَحَدِهِمَا أَنْ يَكُونَ الْعُضْوُ النَّاقِصُ لَهُ تَعَلُّقٌ بِالصَّلَاةِ أَوْ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِهَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ تَعَلُّقٌ بِهَا وَلَا يَقْرَبُ مِنْ الْأُنُوثَةِ فَإِنَّهُ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الْإِمَامَةِ وَلَا فَضِيلَتَهَا كَالْأَعْمَى وَالْأَصَمِّ وَإِنْ كَانَ لَهُ تَعَلُّقٌ بِالصَّلَاةِ فَلَا يَخْلُو أَنْ يَتَعَلَّقَ بِهَا تَعَلُّقَ فَضِيلَةٍ كَالْيَدِ الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِهَا فَضِيلَةُ السُّجُودِ وَغَيْرِهَا فَاَلَّذِي عَلَيْهِ جُمْهُورُ أَصْحَابِنَا أَنَّ ذَلِكَ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الِائْتِمَامِ بِهِ وَرَوَى عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْحَسَنِ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ لَا أَرَى أَنْ يَؤُمَّ الْأَقْطَعُ وَإِنْ حَسُنَتْ حَالُهُ وَلَا الْأَشَلُّ إِذَا لَمْ يَقْدِرْ أَنْ يَضَعَ يَدَهُ بِالْأَرْضِ وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ مَا نَقَصَ مِنْ خَلْقِهِ لَا يَمْنَعُ شَيْئًا مِنْ فُرُوضِ الصَّلَاةِ فَلَا يُمْنَعُ الِائْتِمَامُ بِهِ كَالْعَمَى وَالصَّمَمِ



